مواضيع اليوم

المحنة السورية ,وتوازن القوى الدموية

أحمد قيقي

2013-02-01 00:00:00

0

كل شيء يمكن أن يصبح عاديا بتكراره حتى القتل  , فلقد أصبحت أخبار أعداد القتلى المتزايدة فى سوريا أمرا عاديا , بحيث أصبح متوسط عدد الضحايا فى اليوم مائة قتيل  , دون أن يؤرق ذلك ضمير أحد , مما يجعل الحرب الأهلية فى سوريا مرشحة للاستمرار ربما لعدد   من السنين  يتم خلالها  تدمير هذا الوطن العزيز والقضاء على شعبه , والعصف بوجوده

وأظن أن المجتمع الدولى  قد اعتاد رؤية الدم السورى النازف على مدار الساعة , ولم يعد ذلك مروعا لضميره أومزلزلا  لاطمئنانه ,  ومن الواضح أنه  ليس  واردا أن يتدخل الناتو كما حدث فى ليبيا  لعدة أسباب منها , أن الدول الغربية أزعجها ما آل إليه أمر الثورات العربية بعد وقوعها فى أيدى التيار الإسلامى وما يمثله من فوبيا لكل شعوب  هذه الدول  , ومنها  اختلاف ميدان القتال واستحالة حسم المعركة بسلاح الطيران  كما حدث   فى ليبيا  , ويبقى الأهم من كل ذلك وهو توازن القوى بين الطرفين المتصارعين  , حيث لا يتضح  من هى الطائفة التى تبغى على الأخرى ,  فكلتاهما تستخدم  ما تحت يديها من أسلحة الفتك , وما تستطيعه من حالات الاغتيال  , , ومن معضلات هذه الحرب الدموية أنه لا أحدحتى الآن يستطيع أن يتنبأ  بمن الذى سينتصر فيها ويحسم الصراع لصالحه , بسبب عناصر القوة الموجودة بين الطرفين , وبسبب الدافع العقائدى  لكليهما , من هنا أكرر أن أقدر القوى على حسم الصراع وحقن  دماء الشعب السورى هم السوريون أنفسهم  , وقد يكون من الممكن ان تدخل بعض الدول العربية  التى لم يتورط قادتها فى إعلان تأييدهم لطرف على حساب الطرف الآخركى تقوم بالوساطة وتقريب المواقف  بحيث  يمكن ان تسهم فى أن يتنازل كلا الطرفين عن بعض مواقعه ومطامحه فيما يعتبر تنازلا مشرفا لكليهما  , اكرر أن الوضع الحالى معناه أن الجميع خاسرون , وأن ما يقبله أى من الطرفين الآن لن يستطيع أن يحصل على أكثر منه فى الغد  , رغم آلاف الأرواح التى تزهق  ورغم الدمار الذى يزحف على الأخضر ليجعله يابسا   , وعلى الجميع أن يدرك أن هزيمة   النظام  ليست سهلة   لأسباب غير خافية   فهو أولا يعلم أنه يحارب معركة بقاء  ومقاتلوه أشد حماسة فى حربهم  ضد إخوانهم من حربهم ضد إسرائيل  وهو ثانيا مدعوم من حزب الله الذى يدرك أن حربه فى سوريا هى معركة مصير , وثالثا  هو مدعوم من إيران التى تعتبر هزيمتها فى سوريا مقدمة لهزيمتها فى استراتيجيتها  الوطنية ضد الغرب بما فى ذلك قضية برناجها النووى  , رابعا  لا يزال النظام السورى مدعوما  معنويا وسياسيا من قوتين دوليتين  عظميين هما  روسيا والصين  خامسا أن القوة  العظمى الأخرى وأعنى بها أمريكا وحلفاءها غير متحمسة لإسقاط هذا النظام     .     وعلى الجانب الآخر  فإن هزيمة القوى المعارضة للنظام ليست يسيرة  ولا هينة بل تكاد تكون مستحيلة هى الأخرى لأسباب منها  أنه قد دخلت على الساحة  القوى الإسلامية بتنظيماتها المختلفة  ابتداء بتنظيم الإخوان المسلمين  وانتهاء بتنظيم القاعدة   وتلك قوى تستخدم أساليب قتالية يصعب على الجيوش النظامية هزيمتها ,  , كما أن هذه القوى مدعومة من بعض الدول العربية  مالا وتسليحا   .    ويبقى السؤال  ( ماهى النافذة المفتوحة لحل ينقذ سوريا من دمار شامل ؟ )   إننى ارى أن الكرة الآن فى ملعب  قوى المعارضة الثورية  الليبرالية والعلمانية  , أرى أن هذه القوى مطالبة الآن بفتح باب الحوار مع النظام السورى , وإعلان مبادرة لمفاوضات تبدأ بإعلان وقف إطلاق النار ثم يجلس ممثلو الطرفين على مائدة المفاوضات  , وممكن أن يتم ذلك تحت رعاية دولية وعربية  . أقول هذا واجب قوى المعارضة الثورية التى بدأت الثورة  لأنها هى القوة الخاسرة  فى حالة انتهاء الحرب  سواء انتهت بانتصار النظام أو بهزيمته , ففى حالة انتصار النظام  سيجرى قمع هذه القوى ومطاردة قادتها , وفى حالة هزيمته  فسوف تخسر القوى الليبرالية  حريتها  وأهم مقومات وجودها تحت ضغط التيار الدينى وتسلطه وأحادية نظرته , بل وسيخسر الكثير منهم حياته إن فكر فى مقاومة هذا التيار , وغالبا ما سيندمون على أيام نظام الأسد  وسماحته , ولهم فيما يحدث بصر عبرة وعظة  , مع أن ما يحدث فيها من إقصاء للتيار الليبرالى بيد تنظيم الإخوان المسلمين  , وما يحدث فيها من قتل لشباب الثورة , كل ذلك يمك أن يكون دعابة إذا ما قورن بما يمكن أن  تحدثه التنظيمات الجهادية فى سوريا وفى مقدمتها تنظيم القاعدة   فى حالة سقوط النظام     .     ,ليت هناك من يعى ومن يسمع وينصت لصوت العقل                                                                                             

كل




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !