مواضيع اليوم

المرأة السعودية .. أي حرية تريد ؟!

تركي الأكلبي

2011-05-20 14:12:06

0

 

 

ما الذي جعل عقل المرأة السعودية سجينا ، حبيسا ، معتقلا داخل زنزانة الجسد الضيقة ؟!!
وكيف تحولت (قضية) المرأة إلى صدام بين العقل والجسد على مفهوم الحرية ، لتتحول المحاذير الطبيعية والشرعية لجسد المرأة وسلوكها إلى عامل هام لتعطيل العقل تتعارض مبرراته مع متطلبات العصر لتنمية الفرد والمجتمع ومنطقية تماثل هذه المتطلبات مع عهد النبوة أو الدولة الإسلامية الأولى ليتحول المشهد الثقافي والفكري إلى مسار آخر بدأ وكأنما هو إسلام جديد ، ودعوة إسلامية جديدة ، ترى المرأة جسدا يطلب الحرية وتساق له مصادرها ، وتقام له منابرها الإعلامية والفكرية ..؟!!

هناك متغيرات .. وهناك توظيف ما للواقع الجديد الذي فرضته تلك المتغيرات في سياق التحولات التي طرأت على أنماط البنائية الاجتماعية والظروف الاقتصادية ونشوء نمط جديد من الحياة الاجتماعية ضاعف من الاختلاف والتباين بين واقع المرأة المعاصر وما كانت عليه في عصر النبوة والدولة
الإسلامية الأولى ..

ومن هذه المتغيرات :

- العوامل الناتجة عن مرحلة ما سمي " بالطفرة " الاقتصادية والاجتماعية في نهاية السبعينيات الميلادية التي أدت إلى نمو الطبقة الوسطى والغنية وتفشي ظاهرة استقدام السائق الأجنبي كنوع من الترف الاجتماعي .
- تركيز الوظائف في القطاع الحكومي الأمر الذي أدى مع تنامي الزيادة في عدد السكان إلى وجود " فائض " من الطلب على الوظيفة .
- الانفصام التام بين القطاع الخاص والمجتمع .
- الانفصام التام بين النظام التعليمي والمجتمع من جهة وبينه وبين حاجة السوق من القوى العاملة من جهة أخرى .
- التغير الاجتماعي الذي دفع بالجماعة الدينية الأولى إلى النظر لتعليم المرأة وعملها بعين الريبة بسبب طبيعة التغير الاجتماعي الذي كان أشبه بالانقلاب على المألوف والمعتاد في العادات والتقاليد السائدة في ذلك الوقت .

هذه العوامل والمتغيرات مجتمعة أجبرت المرأة على الإحجام عن أي طموحات لتنمية ذاتها والمشاركة في تنمية المجتمع ، فتفرغت لإمتاع الرجل وتربية الأبناء والتعلم في نطاق ضيق ومحدود هو المجال التربوي والعمل في نفس المجال .

هذا الواقع الذي فرضته تلك المتغيرات خلق فرصة سانحة لاتجاه فكري أثبت تناقضه بين ظاهر دعوته ومسماه وبين علاقته بقضية المرأة بشكل خاص من خلال خلق الخصوصية السعودية المزعومة وتطويع النص لترسيخ واقع المرأة المغاير كليا لما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده حيث كانت المرأة تعمل في غير عزلة عن المجتمع في كل المجالات .. الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية .
فكان من نتائج ذلك أن أصبح عمل المرأة خارج هذه الخصوصية أمرا غريبا ومستنكرا بل ومستهجنا بعد أن كان طبيعيا في المجتمع رغم محدوديته على البيع والشراء في بعض المناطق ، وكذلك أصبح اعتماد المرأة على الرجل اعتمادا كليا ومطلقا في جميع جوانب حياتها .
وحتى مع السماح للمرأة بالعمل في مجال تعليم بنات جنسها والتمريض والطب إلا أنها كانت وما زالت مجالات عمل محدودة ولا ترقى لمستوى مشاركة المرأة في عملية تحول المجتمع لتنمية القوى المنتجة واستثمار إمكانياتها وقدراتها الذاتية .

وبعد تراجع التأثير الإيجابي للمشروعات التنموية العملاقة على المواطن العادي ، وتراجع نمو الطبقة الوسطى لصالح عملية تشكل المجتمع نحو مجتمع ثنائي الطبقة " أقلية غنية وأكثرية فقيرة " ، وتضخم "أنا" التاجر السعودي ، وسلبية دور القطاع الخاص في المشاركة التنموية الاجتماعية ، ارتفعت نسبة البطالة في السعودية ، ولأن نسبة عدد الإناث بلغت أكثر من 47% من إجمالي عدد السكان شكلت نسبة البطالة بين الإناث ما يقارب 50 % من العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل !
لذلك ظهرت الحاجة للمراجعة . فأخذ البعض ينادى بضرورة التوسع في مجالات تعليم المرأة لتشمل الهندسة والتكنولوجيا والمعلومات والعلوم الطبيعية والنظرية المختلفة ، وخلق فرص عمل جديدة والتوسع في مجالات عمل المرأة لتشمل كل مجالات عمل الرجل إلا ما يتطلب منها جهدا عضليا لا يتناسب مع طبيعة جسد المرأة ( جسدها وليس عقلها ) أي كل عمل يتطلب جهدا عضليا
لا يستطيع القيام به إلا الرجل .
وكل ذلك يمكن أن يكون واقعا دون المساس بحجابها الإسلامي الصحيح وكرامتها وعفتها.. وهذه حقيقة يصعب التشكيك فيها . ولتزامن هذه المراجعة مع الحراك الفكري والاجتماعي ،
ولأهمية موضوع هذه " المراجعة " في الصراعات الفكرية الداخلية لخلق عدو ما . وبالنظر لمكانة المرأة القيمية لدى الفرد والذات الاجتماعية .. لكل ذلك ضخمت تلك المراجعة وأعطيت أبعادا لا تحتملها في إطار ما أصبح يعرف بـ" قضية المرأة " لتصبح ورقة ضغط يستخدمها كل من قطبي الصراع الديني والليبرالي ، وليقف منها السياسي موقفا مغاير هو :
" تحقيق التوازن " .
ومن اللافت أن التيار الديني كأحد أهم اللاعبين الأساسيين بورقة " قضية المرأة " هو الأشد استخداما لها ، وهو الأقدر على الضرب أو العزف على الأجزاء الأكثر حساسية في جسد " قضية " المرأة .

فكيف نشأت " قضية " المرأة ؟ .. وكيف تحولت كل دعوة لتحرير العقل إلى دعوة لتحرير الجسد ؟!

بداية لا بد من التأكيد على أهمية التزام المجتمع بقيمه وعاداته وتقاليده التي لا تتعارض مع أمرين متقاطعين هما الدين الإسلامي القويم ومبادئ تقدمه من خلال تنمية موارده البشرية وتحقيق العدالة الاجتماعي .
وفي الوقت نفسه نستطيع القول : أن القاعدة الطبيعية التي لا يستطيع أحد إنكارها هي الاجتماع البشري ، وهو الاجتماع الذي تقره كل الديانات السماوية وتؤكده بنزول العديد من الضوابط باعتباره أهم الأسس الطبيعية لعمارة الأرض ، وتحميه من أي انحرافات أخلاقية تؤثر في تفاعلاته الإنسانية ، ومنها في الإسلام : غض البصر ، وعدم خفض القول بالنسبة للمرأة وعدم إظهار الزينة إلا ما ظهر منها خلقا ، والحجاب الذي لا يتعارض مع طبيعة التفاعلات الاجتماعية . ثم لم يكتف الإسلام بهذه التعاليم الثابتة بل شرع العقوبات والجزاءات لأي انحراف أخلاقي يحدث أو محتمل الحدوث كطبيعة بشرية كذلك لا يمكن لأي مجتمع البراءة منها .
فإذا كانت هذه القاعدة الطبيعية ، وهذا هو موقف الإسلام منها على وجه الخصوص ، فأن ابتداع ما يخالفها وإحاطته بخصوصية لم ينزل الله بها من سلطان هو موقف يقتضي صياغة فكر يتصدى لتلك المراجعة ، ويدعم واقع المرأة السعودية الذي فرضته المتغيرات المشار إليها في بداية هذا المبحث ليخلق بالتالي إشكالية معقدة من فراغ ، ومن لا شيء مطلقا ، وهي ما سمي بـ" قضية " المرأة ، لتصبح بحق قضية مختلقة .

ولتوضيح هذا الأمر ، وبعيدا عن الأسلوب التقليدي المعتاد في رصد و"رص" النصوص وتوظيفها للرأي الشخصي يمكن النظر لهذه القضية من زاوية أخرى تقوم على العديد من الشواهد والمؤشرات العقلية في سياق الفهم الصحيح للواقع الديني والاجتماعي الذي يقره كثيرون من علماء الدين في الداخل وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي من خلال النصوص والأبحاث العلمية التي تثبت تصالح العقل مع النقل ومقاصد الوحي بعيدا عن التعصب الذي يلغي أي دور للعقل .

ومن هذا المنطلق سوف نتطرق هنا لبعض الشواهد والمؤشرات الهامة من خلال محورين أساسيين هما على النحو التالي :

المحور الأول .. عزل المرأة اجتماعيا :

ومن هنا كان "الاختلاط" .. ذلك المصطلح المبتدع الذي كان وما يزال يشكل عقبة العقبات أمام مشاركة المرأة قوى العمل المنتجة .
ومن الواضح إخراج النص الديني عن سياقه ومقاصده الخاصة وتوظيفه لتديين " الاختلاط " ليصبح بالتالي قاعدة لإطلاق الفتاوى الثقيلة الخاصة بعمل المرأة وتعليمها وتأصيل مرجعية ما يسمى
" باب سد الذرائع "، ولترسيخ بعض الأفهام الشخصية البحتة في السياق نفسه ، ولإيجاد مخرجا دينيا " للخصوصية " الاجتماعية المبالغ في توسيع مفاهيمها لشمل تقسم المجتمع إلى قسمين منعزلين ، وهو الأمر الذي يخالف الطبيعة والفطرة البشرية التي أقرتها جميع الأديان .
ولعل من أهم الفتاوى في هذا الصدد وأشهرها بعد استقرار العمل بفتاوى منع المرأة من قيادة السيارة ومزاولة بعض الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية في إطار العمل بمفهوم " سد الذرائع " : فتوى فضيلة الشيخ " الشثري " المعروفة بفتوى " كاوست " ، وفتوى فضيلة الشيح " الأحمد " المعروفة بفتوى " الهدم " ، وفتوى لجنة كبار العلماء المعروفة بفتوى " الكاشيرات " .

المحور الثاني .. الأبعاد النفسية :

هناك ثلاثة أبعاد أساسية لهذا المحور النفسي هي :

أولا .. " التغريب " وهو مصطلح شاع استخدامه لإثارة الخوف في نفوس أفراد المجتمع على قيمهم الأصيلة من خلال اختزال واقع المرأة الغربية في جانب استخدامها لمبادئ الحريات الشخصية لممارسة الرذيلة . بينما حقيقة الأمر هي أن ثقافة المجتمعات الغربية قامت على أسس عقائدية وتاريخية وقيم ومعايير اجتماعية واقتصادية وتنظيمية وسياسية وقانونية وأخلاقية تتيح للمرأة الاختيار بحرية شخصية مطلقة بين تنمية القدرات والدوافع الذاتية من خلال مناهج إعمال القدرات والموارد الاجتماعية ، وبين إشباع رغبة الجسد والمستثمر في الجسد الأنثوي معا بكل الطرق والوسائل في ثقافة " تسليع " جسد المرأة ، وهي الثقافة التي تسمح للمرأة عرض جسدها للمتعة في السر والعلن وتحت حماية قوانين الحرية الشخصية .
وإذ تعتمد الرأسمالية العالمية على الحرية الفردية في الإنتاج والتسويق فإن مكوني كيان المرأة " العقل والجسد " في الثقافة الغربية عنصرين متاحين للاستثمار ولكن وفقا لمبادئ الحرية الشخصية . بمعنى : للمرأة حق الاختيار بين أن تتكسب ماديا في مجال "تسليع" جسدها ، أي عرضه كسلعة مادية تخضع لمعايير التكسب المادي ، وبين أن ترقى فوق مستوى الإشباع الجسدي الغرائزي لتنمية القدرات العقلية وإشباع الدوافع الذاتية والاجتماعية والقيم الأخلاقية .
وقد أصبح لكل مكون إنتاجه وتخصصه ومجال تنميته واستثمار طاقاته ، من عالمة الذرة والفضاء والهندسة المختلفة والباحثة والقيادية إلى بائعة الهوى وفتاة الليل ..

إذن ، هذا هو واقع المرأة الغربية .. ثقافة تقوم على أسس قيمية مادية وأخلاقية في سياق من الحريات الشخصية والعامة .. فعلى أي أساس نشأت فكرة " التغريب " التي ترى أن خروج المرأة السعودية من بيتها للعمل المشروع هو باب للفساد والرذيلة يُفتح على مصراعيه وذلك من خلال دفعها وجرها أن بشكل مباشر أو غير مباشر لمحاكاة ومجاراة المرأة الغربية ؟! وكيف يمكن أن يكون العمل المشروع والشرعي بابا للفساد والرذيلة بحجة أن مجتمع ميدان العمل ويسمى "الاختلاط " يهيئ الفرصة للانحراف الأخلاقي وإثارة الفتنة ، وهي صورة تجرد كل من الرجل والمرأة من إنسانيتهما ومبادئهما الأخلاقية التي يخضع لها كل إنسان سوي ؟!.
فإذا كانت الرذيلة جزء من مكونات ثقافة المرأة الغربية وليست نتيجة مباشرة للعمل " المختلط " فكيف تحول عمل المرأة المسلمة في إطاره الاجتماعي الطبيعي وبضوابطه التنظيمية والأخلاقية إلى باب للرذيلة ؟!
ألم يكن مفهوم "التغريب" والتحذير مما سمي بالمشروع التغريبي في السعودية دليلا على محاولات تعطيل وتحييد 47% من إجمالي عدد السكان في وجود الثقافة اليابانية التي تقدس العمل للجنسين معا دون الإخلال بالعقيدة اليابانية المعروفة ، وهو الأمر الذي يؤكد على أن العمل ليس سببا والرذيلة ليست نتيجة له وإنما هي محصلة للمكونات والتراكمات الثقافية لأي مجتمع تتخذ شكل الظاهرة فيه وهو الأمر الذي يتنافى مع الثقافة الإسلامية التي تقر العمل للجنسين وتحدد له الضوابط الشرعية . لذلك اعتقد أن التعميم والربط بين القواعد الطبيعية العامة والمحكومة بالشرع في الثقافة الإسلامية بجزء أو مكوّن في ثقافة أخرى تقف على النقيض من الثقافة الإسلامية بكل مكوناتها العقائدية والتربوية هو انتقاص مباشر من قيم المرأة السعودية المسلمة الذاتية ومبادئها الأخلاقية المكتسبة ، بل هو انتقاص من تأثير الإسلام نفسه ، ومن أهمية تأثير التنشئة الاجتماعية ، وهو اتهام غير مباشر للمرأة السعودية بتغليب دوافع الجسد على العقل ، وهو إيحاء بضعف المرأة وهوانها على نفسها وعلى الآخرين حتى أصبحت كيانا تابعا لا حول له ولا قوة إلا بوجود الرجل أينما كانت وأينما ذهبت ، وأينما حلت وأينما ارتحلت .. يمنعها عن الخطأ ويدلها على الصواب ، ويفكر نيابة عنها ، وكأنها فقط كتلة من لحم يثير شهية الناظرين !

ثانيا .. " التغريبيون ":
وهنا صورة ذهنية أخرى لا تختلف عن مثيلتها السابقة في إثارة الرعب ولكن من المخالف في الثقافة نفسها ، فهو المتآمر مع الآخر للتغرير بالمرأة السعودية .
وهنا أصبحت كل دعوة ، أو مراجعة ، أو حتى مقال يبحث في إمكانية الاستثمار في قدرات النصف الآخر لعقل المجتمع وتفجير طاقاته الكامنة هي دعوة لإخراج جسد المرأة السعودية لإثارة الفتنة من خلال منطلقات أساسية أهمها : التشكيك في نوايا الآخرين ، والافتراض المسبق لسوء النية ، وتجريد المرأة السعودية من الثقة ..

ثالثا .. الحرب النفسية :
في سياق ما يمكن اعتباره نوع من الحرب النفسية لجأ البعض لجمع تواقيع عدد من النسوة بالاعتراض والتشكيك في بعض الفعاليات الفكرية التي تقام بين الحين والآخر مطالبة بإشراك المرأة السعودية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، بل وصل الأمر لمحاولة اللجوء "لفزعة" القبيلة في هذا الخصوص !

ولعل من أهم النتائج لكل ما تقدم الجزئية التالية .. وهي مثال واحد فقط لواقع يتطلب توسعا أكثر في البحث :

لقد رسخ في وعي غالبية المجتمع نظرة دونية للمرأة .. فالمرأة في نظر الرجل هي ذلك الجسد الأنثوي المخلوق فقط لمتعة الجسد الذكوري !..
فخلقت تلك النظرة الدونية لدى المرأة اتجاها غريبا فأصبحت ترى ذاتها كيانا ضعيفا مسكونا بهاجس الرغبة في الإشباع العاطفي فارتفعت نسبة الانحرافات الأخلاقية وحوادث الابتزاز في المجتمع . وجعل ذلك من الفتاة السعودية بخاصة هدفا للمنحرفين أخلاقيا في ظل توافر تقنيات الاتصال الحديثة بالصوت والصورة ..
ولعل من الظواهر التي تشير - في هذا الصدد - إلى عمق ما وصلت له الفتاة من ضعف وانقياد عاطفي ما تشير له بعض الإحصائيات التي لا تمثل سوى جزء من الواقع . فقد كشفت إحصائيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجهة المخولة بمتابعة قضايا الابتزاز بأن عدد حالات الابتزاز عام 1430 تقدر بـ373 ما يفوق عدد حالات الابتزاز خلال ثماني سنوات بما يقارب الضعف، حيث إنها من عام 1421-1428هــ تقدر بـ 204 حالات منها 116 حالة في الرياض .
وبحسب ما نشرته صحيفة "عكاظ" فلا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك مدنا بعينها تشهد ارتفاعا ملحوظا في نسب الابتزاز فمنها على سبيل المثال ما رصدته الهيئة في منطقة القصيم خلال الفترة من 1426 - 1428هـ وصل لـ286 حالة . كما تم ضبط 65 حالة في مكة المكرمة من شبان لفتيات بصورهن خلال عام 1429هـ،
وبلغ عدد القضايا الأخلاقية التي تم ضبطها من قبل فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة تبوك لعام 1428هـ (2290) قضية منها (97) قضية ابتزاز، وفي إحصائية أخرى تؤكد مدى استفحال ظاهرة الابتزاز شهدت المنطقة الشرقية، خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2010م (30) قضية ابتزاز لفتيات على أيدي شبان، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية بالتعاون مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من معالجة (22 ) منها.
وأفاد تقرير سابق لوزارة الداخلية بأن عدد قضايا التحرش والابتزاز قد ارتفع من(1031) عام 1426هـ إلى ( 3253) قضية عام 1427هـ مما يعني أن المسألة باتت تشكل خطرا على الأسرة والمجتمع .

ولم يأتي الربط هذه المرة بين الجريمة الأخلاقية بكافة صورها وبين عدم تحقيق حاجة المرأة النفسية والاقتصادية والاجتماعية للعمل من تغريبي أو ليبرالي كما يشاع بل من أحد القضاة المحسوبين على التيار الديني حيث أكد قاضي سعودي أن 60 في المائة من النساء اللاتي يتعرضن للعنف هن من فئة "غير العاملات" وذوات الشخصيات الضعيفة..!!
فقد أوضح الشيخ عبدا لله البهلال القاضي بالمحكمة العامة ، أن 60 في المائة من النساء اللاتي لا يعملن هن من يتعرضن للعنف مشيراً إلى أن عمل المرأة في تجارتها يحميها من إشكال الاستغلال والعنف الاقتصادي.
وتطرق البهلال إلي الاستغلال الاقتصادي الذي يمارس ضد المرأة مبيناً أن ضعف شخصية المرأة قد يكون مشجعا للزوج للاستيلاء على حقوقها المالية بالإضافة إلى عوامل اجتماعية تتمثل في العادات والتقاليد , وأكد أن الكثير من الوقائع القضائية تدل على وقوع الإساءة غالبا من الرجل على المرأة ومن بينها الإساءة الاقتصادية وأن هناك عنفا تتعرض له المرأة من خلال سلب حقوقها الاقتصادية كأحقيتها بالعمل وحقها في الميراث.
وأشار بحسب الجزيرة السعودية إلى أن التقتير في النفقة على المرأة يعتبر نوعا من العنف الاقتصادي وأيضا إساءة الرجل للوكالة الشرعية وحرمانها من الميراث واستخدام الرجل حقه بالطلاق لمنعها من امتيازات المطلقة التي كفلها له الشرع وقال: إن الأنظمة وضعف بعض القوانين المقرة تعتبر سببا في تزايد حالات الإساءة الاقتصادية على المرأة وبالتالي ضياع حقوقها.
وقال البهلال إن الدراسات الحديثة أوضحت بأن هناك علاقة عكسية بين حجم العنف الأسري وتزايد دخل الأزواج والزوجات مما يعني أن أصحاب الدخل المرتفع لديهم مرونة اكبر في مواجهة المشكلات الاجتماعية, خاصة تلك التي تنجم عن انخفاض دخل الأسرة ومن ثم لا يلجئون إلى العنف لتسوية منازعاتهم بقدر ما يلجئون إلى المساومة والتفاوض مؤكدا بان المرأة أصبحت ضحية للاستغلال الاقتصادي وهذا قد يسبب في أغلب الأحيان إلى تصدع كيان ونظام الأسرة وانهيارها.
وفي سياق هذا الربط بين الانحراف والحاجة للعمل فقد بلغ عدد العاطلات نحو 9 آلاف خريجة من الكليات المتوسطة وحدها خلال 19 عاما حسب ما نشر في بعض الصحف .

تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !