المحاماة رسالة قبل ان تكون مهنة
بقلم د . محسن الصفار
يعتمد النظام القضائي في شقه الجنائي على ثلاثة اركان الاول هو الادعاءوتمثله النيابة العامة والقضاء الذي يفصل في الدعاوى والدفاع الذي يمثله المحامون وبدون هذه الاركان الثلاثة فأنه لايكون هناك قضاء قوي او عادل .
كما ان القضاء المدني يعتمد على المحامين في الادعاء والدفاع عن كلا جانبي الدعوى المدنية مع وجود القاضي للفصل النهائي في الدعوى .
ومن هنا ندرك اهمية مهنة المحاماة كرسالة انسانية بالدرجة الاولى مهمتها انقاذ حياة الاشخاص من السجن او الغرامات في حال اثبات براءته من التهم المنسوبة اليه جنائيا واستحصال الحقوق المادية او المعنوية للافراد في المحاكمات المدنية وبالتالي فأن المحامي الذي يشكل ثالث اركان العدالة القضائية ليس فردا عاديا في المجتمع فمثلما يكون الطبيب مسؤولا عن حياة وصحة مرضاه فأن المحامي مسؤول عن ارواح وكرامة واموال موكليه امام الله والقانون .
ولمهنة بهذه الاهمية فقد وضع المشرع المحامين تحت القسم بعدم خيانة رسالتهم وبالدفاع عن حقوق موكليهم وصيانة اسرارهم ووضع عقوبات لكل من يتجاوز هذه الخطوط الحمر في العلاقة بين المحامي وموكليه كما ان المحامي يجب ان يكون نزيها وواضحا مع الموكل حول اي قضية يرجعها اليه ويدرسها بعناية ويخبر الموكل برأيه الصريح في مدى امكانية ان يربح هذه الدعوى او تلك بحسب ما هو متوفر لديه من ادلة ومستندات خصوصا في الدعاوى المدنية وان لا يضلل موكله باي شكل ويوهمه بانه سيربح الدعوى لمجرد ان يتم توكيله ويستلم مقدم اتعاب القضية محملا الموكل مبالغ كبيرة بين رسوم الدعوى واتعاب المحامي وغير ذلك ثم يخرج الموكل خالي الوفاض لانه لا يملك من المستندات ما يمكنه من اثبات ذلك الحق المزعوم .
اما اذا اصر الموكل على رفع الدعوى رغم علمه بضعف موقفه فيها فذلك خياره الشخصي الذي يجب ان يتخذه وهو عالم بموقفه من البداية .
كما لايسمح القانون با اهمال او تجاهل لاي ادلة او مستندات من قبل المحامي اثناء سير المحاكمة لان ذلك يعود بالضرر على موقف موكله في القضية وقد يؤدي الى خسارته الدعوى ناهيك عن ان المحامي لايحق له استعمال اي ادلة او مستندات يعلم يقينا بانها غير صحيحة او يشجع موكله على طرح ادعائات كاذبة وهو عالم بكذبها من اجل تعزيز موقفه في المحاكمة ولا يحق له اهانة الخصم متعمدا او النيل من كرامته الا في حدود مايسمح به القانون وما يكون مبنيا على ادلة ووقائع تثبت تلك الادعاءات .
كل ما تقدم هو جزء صغير من رسالة المحاماة الراقية والتي تشكل اصلا مهما في العمل القانوني والتجاري والمصرفي وتساهم في تنظيم العلاقات وتقلل من نسبة المنازعات القضائية والدعاوي في المحاكم .
ومع الاسف فأن قلة ممن المحامين كمثل قلة من الاطباء لايرون في مهنتهم سوى تجارة مفتوحة ويضعون في سبيل تحقيق الارباح فيها كل المبادئ والقيم تحت ارجلهم فمن خداع الموكل الى الاستهتار بقضيته وعدم حضور الجلسات وعدم تقديم مرافعات مدروسة بعناية انتهاء بمطالبة الموكل بمبالغ غير واقعية عن عملهم او استغلال ما يضعه الموكل بين ايديهم من اسرار لمصلحتهم الشخصية وغير ذلك من المخالفات .
ان المحامي الشريف والنزيه شخصية لها مكانتها في بناء المجتمع ولها احترام خاص لانه الشخص الذي يلجا اليه اي فرد في حال تعرضه لاي مشاكل من اي نوع ولذا فأن الرقابة على هذه المهنة وممارسيها ضرورة حياتية لا حياد عنها .
التعليقات (0)