من المدهش أن الناس على اختلاف مشاربهم ومعتقداتهم التي يعتبرونها ذات أولوية في حياتهم يدينون بالولاء التام لهذا السلطان ذي السطوة الطاغية على العقول والنفوس.
وهذه السلعة العالمية تحظى باقبال منقطع النظير في أي مكان وزمان.
ما من شك أن للمال دورا حيويا يلعبه في حياة الإنسان والمجتمعات ككل، وأن من العسير تأمين أبسط متطلبات العيش بدونه. ولكن يجب إعطاؤه مكانه الصحيح في الحياة وأن لا يتم تقديمه على ما هو أهم من المال وبذلك أعني المبادئ التي وُجدت قبل المال ولا سطوة للمال على أصحابها المؤمنين بقدسيتها والعاملين بها.
صحيح أن الحياة بدون مال صعبة، لكن الأصعب هو تضحية ما هو أغلى من المال في سبيل تحصيل المال. وقد يكون تعليل ذلك بسيطاً جدا. فالمال يأتي إلى اليد ويفارقها (اللهم إن كانت يداً قابضة كالكماشة لا يخرج الزئبق من بين أصابعها) ثم يعود إليها ويفارقها إلى ما لا انتهاء. أما المبادئ التي هي بمثابة مقدسات لمن يعرف قيمتها ويتفانى في المحافظة عليها فإن تم بذلها في سبيل المال فلن يعوض عنها شيئ وهيهات أن تعود.
وقد أثبتت التجارب أن المتمسكين بتلك المبادئ لن يحرموا المال ما داموا يبذلون مجهودا معقولا ولديهم الرغبة الصادقة في تحصيله بالطرق المشروعة. وكأن في الحياة قانونا غير مكتوب يقضي بأن من يحترم القيم العليا ويطبقها عمليا في حياته تتحول إلى ما يشبه المغناطيس الذي يجلب إلى صاحبه الخير من حيث يدري ولا يدري.
والان لنقرأ ما يقوله الفلاسفة والأدباء والحكماء والمفكرون عن المال:
الحكيم هو من يضع المال في عقله لا في قلبه.
إن جعلَ الإنسانُ المالَ إلهاً فسينقلب عليه شيطانا.
الحب يعمي، لا سيما حب المال!
المال كالسماد، تكمن قيمته أكثر ما تكمن في بسطه وتوزيعه على مساحات أوسع.
اجمع ما استطعت وادخر ما استطعت ووزع ما استطعت من المال وستكون أنت الرابح.
المال الذي يصرفه الشخص على نفسه دون مشاركة الآخرين به يتحول إلى حجر رحى ثقيل في عنقه. أما المال الذي يصرفه على الآخرين فيمنحه أجنحة شبيهة بأجنحة الملائكة.
الفلسفة التي تنصح الناس باحتقار المال لا تترك أثرا كبيرا في نفوسهم.
أعوز الناس إلى المال من يتظاهر باحتقار المال.
ما دام الإنسان يمتلك المال فبإمكانه صرفه وتصريفه في الأوجه الصحيحة. أما إن امتلك المال الانسان (أي إن أصبح الإنسان مهووسا بالمال) فيتحول المال عندئذ الى شيطان رجيم يقض مضجع صاحبه ويسلبه لذة العيش.
هناك فرق كبير في نظرتنا للرجل العصامي الذي صنع نفسه بنفسه وللشخص الذي حوله ماله إلى رجل، لأنه شتان ما بين هذا وذاك.
أكثر الناس احتقارا للمال أكثرهم تهافتا على الأشياء التي لا يمكن تحصيلها بدون المال.
المال هو أكبر تجار العبيد في العالم.
المال يفعل كل شيء: يعطي بيد ويأخذ بالأخرى. يجعل من الناس شرفاء وأوغاد، فلاسفة حكماء ومتهورين طائشين ، والقائمة تطول.
الثروة هي ورثة خطرة ما لم يكن وارثها راسخافي الفضل والفضيلة.
المال ستارة الأحمق التي تخفي عيوبه ونقائصه عن عيون الناس.
مواردنا المالية هي كالأحذية التي ننتعلها. إن كانت ضيقة قرصتنا وضايقتنا. وإن كانت واسعة وكبيرة تتسبب في تعثرنا ووقوعنا.
عندما سئل الاسكندر المقدوني عن السبب في عدم جمعه وتكديسه للمال أجاب: لم أفعل ذلك خوفا من أن يصيبني المال بعدوى الفساد.
مترجم
التعليقات (0)