مصطفى تاج زادة
ترجمة : جابر احمد
هذه هي احدث مقالة كتبها السيد تاج زادة من سجنه في طهران متوقعا فيها غياب نجم التحالف القائم حاليا بين حزب العسكر ( احمدي نجاد والحرس " وبين الجناح اليميني ( على خامنئي و رجال الدين الاصولين " كما انه يرى ان هذا التحالف وانطلاقا من التطورات والظروف الداخلية و الخارجية الجارية حاليا يكون قد اشرف الآن على مراحله الاخيرة و عليه فأن الممسكين بزمام الامور في ايران سوف يضطرون عاجلا ام آجلا الاعتراف ببعض من الحقوق والحريات العامة التي تطالب بها الجماهير ، من هنا يقول تاج زادة "لابد ان نعد انفسنا اعدادا جيد لما هو ات ، حيث انني متفائل بالمستقبل الى حد بعيد و المطلوب منا العمل بصبر وثبات ، لان الحق منتصر لامحالة " وفيما يلي الترجمة الكاملة لهذه المقالة .
ان شهر العسل الذي يتمتع به اصحاب السلطة في ايران يكون قد شارف على نهايته لأننا امام انتخابات قادمة " المجلس التاسع و الرئاسة الحادية عشرة ) هذه الانتخابات التي سوف تعمق اكثر فاكثر الاختلافات القاتمة بين اوساط التيار اليميني الحاكم و جماعة احمدي نجاد ، ولكن المشاكل التي يعاني منها هؤلاء هي اكثر بكثير من كونها اختلافات بين افراد و تكتلات واحزاب ، فحسب اعتقادي ان التيار الحاكم الآن يواجه على اقل تقدير خمسة ازمات سياسية رئيسية وهامة و ان بعضا من هذه الازمات في طريقها لكي تتبدل الى ازمات حادة .
اولا : الازمة السياسية :
ان حزب العسكر بعد ازاحة الاصلاحيين واخير السيد هاشمي رفسنجاني عن طريقه سوف يتحملون الحركات الاخيرة الموجهة ضدهم من قبل التيار اليميني حتى انتهاء الدورة الرئاسية الحالية ولكن بعد ذلك لن يكن لديهم اليد الطولى في اي من السلطات الثلاث" التشريع و التنفيذ و القضاء " كما انهم في قرارهم الداخلي لا يحبذون ان تقع كل مؤسسات الدولة الثلاث بيد الجناح المحافظ" اليمين القليدي "و ان الوضع المثالي الذي يسعون اليه هو تواجد عناصر مؤيدة لهم في هذه المؤسسات الثلاث واذا اردوا طأطأة الروس بغية الاقتراب من الجناح الحليف فان تحقيق مصالحهم هي ليست بالتحالف مع الجناح اليميني التقليدي ، من هنا فانهم سوف يسعون من الان البحث عن عناصر مؤيدة لهم تحل بالتدريج محل العناصر الموجودة الان في مراكز القرار و لكن في مثل هذه الحالة فانهم يواجهون مشكلة كبرى لكون مثل هذه القيادات قد شاخت وهرمت وان معدل اعمارها قد تجاوز ال 70 عاما واصبحت تنحيتهم مبررة .
في المقابل فان الجناح التقليدي او المحافظ يعد العدة من الآن وعلى غرار ما فعل في انتخابات الدورة الثامنة للمجلس خوض الانتخابات القادمة في قائمة موحدة باسم " اتحاد الاصوليين" وذلك في المدن الايرانية الكبرى ، سعيا منه في الفوز في اكثرية مقاعد المجلس التاسع، حيث لديهم وجوه معروفة اكثر من حزب العسكر وجماعة احمدي نجاد لترشيحهم للانتخابات و ان مثل هذا التكتل هومضر للسيد احمدي نجاد وليس لصالحه ، اما حزب العسكر فانه ليس بمقدوره ان يطرح قائمة موحدة بشكل مباشر والسبب كونه لا يمتلك هوية واضحة ومعروفة وبالتالي فهو يسعى الى ادخال مرشحيه في قائمة الاتحاد الاصولي وعلى ما يبدو ان احمدي نجاد يخشى هذا السيناريو لانه سوف يظهر في المجلس التاسع اقلية ضعيفة لا حول لها ولا قوة واضعف بكثير مما هوعليه في المجلس الحالي ، خاصة وانه لن يكون رئيسا للبلاد و بالتالي لم يكن بمقدوره ان يلعب دورا مؤثرا في مجال الحكم .
من هنا فان هذه المجموعة المحسوبة على احمدي نجادة ليس بمقدورها تأسيس حزب منسجم من الناحية النظرية او التنظيمية ، كما انها ليس لديها برنامج تطرحه ، ما عدى شخص احمدي نجاد " وهذا في مجالات محدودة فقط "و ليس لهذه المجموعة حضور يذكر لاستعراض عضلاتها السياسية و لهذا السب فان مجموعته اذا ارادت ان تثبت حضورها في المستقبل ليس امامها من طريق الا السعى الى تقديم قائمة مستقلة حتى تستطيع الحصول على الاكثرية المطلقة " نصف +1 يعني ما يقارب 150 مقعد " او على اقل تقدير الحصول على اكثرية من خلال القوى المؤيدة لها وذلك من اجل تهيئة الارضية من اجل اختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية ، اما استدلالهم فهو توقعهم بان الاصلاحين سوف يقاطعون الانتخابات المقبلة و لن يشاركو فيها وعليه وفي سبيل زيادة مشاركة الجماهير وايجاد حماس انتخابي فان الاصولين سوف يقدمون على اقل تقدير في المدن كبرى مثل ـ طهران ، تبريز ، اصفهان ، شيراز ، مشهد و.... قائمتين انتخابيتين ثم يتنافسون فيما بينهم .
ان التنافس الداخلي للأصوليين هو ايضا ليس لصالح التيار اليميني التقليدي ، ولهذا السبب فان المحافظين داخل هذا التيار اخذوا في الأشهر الأخير يشجعون الاصلاحيين على المشاركة في الانتخابات لانهم يعتقدون انهم عن هذا الطريق يستطيعون اجبار كل الاصولين على تقديم قائمة و احدة في الانتخابات المقبلة ، وهذا يعني كأنتخابات المرحلة السابقة يستطيعون من خلال ممارسة الضغط الفوقي و المجادلة التحتية اجبار احمدي نجاد على تقديم قائمة موحدة اما الاصلاحيون اذا اشتركوا في الانتخابات سوف يكون لهم حضور ضعيف و مقيد الايدي و الارجل والهدف من اشراكهم هو اعطاء الانتخابات المقبلة صفة شرعية وايضا تمكن الاصوليين من الحصول على الاكثرية في المجلس دون منافسة جدية من احد حيث ان الحملات الاخيرة التي شنها الجناح اليميني على احمدي نجاد تكون قد اضعفت موقفه و جعلت المواجهة معه و من حوله سلهة .
ثانيا : الأزمة الاقتصادية .
تعد الازمة الاقتصادية من اهم الازمات التي يواجهها التيار الحاكم ، وحسب اعتقادي اننا سوف نواجه هذا العام وكذلك العام القادم ارتفاع مستمر في اسعار السلع وزيادة في الأستيراد، بالاضافة الى اتساع نطاق البطالة وتزايد الازمات في الفروع الانتاجية و الصناعية والزراعية ، واي طيف من الجناح الحاكم " حزب العسكر ، احمدي نجاد – المحافظين او الجناح القليدي " ليس لديه وصفة سحرية للخروج من ازمة التضخم والركود الاقتصادي التي تعاني منهما البلاد ، فالمحاصرة العالمية سوف تستمر مثل ماهي عليه الان ، كما ان ارتفاع قيمة اسعار النفط ليس بوسعها ان تحل هذه الازمة لانه في الوقت الذي تتزايد فيه عائدات الدولة تزداد ايضا توقعات المواطنين ، كما ان اسعار الانتاج سوف تزداد على المستوى العالمي الامر الذي تزداد معه قيمة الواردات حتى الصينية منها ومن وجهة نظري ان مرحلة الشعارات الديماغوجية التي كان يستخدمها الجناح اليميني " بكل اطيافه " قد وصلت الى مرحلة الحضيض الامر الذي من شأنه ان يترك آثاره على مشاركة الناس في الانتخابات و يثير السخط الداخلي بين صفوفهم على نطاق واسع، كما ان الازمة الاقتصادية سوف تظهر آثارها للعلن بعد وضع الميزانية العامة المقبلة للدولة و ان عدم نشراحصائيات اقتصادية و التكتم عليها لا يحل المشكلة لانها موضوعية و ملموسة لاتحتاج العامة من الناس للتعرف عليها الى الارقام والاحصائيات .
ثالثا : ازمة الاختلافات الفكرية لدى الجناح الحاكم .
المحافظون لايزالزن يقرعون طبول الممنوعات و الاعتقالات وان حزب العسكر " الحرس " يتماشى مع مثل هذا الاسلوب جيدا ولكن مجموعة احمدي نجاد ترى ان السياسة الانفة الذكر مفلسة وتحللها على انها تؤثر سلبا على الانتخابات القادمة واستنادا الى التحاليل الحكومية فان الغالبية العظمى من الايرانيين وخاصة في المدن يعارضون هذه الاعتقالات ، كما انهم يعارضون رؤية التقليدين من الاسلام " بدء من مصباح وجنتي وانتهاءا بمهدوي كني وناطق نوري"، كما انني اعتقد ان هناك استطلاع للرأي العام قد جرى في هذا المجال على ضوءه تم تغير قرائتهم للاسلام من " الاسلام الفقهي " استناد الى رؤية مصباح يزدي الى القرأة الايرانية للاسلام " الاسلام الايراني " من هنا نرى ان احياء ذكرى كوروش الاخميني من قبل هؤلاء ماهي الا نتيجة لتلك الاختلافات الفكرية وكذلك على ضوء استطلاع الرأي العام الذي جرى ، اما موقف احمدي نجاد وجماعته فانهم يرون ان الدفاع عن الاعتقالات سوف تكسر ظهورهم في الانتخابات القادمة ، من هنا فان هذه الاختلافات في المواقف سوف تتسع يوما بعد يوم ولعل الهجوم الذي تعرض له مكتب رئيس الجمهورية من قبل الاصولين خير دليل عما نقول ومع مرور الوقت و بفضل النشاط الواسع لشبكات البث الاعلامي الفضائي وموجة المطالبة بالديمقراطية التي تعم المنطقة و ازدياد حدة المشاكل الاقتصادية سوف تتسرع وتتعمق وتيرة هذه الاختلافات وستفضي الى ازمة حادة في المجال الفكري بين صفوف الممسكين بالحكم حاليا .
رابعا : ازمة الوضع الايراني على المستوى الدولي .
على المستوى الدولي يتضح لنا من الآن سواءا فاز الديمقراطيون في الانتخابات الامريكية القادمة وسواء فاز اوباما او مرشح الجمهوريين فان هذا وعلى اقل تقدير في المدى القريب لن يحل اي عقدة من المشاكل القائمة بين البلدين فالحصار الاقتصادي والتهديد لايزال مستمران ، وسوف تزداد الضغوط مع تزايد المشاكل الاقتصادية للمواطنين والاختلافات القائمة بين الاصولين انفسهم هذا من جهة ومن جهة اخرى فان تخصيب الايورانيوم سيفقد بريقه لدى الراي العام مقارنة مع انتهاك الحقوق المشروعة للايرانيين ،كما ان الاحداث الجارية في المنطقة وان اضعفت مواقف الامريكان و الاسرائليين الا انها في المجال الداخلي سوف تنعكس سلبا على كل الاطياف الثلاث الحاكمة في ايران سواء المحافطين او حزب العسكر " الحرس " او جماعات احمدي نجاد ، وعليه فان تحرك الجماهير في المنطقة وخاصة في مصر وتونس و.... وفقا للمعايير الديمقراطية " حرية الاحزاب و الانتخابات و حق التظاهر و حرية الصحافة ..الخ " بدوره سيضغط اكثر فاكثر على الجناح الحاكم في ايران ، الامر الذي من شأنه ان يدفعه الى الاعتراف بالحقوق و الحريات القانونية لعموم الايرانيين ، واذا افترضنا ان السلفيين في تلك البلدان قد فازوا في الانتخابات فانهم سيقفون بالضد من الشيعة و الايرانيين وان اتخذوا مواقف شديدة ازاء اسرائيل و امريكا " النموذج الراديكالي لهذه الجماعات بن لادن " وفي كل الحالتين سواء فاز تيار الشريعة او تيار الديمقراطية في تلك البلدان فان اول تصريح لهم سوف ينعكس سلبا على الجناح الحاكم في ايران و سيعمق من ازماته .
خامسا : الازمة الناتجة عن الفساد المالي .
رغم جميع الشعارات التي تطلق ضد الفساد المالي والادري الا ان هذا الفساد موجود و هو ينخر جسم المجتمع الايراني الامر الذي من شأنه ان يعكس نفسه على التنافسات الداخلية و يؤدي الى تعميق الاختلافات بين الجناح الحاكم لان موضوع الفساد سوف يطرح بشكل علني وان كانت وسائل الاعلام ومن بينها الاذاعة والتلفزين تخضع للرقابة بشكل مستمر ، ولكن البث الفضائي و الانترنيتي سوف يكسر هذا الاحتكار وسوف يعمل على ايصال الخبر وسيخلق اوضاع صعبة و سيكشف و يفضح اساليب ممارسات الممسكين بزمام الامور في ايران .
ترجمها عن الفارسية جابر احمد
التعليقات (0)