مواضيع اليوم

المبحوح : هل تفرق دمه بين القبائل؟.

محمد مغوتي

2010-02-21 18:45:44

0

                                          المبحوح : هل تفرق دمه بين القبائل؟.


     منذ اغتياله بتاريخ 20 يناير 2010 بأحد فنادق دبي، مازال اسم محمود المبحوح يلقي بظلاله على الأوساط الاعلامية بقوة. وبعد اعلان شرطة دبي عن أسماء وصور المتهمين المفترضين في تصفية العضو البارز في حركة حماس، أخذت القضية منحى جديدا اختلطت فيه مجموعة من الأوراق والحقائق.وأعاد هذا الحادث الى الأذهان مسلسلا من العمليات الاسرائيلية التي استهدفت رموزا فلسطينية كثيرة.
     لقد كان ديدن اسرائيل على الدوام هو التصفية الجسدية المباشرة لعدد كبير من الشخصيات السياسية أو "العسكرية" التي تضعها في قائمتها السوداء. وهكذا نجح الاسرائيليون في اغتيال عدد من القادة الفلسطينيين مع سبق الاصرار والترصد. وكانت بداية عهد الموساد مع مسلسل الاغتيالات منذ غشت 1972 ،حينما تمت تصفية " غسان كنفاني الذي كان مسؤولا عن اعلام الجبهة الشعبية في بيروت.وانضم الى القائمة بعد ذلك عشرات الشخصيات.. ويعد " خليل الوزير" ( أبوجهاد)، وهو الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية حينئذ، أحد أبرز هؤلاء، عندما اغتالته فرقة كومندوس اسرائيلية تحت جنح الظلام بمقر اقامته بتونس يوم 16 أبريل 1988. وقبل ذلك بأقل من سنة اغتيل " ناجي العلي " رسام الكاريكاتور الشهير في لندن عندما أصابته رصاصة غادرة من مجهول بتاريخ 22 يوليوز 1987، ودخل في غيبوبة لأكثر من شهر ليفارق على اثرها الحياة. وعلى الرغم من أن التحقيقات لم تثبت بشكل قاطع تورط الموساد فان اسرائيل كانت المستفيدة الأولى من تصفية صاحب " حنظلة ". وخلال السنوات الأخيرة واصلت اسرائيل سياسة الاغتيالات، لكنها توجهت هذه المرة الى قوى الممانعة من فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة. وهكذا تم اغتيال الأب الروحي لحركة حماس : الشيخ أحمد ياسين في 22 مارس 2004، ثم القائد أحمد الرنتيسي في 17 أبريل من نفس السنة.
     ان السياسة الاسرائيلية التي تنتهج الاغتيال السياسي وسيلة للردع والترهيب، تمثل جزءا من استراتيجية محسوبة ومضبوطة، فعلى الرغم من بيانات الاستنكار الدولي التي تتكرر عقب كل عملية، فان هذه السياسة متواصلة. وحادثة اغتيال محمود المبحوح تأتي في هذا السياق.لكن القاسم المشترك بين كل العمليات التي نفذها جهاز الموساد الاسرائيلي، كان دائما هو الاختراق الأمني الذي يستبيح سيادة الدول التي تعد مسرحا لجرائم الاغتيال. وهذه القدرة الفائقة على تنفيذ العمليات بدقة متناهية تطرح دائما علامات استفهام حول طبيعة العمل الاستخباراتي الذي يقف وراء التخطيط لهذه الجرائم. الا أن اسرائيل لا تعتمد حتما في سياستها هذه على امكانياتها الذاتية فقط، بل غالبا ما تصل الى أهدافها بمساعدة مباشرة من العملاء الذين تجندهم لهذه الغاية. والقاء القبض على فلسطينيين في عمان يشتبه في صلتهما بمقتل المبحوح يمثل خير دليل على هذا التوجه الاسرائيلي نحو تجنيد العملاء لتسهيل تنفيذ أجندتها القاتلة.
     ان ما يقترفه الموساد من جرائم متكررة هو خرق صارخ لكل الأدبيات الحقوقية الانسانية، وعلى رأسها حق الحياة. وعملية قتل المبحوح هي اعتداء سافر على هذا الحق المقدس، لكنها أيضا ( وهذا هو الخطير) تعد انتهاكا لأمن دولة ذات سيادة، وهي كذلك اعتداء ( بالمعنى القانوني) على الدول التي ينتمي اليها أصحاب جوازات السفر المزورة والمطلوبين للعدالة بعد نشر صورهم. وهذه الحيثيات القانونية المرتبطة بالقضية هي جزء من التمويه الذي يمارسه الموساد. حيث تبدو أوراق هذا الملف مبعثرة و متداخلة بقدر يضفي كثيرا من الغموض على تفاصيل الجريمة والجهات التي شاركت في تنفيذها.وفي هذا الاطار تعد المسؤولية القانونية لبريطانيا وفرنسا وايرلندا وألمانيا قائمة بسبب اقحام اسمائها في القضية من خلال جوازات السفر التي استعملها المتهمون الأحد عشر في دخول دولة الامارات العربية المتحدة ومغادرتها بأسماء مزورة. لكن من الواضح أن هذه الشبكة العنكبوتية التي تلف مسار التحقيق في جريمة الاغتيال يراد بها اسرائيليا على الأقل تقييد القضية ضد مجهول. فهل ستنكشف تفاصيل الحقيقة؟ أم أن دم المبحوح تفرق منذ الآن بين القبائل؟.

                            محمد مغوتي. 21/02/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !