الأخلاق هي جوهر الإسلام الأساسي وقوامها الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة التي يتفرع عنها التأليف والكتابة والنقاش العلمي, ولا ريب أن لذلك قواعد أتفق عليها العقلاء بغض النظر عن الدين والمذهب . وأهم ما في ذلك هو الوصول إلى الغاية أو النتيجة المتخواة وبالتالي تعتبر غذاء العقل الحقيقي إذا ما كان صاحب البحث أو المتلقي يتحرى الحقيقة منطقياً , ولربما تعتبر سلسة محاضرات المرجع العراقي الصرخي الحسني "تحليل موضوعي في العقائد والتأريخ " باباً كبيراً للنقاش العلمي ومنبراً أخلاقياً للمجادلة بالحسنى ,ليس الغاية منه الغلبة والإنتصار لمذهب أو طائفة وإنما هي مدرسة لإتّباع الدليل من خلال عمق البحوث وسعتها وتجاوزها الإطار المذهبي, وهنا حيث يراد من هذه البحوث أن تنفتح المذاهب بعضها على البعض الآخر , أو يكون الانفتاح داخل نفس المذهب الواحد ,تكمن عدة عقبات في أن هناك من يضع أمامه نتيجة مسبقة توافق ميله المذهبي المتطرف ويبدأ بتحريف المقدمات ليحصل على نتيجته التي وضعها مسبقا في ذهنه ,ومن هنا يبدأ أسلوب التدليس والمغالطة وعدم الوقوف على وحدة الموضوع , ويُعتمد هذا الأسلوب خصوصاً لدى أتباع ابن تيمية في محاولاتهم لتزكية الأمويين رغم كل ما ارتكبوه من جرائم وأهمها جريمة سفك دماء آل الرسول في كربلاء وقتل الصحابة وانتهاك الأعراض في مدينة النبي صلى الله عليه وآله وصحبة ورغم كل المساوئ التي فعلها خلفاء الأمويين لكن تجد أن ابن تيمية وابن حجر وغيرهما من هذه المدرسة التكفيرية يمارسون كل أنواع التشويش الفكري لغرض إيهام المسلمين بصحة إعتقاداتهم المنحرفة ولعل أخطر ما في ذلك استخدام أسلوب المغالطة في النقاش وعدم الوقوف على وحدة الموضوع, وقد أشار المحقق الصرخي الحسني إلى ذلك في المحاضرة الثانية من محاضرات الدولة ..المارقة ...في عصر الظهور ...منذ عهد الرسول حيث يقول (( لا يخفى على النبيه أن أسلوب التيمية في الجواب الذي يقلدون فيه ابن تيمية , يراد منه التشويش على فكر المتلقي وتشويهه , فلا بد من التنبه والوعي لأساليبهم , كي لا تختلط الأمور على الباحث والقارئ والسامع المطلع)).
لقد تطرق المحقق المرجع الصرخي الحسني في بحوثه إلى سلسلة أحداث وتحولات في تأريخ الإسلام أسهمت بشكل كبير في نشوء الانحراف والتطرف. وأهم وأكبر نتيجة يمكن أن يخرج منها المتتبع لمحاضرات المحقق الصرخي أن تراث الإسلام وما أخذ من الصحابة وما نقل عنهم وعن التابعين يمكن للباحث أن يستخرج من مجمله العقيدة الصحيحة التي يجتمع عليها المسلمون إذا ما تقصى الباحث الحقائق بعمق وشمولية كما هي محاضرات وبحوث المحقق الصرخي الحسني , غير أن المدارس التي تشكلت على أساس فكر ما بعد عصر الصحابة الأوائل رضي الله عنهم ومن خلفها من أسس سياسية هي من حرفت ذلك التراث عبر التشويش والدس والتدليس والتحريف وخصوصاً الفكر الأموي وإمتداده المدرسة التيمية التي لاتزال تعتمد هذه الأساليب.
ومن هنا باعتقادي أن الانفتاح يبدأ بالبحث عن النتيجة في الكتابة والنقاش وهذا الأمر يحتاج إلى شجاعة وإيمان وتقبل الرأي والرأي الآخر وأن يقف الجمهور والمتلقي موقف المحايد ليحكم عقله بعد ذلك من المقدمات وصولاً إلى النتائج التي تعتبر هي الثروة الحقيقية لكل باحث .
عبد الاله الراشدي .
المحاضرة الثانية
http://cutt.us/fPGr
التعليقات (0)