مواضيع اليوم

المخرج السينمائي ايزنشتين -1-

عبد الهادي فنجان الساعدي
- 1 -
عندما قررت مجموعة من الكتاب والادباء الاكاديميين إن تؤسس لمشروع اصدار سلسلة من الكتب الصغيرة على شكل موسوعة للآداب المترجمة والفذة استطاعت إن تصدر اربعة كتيبات من هذه السلسلة، توقفت بعدها لأن هذا المشروع هو مشروع انساني ويحمل عمق الاصالة والوعي الذي لا يناسب مرحلة الايديولوجيا الواحدة ولذلك قررت هذه الايديولوجيا إن توقف هذا المشروع الحيوي.
ومن ضمن هذه المجموعة من الكتيبات كتيب يدور حول مجموعة من الكتاب والمخرجين والادباء الروس.
وقد قررنا إن نقوم بدراسة هذه المواضيع وتحليلها لغرض اعطاء صورة مقربة لهؤلاء الكتاب والمثقفين الروس الذين ساهموا في اغناء الادب الانساني بما انتجوه من روائع القصص والمسرحيات والافلام التي بقيت علامات مميزة على مر الايام لأنها اصيلة وانسانية. وقد آثرنا إن تكون على شكل حلقات نقدية، تحليلية أولها حول المخرج السينمائي الروسي سيرغي ميخا يلوفيتش ايزنشتين الذي ولد عام 1898 وتوفي عام 1948 وهو "مخرج سينمائي كبير ساهم بشكل فعال في تطوير فن السينما السوفيتية العالمية واخرج عدة افلام معروفة منها:
المدرعة بوتمكين (1925): اكتوبر (1927). الكساندر ينفسكي (1931).
ايفان الرهيب الجزء الاول (1945) والجزء الثاني صدر بعد وفاته في عام (1958). حاصل على شهادة الدكتوراه في علوم الفن وهو بروفيسور في معهد السينما منذ العام 1937 وحائز على عدة جوائز فنية. منعه الاطباء قبل وفاته من العمل بسبب النوبات القلبية الحادة الا انه رغم جو الموت الذي يحيط به كان متحمسا لأفكاره وخطط عمله"( ).
انها ليست قصة ميت انما هي امجاد ميت ظل طول حياته يعطي واخيرا منحوه وساما.. ولكن ما الفائدة.. لقد مجد الشعراء والكتاب الروس ومجد الشعب الروسي وكل عمل ينجزه يستحق عليه وساما الا انهم منحوه وساما واحدا عن كل هذه الاعمال وبالرغم من ذلك كان يباهي الموت بهذا الوسام. وقد ختم قصة حياته الحافلة بهذه الكلمات المفجعة "أجلو الاحتفال اليوبيلي اسبوعين ستكون حفلة في ذكرى ايزنشتين". لقد حان وقت الموت إن ذلك واضح من الفحص الاخير للقلب"( ).
كل الكلمات التي قالها كانت مفجعة وحتى اعماله كانت مفجعة الا انها تمتاز بالقوة والدقة والبطولة وكان يكتشف ويقدم ما يكتشف في كل عمل.. انه الابداع والخلق حيث يقدم في كل عمل شيئا جديدا الا انه متميز.. ويمثل مكانا خاصا في الذاكرة وفي فكر الانسانية.
لقد شاهدنا فلم المدرعة بوتمكين ايام الشباب وبقي حيا في الذاكرة وقد ذكرني به حديث احد الاساتذة الذي قال إن بامكانه إن يحركنا كيف يشاء وعندما تحديناه نحن الطلبة تركنا قليلا ثم بدأ بحديث بسيط تاريخي عن الرسول (r) وعندما استغرق في الحديث شدنا الى درجة انه قال في احدى الفقرات مرددا قول الرسول: قوموا... لقد كنت احد الطلبة الذين هموا بالقيام بعد كلمة الاستاذ هذه، عدا الذين قاموا من الطلبة.. وعندما شاهدت فلم المدرعة بوتمكين احسست بأنني اشارك في تلكم الملاحم التي سطرها الشعب الروسي وهكذا سجل ايزنشتين حضوره المبكر في ذاكرتي.
لا تكفي كلمة مخرج عبقري الا انه مخرج عبقري خلاق ومثابر وقد قدم الكثير في اعترافاته امام الكاتب او بالاحرى وصيته التي لخص بها اعظم ما موجود في غوغول وبوشكين والمدرعة بوتمكين واكتوبر والكساندر ينفسكي وايفان الرهيب.. لقد اختاره الموت مبكرا وهكذا يكون الاختيار خاتمة مفجعة لمخرج ظل يتابع طول حياته اعمق ما في الكتاب العباقرة الروس من نقاط تميز.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !