دعا الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ، الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إلى امتلاك الشروط الموضوعية للولـوج إلى مجتمع المعرفة وجعل بناء الإنسان محورًا رئيسا للعمل الإسلامي المشترك.
وقال المدير العام للإيسيسكو في كلمة ألقاها في الدورة السابعة والثلاثين لاِجتماع مجلس وزراء خارجية المنعقد بدوشنبه التاجيكستانية تحت شعار (رؤية مشتركة لمزيد من الأمن والاستقرار للعالم الإسلامي)،: "إنَّ التوسّع الكبير الذي تعرفه مجالات العمل الإسلامي المشترك، منذ انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عشر في داكار الذي اعتمد الصيغة المعدّلة لميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، والذي يواكبه تشعبٌ في القضايا التي تدرج في جدول أعمال اجتماعات مجلس وزراء الخارجية ــ إن هذا التوسُّعَ المطرد يطرح أمامنا سؤالاً نراه جديراً بالتأمل والبحث، حول تقييم الأولويات في اهتماماتنا، على ضوء احتياجات التنمية الشاملة المستدامة التي هي المحور الرئيسُ الجامعُ للعمل الإسلامي المشترك في هذه المرحلة وفي المراحل القادمة، من أجل بناء المستقبل الآمن المزدهر للعالم الإسلامي".
وأضاف قائلاً : "إذا كان الشعار الذي اعتمد للدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية، وهو (رؤية مشتركة لمزيد من الأمن والازدهار للعالم الإسلامي)، يعبر أقوى وأوفى ما يكون التعبير، عن تطلعاتنا وأهدافنا التي تتضافر الجهود من أجل تحقيقها، فإن الأمن بجميع مفاهيمه الفكرية ودلالاته القانونية، هو قرينٌ للاِزدهار العام الشامل، ومرتبط به أشدَّ الاِرتباط، والرؤية المشتركة هي أحد شروط العمل الإسلامي المشترك، وهي ثمرة التضامن الإسلامي".
وذكر أنه لما كان الأمن يبدأ في عقل الإنسان كما يبدأ السلام، فإن بناء الإنسان، بالمفهوم العميق للبناء العقلي والوجداني والنفسي، هو جوهر التربية والتعليم وحجر الزاوية في العمليتين معاً، ممّا يجعلهما ترتقيان إلى الذروة في الأهمية ضمن السياسات الوطنية للدول الأعضاء.
وأعلن أن العمل الإسلامي المشترك في هذا المجال الحيوي (بناء الإنسان)، هو الرسالة الحضارية التي تنهض بها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي حققت إنجازات كثيرة في دعم جهود الدول الأعضاء لتطوير التربية والتعليم والثقافة والعلوم والبحث العلمي.
وتحدث عن أهداف الإيسيسكو في هذا المجال، فقال إنها أهداف بالغة الأهمية شديدة الحيوية، يترتب على تحقيقها، تجديدُ البناء الحضاري للعالم الإسلامي، والنهوضُ بالمجتمعات الإسلامية من النواحي كافة، وانطلاق التكامل الاِقتصادي والإنمائي الذي هو السبيل إلى الاِرتقاء بالحياة وتقدم المجتمع وبناء الإنسان وضمان الأمن والاِزدهار.
وأوضح أن من أهم التحدّيات التي تواجه العالم الإسلامي في هذه المرحلة، امتلاك الشروط الموضوعية للولوج إلى مجتمع المعرفة، وللانتقال من الاِقتصاديات التقليدية إلى اقتصاديات المعرفة، وفقاً للمعايير الدولية، وطبقاً للمفاهيم والمبادئ الحديثة المعتمدة. وبناء مجتمع المعرفة الذي يقوم على أساس من جودة التعليم التي هي نتيجة لتطوير المنظومة التعليمية بصورة إجمالية.
وأشار إلى أن الولوج إلى مجتمع المعرفة الذي يفتح الآفاق الواسعة أمام الازدهار الاِقتصادي، يتم عبر التعليم الجيّد والتربية المتوازنة والبحث العلمي الحديث، مؤكداً أن بناء مستقبل العالم الإسلامي لابد أن يقوم على العلم والمعرفة والتجديد في مجالات الحياة المختلفة، تحقيقاً للنموّ التعليمي والعلمي والانطلاق به إلى أبعد الآفاق.
وقال المدير العام للإيسيسكو: "إننا في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ومن واقع خبراتنا المتراكمة طيلة أكثر من ربع قرن، وانفتاحنا على الآفاق الدولية في إطار شبكة واسعة من علاقات التعاون والشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية، مؤمنون بأن تقدم الأمة الإسلامية وارتقاءها في ميادين العلوم والتكنولوجيا وبلوغها المستوى الراقي من النموّ الاِقتصادي، كل ذلك يتوقف على مدى الجهود التي تبذل من أجل تحقيق تعليم متكامل ومتجدّد في جميع مستوياته الذي هو البوابة الآمنة إلى المستقبل".
ودعا الدكتور عبد العزيز التويجري في كلمته أمام وزراء الخارجية في دول منظمة المؤتمر الإسلامي، العالمَ الإسلاميَّ إلى إيلاء أكبر الاِهتمام لقضايا التربية والتعليم، لتحتل مكان الصدارة ضمن اهتمامات الحكومات والمنظمات والمؤسسات الاِقتصادية والثقافية والإعلامية، باعتبار أن الأعباء والمهام والمسؤوليات في هذا المجال الحيوي، هي أكبر من أن تنهض بها الحكومات بدون مساندة ودعم قويين من جميع فئات المجتمع الأهلي،
موضحاً أن المسؤولية في هذا الجانب مسؤولية مشتركة بين الجميع، باعتبار أن القضية تمثل تحدياً حقيقياً للعالم الإسلامي، لا سبيل إلى التغلب على آثاره ومعالجة انعكاساته، إلاَّ سبيل التضامن الإسلامي القوي المتين المعزز بإرادة الدول الأعضاء كافة، في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي.
واختتم المدير العام للإيسيسكو كلمته أمام مجلس وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي بقوله: "إنَّ المرحلة الصعبة التي يجتازها العالم الإسلامي، تتطلب منا جميعاً الارتقاء إلى مستوى التحديات الكبرى التي تواجه الأمة الإسلامية. وإذا كانت القضايا التي تستقطب اهتمام الدول الأعضاء ممثلة في هذا المجلس الموقر، هي من الكثرة والتنوّع بحيث تتطلب جهوداً شاقة متواصلة ومستمرة لا تتوقف، فإن هذه القضايا على أهميتها وحيويتها، لا ينبغي أن تطغى على القضية الجوهرية، وهي تعزيز الأمن وتحقيق الاِزدهار، وهما شعار هذه الدورة لمجلس وزراء الخارجية،
لأن الأمن منظومة متكاملة يرتبط فيها الجانب القانوني والسياسي الجنائي، والجانب الاقتصادي والصناعي، والجانب المائي والغذائي، والجانب النفسي والاِجتماعي، ولأن عماد الأمر في جميع هذه الجوانب هو (بناء الإنسان) الذي يبدأ بالتربية والتعليم. وتلك هي المهمة التي تنهض بها الإيسيسكو والتي تتطلب من المجلس المزيد من الدعم والمساندة، في هذه الدورات، وفي جميع الدورات".
التعليقات (0)