سلام عليك أيتها المحكمة الجنائية الدولية المبعوثة للحياة القضائية عام 2002 مفترضة حية. المبعوثة هيئة قانونية لحماية القانون, واقامة العدالة, ومعاقبة المجرمين لارتكابهم جرائهم مثل ابادة الجنس, والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
ولادتك سُجّلت مباركة عام 2002. عشرة اعوام الى اليوم 2012 وأنت دائما مباركة, أو مفترض انك مباركة. كل عام و أنتي بخير. العمر المديد والصحة والعافية لقضاتك وللسيد مُدّعيك (Le Procureur) ( دون ان ننسى مُدّعيك الجديدة), وكاتب المحكمة. و دون نسيان المباركة لكم جميعا بالصالات الفخمة, وكل ما تحتاجه الاشغال المحترمة من متطلبات ونفقات تليق بالمقام.
عشرة اعوام صدر خلالها حكم قضائي واحد فقط!! يا لنشاط المحكمة واعتزاز قضاتها. ولكن المدعي السابق المذكور في المحكمة المذكورة لويس مورنو اوكامو كان أكثر نشاطا وتصريحات وزيارات يمكن ان تؤكد كل هذه الاشياء الفاعليات والحيوية, وكانّ في المحكمة فعلا خلية نحل قضائية. ومع ذلك لا بد من شكر المدعي والتذكير بنشاطه وفاعلياته في مجال التحقيق القضائي, دون الإشارة بطبيعة الحال, الى النتائج وما حققته من جدوى وأهمية تليق بالسيدات والسادة في المحكمة . ومن هذه الفاعليات غير المنسية نشير الى:
التحقيقات في: الجمهورية الديمقراطية في الكنغو في حزيران 2004. اوغندا 2004. دارفور في السودان في حزيران 2005, مسكين عمر البشير يخشى المحكمة ليلا نهارا. كينيا في نيسان 2010. ليبيا في نيسان 2011. وغيها وغيرها لا تختلف كثيرا عنها.
ومع ذلك, وما تجب الاشارة اليه بجدية ودون "هزار", ان عدم الفاعلية لا تتحمله المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها وموظفوها وحدهم. ولا يطعن أحد بنزاهة و استقلالية وأهلية ومهنية القضاة كأفراد, فحسب قانون المحكمة واختصاصاتها ومهامها لا يمكنهم ان يقوموا بأنفسهم ومن تلقاء أنفسهم بطلب الملاحقات و التحقيق وتقديم ألدعاوى, وملاحقة المجرمين قضائيا, والحكم عليهم بما ارتكبوه من جرائم, او يشتبه انهم ارتكبوه. وليس هنا الاشارة الى طبيعة ومهام المحكمة الجنائية الدولية. وان كنّا قد تقدمنا للمحكمة وقضاتها وكل اعضائها بالتهاني بالولادة واستمرارها, وبالسلامة الى يومنا هذا, مع التمنى بالسلامات الطويلة القادمة, فليس هذا من قبيل السخرية أيها السادة المهنئين بالولادة والاستمرار بها , بقدر ما أردناه تخفيفا من إحساسكم وشعوركم ــ وانتم اصحاب المشاعر القانونية ــ بعجز المخصيين وعدم الفاعلية, والعوار والخوار, وانتم ترون بأم اعينكم جرائم الابادة الجماعية, وجرائم الحرب, والجرائم ضد الانسانية, ترتكبها يوميا الحكومة السورية ضد الاطفال والرجال والنساء. يا للإنسانية.
يعلم الجميع انه حسب القانون الذي تشكلت عليه المحكمة المذكورة, لا يمكن لهذه الاخيرة رفع الدعاوى الجنائية, حسب المادة 13 من دستورها, إلا بإحدى طرق ثلاثة : من قبل دولة عضو. أو من قبل مدعي المحكمة المذكورة. أو من قبىل مجلس الامن التابع للأمم المتحدة. (انها الاجراءات القانونية ايها السادة. والإجراءات اشد صرامة من قواعدها ومن الأهداف التي تقام من اجلها القوانين. هكذا يؤكد القانونيون وخاصة في القضايا الدولية). وليس هنا مجال خوض تعقيدات اجراءات يقصد بها اساسا ان تكون في غاية ألتعقيد. هل يمكن لأحد ان يقول لضحايا الجرائم قولا مثل: ولا تهتموا كثيرا فهناك اجراءات قانونية يجب ان تعرفوها جيدا قبل ان يغضب القانون والقانونيين, وخاصة ان كانوا دوليين محترمين.
وهل يمكن لأعضاء المحكمة الجنائية الدولية, ولأعضاء مجلس الامن الدولي, وغيرهم من السياسيين والدبلوماسيين, وخاصة منهم من تؤثر في ضمائرهم جرائم حقوق الإنسان, والجرائم ضد الانسانية, وجرائم الحروب, وكل التي تدخل في تعريف واختصاصات المحكمة الجنائية الدولية , هل يمكن لهم ان يقولوا لقد قام بعضنا بكل ما يستطيعون فعله, وليس بالإمكان اكثر مما كان لإيصال الجرائم الى المحكمة المذكورة وليس ذنبنا ان عجزنا عن فعل شيء اكثر مما فعلنا على سبيل المثال:
في 6 حزيران 2012 طلب مندوبو 22 دولة في جنيف من مجلس الامن الدولي التابع للأمم المتحدة تحويل ملفات الجرائم المرتكبة من قبل الحكومة السورية, والجرائم ضد الانسانية, وجرائم ضد الحرب, وجرائم عنف وحشية, الى المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة ومحاكمة المجرمين السوريين.
وان فرنسا, كما تعلن, اعادت الطلب من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة "تبليغ المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم البربرية التي يقوم بها يوميا النظام السوري بقيادة بشار الأسد" وهناك " جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب. فنحن مروعون من الفظائع الرهيبة والوحشية البربرية". نعم فرنسا تعلن ذلك وتقف كغيرها عند ذلك.
والى الجانب الآخر, هناك دول ايضا دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي, لم تهتمم, ولن تهتم, كثيرا بضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية بمهامها التي نشأت من أجلها. ففيما يتعلق بإحالة جرائم النظام السوري الى المحكمة المذكرة طبقا للقانون , كان عضوان دائمان في المجلس المذكور يستعملان حقهما في النقض, او التلويح الدائم باستعماله, وبشكل لا أخلاقي و دون مسؤولية دولية, لحماية المجرمين من الوصول الى المحكمة. وهنا لم تلعب فقط الحكومة الروسية, بشكل خاص, دور معارضة القرارات الدولية التي لا ترضي مصالحها الخاصة, وإنما تقوم علنا بمشاركة النظام السوري ومساعدته على التضليل والكذب والاحتيال على المجتمع الدولي والشعوب العربية بما فيها الثوار والمعارضون السياسيون انفسهم. وتقوم علنا بتسليم الحكومة السورية باسلحة عسكرية فتّاكة, وهي تعلم انها اسلحة مخصصة لقتل اطفال ونساء وعجزة سوريا, وأن الهدف منها إبقاء النظام الحاكم في السلطة مهما كانت النتائج. ألا يعتبر هؤلاء شركاء فعليين في الجريمة. اليس من العدالة احالتهم هم ايضا للمحكمة الجنائية الدولية؟.
الثورة السورية كشفت عوار الجميع: قضاة ومحامون, سياسيون, ودبلوماسيون , والكثير الكثير من المثقفين والكتاب والصحفيين ..
كم انت أيضا ايتها المحكمة الجنائية الدولية في وضع لا يسر العدو و لا الصديق.
هايل نصر
.
التعليقات (0)