هل يمكن لرؤوس الأموال والتكنلوجيا في العالم الإسلامي من توظيفهما في بناء المشاريع الإستراتيجية المعمرة .؟
تنبيه :: كتاباتي بعيدة عن النفس الطائفي أو المذهبي أو المناطقي أو القبلي أو الجغرافي , نكتب من أجل الحق وصيرورته الى منصته وقمته التي يستحق بعيدا عن أي إطار مما ذكرنا, لذا وجب التنويه .نكتب بنفس وشعور بالمسؤولية, أننا مسلمون ونحفظ لمن يشاركنا الوطن حقوقه الكاملة غير منقوصة وبما كفلها له الدين والشرع .
المال, من الوسائل التي معها يمكن أن تتحقق الكثير من الأهداف والغايات , فبما أن المال قوة , والقوة مجتمع , والمجتمع دولة , عليه يعتبر المال من العناوين الرئيسية للقوة , بل أحيانا وفي ظروف معينة هو القوة بعينها , لكنه في الأغلب الأعم يشكل 90% من تلك القوة المشار إليها, ووفق قاعدة ( إذا النفس احرزت قوتها إطمأنت وأنتجت ) حتى ووفق المنهج الجهادي , لايمكن للمجاهد أن يمارس أي عمل جهادي , سواء في الداخل أو في خطوط التماس المباشر مع العدو و يصول, إلا حينما تتكفل الجهة المعنية بتأمين المعيشة اليومية لأسرته .
إن المال يفعل الكثير من المفاعيل في حياة البشر , خصوصا إذا ما أستخدم بالطريقة المثلى , وكما طرحنا في مقال سابق, الطرق التي ينتهجها العدو في شن الحرب , اليوم نطرح عناوين القوة , الدين والعقيدة والثقافة الدينية والوعي الضروري بمعرفة أصول وفروع الدين وعباداته ومعاملاته قوة , القوانين والتشريعات التي تلبي وتعالج قضايا الناس, وتطرح الحلول المنطقية والتي تحفظ للكل حقه قوة , الحاكم العادل المتقي الورع الصادق الأمين قوة , الحرية العدل المساواة المقننة قوة , الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية قوة ,وجود الآلة الإعلامية الرصينة الهادفة قوة , بناء الجيش والقوى المكملة له وتمليكه أرقى أنواع الأسلحة من أجل الدفاع عن الوطن والحفاظ على السلم الأهلي في الداخل قوة , توزيع الثروات توزيعا عادلا بين أبناء الوطن بما يضمن العيش الكريم أو في أقل التقادير حفظ ماء الوجه من المسألة قوة , إنشاء الأطر التعليمية بدءا من الروضة حتى الدراسات العليا وصولا الى بناء المراكز البحثية العلمية ودعمها وتنمية قدراتها ووضعها في مكانها المناسب قوة , إنشاء المستشفيات العامة وتوفير العلاج المجاني للمواطن للحفاظ على صحته من أجل القيام بواجبه إتجاه الوطن قوة ,الإهتمام بالمشاريع الزراعية وتنظيم عمليات الري وبناء السدود قوة , تنظيم الموارد البشرية وتوزيعها في ميادين العمل بما يحقق مفردات التنمية المستدامة قوة , الإهتمام بالمرأة وإشراكها في العمل السياسي وتوزيعها في الميادين التي تضمن لها كرامتها وعزتها قوة , الإهتمام بالطفل وتأهيله وتنمية قدراته من البداية قوة , الحفاظ على الحالة البنوية للمجتمع وتشجيع حالات الزواج وإستمرار التناسل المنظم قوة , وهناك الكثير والكثير , وبالتالي وإجمالا وبالجملة أن بناء وتطوير البنى التحتية للوطن وتحسين أدائها بما يتناسب والتطورات المتلاحقة التي تحصل في هذا العالم هو القوة بعينها .وأكيد هناك الكثير من البرامج التي ينبغي ان تكون لانريد ان ندخل في تفاصيلها الآن .
لكن في حال عدم وجود القدرة لدولة ما, أن تقوم بمهمة ما فماذا ينبغي أن تفعل, وما يجب أن تقوم به من أجل الحصول على ماتريد .؟في هذا الصدد نقول في طبيعة الأشياء وهذا ماقام عليه الكون, هو قاعدة التكامل بين الأجزاء, لنحصل بالتالي على هدفنا ,فلو أن دولة تمتلك المال, لكنها في الوقت ذاته لاتمتلك التكنلوجيا لبناء أحد دعائم البنى التحتية فماذا عليها ان تفعل ؟ بالمنطق والمعقول, حتما ستفتش عمن يزودها بهذه التكنلوجيا من أجل ذلك , إذا لابد للتكامل أن يكون حاضرا وبقوة .
في ثقافتنا ومنظومتنا التربوية الدينية نقول ( الأقربون أولى بالمعروف ) هذا من ناحية , أما مايخص موضوعنا فالأمر مختلف تماما , وبموجب مانمر به والعالم ككل, فإن أي خطوة بإتجاه الإستفادة من أي مجهود ننتفع به, لابد بالإضافة الى الأقربين هو المنحى السياسي, وهذا مهم جد إذا ماعرفنا ان العالم كله يتعامل اليوم بالمفردات السياسية , لذا يفترض أن ننتبه لهذا الجانب , ونضع كل برامجنا في هذا السياق , وينبغي أيضا ان نضع كل قضايانا المصيرية ضمن حساباتنا , وننظر الى العالم الآخر كيف يتعامل معنا وعلى أي أساس , ومنها ننطلق ونعبر بالكثير من السلوكيات السياسية المشروعة للإستفادة مما يمتلكه غيرنا ونفتقر إليه نحن .
نحن كمسلمين نمتلك أماكن مقدسة أوجب الله علينا فرض الدفاع عنها , وفلسطين بما فيها من تلك المقدسات, أصيبت وأبتليت بالغزو الإمبريالي الصهيوني, وأغتصبت وأقيم على أرضها كيان يدعي عائدية ما فيها من بعض المقدسات وينسبها إليه , وقد تلقى هذا الكيان كل أنواع الدعم لتثبيت هذا الإدعاء, والعمل على تملك ماليس له حق به ألبته , لكن القوة هنا لعبت دورا في حينها, وهم يعتقدون أن الأمر قد إستتب لهم , لكن نقول لهم هيهات هيهات لهم ذلك , إذن من هنا ونحن كمسلمين لابد أن نتعامل مع العالم على هذا الأساس , وإلا إعتبرنا العالم بلا دين ولا معتقدات وبالتالي بلا ضمير , فمن منا يقبل هذا ؟ إلا اللهم من ............؟!
المسلمون ككل ومن منظور إقتصادي هم يشكلون قوة إقتصادية عظمى في هذا العالم , وأول الأسباب أنهم يمتلكون 65% من المصدر الرئيسي للطاقة وهو النفط وتحتهم أكثر من 75% من الإحتياطي لهذا المصدر الهام , وفي عالم اليوم, الذي يمتلك الإقتصاد القوي المتين يمتلك ناصية القرار السياسي ويتلاعب بقوت ومصير أمم, ويمكن له أن يقضي على أمم كاملة لو تمكن من ذلك , إذن فإن المسلمون قادرين أن يؤثروا في القرار السياسي الدولي وقادرون أيضا أن يجيروا الكثير من القرارات الدولية لصالحهم , بل يمكن لهم أن يفرضوا من هذه القرارت التي تؤمن مصالحهم , ويجعلوا العالم يحسب لهم الحساب ولا يمكن ان يتجاوزهم .
إن موضوعة الإستثمارات اليوم لها عدة أبعاد , أولها وكعنوان ظاهري, هو العنوان الإقتصادي المحض, والكسب المادي من خلال ,أما التبادل التجاري البيني , أو الإستثمار في المشاريع الثابته, والذي يتمثل بالمساهمة بالبنى التحتية , أو المشاريع المتنقلة كالمواصلات, وتشمل النقل البري والبحري والجوي , لكن القوى الشيطانية لم تترك هذا الأمر يسير بالخطى السليمة, فأدخلت معها مشاريعها ومخططاتها السياسية, التي من خلالها تستطيع أن تتلاعب بسياسة الدول وتتحكم بقرارها السياسي , هذا مايخص أولائك الشياطين الذين إمتلكوا التكنلوجيا التي كنا نفتقر إليها في السابق , أما وحال الدول الإسلامية اليوم والتي والحمد لله الكثير, إن لم نقل كلها أصبحت تمتلك كل أنواع التكنلوجيا, التي من خلالها تستطيع ان تلبي ماتحتاجه بعضها فلابد من التوجه الى بعضنا البعض, من اجل التكامل والتعاون في تنمية وتطوير بنانا التحتية, لكي نصل الى مرحلة الإكتفاء الذاتي, حتى ولو بعد حين لضمان حق أجيالنا القادمة .
كل يوم نسمع أن دولة أو قطر من ضمن منظومة العالم الإسلامي, قد عرضت بعض مشاريعها والتي لها مساس مباشر بحياة مواطنيها الى الإستثمار وتوجيه الدعوات الى الدول, حتى تلك التي تعادينا مباشرة أو بصورة غير مباشرة , الى تقديم عطاءاتها وبالتالي الفوز بتلك الإستثمارات , هذا إذا لم تدخل بعض الرشاوى والمحسوبيات ضمن هذه الصفقات ؟! وتتناسى ومع الأسف الشديد أن في عالمنا
الإسلامي, من الأموال والقدرة التكنلوجية ما يكفي ليس فقط بناء تلك المشاريع أو المساهمة فيها, بل يمكنها ان تفكك كل الإستثمارات الأجنبية وأخذ مكانها , وهذا أيضا يبعث حالة من الإطمئنان لدى بعضهم البعض, من عدم التدخل في الشؤون الداخلية , وإن حصل فسيكون طرح المشورة ومن باب الحرص والأخوة .
قبل أيام قامت ( الكويت ) بإعطاء مناقصتين لبناء مصفاتين جديدتين للنفط, في داخل الأراضي الإسلامية لشركتين معادية للإسلام والمسلمين ( هذا في حال أن الكويت لحد الآن تعتبر نفسها داخل الجدسد الإسلامي والقضية المركزية ــــ المقدسة ــــ تهمها وتعتبر أن من إغتصبها عدوا تأريخيا ودائميا ) ؟! وبقيمة 7 مليارات دولار , والسؤال الذي نطرحة على الأسرة الحاكمة , ينبغي أولا: وبموجب القوانين المرعية في هذا الصدد, أن تقوم الحكومة بإحالة هذا المشروع الى مجلس النواب للتصويت عليه, ثم يصار الى الإعلان عن المناقصة أعلاه, وبشكل علني وعن طريق الأطر الإعلامية ( وحصرها فقط بدول العالم الإسلامي ) ثم تزود كل الأطر الدبلوماسية بهذه المناقصة, ليتسنى لتلك الدول الإطلاع عليها ودراستها ومن ثم تقديم عطاءاتها, وبشكل سري ومنها تتخذ الأسرة الحاكمة الإجراءات اللازمة والإعلان عن فوز أحد الدول بتلك المناقصة, وبعدها يصار الى نقل المعدات أو تسمية من سيقوم بالتنفيذ .
ثانيا : ألا يوجد ضمن العالم الإسلامي من هو قادر ماليا وعلميا من تنفيذ هكذا مشاريع ؟! والمعروف أن جلها نفطية كما اسلفنا ,وهي تمتلك من الخبر والتجربة العالية في هذا المجال , ثم كم يستقرق من وقت لنقل المعدات من تلك الدولتين مثلا ؟ مع الأخذ بنظر الإعتبار ديانة هؤلاء, وما سيأكلون وما سيطرحون من فضلات داخل أراضينا وما تحمله من فايروسات تنتقل من خلالها الأمراض , ( ممكن للقارئ أن يقول في نفسه أو قد يسالنا ماهو رأيك بمليونين ونصف يعيشون في الكويت جلهم من الأجانب والكفار فضلا عن وجود الجيش الأمريكي وهو طبعا العدو اللدود للإسلام والمسلمين ) ( أنا شخصيا لاعلم لي هل أن الكويت تمتلك السيادة التي ينبغي على قرارها السياسي أم لا ) هذا في حال أنها دولة ويعتد بها ؟! أليس من حق العالم الإسلامي الإستفادة مما حوت عليه بلدانهم , وهو لن يمنح مجانا, بل مقابل تقدم الجهد والخبرة ؟! لماذا مثلا لم تفاتح إيران, أو ماليزيا أو أندونيسيا أو الباكستان أو تركيا أو الجزائرأو السنغال أو نيجيريا , وهي قريبة من الكويت وكما قلنا الأقربون أحق .
نقول : أن الأمة الإسلامية فيها من القدرات ماتفتقر إليه تلك الدول الكافرة المعادية لديننا اولا, وقد أعلنوها صراحة وهم اعدائنا , فرحمة بأنفسكم أولا كي لاتحاسبوا لاحقا, على تبذير اموال المسلمين هذا لو علمتم انكم لن تفروا من الحساب, على وقوفكم مع العدو الأمريكي , ونقول لمنظمة الدول الإسلامية, عليها أن تتدخل لمثل هكذا أمور كي تحفظ المال الإسلامي العام , وتقف حاجزا لمنع ذهاب اموالنا الى جيب الكفار, وبالتالي تقويتهم علينا , ونحن نأن من جراحنا , وكل يوم لنا ضربة على روؤسنا , نعم لابد من ذلك وعلى وجه السرعة , الوضع العام لايحتمل التأخير أو المجاملة .
شعبنا في فلسطين السليبة محاصر الجوع والمرض يقتله , شعبنا في المغرب يعيش في بيوت الصفيح , شعبنا في مصر أذلته المساعدات الأمريكية , جياعنا في كل أصقاعنا , ونحن نتفرج وكأن الذي يحصل لايعنينا ( من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ) ( ومن اعان أخيه أعانه الله ) أين نحن الآن وعلى أي بوصلة متجهون ....؟!
علي المطيري
20 /5 /2008
مواضيع اليوم
التعليقات (0)