تتمتع المرأة العربية المسلمة الحرة بجلد وصبر على ظروف الحياة القاسية والإجتماعية الملزمة وتكيفها معها كما تتمتع بذكاء وفطنة في تدبر أمورها يدفعها لذلك إيمانها الديني ووازعها الأخلاقي وإرتباطها الأسري وحبها لزوجها وبيتها وهنا أورد بعضاً من هذه الحكنة والإيمان .
يحكى أن زوجة أحد خدم الخليفة كانت ذات حسن وجمال وما إن شاهدها الخليفة ذات مرة إلا وأرادها لنفسه فأحضرها وعرض عليها المال والحظوة لديه وخيرها بين النعيم لديه على حياتها مع زوجها العامل البسيط في قصر الخليفة , فقالت له :
زوجي وإن أصبح في أطمار ....وكان في نقص من اليسار
خير لي من أبي وجاري......وصاحب الدرهم و الدينار
أخشى إن غدرت حر النار
أطمار = يقصد بها هنا الثياب البالية
اليسار = الفقر
طبعاً الفلسفة هنا قائمة في أكثر من معنى.. أولاً معرفتها حق المعرفة بقدر ومكانة الزوج فهو وإن كان ذو يسار أي فقيراً معدماً فهو عندها في مكانة خير من أفضل البشر عند أي إنسان وهو ( الأب ) الذي يعد سبب وجودها بفضل الله وسندها وعائلها حتى تزوجت ومع ذلك يعد الزوج الأكثر منزلة وإحتراماً وتقديراً وطاعة من أي شخص وضربت مثلا بأكثر البشر منزلة وتقديرا وطاعة عندها وهو أبوها لتبعد بذلك أي مقارنة مع غيره بمنزلة زوجها لديها وهو مصداق لقول رسول الله عليه الصلاةوالسلام ( لو كنت آمراً أحداً ان يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )..وأشارت بالجار وهنا لفتة طيبة غفلنا عنها في عصرنا هذا حيث أن الجار كان - ولا زال ولكن ليس كما كان - يعد الأقرب والأوجب عند الحاجة والشدة كالأخ والأهل كرماً وشهامةً ومودةً وأخلاقاً ..فمن الأقرب حين نحتاج !!؟؟ لذا قالوا ( الجارقبل الدار ) , ثم يأتي المفهوم الأعم الذي ينطوي معه كل هذه المعاني السامية من مكانة الزوج - إلى مكانة الأب المميزة و شهامةالجار ومنزلته- التي جعلها تفضله على الخليفة رغم فقره وهو الإيمان الحق بالله ..فقد تستطيع أن تغافل المرأة زوجها زوجها ولا يعلم بما ستفعله مع الخليفة أوغيره وتأخذ المال والجواهر وكأن شيئاً لم يكن ..بل تستطيع أكثر من هذا فالخليفة معها وما زوجها إلا عامل لديه فماذا سيفعل لها !! ولكنه الإيمان بخالقها الموجب حبها وطاعته فيما أمر والخوف منه وخشيته فيما نهى .. ( أخشى إن غدرت حر النار )فخشيتها من نار ربها هو إيمان منها بأن كل فعل له ما يجازيه أثواب كان أم عقاب ..وهنا لفتة لعلمها وإيمانها بإطلاع الله لها وما تعمل مهما كان غيره لن يراها وتسليمها مع خشيتها لربها .. يالها من أمراة مؤمنة ! .
وفي قصة أخرى..يأتي الزوج عائداً لبيته من عمله منهكاً بينما زوجته تهم بالصعود لدرج السلم العلوي فيطلب منها أن تحضر له شيئاً فترفض وتطلب منه أن يحضره بنفسه فيتملكه الغيظ والغضب وبكل حنق يقول لها ( لو طلعت فأنت طالق ولو نزلت فأنت طالق )!! يقصد لو طلعت الدرج فهي طالق ولو نزلت منها فهي طالق !! فماذا كان من الزوجة وماذا صنعت !! ما أغرب وأعجب حب الزوجة العربية لزوجها وحرصها على بيتها .. ما كان من هذه الزوجة إلا أن رمت بنفسها !! فهي تكون بذلك لا صعدت ولا نزلت ..وهنا التقفها الزوج بين يديه في خوف وحب وتقدير وأبتسم لها قائلاً ( فداك أبي وأمي) .
طبعاً ما كرر رسول الله نصيحته لذلك الرجل حين طلب منه النصيحة ثلاث مرات وبكلمة واحدة جزافاً ( لا تغضب..لا تغضب..لا تغضب ) ..فالغضب يعمي البصر والبصيرة ..في لحظة غضب يحدث القتل..في لحظة غضب نفقد كل شيء.. في لحظة غضب نندم بعدها حين لاينفع الندم !! قد تكون الزوجة مخطئة بالفعل حين لم تستجب لطلب زوجها وهو العائد متعباً من عمله والواجب العمل على راحته وإستقباله بالبشاشة والحب وخدمته ولكن من يعلم مامنعها !! وما حالتها وقتها !! وإن كان كل هذا لا يشفع لها..ولكن لا يكن الرد هكذا وبهذه القسوة .. لما لا يكن الرد فيما بعد وبطريقة أخرى !! لماذا لا يصبر قليلا ويملك نفسه وينتظر حتى تأتية متأسفة ومعتذرة عن تصرفها !! هوالغضب لا يعرف له عنواناً ولا زمناً ولا مكاناً حين يتملكنا و لا نتملكه ..سعيدٌ من يملك نفسه.. ونعود في إعجاب ودهشة لما فعلته تلك الزوجة فقد رمت بنفسها معرضة نفسها للموت أو الضرر الجسيم مفضلته على أن يطلقها زوجها !! الزوجة تعرف وتقدر معنى الحياة الزوجية أكثر..لاشك في ذلك..قد يكون للمورث الإجتماعي والمفهموم الديني -المتوقف أحياناً كثيرةعلى المرأة بينما هو ملزماً ومرشدا للطرفين- عاملاً حاسماً في ذلك..ومع هذا ففي بالفعل الأكثر تقديراً وحرصاً على الحياة الزوجية وتقديساً لها .
ملاحظة :
هذا كان مما تحتفظ به الذاكرة وخشيت أن أنساه وأيضا تفاصيل القصة قد لا تكون كما يجب فالمعذرة .
التعليقات (0)