المتدين أزمة سلوك وفهم
كثيرون يخلطون بين الدين والتدين فالأول مقدس و الثاني غير ذلك لأنه تطبيق وممارسة ناجمة عن فهم الشخص للنصوص وما يتبعها من تفسيرات وأراء فقهية , التدين في مجتمعاتنا العربية والخليجية على وجه الخصوص سلوكٌ مقدس ونقد ذلك السلوك يعني في عٌرف تلك المجتمعات نقداً للدين وهذا الذي يحدث خاصةً مع تزايد حالات النقد لذلك السلوك " التدين" سواءً بوسائل الإعلام المرئية أو المقروءة أو بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة !.
عٌرف تلك المجتمعات تجاوز الحدود وفاق التوقعات والعلة في ذلك الخوف من التغيير وحٌب البقاء في دهاليز الماضي ودوائر الأعراف التي لا تغير واقعاً ولا تٌحدث تغييراً في ثقافة وسلوك المجتمعات العربية والخليجية على وجه الخصوص , العقلية الصدأة المتحجرة لم تولد كذلك بل ولدت لينه فارغة فعاشت في ظل ثقافة حولتها من حالتها الأولى إلى حالةٍ غير طبيعية فكانت النتائج تقديس ما ليس بمقدس والسير خلف الشعارات والمظاهر والدعوات المشبوهة والمغلفة بغلاف الدين والغيرة على ما حرم الله , تلك النتائج أفرزت نتائج أشد قسوةً والمتأمل في واقع المجتمعات سيراها بوضوح شديد لو خلع حجاب القٌدسية عن الحوادث والشخصيات المرتبطة بها .
الفنان بشر يٌخطي ويٌصيب والكاتب والمعلم والمهندس كذلك فلكل شخص مجاله ولعل المجال الفني من أقبح المجالات عند تلك المجتمعات فالفنان خاصة الممثل الذي يوجه رسالة للمجتمعات بقالب كوميدي أو درامي شخصية تعيش على وقع الاتهامات المختلفة ويعيش وقعاً مختلفاً ممتزجاً بالمرارة إذا كانت رسالته ذات وقع شديد على فئة معينة من أفراد المجتمع , بعض أفراد المجتمع ممن يٌطلق عليهم اسلاميين استغلوا كل شيء لتحقيق نتائج مختلفة أدناها السيطرة على المجتمعات فكرياً بالخطاب الوعظي وأعلاها إنشاء الخلافة الإسلامية من المحيط إلى الخليج وفق نظرية المغالبة لا المشاركة ولا أريكم الإ ما أرى , ليس كل الإسلاميون سواء فهناك المعتدلين والمتطرفين والمتلونين الذين هم أشد الناس قٌبحاً فهم يتلونون على حسب ظروف الزمان والمكان , بعض الإسلاميون لا يتورعون عن مهاجمة من ينتقد السلوك "التدين " فيفجر في الخصومة ويٌطلق العنان لألة التكفير و التفسيق فيوغل في الأعراض بطريقة غير مباشرة وفي ذلك بلاءٌ عظيم , الفن وسيلة والفنان إذا قدم المٌفيد فإنه يستحق التقدير والتشجيع وإن قدم مالا يٌفيد فإنه لا يستحق الذكر , المسلسلات والأفلام السينمائية والأعمال الكوميدية لا تنتقد الدين بل تضع السلوك" التدين " تحت المجهر فذلك السلوك ظاهرة تستحق الدراسة والكشف خاصةً مع تحول ذلك السلوك من سلوك " التدين " شخصي إلى سلوك عابر للقارات يحاول منظريه ومؤيديه وممارسيه فرضه على المجتمعات بالقوة تارة والترغيب والترهيب تارة أخرى ! .
للشخص المتدين الحق في اعتناق ما يراه صحيحاً أو متوافقاً مع تركيبته الذهنية والنفسية لكن ليس من حقه ممارسة الإقصاء والتهجم والتهكم على أفراد المجتمع وفرض ما يراه ويؤمن به من أراء على المجتمعات ومنع المجتمعات من ممارسة حرياتها وحياتها بالشكل الذي تراه مناسباً لها , مشكلة المتدين أنه يظن أنه هو الصحيح وعلى الحق والبقية على ظلال وخطأ وتلك مشكلة بعض الإسلاميين ممن يظن بنفسه أنه متكلم باسم رب العباد فيقع بدائرة الخوف من النقد والتغيير والتحديث والمراجعات ويصبح يرى كل مشهد و دعوة و رسالة نقدية صيحة عليه وهي كذلك إذا استمر في سلوكه الخارج عن المألوف وبقي حابساً نفسه داخل دائرة استغلال الدين وتطبيقه كسلوك مبني على تصورات وأراء مضادة للمجتمعات بتنوعها وتعددها الطبيعي الذي لا يمكن أن يفهمه المتدين بشكل واضح وسليم !
التعليقات (0)