تعلمون ذلك الشعور الذي نشعر به عندما يصدرُ شيءٌ لم نكن نتوقعه إطلاقاً من أحدهم،
ذلك الشعور الذي يُشبه مثلاً أن ينتهي حبر قلمكَ
في آخر كلمات قصيدةٍ تكتبها ولا تجد لحظتها بديلاً آخر ..
إحساسٌ مزعجٌ جداً حين تكون واثقاً أن هذا الإنسان الذي وثقتَ به لن يتخلى عنكَ،
حين تكون واثقاً أن قلمكَ لن يتخلى عنكَ في آخر لحظةٍ ..
هكذا تفعلُ بنا الذاكرة أحياناً ..
تخوننا وتنكثُ العهد الذي قطعته لقلوبنا بأن لا تُسبّب لنا التعب والوجع ..
فتعودُ لتمارسَ عاداتها الوقحة في سرد الذكريات من بداياتها حتى نهاياتها
رغم محاولاتنا الكثيرة لنسيان كلّ ما يوجعنا ..
تعودُ وتمارس وقاحتها في نكأ الجراح وتضعنا في مواجهةٍ قاسيةٍ مع أوجاعنا ..!
مرةً أخرى، سأخذلُ وقاحتها ..
وسأمكثُ في ظلال غيمةٍ،
المكان الإفتراضي الذي ألجأ إليه في سحاب مخيلتي كلما أوجعتني الذاكرة ..
سأتذكر تلك الطفلة التي ابتسمت لي صباحاً
ولوّحت لي بيدها الصغيرة وكأنها تمنحني فرصةً للتفاؤل،
سأتذكرُ ذلك الكهل الفقير الذي أحضرَ لي كعكةً طازجةً
تعبيراً عن امتنانه لمساعدتي له ..
هؤلاء يستحقون أن أكتبَ عنهم،
لكن كيف يُمكن لي أن أكتبَ لتلك الطفلة قصيدةً تُشبهها تماماً،
وكيف يُمكن لفقيرٍ أن أجسّده في قصيدةٍ تليقُ بكرمه؟!
المحبة هي القصيدة الصادقة التي يمكن أن أقدمها لهما ..
هذه المحبة تُشبه السماء حين تُصاب بنوبة حنينٍ للأرض،
فيهطل مطرها وينسابُ عذباً، نقياً، هادئاً، أصيلاً كأسراب حمام ..!
كثيرون أنقياء يعبرون حياتنا دون أن نُعطيهم الإهتمام الذي يستحقونه،
وكثيرون أنقياء يملؤون أرواحنا بهالاتٍ من الضوء ..
ونحن، الغارقون في أوجاعنا، لا نُلقي لهم بالاً ..!
القدر، كعادته، قادرٌ أن يجمع ما بين القلوب دون مبرّر ..
وإذا ما حصل ذلك، سواء مع طفلٍ، مع إمرأةٍ، مع أيّ إنسان ..
دعوا قلوبكم تفيضُ بالمحبة ..
فهذه المحبة هي إيماءةٌ سحريةٌ
ستتقاسمُ مع أرواحكم الأمل
حين تتعمّد الذاكرة أن توجعكم ..!
التعليقات (1)
1 - السعودية
حسين علي الناصر - 2014-03-05 07:00:11
أجدتي