مواضيع اليوم

المحرقة اليهودية والنكبة الفلسطينية

اسرائيل .

2009-03-15 20:56:46

0

 المحرقة اليهودية والنكبة الفلسطينية

الهولوكوست عبر التاريخ

الهولوكوست او المحرقة النازية هي عبارة تطلق على المحرقة اليهودية ابان الحكم النازي، لكن المشكلة لم تبدأ بهتلر وتنتهي به، فالألمان والاوروبيون مارسوا لاسامية قاتلة ضد اليهود على امتداد التاريخ المسيحي، والحملة الصليبية الاولى التي انتهت باحتلال القدس قتلت كل اليهود الذين كانوا يقيمون بسلام مع المسلمين في المدينة المقدسة وأحرقت كنسهم وهم بداخلها، كما قتلت المسلمين. والناسك بطرس الذي حرض الاوروبيين على (انقاذ) القدس وطاف في طول اوروبا وعرضها بين 1095 و 1096 كان يحرض بالحماسة نفسها ضد اليهود، مستأنفا ألف سنة سابقة من العداء والتحريض بذريعة ان اليهود قتلوا المسيح. التاريخ غير المتنازع عليه هو ان الحملات الصليبية قتلت اليهود عبر اوروبا، وحيث وجدتهم، وان موجة عداء هائلة لليهود اجتاحت بلاد الراين الألمانية، وغوغاء الاوروبيين في الطريق الى الأراضي المقدسة شنقوا اليهود حيث وجدوهم، ودنسوا مقابرهم، وأحرقوا كنسهم، حتى أن اليهود قتلوا داخل قصر مطران ماينتز حيث التجأوا طلبا للحماية. هذا كله سبق هتلر بقرون طويلة واستمر في كل قرن وعقد حتى أفرز مجتمعا اوروبيا معادي لليهود، خصوصا الألماني ــ النازية الهتلرية التي قتلت ستة ملايين يهودي. واذا كانت المانيا النازية قادت الحملة لإبادة اليهود، فإن نجاحها الرهيب ما كان ممكنا لولا تواطؤ الحلفاء وتعاونهم، فالتاريخ الآخر غير المتنازع عليه هو وجود متعاونين في كل بلد اوروبي، ثم إن قيادة الحلفاء كانت تعرف بسياسة (الحل النهائي)، ولم تحاول وقف الهولوكوست، وانما مضت في الحرب بما يناسب استراتجيتها العسكرية. النتيجة كانت ان غالبية يهود اوروبا قتلوا في المحرقة، في حين فشلت إبادة اليهود في شمال أفريقيا لأسباب عدة منها هزيمة المانيا في معركة العلمين، والحماية المحلية التي وفرها العرب المحليون لليهود.

لكن الاعتداءات الدموية على اليهود في اوروبا سبقت الهولوكوست بزمن طويل، فقد شهد القرن الرابع عشر موجات من الاعتداءات على اليهود بدأت خارج حدود اسبانيا لكنها سرعان ما امتدت الى الداخل الاسباني وبلغت ذروتها عام 1391 وحرق خلالها خلق كثير من اليهود على مذابح تنصير القارة الاوروبية، وعملت محاكم التفتيش ساعات إضافية، وانتهت هذه المذابح بطرد اليهود والمسلمين من اسبانيا عام 1492، ومصادرة املاكهم وديارهم، وتشتت اليهود خارج الاراضي الاوروبية، اما يهود البرتغال فتم تنصيرهم بالتهديد والوعيد خلال عام 1496 وطُرد كل من بقي على الدين اليهودي.

وسبق ذلك اعتداءات على يهود انكلترا عام 1144، وفي عام 1168 طُرد غالبية يهود انكلترا الى نورماندي شمالي فرنسا وفُرضت على الباقين ضرائب باهضة، الا ان فيليب الثاني ملك فرنسا عاد وطرد اليهود الى انكلترا عام 1182، وفي عام 1189 تعرض يهود لندن لمذابح فظيعة، تلتها اعمال قتل جماعية عام 1255، وفي عام 1278 زجت السلطات الانكليزية بمئات من اليهود في السجون وصدرت في حق العديد منهم أحكامٌ بالاعدام، وخلال عام 1290 تم طرد حوالي 16000 يهودي من انكلترا وتعرضت بيوتهم وممتلكاتهم لأعمال السلب والنهب.

وبين الأعوام 1648-1649 اندلعت ثورة عارمة على أراضي اوكرانيا وبولندا ما لبثت ان وجهت سهامها الى اليهود، فتعرض اليهود لمجازر فظيعة، وقامت الجماهير الغاضبة بحرق ممتلكات اليهود واستباحة اموالهم وديارهم واستحياء نساءهم وقتل أطفالهم، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالتمثيل بالجثث، وتعرض الأحياء منهم لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب قبل الفتك بهم، وتعتبر هذه المجازر التي راح ضحيتها نحو 000 100 يهودي، الأبشع منذ ثورة بار كوخبا ضد الرومان على ارض اسرائيل خلال القرن الثاني الميلادي.

وفي عام 1903 تعرض اليهود في مدينة كيشينيف الروسية لمجزرة رهيبة راح ضحيتها العشرات، وتعرض المئات لأبشع أنواع التعذيب، ودُمر الآلاف من بيوتهم وتعرضت ممتلكاتهم لأعمال السلب والنهب، ثم تعرضوا لمذبحة أخرى عام 1905 وقتل منهم العشرات.

وهذا غيض من فيض من المجازر والقتل والتنكيل والتعذيب الذي تعرض له يهود اوروبا. وبلغت هذه المجازر ذروتها خلال الحقبة النازية عندما عمل هتلر على تنفيذ ما أسماه (الحل النهائي) ليهود اوروبا، ومن هنا تكتسب المحرقة النازية (الهولوكوست) فرادتها، في كونها إبادة جماعية منظمة وممنهجة لشعب بأكمله، وهو ما لم يحصل خلال التاريخ الانساني أجمع لأية أمة على وجه الأرض. وحاول الجيش الألماني طمس معالم المحرقة اليهودية عندما أدرك قادته أنهم منهزمون لا محالة، لكن السقوط السريع للجيش الألماني حال دون تنفيذ هذا المخطط، لتقع في أيدي الحلفاء وثائق عن الهولوكوست قدرت بمئات الآلاف، واعترفت الحكومة الألمانية في وقت لاحق بمسؤوليتها الكاملة عن الهولوكوست، وعرض الحلفاء الصور الحية والوثائق الناطقة التي لا تدع مجالا للشك حول المخططات المسبقة التي وضعها النازيون لأبادة يهود اوروبا، وأضيف الى كل ذلك الشهادات الحية للناجين من المحرقة. وكان هتلر ألقى خطابا عام 1939 قال فيه: (( إن اليهود اذا حاولوا رفع رؤوسهم هذه المرة سيكون مصيرهم الفناء التام)).. وعُمم هذا الخطاب على جميع المؤسسات الحكومية في ألمانيا النازية، وكان الكود الذي يتداوله القادة السياسيون والعسكريون في ألمانيا هو (( الحل النهائي للمسألة اليهودية )).. كما أبرزت الوثائق خطابا للرجل الثاني في الرايخ الألماني "هملر" أصدر خلاله أوامر واضحة لقادته بشأن تنفيذ مخطط إبادة يهود اوروبا. وبلغ الأمر الى حد أن ديفيد إيرفينغ الذي أنكر بداية أمر الهولوكوست، ذهل خلال محاكمته من الوثائق والأرقام الدقيقة التي قدمتها المحكمة، وعاد واعترف بانه استخدم وثائق مزيفة لأثبات زعمه، وقد تراجع كليا عن إنكاره للهولوكوست فيما بعد.

الهولوكوست والنكبة

يزعم الكثيرون من العرب والفلسطينيين ان قيام دولة اسرائيل له علاقة مباشرة بالهولوكوست، متناسين مثلا ان نسبة عدد السكان اليهود في ارض اسرائيل خلال عام 1936 بلغت 31% من عدد السكان، فاليهود لم ينقطع وجودهم في ارض اسرائيل في كافة العصور والعهود، حتى في أحلك فتراتهم التاريخية في هذه البلاد، وارتباط اليهود بهذه الأرض حضاريا وتاريخيا ووجدانيا سبق الهولوكوست بآلاف السنين، وما كان الناجون من الهولوكوست ليجدوا ملاذا آمنا في ارض اسرائيل لولا وجود قرى ومدن ومؤسسات يهودية راسخة عملت على استقبالهم واحتضانهم. ومع فظاعة الهولوكوست وفرادته الا ان مصير اليهود ارتبط بارض اسرائيل منذ أقدم العصور، ولم تتوقف عودة اليهود الى هذه الأرض خلال قرون وعقود طويلة قبل المحرقة النازية.

بل بات بعض العرب والفلسطينيين يتحدثون في الآونة الأخيرة عن (الهولوكوست الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد أحفاد الناجين من المحرقة النازية).. وان كان لا يجوز ولا يصح ان نطلق عبارة (هولوكوست) على غير المحرقة اليهودية في الفترة النازية، فانني أسأل العرب ازاء هذه العبثية في إطلاق المصطلحات والعبارات: وماذا عن الهولوكوست الذي تعرض له الشعب اليهودي خلال الفترات الاسلامية المتوالية بسرقة وطنه ومقدساته!؟ هل يحق للعرب ان يتهموا اليهود جزافا بسرقة الآثار في ارض اسرائيل وهم الذين سلبوا اليهود وطنهم!؟ كيف يتجرأ العرب على اتهام اليهود نفاقا بانتهاك المقدسات الاسلامية وهم الذين سلبوا اليهود أقدس مقدساتهم في القدس!؟ كيف يتشدق المسلمون بالحفاظ على المقدسات وقد حولوا قدس اليهود اعتباطا الى مدينة اسلامية!؟ وماذا عن نكبة يهود ارض اسرائيل الذين اعتنقوا الاسلام بالترهيب والوعيد!؟ وماذا عن النكبات المتوالية التي تمثلت بفرض القيود على اليهود خلال الحقبات الاسلامية المتعاقبة بمنعهم من بناء بيوت العبادة وإذلالهم بالجزية ومنعهم حتى من ركوب الحصان!؟ وماذا عن توطين العرب في ارض ليست أرضهم منذ بداية الغزو العربي لأرض اسرائيل!؟

غريب ان العرب يتحدثون عن نكبات ومحارق وهم الذين يشهد تاريخهم على ارتكاب مجازر تقشعر لها الأبدان؟! لقد كان الباعث على غزو العرب لأرض اسرائيل هو حب الدنيا فلا قدسية ولا تقديس؟! كيف نصدق ان الباعث هو نشر الاسلام وقدسية القدس وعائشة ام المؤمنين تجيّش الجيوش للأنقضاض على أحد المبشرين بالجنة "علي بن ابي طالب"، بل ويُقتل في هذه المعركة "معركة الجمل" إثنان من المبشرين بالجنة "طلحة والزبير" ومعهما ثلاثة عشر شابا من خيرة شباب المسلمين!؟ هل "استشهد" طلحة والزبير في سبيل الله ام في سبيل معاضدة عائشة ضد علي!؟ وكيف نصدق الزعم الاسلامي ان فلسطين هي ارض الرباط ومهبط الوحي والمسلمون يفتكون بعضهم ببعض في حرب صفين على الرياسة ويذهب ضحية هذا "الهولوكوست" حوالي 000 90 ألفا من خيرة شباب المسلمين!؟ هل هلك هؤلاء لأن أرض الشام هي أكناف بيت المقدس!؟ وكيف نصدق ان فلسطين هي ارض الاسراء وبنو أمية أقاموا مسجدا في ايلياء (المسجد الأقصى) لمضاربة عبد الله بن الزبير بالحجاز بل لمضاربة الكعبة وتحويل الحجيج الى بيت المقدس!؟ وماذا عن "هولوكوست" بني أمية؟؟ كيف نصدق ان فلسطين هي ارض المعراج وبنو العباس يبيدون بني أمية عن بكرة أبيهم للإستيلاء على السلطة!؟ هل كان هذا ايضا لإعلاء كلمة الحق والدين!؟ وكيف نصدق ان فلسطين هي مهبط الأنبياء الصالحين والمسلمون "لم يكتشفوا" القدس الا في العصر المملوكي، حيث ظلت حتى ذلك الزمان تسمى "ايلياء"!؟ وكيف نصدق ان فلسطين عربية والعرب لم يبنوا فيها الا مدينة واحدة هي الرملة، بينما زاحموا من سبقهم من الأقوام في بقية المدن!؟ وكيف نصدق ان فلسطين هي ارض المحشر والمنشر والقدس لم تكن عاصمة الدولة الاسلامية يوما واحدا!؟ وكيف نصدق ان القدس هي ثالث الحرمين الشريفين والمسلمون أبادوا بعضهم بعضا في طريقهم الى القدس!؟ وماذا عن نكبة المماليك الذين حموا الدولة الاسلامية من الفناء بعد تصديهم للمغول الذين قتلوا أربعة ملايين مسلم!؟ هل أباد العثمانيون المماليك المسلمين في حرب مرج دابق جهادا في سبيل الله!؟ وهل أباد محمد علي ما تبقى من المماليك لفتح طريق الدعوة الاسلامية!؟ كيف يقوم المسلمون بكل هذه الأفعال ثم يتباكون بأنهم يتعرضون لهولوكوست!!؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات