المتطرفين عقدة التاريخ
لا يمكن أن يتخلى المتطرف عما يؤمن به وهو يعيش خارج سياقه التاريخي والزمني فهو يعيش بزمن غير زمنه ويعاني من عقدة التاريخ القديم، لو تأملنا قليلاً في التطرف الشيعي لوجدناه ممتلي بالاحقاد الدفينه تجاه أهل السنة الذين لا ذنب لهم في الصراع على السلطة بين الحسين ويزيد في فترة من فترات التاريخ المنصرمة، لقد كشفت لنا أحداث الربيع العربي التي انطلقت من تونس أواخر العام ٢٠١٠م أن عقدة التاريخ هي أهم سبب في حالة التطرف الإسلامي بشقيه السني أو الشيعي، الشيعة الذين حشدوا أنفسهم في تيارات ومليشيات يمارسون أبشع الجرائم صد أهل السنة بالعراق وسوريا واليمن وإيران يناضلون نصرةً للحسين عليه السلام وكأنهم يأخذون الثأر من أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا أنفسهم مسلمين سنة، بالمقابل المتطرف السني يمارس تطرفه لأنه يرى ويظن أنه المكلف بإقامة شرع الله في الأرض ويظن أنه هو الطائفة المنصورة المقصودة وكل من يخالفه خارج من المله وأن الغاية تكمن في إعادة الخلافة الإسلامية على مناهج النبوة لتتحقق الخيرية في الأمة و هذه عقدة تاريخ أخرى فمتى يتجاوز المسلمين عقدة التاريخ تلك؟
في التاريخ حدثت حروب دينية بين البروستانت والكالوثيك وتلك طوائف مسيحية حروب دموية استمرت لقرون لكن العقل المسيحي وضع حداً لتلك المهزلة البشرية بعد عقود من الدماء المسفوكة بدم بارد ، في مقدمة ابن خلدون خلل ذلك المفكر أسباب الحروب واورد أن من أسبابها "… وسبب هذا الانتقام في الأكثر إمّا غيرة ومنافسة وإمّا عدوان وإمّا غضب لله ولدينه وإمّا غضب للملك وسعي في تمهيده"، وهذا ينطبق على الحروب الدينية سواء الحروب الدينية المسيحية فيما بينها أو الحروب الصليبية ضد المسلمين أو الصراعات الطائفية بين المسلمين أنفسهم فالجميع يظن في البداية أن ما يقوم به عبارة عن غضب لله ولدينه فيتحول بقدرة قادر بعد مدة من الزمن إلى صراع ديني وغاية سياسية هدفها إقامة نظام حكم ايديولوجي متطرف.
مشكلة المسلمين تكمن في التعصب الفكري والتاريخي وهذه قد تكون طبيعة بشرية لكنها في الحالة الإسلامية بلغت حداً لا يمكن وصفه، فالمسلمين ينتظرون عودة المسيح ابن مريم عليه السلام وينتظرون خروج المهدي المنتظر ليمهد لنزول المسيح ابن مريم، الطائفة الشيعية والسنة لديها تلك العقيدة والعقدة ونرى أن الشيعة ومتطرفي السنة يمهدون بأعمالهم البشعة الطريق لخروج المهدي المنتظر والذي يقابله عند الشيعة الأمام المعصوم؟
هناك نصوص اكتسبت شرعية دينية كان للفاعل السياسي والاجتماعي دورُ في ظهورها في فترات تاريخية ماضية، تلك النصوص باتت تُشكل عقيدة عند المتطرفين عقيدة لا تقبل النقاش فضلاً عن كارثة عدم الإيمان بها ..!
ما يدعم التطرف السني والشيعي على حد سواء هو التاريخ ومروياته التي تفاقم الفجوة وتُذكي نار الطائفية والكراهية بين الطرفين، علاقة الإنسان بربه علاقة ليست بحاجة لوسيط أو لحوادث تاريخية بل بحاجة لنوايا سليمة لم تصلها احقاد التاريخ القديمة، لن تنتهي حالة التطرف الشيعي والسني فهناك حوادث تاريخية لم يستطع أي طرف تجاوزها وتلك حالة يمكننا أن نطلق عليها عقدة التاريخ..
التعليقات (0)