اخطر ما يتعرّض له شعب من شعوب العالم إن تتحول خطابات محطاته الفضائية إلى طائفية بامتياز، لان مضامينها تدعو إلى نزاعات بين فئات وطوائف قائمة على أسس دينية ومذهبية وعرقية، وهذا ما لمسناه في متابعتنا المستمرة لبعض الفضائيات العراقية والعربية التي تبث خطاباً مسموماً يحاول إلى حد كبير زرع الفتنة بين المواطنين وإلى المطالبة بإسقاط العملية السياسية والعودة بالعراق إلى مربع عامي 2006-2007 حينما كان المواطن يُذبح على الهوية، ولعل قرار هيئة الإعلام والاتصالات الأخير بتعليق عضوية عشر فضائيات بسبب ما بثته من أحداث الحويجة الأخيرة وما رافقها من نعرات طائفية، قد نجده صائباً مرة وخاطئاً مرة أخرى، فالصواب في قرار تعليق عضوية فضائيات مثل الشرقية والرافدين وبغداد لكون الجميع يعرف ما تبثه هذه الفضائيات من خطابات طائفية ليس فقط في أحداث الحويجة، بل منذ انطلاقتها إلى الآن لا نشاهد فيها سوى خطابات التأجيج والمتمثلة بالأخبار الكاذبة والبرامج المفبركة، وعدم القناعة بالعملية السياسية كلها، أما القرار وما يحتويه من عدمية الصواب والخاطئ شكلاً ومضموناً الذي اتخذته الهيئة، هو تعليق عضوية قناة الأنوار الثانية العراقية المعروفة بخطابها الديني المعتدل، و وضعها ضمن الفضائيات المذكورة وهو أمر يبعث عن الاستغراب في الوقت الذي يعرف كل من يشاهد هذه القناة ذات الخطاب الوطني المرغوب للكثيرين، فمنذ انبثاقها وهي تدعو إلى الوحدة والتلاحم بين العراقيين، ونبذ كل ما يروّج للطائفية سواء بالمحاضرات الدينية أو في برامجها السياسية التي تفضح كل المخططات الرامية إلى تقسيم العراق ومحاولة تجنبها، فضلاً عن رفضها القاطع لعودة أزلام النظام السابق من البعثيين الملطخة أياديهم بالدماء وسعيها للتركيز على الثوابت الوطنية والشرعية، والعمل على عقلنة الفكر الديني الصحيح، لذلك من العجب العجاب أن نفاجأ بهذا القرار غير المنصف والجامع بان خطابها يروّج للطائفية وهنا يجب إن نفرّق بين من يدعو للطائفية بأي شكل من الأشكال ومن يروّج لعودتها، وحين البحث عن الأسباب، نسمع إجابة تقول إن قرار تعليق عضوية الأنوار الثانية هو من أجل تحقيق العدالة بين القنوات الشيعية والسنية .. تصوروا ...؟، وهنا لا نريد الحديث أكثر لان المعنى واضح وما نبتغيه هو إعادة النظر في هذا القرار غير الصحيح والسريع بحق قناة الأنوار الثانية، والذي كما يبدو يتعلّق بالمزاجية والعلاقات الشخصية .. التي تحتم السكوت عن قنوات أخرى، لأنها مدعومة من الحزب الفلاني أو التيار الحميم بعلاقته مع أوغلو العثماني أو بحمد بن جاسم القطري بينما هناك قنوات والأنوار الثانية من ضمنها، لا يوجد من يدعمها ويتصدى لها بالمليارات سوى الرحمن عز وجل وآل البيت والناس الطيبة المؤمنة بأحقية خطابها الوطني، وإلا ماذا نسمي هذا القرار الذي وصل إلى حد سحب سيارة النجدة المكلفة بحماية القناة، وجعل استهدافها سهلاً للارهابيين والخونة... لهذا نأمل من هيئة الإعلام والاتصالات، الرجوع عن قرارها المجحف للحقيقة والإعلام الصادق، والى تتحمّل المسؤولية الشرعية والقانونية في هذا الاستهداف وتطبيق العدالة بشكل صحيح، لاسيما ونحن نعيش أشباه الديمقراطية في الإعلام بكل أشكاله.
نلقاكم ..
مقالات للكاتب د. فاطمة سلومي
التعليقات (0)