تمر علينا هذه الايام ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) و اعتقد جازما بانه لا يوجد شخص لا يعلم مدى الفاجعة التي حلت بالحسين الشريف و ما جرى بعدا من احداث لا تزال ترمي بظلالها على الحياة السياسيه و الاجتماعيه خصوصا في و على الساحة الاسلاميه و ربما لعدة اعوام قادمة ..
لست هنا في صدد الكلام عما جرى حينها او عن شخوصها لانهم اصبحوا بين يدي الله تعالى و هو الحكم والفيصل بينهم و ليس من حق اي احد كائناً من يكون ان ينصب نفسه مكانه و يحكم على هذا و ذاك بانه كافر او زنديق او فاسق الى ذلك ممن الامور.. و لكني اردت ان اتكلم عما يمارس من قبل الناس في هذه المناسبة و لي فيها اراء متأكد ان الجميع لن يتفقوا معي فيها و اذا اتفقوا في قرارة نفسهم فلن يعلونها على الملأ لان البعض سيعتبرها ارتداد عن دين الاسلام..
لنتكلم اولا عما يجري في ما يسمى بالمواكب الحسينيه ( زورا و تجنياً ) لانها بعيدة كل البعد عن اخلاق و مبادئ الامام فما يجري من ضرب على الصدور و اللطم و الزنجيل و اراقة الدماء ( التطبير ) شيء لا يصدقه العقل البشري و الاسلام بريء من هذه الممارسات و ليس بعيد عنه قول نبينا (ص ) ليس منا من ضرب الخدود و شق الجيوب و ثانيا لانها تشوه صورة الاسلام السمح الذي قال فيه نبينا (ص) ان لهدم الكعبة اهون عند الله من اراقة دم مسلم بريء
فكيف و هم يريقون الدماء على الاسفلت بدون وجه حق و الانكى من ذلك بحجة حب اهل البيت و لا اعلم هل سمعتم باحد من ائمة اّل البيت من نسب الامام الحسين (ع) من فعل ذلك ام هل سمعتم ان نبينا الكريم ( ص ) او احداً من اتباعه او اصحابه قد فعل ذلك عندما استشهد عمه حمزة و تم التمثيل بجسده الم تقرؤا قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الاخرة و ذكر الله كثيرا )
كذلك فأن النبي (ص) عندما توفى ابنه قال حديثه المشهور ( ان القلب ليحزن و ان العين لتدمع على فراقك يا ابراهيم و لم يردنا ان النبي (ص) بكى او لطم ..
اما بالنسبة للتطبير فلعلني لم اجد شعب يتلذذ باراقة الدماء بنفس الحجج السابقه ,, اليس من الافضل و الاجدر ان نجعل من ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) يوما دوليا للتبرع بالدم ينتظم فيه العراقيون في مختلف دول العالم ضمن طوابير امام مراكز متخصصة للتبرع بالدم و بذلك نكون قد نقلنا صورة حضارية و رساله عن سماحة الدين الاسلامي بدلا من صور الجاهلية التي يشوهون بها الاسلام مجانا .
النقطة الثانيه هي المبالغ التي تصرف على هذه المواكب التي تتجاوز ملايين الدنانير و الطعام و الشراب الذي يبذل في الشوارع و الذي نجد الكثير من على الطرقات تحت الاقدام او يرمى الفائض منه في اماكن النفايات كما ان معظم المدعويين الى هذه المجالس يملكون ما يغنيهم و.. اما بالنسبة للمبالغ التي يتقاضاها من يقوم بمسيرات اللطم و الزنجيل فحدث و لا حرج و المبالغ التي يتقاضاها من يقوم بقراءة ما يسمونه بالمقتل و النعي فتتجاوز ما يتقاضاه موظف حاصل على شهادة عليا في شهر كامل .. و بعد انقضاء الايام العشرة يعود الناس الى ممارسة الغش في البيع و الشراء و الحلف الكذب باليمين و تعاطي الرشوة و المخدرات و المسكرات وغير ذلك من الموبقات و لا ندري ماذا استفادوا من رسالة الامام الحسين ( ع) .. اليس من الاجدر ان تصرف هذه المبالغ في اعمال خيرية يستفيد منها المواطن كأنشاء مستشفيات خيرية مجهزة باحدث الاجهزة او توفير الدواء للامراض المزمنة المستعصية التي كثر انتشارها او بناء مدارس او او و القائمة تطول .. كذاك ما يحدث في مجالس النساء و التفاخر باحدث موضات الملابس و قصات الشعر و الحلي الذهبية كانها فرصة للتعارف و البحث عن فرص الزواج و بمجرد ان تنفض هذه المجالس تنسى النساء من كانوا فيه من الصراخ و العويل والبكاء و التباكي ليعودوا الى ممارسة الغيبة و القشبه كما نسميها باللهجه الدارجه على من كن حاضرات .. وكذلك السير الى كربلاء على الاقدام و ما يخلفون ورائهم من النفايات و الازبال و لا ارى من كل ما تقدم اي عبرة استفاد بها هؤلاء من هذه الطقوس التي ما انزل الله بها من سلطان بالاضافه الى وضع سماعات كبيرة و رفع اصواتها بدرجه تقلق الاخرين و يدعون بانهم يمارسون حريتهم و لا يعملون بانهم يسطون على حريات الاخرين .. لو قارنتم بين الشعارات التي ترفع فيها و بين ما يقومون به لما وجدت اي تطبيق لما يذكر في هذه الشعارات من الالتزام بخطى الامام الحسين ( ع) بل اكاد اجزم ان كل ما يجري فيها هو عكس المطلوب الاقتداء به
لقد اصبحت هذه الممارسات مجرد عبارة عن نفاق اجتماعي و واسطة لاصحاب المال و النفوذ للوصول الى مبتغاهم الدنيويه والتقرب من هذا او ذاك و وسيلة للتباهي و التفاخر بين الناس و التعبير عن الاثراء وطلب للوجاهة و السلطة .. كما اصبحت تدر ربح وفير على تجار المواد الغذائية و الملابس و الاحذيه و الاقمشة السوداء و الرايات التي تطبع في الصين ولا علاقه لها بحب اّل البيت كما يقولون و يدعون لأن اّل البيت بريئون مما يفعلون كما نرى ان ساسة العراق الحاليون يدعمون و يشاركون بالمال و الجهد ايضا للدعاية الشخصية و لكسب المكاسب و لو انهم اتعضوا و تدارسوا العبر و استقوا الفوائد من موقف الامام الحسين (ع) لما وجدناهم يتصارعون على الكراس و المناصب و لوضعوا انفسهم في خدمة المواطن البسيط لان ابسط الامور التي سجلها الامام في خروجه هو رفضه التنازل عن المبادئ في سبيل السلطة و الجاه وضحى بحياته في سبيل ذلك و نتذكر جميعا قوله(( اذا كان دين محمد لا يستقيم الا بموتي فيا سيوف خذوني)) فالحسين اراد ان يقوم دين محمد و هم يشوهون و يحرفون هذا الدين بحجة الامام الحسين ( ع) .. فهؤلاء هم من يدعمون هذه المواكب و يزيدون فيها كل عام طمعا بالحصول على مكاسب اكبر كل عام حتى اصبحوا مافيا كبيره يصعب بوجودها تثقيف الشعب البسيط كما ان من اسهل الطرق لضمان تأييد الناس و كسب اصواتهم حاليا و مستقبلا هو استخدام الدين و اللعب على عواطف البسطاء و من يدعون الثقافة ...
ثم ماذا عن السب و الشتم و اللعن الذي يمارس في هذه المواكب بحق الاوائل من المسلمين الم يقرؤا الاية الكريمة .. بسم الله الرحمن الرحيم ( و الذين جاوؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا في الايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك روؤف رحيم ) ربما لم يقرأوا ايضا الاية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم ( تلك امة خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسالون عما كانوا يفعلون ) او ربما هم كما قال فيهم رب العزة ..بسم الله الرحمن الرحيم ( افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها ) او ربما فاتهم ان يقرأوا
بسم الله الرحمن الرحيم (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) صدق الله العظيم
اخيرا اقول قول النبي ( ص ) من سننَّ سنة ً حسنة فله اجرها و اجر من عمل بها و من سنّ سنةً ًسيئة فله وزرها و وزر من عمل بها ... و الله من وراء القصد ..
التعليقات (0)