انهاء الانقسام خرج من طور النخبة السياسية لينتقل إلى مطلب جماهيري، ومن هذا المنطلق ينبغي على القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني تهيئة البيئة السياسية والاعلامية لتنسجم مح حركة الجماهير، ومطلب الشباب الداعي لإنهاء الانقسام، وأن يكف الجميع عن المزايدات الإعلامية التي تنادي بإنهاء الانقسام دون الإشارة إلى الأسس والمحددات والبرامج التي ستنهي هذا الانقسام، فالمصالحة الفلسطينية ينبغي أن تنطلق من محددات وطنية، يلتزم بها ويعمل في فضائها الجميع.
فالسلطة الفلسطينية ما زالت تعيش تحت الاحتلال الاسرائيلي، وما زالت تتلقى أموالاً نظير تعاونها الأمني مع هذا المحتل، وهذه المعادلة لا تصلح لانجاز المشروع الوطني التحرري، لذا يجب تغيير بنية ووظيفة النظام السياسي الفلسطيني بما ينسجم مع تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني بانهاء الاحتلال، فالنخبة الفلسطينية هنا مدعوه لأخذ زمام المبادرة والتحرر من الألوان الفصائلية والجهوية لنرتدي جميعاً العلم الفلسطيني، والهم الفلسطيني، ونعيد للقضية الفلسطينية مجدها في المحافل الدولية والاقليمية على أساس رفض الاحتلال، والشروع بكل الوسائل لانهائه، والمحددات الأربع لإنهاء الانقسام، والاحتلال هم:
1- اصلاح النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته: منظمة التحرير الفلسطينية وفقاً لاعلان القاهرة (2005)، السلطة الوطنية الفلسطينية بسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، مؤسسات المجتمع المدني، القوى الوطنية والاسلامية.
2- التوافق على استراتيجية وطنية موحدة (مشروع وطني) وقد تكون وثيقة الوفاق الوطني أرضية مناسبة لتلك الاستراتيجية، بشرط أن تأخذ بعين الاعتبار حركة التغيير الجيو سياسية في المنطقة بما يخدم المشروع التحرري، وترك الخيارات لكل أشكال المقاومة وفقاً لرؤية وطنية موحدة وجامعة تخدم الهدف الوطني العام.
3- تعزيز الثقافة السياسية التصالحية وصولاً إلى مصالحة اجتماعية تبدأ من النخب السياسية وحتى الطفل الفلسطيني، ويتم ذلك من خلال تبني الخطاب الاعلامي الوطني، والمنبر الهادف، ورفد المناهج التعليمية بما يدعم التوافق والحب والوئام من أجل تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.
4- مراجعة القانون الأساسي الفلسطيني المعدل (الدستور المؤقت)، من قبل فقهاء دستوريين، للوصول إلى فض الاشتباك بين بعض المواد التي أساء البعض تفسيرها وتأويلها، وأدّت إلى تداخل الصلاحيات بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، وتعطيل الدور الرقابي للمجلس التشريعي، ومن أهم المواد الدستورية التي تحتاج إلى إعادة صياغة وتفسير ما يلي:
أ- المادة الخامسة تقول: (أن نظام الحكم في فلسطين هو نظام نيابي ديمقراطي)، بينما الممارسة السياسية للنظام السياسي الفلسطيني تخلط بين النظام البرلماني والرئاسي وتعطي صلاحيات وتفويض بشكل كبير للرئيس، مما يضعف الرقابة على العديد من المؤسسات السياسية مثل بعض الأجهزة الأمنية، والسفارات والقضاء.
ب- القانون الأساسي المعدل أعطى السلطة التشريعية حق الرقابة المنقوصة على السلطة التنفيذية حيث اقتصرت الرقابة على الحكومة، بينما لا تخضع مؤسسة الرئاسة للرقابة، وبذلك لا يخضع معه كل من يندرج في المواد 39، 40 وهما القوات الفلسطينية، والسفراء .
من رحم هذه المحددات ينبغي على الجميع الانطلاق في حراك سياسي ينفتح على كل مكونات الشعب الفلسطيني من نخب سياسية واكاديمية وقيادات سياسية وشبابية، والخروج برؤية شاملة حول شكل ومضمون النظام والبرنامج السياسي الذي سيعجل من نهاية الاحتلال الاسرائيلي، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وبعد أن يتم حشد رأي عام مع هذا التصور الشامل، وبيئة سياسية توافقية، يصبح من الممكن أن يتم التوافق على موعد للانتخابات التي ستشمل المجلس الوطني والتشريعي والرئاسة، شريطة أن يلتزم من سيفوز بتلك الانتخابات بالمحددات الأربع، وأن يكون القانون والنظام هو سيد الجميع.
التعليقات (0)