المثقف و السلطة/ أو الربوبية المزيفة ؟
(قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ/29 غافر .)
مقولة تستبطن الفكر الغربي منذ العهد اليوناني، الذي يقسم البشر إلى سادة و عبيد، إلى نخبة و عوام، إلى مثقفين و رعاع...
و الفكر العربي /الإسلامي بقي أسيرا لمثل هذه المقولات التي تتضارب تضاربا كليا مع ما بشر به الإسلام ( دين البشرية منذ نزول آدم إلى الأرض )و الذي لا يرى فرقا بين جميع الخلق ...
فالمسلمون سواسية أمام الله /الرب ، فهو الله / المعبود ، و المسلمون كلهم عبيدا لله ، ينصاعون لأمره المنزل عن رضى و طواعية ، و الحاكم / ولي الأمر /هو المؤتمن على تننفيذ "أمر الله المنزل " مؤسساتيا ، و المسلمون كل مؤتمن فرديا على الاستجابة إلى أمر الله في علاقة إخلاص لله ، و بقدر ما يكون الإخلاص يكون الجزاء في الدنيا و الآخرة ...
فالحاكم الحق/الفعلي هو الله في بلاد المسلمين .. :"إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)يوسف ؟ !!
أما معرفيا ، "فالله" يتصف بالعلم المطلق /الشامل /الكامل ، و "بقية الخلق" فعلمهم نسبي و محدود جدا أمام معرفة الله و علمه المطلق/الشامل الكامل /الأزلي ، و دور الإنسان السعي الدائب نحو عمق المعرفة و رسوخها ، و بقدر التقرب إلى الله و الإيمان بما نزل من معرفة في كتبه ، يزداد رسوخ المؤمنين ،
كما تزداد خشيتهم من الله :
**أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ **إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ **إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر:28.
**هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ **وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ**[ آل عمران:7]) ..؟!!
**ذلك بعض ما جاء في تعقيبي على 3 مداخلات حول المثقف و السلطة نظمتها مساء اليوم (28/02/2014)دار الثقافة الشيخ إدريس ببنزرت بحضور 3 أساتذة جامعيين ، و "نخبة من المثقفين" وصفتهم بــــــ"المنصهرين فكريا" في الفكر الغربي ، ما جعلهم معزولين عن إحداث أي تغيير حقيقي لصالح الانتفاضة التي يشهدها مجتمعنا التونسي وهو ما أقر به المتدخلون الناطقين باسم الفكر الغربي القديم و الحديث الذي أضل البشرية منذ آلاف السنين و جعلها لا ترتقي إلى مستوى عبش السوائم بفضل ما يسمون بالـ"نخبة" و "الحكماء" و "الفلاسفة" و "معلمي البشرية" الغباء و الجهل ..؟
على النخبة أن تتطهر من جرائمها في حق هذا الشعب ؟ !!
كل النخبة التونسية المتصدرة اليوم للمشهد السياسي و الثقافي ، قد ثبت فشلها الذريع في تحقيق أي منجز حضاري لفائدة شعوبنا العربية ، و قد ركبت الثورات العربية لتحقيق مصالحها هي ، و أجندات المستعمر الغربي ، وهو ما جسدته بكل وضوح حركة النهضة المجرمة ، ففرقت شعبنا و نهبت خيراته و ثرواته ، ما يعني أن كل النخبة بحاجة إلى التطهر من جرائمها طيلة أكثر من قرنين في حق شعوبنا الإسلامية ، و لن يتم لها ذلك إلا بالعودة لنور الله و بصائره المفصلة في القرآن العظيم ، و لا أجد حزبا سياسيا واحدا أو جمعية مدنية قد سعت إلى تحقيق هذا المطلب الشعبي في اتخاذ **القرآن** مصدرا وحيدا للتشريع و تنظيم علاقاتنا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية ، سعيا لتحقيق الرقي الحضاري لشعوبنا، حتى أن أحد المتصدرين المشهد السياسي ،"الأسكندر الرقيق" ، قد هدد بالانسحاب من حوار فكري قد تم بيني و بينه البارحة (12/01/2014) في أحد المقاهي بمنزل بورقيبة بحضور شباب إذاعة صوت منزل بورقيبة ، لما ضيقت عليه الخناق و برهنت له على أن لا صلة للنخبة التونسية بالثورة التونسية أو تحقيق أي منجز حضاري لفائدة الشعب ، سوى تحقيق أجندات المستعمر و خدمة مصالحها و ركوب الثورة .. و محاربة دين الإسلام ، بزعم أن الديمقراطية هي جوهر الإسلام ، بينما الإسلام يقوم أساسا على استجابة المسلمين لما نزل من "أمر الله " في القرآن بعد تنسيبه بما يتماشى و التحولات التي تشهدها مجتمعاتنا الإسلامية في العصر الحديث :
"ذلك (أمر الله) أنزله إليكم"
"و شاورهم (في الأمر)" ..!
أين هؤلاء من الابداعات الحقيقية ؟!
التعليقات (0)