المدونون الجدد
يدون البعض بأسماء وعناوين وصور شخصية حقيقية .
ويدون البعض بأسماء وعناوين مستعارة .
ويدون البعض – للدقة يعلق – بأسماء وهمية .
النوع الأول , تحس بقربه منك , تحس صدقه , وحرصه فى ذات الوقت .
فهو يعلم أن هناك خطوط حمراء ليس عليه أن يتجاوزها , وأن تجاوزها قد يعرضه لمشاكل كثيرة , هو فى غنى عنها , تتنوع مابين اغلاق المدونة أوتدميرها أو تشويهها , وتتصاعد المضايقات الى حد استدعائه أ و أستجوابه أو اعتقاله أو حتى مضايقته والتضييق عليه .
وكم قرأنا عن مدونين تعرضوا الى ما تعرضوا اليه وهو لايخلو عما سبق ذكره .
يحدث هذا فقط فى مشرقنا العربى .
ونحن نلمس فى كتاباتهم الصدق والموضوعية وتحرى الحقيقة , وكما ذكرت آنفا مراعاة الخطوط الحمراء .
ومعظم كتاباتهم عن الشأن العام – حتى يبعد عن المحلية المغرقة التى قد يساء فهم مقاصده مهما أسرف فى الشرح والتفصيل اثباتا لحسن النوايا - .
والبعض يكتب بجرأة غير عادية متجاوزا أية خطوط حمراء كانت أو أى لون كان , وتحس فيهم بوعى زائد وفكر مستنير , ومعلومات وفيرة , وانتاج غزير , للدرجة التى قد تعتقد معها أنهم متفرغون للتدوين والتعليق على مدونات الآخرين , وأن هذا هو عملهم – أكل عيشهم -, أو أن هذه هى رسالتهم فى الحياة .
وبمراجعة بياناتهم الشخصية وجدت معظمهم يقيمون فى الخارج وتحديدا فى دول أوروبا , وهذا هو منبع القوة والجرأة التى يتحلون بها , وغزارة المعلومات التى يستمدونها من الوسط المحيط , ومظمهم يحجبون صورهم الشخصية وأعمارهم .
بعدهم عن أن تطالهم الأيادى الأمنية فى بلادهم الأصلية يزيدهم قوة الى قوتهم , لدرجة أنهم يطرحون موضوعات مغرقة فى المحلية وغاية فى الصراحة والصدق والعقلانية والوضوح والحدة فى ذات الوقت .
ومع هذا لا يتفاعل معهم جمهور المتلقى ولا يعلق – مجرد تعليق – على المدونة .
لأن شدة صراحتهم تصيب البعض بالهلع ,للدرجة التى معها يخشى أن يعلق , وقد كتب أحدهم عن هذا المعنى ذات مرة .
وهؤلاء هم الصنف الثانى من المدونين ,
ورغم اعجابنا بمميزات موضوعاتهم التى ذكرناها , فاننا للأمانة ننظر اليهم بمنظورين , مرة بمنظور الشجاعة بسبب البعد عن مراكز الخطر – وليس لأنهم شجعان بطبيعتهم - , ومرة بمنظور العمالة , لما يحاولون فعله فى قيمنا ومبادئنا وثوابتنا , ومحاولة طمس التاريخ , وتشويه الرموز , واستدعاء – من الماضى السحيق – لكل القضايا الخلافية والوقائع التاريخية السيئة والمخجلة والتى لا يخلو منها تاريخ أمة من الأمم ولكنهم يستدعون السىء من تاريخنا فقط ويضعونه تحت الميكروسكوب , ورغم كل هذا لانخفى اعجابنا بما يكتبون أو يناقشون .
أما النوع الثالث , أولئك الذين يستسهلون أن يعلقوا فقط لا أن يدونوا ,
فهؤلاء أحد أثنين , اما صاحب فكر وذو عقل , وله وجهة نظر , وهذا نلحظه فى تعليقاتهم على مدونات الآخرين , ونستطيع أن نرصد أنهم من صغار السن – الشباب – لأن ردودهم تكون حماسية وانفعالية وحادة – كطبيعة تكوين هذه الشريحة السنية - , وان كان يعوزهم الكثير من الخبرة ومن الثقافة والقراءة , لأن معظم الردود انفعالية وقد تكون على غير صلة بفحوى الموضوع .
وهم ينفعلون جدا عند الاقتراب أو محاولة المساس برموزهم ومعتقداتهم , ومعظمها رموز دينية . والمعتقد السائد هو الدين . فهم ينفعلون وينبرون للتعليق لمجرد الاقتراب من الدين أ و من الفصيل الذى ينتمون اليه .
أما القسم الثانى من المعلقين بأسماء وهمية , فهم فارغون سطحيون , يدخلون الى عالم المدونات لا للاستزادة أو الاضافة وانما قتلا للفراغ , أو ممارسة لهواية جديدة - عليهم وعلى المجتمع - .
ذكرنى هذا بما حدث , حينما شاعت فى السنوات الأخيرة لعبة ( البلياردو )ووجدناها تنتشر فى القرى والأحياء الشعبية , بعد أن كانت لعبة الأمراء والنبلاء , وامعانا فى المساواة والشعور بالاستعلاء وجدناها على شطوط المصارف والخلجان , وهو نفس ما يفعله بعض المعلقين فهى موضة أ ن تجلس الى الكمبيوتر وأن تستدعى محرك البحث وتدخل الى عالم المدونات , وأن تعلق سواء عن علم أو عن جهل .
ولا يهم أن يكون التعليق متسقا مع الموضوع الأصلى أم لا . وأيضا لايهم أن يكون التعليق ملتزما بالأداب العامة أو مسيئا
.
نشرت آخر موضوع لى منذ فترة طويلة , وأساء الى أحد المعلقين - المدونون الجدد - , وقامت ادارة المدونة مشكورة بحذف التعليق .
وقد أستدرجنى للرد عليه , وقامت ادارة المدونة أيضا بحذف ردى على التعليق .
ومن يومها وأنا لم أكتب أى موضوع خوفا منه ومن تعليقاته المسيئة .
التعليقات (0)