مواضيع اليوم

المجتمع … الإصرار على التخلف

حسين علي الناصر

2014-10-14 06:06:17

0


المجتمع … الإصرار على التخلف
تعيش المجتمعات تخلفاً عميقاً مما أدى إلى إنتاج أشكال من التعصب و التطرف ، والنتيجة هي المعاناة التي بسببها حصلت تشققات يصعب التئامها، وهذا لا يعني عدم وجود من هو واعٍ ، إلا أن التخلف كان أسرع انتشاراً من الوعي ، وعليه فإن الأفراد الذين لهم علاقة بصناعة التخلف لا يريدون إزاحته وذلك لحجج واهية ، فهم يصدرون مخالفات تخالف الحقيقة في كثير من الأحيان  دون استيعاب ، بل هم غير قادرين على تحمل ما هو جديد ومواجهته ، فيكون سلاحهم ممتلئاً من ذخائر الحقد و يطلقون القذف و الاستنقاص ، ولربما يتصدى البعض منهم لهذا الجديد و بإقناع إلا أنه لا يتخلى عن عفونة ردوده ، فبالتالي يكون عدم تقبل لما طرح ، لعدم إجادة الطبخ فيه ، بينما يفرح له ممجدوه ويصفقون له دون مبالاة لما يجري إلا أن ثقتهم العمياء هي التي جعلتهم متخلفين أكثر ، بل يصنعون التخلف ويتوارثونه بحماقة ، وعلى هذا كله فإن الكثير منهم لا يقبل الرأي إلا من أطراف معينة ممن يتغنى بهم بحجة أن هؤلاء يستطيعون تقييم ما يجري في كل شيء ولا يحق لغيرهم مراجعة ما يمارسونه ، وهذا ما أنجب داخل مجتمعاتنا التخلف المتسلط الديكتاتوري الذي إن لم تكن معه فأنت ضده ، وما أن تختلف معهم إلا و شنوا هجوماً عنيفاً يخالف حتى ما هم عليه من ادعاءات أنهم وحدهم من لهم الحق في أن يديروا المجتمعات ، وفوق كل هذا يفتقرون إلى كيفية التعامل بالطريقة الصحيحة التي حث عليها الإسلام ويخالفون تعاليم الدين كثيراً باسم الدين ، الدين الذي أصبح في هذه المجتمعات كالأرجوحة يتلاعبون به حسب أهوائهم ، ويغنون ويطربون بأشكالهم وألفاظهم التي يخادعون الناس بها من خلال اختراع بعض القصص التي تحتوي على جذب الناس لهم من خلال استخدامهم لعواطفهم ، فينمو التخلف يوماً بعد يوم ، ولا أعرف ، هل هم يفكرون في كيفية بناء المجتمعات ؟ أو في كيفية تنشيط العقول ؟ أو بث التوعية من خلال العقل بدلاً من التقوقع داخل العواطف والتي من خلالها يتم خلق القصص التي يجيدون طرحها بأساليب مختلفة ولعل منها ما يشبه "كان يا ما كان " ، و تريد هذه الفئة العدائية أن تبث معلوماتها مستخدمةً السموم من خلال أوهام لا تجدي نفعاً ، فلابد من ثورة ضد هذه الفئة التي تسلطت على الناس بطرق شتى ، و أن نستخدم ما وهبه الله لخلقه من البشر و ميزها عن باقي المخلوقات وهو العقل وما أدراك ما العقل الذي يبكي و ينحب من شدة هجران البشر له ، يبكي من مرضه حتى أصبح هزيلاً لعدم إعطائه علاجه ، و قد هزلت لياقته من حرمانه ممارسة نشاطه .
لذلك نرى أن التخلف هو الرجوع أو عدم التقدم للأمام ورفض كل ما هو جديد ، وهذا ما جعل المجتمعات تزداد تخلفاً ، على الرغم من تطور العالم نحو المستقبل إلا أنها مازالت  عاجزة عن تصحيح مساراتها في التفكير الذي تدكدك في رؤوسهم من شدة الهراء ، والتبعية المجتمعية لها الدور الأكبر في ازدياد التخلف والذي تختفي ورائه فئة تتستر بقناع التطور وهي خالية تماماً منه ، والمشكلة هي الخوف من معرفة الحقيقة ، والعداء و الكراهية لها ، على الرغم من وجود شتى الوسائل للوصول إلى المعلومات .
  * وسائل الخلاص من التخلف :
لكي نتخلص من هذا التخلف توجد عدة أمور منها :  
١. التعليم على أن يكون منهجه متزناً و رصيناً خال من الشوائب التي تحرض وتدعو إلى إسقاط الآخر لمجرد الاختلاف ، خال من العنصرية التي تميز بين فلان و فلتان ، خال من الطائفية ، و أن يكون ممتلئاً بالدعوة السلمية التي تحتوي على الحب و المودة لكي تستطيع المجتمعات التعايش مع بعضها .
٢. التربية داخل المجتمع تحتاج إلى أن تعود الناس كيفية الاحترام ، كيفية تقبل الآخر ، و أن ترسخ في العقول أن الاختلاف أياً كان فهو حق مشروع مادام أنه غير مسيء وإن كان مسيئاً يتربون على أن الإسلام يحث على الآداب وبهذا تكسب ود المخالف و إن كابر داخل نفسه .
٣. التوعية التي من خلالها يتم بث آلية الفهم و إدراك ما يجري من شتى النواحي بحيث لا تتخلخل أفكار المجتمع ، ويجب أن نكافح من أجل تقوية التوعية الصحيحة وذلك بالاستفادة ممن هو عصري كالأسلوب الراقي واستخدام الأدوات التي لها الأثر والفائدة ، ومن خلالها يتم الرفع من مستوى الوعي والثقافة والشعور بالقيمة الذاتية دون تدخل الفرضيات المعتادة .
٤. الابتعاد عن كل سلوك سيئ فيه أذى بالآخرين سواءً كان بالعنف أو بالتسلط ، والابتعاد عن كل من يحارب الآراء لمجرد عدم فهم أو تقديم ما يثبت .
وبهذه الحالة نستطيع أن نخلق مجتمعاً يمحو هذا التخلف الذي يتكاثر بين فترة وأخرى ، حتى أصبح العقل في خبر كان لا يعمل إلا بغيره ، وعليه نحتاج إلى تنميته لنخرج بنتائج إيجابية تساعدنا لبناء مجتمع متفهم يواكب ما يجري من تغيرات ، وبحاجة إلى نهوض ضد هذا التخلف الذي لم يجلب لنا إلا الويلات التي تسببت في خلق الكثير من المشاكل ومنها التدخل في شؤون الغير ، والتحكم بمستوى الإيمان في نفوس الناس ، وغيرها التي ربما لاتنتهي لو أحصيناها و لابد من قول الحق شريطة عدم خلطه مع الكلام البذيئ كما استعمله المتخلفون وأن يقتل الخوف الذي بسببه خرست الألسن حتى أصبحت لاتنطق إلا بأوامر الأسياد المجتمعية التي لا تقبل بأي رأي يخالفها ، وتمييز الحقيقة بعيداً عن الأهواء المزاجية و الرغبات الشهوانية .
** دور الصنمية البشرية في التخلف :
إن أفراد المجتمع المتأدلج الذي لاتنفك عنهم عقدتهم النفسية فيمن يحبون و يقدسون ، يبنون أفكارهم على أوهام الإعجاب لشخصيات متعددة ، ولم تكن محصورة في الشخصيات الدينية فحسب كما هو رائج بل هي موجودة في كل المجالات ، ولذلك وضعوا محاذير كثيرة في عدم التعرض لما يقولونه أو يكتبونه وكأنما هو نازل من الخالق عز و جل ، لذلك تغلغل التخلف في كل جهة  مما أدى إلى الانشقاقات المجتمعية ، أدى إلى رفض التحقيق ، إلى إلغاء العقل دون أن يشعروا ماذا يفعلون ، جعلوا العقل يعمل في دائرة  مرسومة لاتستطيع الخروج منها ، وإن أي محاولة للخروج منها ستنهال الافتراءات المكذوبة ، ثم أغلقوا باب النقد لكي لا تثار عليهم أسئلة تفتح أبواباً ذات مفاهيم جديدة ، فهم لا يريدون إلا المدح و التبجيل و التصفيق ، فإذا كانت الشخصيات المؤثرة بهذه العقلية ، فماذا سننتج غير الإكثار من صناعة الصنمية البشرية .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !