لم تعد تشعر بوجودها معه. حسبته ملاكاً، وعندما عاشت معه تحت سقف واحد، عرفت كيف ينسلخ المرء من إنسانيته.. رآها ممدة على سطح المنزل وعيناها ترقبان السماء.. لمح في يدها ورقة صغيرة، تناولها، وراح يقرأ ما سطّرته بآلامها:
"زوجي العزيز.. رجلاي ليس بهما طاقة على حملي.. الهموم أثقلت روحي، شاب شعري، وأحدودب ظهري، دقات قلبي ما عادت تُطيق الحياة.. آسفة، الروح أمرها بيد واهبها.
زوجي الودود.. أودّ تذكيرك أن الإنسان ليس معصوماً عن الخطأ، وأنا آسفة على ما حصل مني ذلك اليوم المشؤوم عندما... أجل، لك الحق أن تنفجر، وأن تصرخ، وأن تتفوه بما يحلو لك من عبارات قاسية، لا أنسى تحيّتك الدائمة لي: "تفكيركِ ضحل، وعقلك صغير"، وغيرها من كلماتك التامات الراقيات؛ لأنني -كما تتوهم- لستُ من مستواك! ولهذا لا بد أن يكون تفكيري مختلفاً عنك، "أين الثرى من الثريا"؟.. أليست هذه هي نظرتك للمرأة؟ ألم تقل لي يوماً أنك مُعجب بمقولة: "المرأة كالحية.. لين جلدها، قاتل سمها"؟ ألم تكتب في زاويتك الصحفية "أن المرأة هي المرأة، مهما تعلمت ودرست، فلا خير في دراستها وعلمها".. كم شعرت بالقرف والغثيان حين سمعتك تقول لصاحبك "إن المرأة لا تصلح لشيءٍ غير الفراش"!
ما أقبح شاعرك (البسامي) حين قال:
ما للنساء وللكتابة والفصاحة والخطابة هذا لنا ولهن منا أن يبتن على الجنابة
زوجي الحبيب.. وددتُ أن أتأسف لك، ولكن لا أعرف كيف أُسعِدُك؟ دعني أُردد مع نزار قباني: "فأنت كالأطفال يا حبيبي، نحبهم مهما لنا أساءوا".
أحببتك، وبذلت جهدي من أجلك. ويبدو أنك لم تحبني.
زوجي الفاضل.. كُنت ترغب أن تكون زوجتك كما تشاء؛ لتعيش معها الحياة التي تحلم بها. ولكن، حياة كهذه لا تكون إلا في الأحلام! وأنا ليس بيدي شيء أفعله الآن.
زوجي العزيز:
متى ستعتذر لي عن أخطائك، كما اعتدت أن أعتذر لك؟
.. تقبل تحياتي
زوجتك المجروحة".
10/8/1429هـ
ـــــ
منشورة في مجلة اقرأ، العدد: 1682
التعليقات (0)