تكون بعض الحقائق مؤلمة أحيانا، إذا لم تتوافق ورُآنا وتصوّراتنا عن الأشياء والأشخاص والأحداث من حولنا !.. وتكون أشدّ إيلاما لو تعلّقت ببعض تفاصيل حياتنا، وبأعز الأشياء والأشخاص وأقربهم إلى قلوبنا !.. لأننا نكتشف على ضوء تلك الحقائق، كم إننا نبالغ أحيانا في الثقة وفي التفاؤل، فتأتي النتائجُ مُبلَّلَة بخيبة أمل كبيرة جدا جدا !.. لكنها في النهاية تبقى حقائق، ولا مناص من الإعتراف بها ولو على مضض !..
فالثورات الشعبية التي تشهدها المنطقة العربية، خير مثال على بعض تلك الأحداث المُهمّة في حياة كل عربي واعي وصاحب ضمير، حتى ولو كان بعيدا عن أجوائها !.. لأنه يُدرك أنه ليس بمعزل عن تبعاتها، فهو في النهاية عُضوٌ من جسد (هوية) عربية واحدة كاملة ومتكاملة، إذا اشتكى منها عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والهمّ والحُمّى !..
هويّة لطالما كان الإعتقاد السّائد حول ضعفها ووهنها وتشتّتها ـ وتنكّر أغلب شعوب الأرض المُستمرّ لها وتندّرهم بتخلّف أهلها ـ بأن الحكّام العملاء للغرب المعروف بسياسة (فرّق تسُد)، هم مَن كانوا يطمسون معالمها، بعدم تفعيلهم للآليات الكفيلة بإبرازها كآلية جامعة الدول العربية، وكذا مختلف الهيئات الإقليمية والإتحادات، وبعملهم الدّؤوب على توسيع الهُوّة بين الدّول بالنزاعات والخلافات والشّقاقات والإنشقاقات !.. لذلك إستبشر الغيارى على هويتهم العربية خيرا بتهاوي تلك الأنظمة العميلة، وتساقطها كأوراق الخريف الشاحبة والصفراء والذّابلة .. لأن الأمل أخذ يحذوهم أكثر من ذي قبل في توحيد الصّف العربي، على يد الشعوب التي لطالما عبّرت عن فخرها بإنتمائها ، وعن تضامنها وتكاتفها وتآزرها فيما بينها بعيدا عن مواقف حكوماتها الرّسمية !..
لم يدُم الأمل طويلا لتأتي الخيبة سريعا، عقِب موقف (أكراد) سوريا الرّافض لبقاء سوريا تحت مظلة (العربية)، ودعوتهم إلى حذف المُصطلح بين قوسين من تسميتها !.. ليكون موقفهم أول الإرهاصات عن محنة عربية أخرى قادمة ـ بعد محنة الديكتاتوريات ـ هي محنة الشتات والأقليات !.. محنة التخلّص مما تبقّى من الوحدة العربية .. مُسمّى الإنتماء العربي ؟!..
20 . 07 . 2011
التعليقات (0)