شيوخ «يفكون السحر والعكوسات» ويجلبون «الحظ والقبول»
السحر والشعوذة ليسا جديدين على مسامعنا، بيد أن الملفت هو أن يتم تطويع المدونات باعتبارها وسيطا مفتوحا لنشر الآراء المختلفة والتعبير عنها بحرية وإعلاما بديلا وسلاحا للمقاومة، لتصبح، تماشيا مع لغة العصر، وسيلة «شيوخ وروحانيين» في عرض خدماتهم في «فك السحر والعكوسات والربط وجلب الحبيب الغائب، والزواج …».
«لحل جميع مشاكلكم.. يمكنكم الاتصال بأكبر مشاهير علماء الفلك المغاربة، السيد الأستاذ الكبير وشيخ الشيوخ أبو محمد المغربى .. اتصلوا الآن بالشيخ وخذوا عنه من بركاته ما يسعفكم في إزالة السحر والعكوسات، والربط، وإبطال التوابع، ووضع خاتم الحظ والقبول، وجلب الحبيب الغائب عنكم، ولازدهار التجارة، وللزواج، والتيسير لدى جميع الإدارات وكل ما يتعلق بالجن والكشف عما يخبئه لكم مستقبلكم وطالعكم الفلكي، فاطلبوه الآن مجانا على الخطوط الآتية :….»، بهذه العبارات يستقبلك الشيخ، الذي يقدم نفسه على أنه رئيس مراسلات العلوم الفلكية لجميع الدول الخارجية وعضو الاتحاد العالمي للفلكيين الروحانيين بفرنسا، عارضا خدماته على متصفحي مدونته.
ولأن من حق الجميع أن يحركوا كل المفاتيح ليتذوقوا مخارج النور، كانت لـ«الشيخ عبدو البحري المغربي»أصابع تقربه من زبائنه: «بفضل الله وحسن عونه نقوم بحل جميع المشاكل الروحانية: السحر العلوي والسفلي، العين، الصرع، المس، القبول، الجاه، تزويج البائر… وبصفة عامة، كل ما تعلق بالأمراض الروحانية.. للكشف والعلاجات والاستفسار الاتصال بالشيخ على:.. يعمل الشيخ بمواعيد عبر الهاتف أو المسنجر مسبقا حفاظا على التنظيم المحكم وحفاظا على أسرار الناس وراحة بالهم».
تتعدد الأسماء التي اختارها هؤلاء الشيوخ والروحانيون لمدوناتهم، وكل واحد منهم يحاول جاهدا اختيار اسم يراه كفيلا بجذب الكثير من الزبائن:«رياض الروحانيات»، «معشبة سنغفورة»… وتوفر هذه المدونات وصفات بالمجان لـ«فك السحر عن الزوج ليلة عرسه، والشفاء من مس الجن والرقية ..»، كما تقدم عروضا تجارية لـ«شراء خاتم الحظ والقبول لتحقيق جميع ما يخطر على
البال».
شكل من أشكال النصب الإلكتروني
ويميز بن جبلي بين فئتين من أصحاب هذه المدونات: فئة تحترف الدجل والتنجيم وبعض أنواع الشعوذة فعلا وتحاول استقطاب جمهور الأنترنيت. وفئة ثانية لا علاقة لها بممارسة الشعوذة، ولكنها تمتهن النصب على الانترنيت بانتحالها صفة مشعوذ من أجل إيقاع ضحايا مغفلين في شباكها ولاسيما إذا استحضرنا الشهرة التي يتمتع بها المغاربة في مجال السحر والشعوذة وسهولة النصب على الأنترنيت.
ومن جهته، يرى المدون سعيد محمد أحجيوج أن المدونات مساحة حرة للتعبير تمكن صاحبها من الكتابة حول أي موضوع والتعبير عن آرائه والتسويق لشخصيته ومنتجاته التجارية، ويؤكد في تصريح لـ«المساء»: في الأول والأخير كل إناء بما فيه ينضح، فالشخص المثقف سيقدم مدونة قيمة، والشخص التافه سيقدم مدونة تافهة. والبقاء بطبيعة الحال للأفضل».
ويقول أحجيوج: «لم يسبق لي الاطلاع على مدونات السحر، لكني صادفت ما هو أتفه، باعتباري مهتما بالتدوين لا أرى أي مشكلة في الأمر. لكن، كمهتم بالمحتوى العربي على الويب أجد أن الأمر كارثي. ففي أفضل التقديرات الصادرة عن جوجل، نسبة المحتوى العربي على الأنترنيت لا تتجاوز 1%. هذه مهزلة بحق، ومثل هذه المدونات لا تقدم شيئا لإثراء المحتوى العربي على الأنترنيت».
ويضيف: «منذ نحو ثلاث سنوات كان عدد المدونات العربية قليلا، وحتى الكلمة العربية «مدونة» لم تكن شائعة الاستخدام، وكان عدد المدونين محدودا وجودة المدونات كانت، في العموم، لافتة، إلا أنه منذ سنة 2007 بدأت المدونات تتناسخ كالفيروسات ناقلة معها «فوضى المنتديات» بكل سلبياتها. وقد صار هذا جليًا الآن، إلى درجة أنك إن لم تنظر أمامك جيدا، فإنك ستتعثر في مدونة ما. إذا فتحت صنبور المياه ستنزل عشرات المدونات، وإذا ولد طفل جديد سيخرج إلى العالم وفي فمه جملة «أريد مدونة. لا أريد فرض وجهة نظر وحيدة والمطالبة بأن تكون كل المدونات مفيدة. غير أنني أتمنى أن يعي الفرد أهمية الكتابة بالعربية على الأنترنيت وإثراء الشبكة بمحتوى قيم مفيد وغني».
جريدة المساء، عدد 741، السبت والأحد 7و8 فبراير 2009
التعليقات (0)