على القيادات والفصائل الفلسطينية المرتبكة أن تدرك تمامًا أن المشهد العام الفلسطيني قد تغير قبل المبادرة المصرية ولن يكون كما كان عليه بعد طرح المبادرة، بل من المتوقع التغيير في إدارة المعركة فلسطينيًا, وبعيدًا عن حجم التضحيات والثمن الفلسطيني المفروض لرد العدوان، لطالما أن المبادرة المصرية لم تأخذ بعين الاعتبار كيفية التعامل مع المقاومة الفلسطينية لإقناعها بأن الدور المصري الجديد قد تغير في الأداء السياسي والأمني وبالضمانات المطلوبة لتنفيذ اتفاق التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
وبناءً على ذلك قد يكون هناك معالجة سريعة لبعض بنود في المبادرة لطرحها من جديد كمبادرة مصرية حقيقية لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, مع أنها مبادرة حريصة على توفير الحماية للمدنيين دون تحقيق تقدم كبير لصالح حركة حماس كما كانت تريد من هذه الحرب, مع أنها أنهت الرسالة التي أرادت إبلاغها إلى الكيان الصهيوني من خلال صواريخها التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي الذي أصبح بأكمله مهددًا من فصائل المقاومة، بعد أن وصلت الصواريخ إلى منطقة مفاعل ديمونة ونحال سورين والمدن الاستراتيجية في إسرائيل.
وبالتالي اعتقد أن حركة حماس سوف تقبل بالمبادرة المصرية في النهاية, بناءً على الحقيقة التالية التي تقول أن حماس لا يوجد لديها فرص أخرى غير التعامل مع المبادرة المصرية كمدخل لدفع عملية تطوير بنود المبادرة وتقديرًا للدور المصري التاريخي مع القضية الفلسطينية, وكمدخل آخر لحماس لإعادة مد جسور الثقة مع الدولة المصرية, وصولًا إلى تحقيق طموحها في إعادة العلاقات المباشرة مع القاهرة.
ولا سيما بعد منح حركة حماس تسهيلات اقتصادية وفتح معبر رفح, بما سوف يساعد حماس في بعض الأمور الخاصة بإدارة قطاع غزة, وهنا قد نجد أن حماس تعود مرة أخرى للفعل السياسي بعد رحلة صراع مع الموت والحياة, نرى أن حماس قد نجحت بعد قرار تسليم مفاتيح السلطة المعنوية في قطاع غزة للرئاسة الفلسطينية في إعادة قراءة المتغيرات الفلسطينية, وبفرض إرادتها السياسية من على الأرض لتعزيز مكانة حماس ودورها, خاصة بعد انسداد آفاق التسوية السياسية مع إسرائيل, وبعد دخول المفاوضات في مأزق ونفق مظلم, كان لا يمكن استمرار المُراهنة على مشروع الرئيس "محمود عباس" مع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس, ومع الفشل في إدارة إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني.
بقلم: أ. منار مهدي
التعليقات (0)