يبحث مجلس النواب العراقي حاليا قانون صاغته حكومة المالكي منذ عدة اشهر , ولم تقدمه الا في هذه الايام , الا هو ( قانون تجريم البعثيين ) بعد قانون ( اجتثاث البعث ) ومن ثم رديفه ( قانون المساءلة ) , يقضي القانون بحبس كل من ينتمي الى حزب البعث العربي الاشتراكي او يسعى الى اعادة تنظيمه او الترويج له اعلاميا وبكل الوسائل , وتتراوح مدة السجن لمثل هذه الحالات ما بين 10 ـ 15 سنه .
يترافق اعلان مناقشة هذا القانون مع اعلان نوري المالكي رئيس وزراء المنطقة الخضراء وسط بغداد ,تحت الاحتلال قبل مدة قصيرة عن اعتقال مئات العراقيين من كبار ضباط الجيش الوطني السابق والكادر المتقدم في حزب البعث العربي الاشتراكي المحضور, بفعل قرار الحاكم المدني الامريكي للعراق بريمر, " اجتثاث البعث " , والذي نفذة احمد الجلبي باقصى درجات الحقد واللؤم . وقيل ان عدد المعتقلين تجاوز 700 ـ900 شخص , ومعظمهم من محافظات الجنوب ,اضافة الى محافظات الوسط ذات الغالبية السنية .وقد بررالمالكي عمله المفاجئ بان حزب البعث يعد للقيام بانقلاب ضد العملية السياسية المتمركزة في المنطقة الخضراء في قلب بغداد بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الجاري .
الاعتقالات الجديدة هي استكمال لعمليات القتل التي طالت اعضاء حزب البعث منذ عام 2003 وحتى الان , وحسب احصاءات الحزب على موقع المنصور الناطق بلسان الحزب والمقاومة العراقية بلغ 140 الف بعثي من كل الرتب الحزبية , اضافة الى تشريد الملايين من البعثيين وابناء العراق الوطنيين , بدعوى موالاتهم للنظام الوطني السابق .
وفي انباء جديدة مفادها ان المالكي طلب من جيش المهدي ومليشيات حزب الدعوة اعتقال 800 ضابط من الجيش الوطني السابق من رتبة مقدم فما فوق , كما امر قوات بغداد في مطار المثنى بتحضير قضاة لاجراء محاكمات ميدانية لهؤلاء الضباط والصاق تهمة الارهاب والاخلال بالامن في البلاد بهم , بدعوى انهم يحضرون للانقلاب على الحكومة بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الجاري حسب ما وعد به الرئيس الامريكي باراك اوباما .
الاحزاب المشتركة في العملية السياسية ومعظمها تتبع نظام الملالي في ايران طائفيا , تعرف بنية حزب البعث , وقوة تنظيمه وحرصه على سرية العمل , وانضباطه في تنفيذ الواجبات الموكلة لعناصره , وقدرته على كسب عناصر جديدة تشكل الدماء الجديدة التي ترفد الحزب وتمده بالحيوية والقدرة على الحركة , وهذه الدماء الجديدة هي التي اربكت حكومة المالكي وجعلتها تتخبط في قرارات لن تعود بالخير على العراقيين .ومن هذه الخلفية المعروفة للجميع فقد تمكن الحزب من الصمود رغم كل عمليات الاجتثاث والقتل والتهجير , تمكن من الاضطلاع بمهمة مقاومة الاحتلال الامريكي طيلة السنوات الثمان الماضية , والحق خسائر كبيرة في صفوفها , تجاوزت 4000 قتيل والوف الجرحى ومئات المنتحرين والمرضى النفسيين , اضافة الى ترلليونات الدولارات , الامر الذي عجل برحيل هذه القوات من العراق .
حاولت حكومة المالكي بمعاونة المخابرات الايرانية ( اطلاعات ) ان تخترق تنظيمات حزب البعث , من خلال عدد من المندسين الذين ارتضوا العمل مع المحتل وحكومته في المنطقة الخضراء , وكذلك بدعوة المالكي اعضاء الحزب الى اعلان براءتهم من الحزب لاعادتهم الى وظائفهم السابقة , وهذا يؤشر حجم الطائفية البغيضة التي يمارسها المالكي ضد ابناء العراق .كما يؤكد حجم اعداد المعتقلين مؤخرا من محافظات الجنوب ان النظام الوطني السابق لم يكن طائفيا بدليل ان ثلاثة ارباع قائمة المعتقلين القياديين الخمسة والخمسين كانوا من محافظات الجنوب , كما ان 60 بالمئة من افراد الجيش السابق كانوا من تلك المحافظات , اي من الطائفة الشيعية .
لقد شهد حزب البعث العديد من حالات الانشقاق في صفوفه خلال العقود الستة الماضية , ولكنه كان يخرج من كل حالة اكثر قوة ونقاء . وبعد الاحتلال عملت المخابرات الايرانية وحكومة المالكي على احداث انشقاقات في صفوف الحزب والتمرد على القيادة الشرعية ممثلة في الرفيق المناضل عزة ابراهيم الدوري الامين العام للحزب وقائد كتائب الجهاد والمقاومة في العراق , التي اجبرت الادارة الامريكية على سحب قواتها من العراق . ولكن هذه المحاولات لم تفت من عضد الحزب الميداني الذي يقود المقاومة ضد المحتل .
اثبت الحزب انه اقوى من كل التحديات المحلية والخارجية , واستمربالمقاومة , واعادة التنظيم في كل محافظات العراق وبالذات الجنوبية منها , وقد جاءت زيارة الرفيق عزة الدوري الى محافظة ميسان ( الكوت ) والالتقاء مع قيادات الحزب في تلك المحافظات وقادة كتائب الجهاد , والقاءه حديثا طويلا حول ظروف المرحلة التي يمر بها العراق ,ـ وقد بث الحديث في اكثر من موقع الكتروني وفضائية عربية وصحيفة مطبوعة ـ , واكد هذا الحدث المهم ان الحزب قوي بتنظيماته في كل المحافظات وخاصة في الجنوب الذي كانت قبل خمسة عقود حكرا على تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي .
لقد ارسل القائد رسائل عدة الى اعداء العراق الامريكان والصفويين واعوانهم من الاحزاب الطائفية , وأكد ان المقاومة سوف تستمر لتحرير العراق من كل الطارئين والدخلاء وفرق الموت المسؤولة عن مقتل الوف العراقيين الابرياء , وتدمير البنى التحتية التي بناها النظام الوطني بقيادة الشهيد صدام حسين ورفاقة الشهداء منهم والاحياء , ممن ما زالوا في السجون او في المنافي .
سبق المالكي في مثل هذا الفعل الحاقد الرئيس السابق عبد السلام عارف , عندما اغتصب السلطة عام من الحزب 1963, ان اعتقل غالبية اعضاء البعث , وتمكن هؤلاء الاعضاء وفي مقدمتهم الشهيد صدام حسين من اعادة التنظيم الحزبي , ومن ثم تفجير ثورة 17 ـ 30 تموز عام 1968 .
تكمن قوة الحزب في انه نبع من قلب الشعب , وتمثل طمشوحاته واماله , وكسب قاعدة عريضة في الوطن العربي الكبير ,رغم ما رافقه من حالات تشويه لافكاره ومبادءه , من خلال سلوكيات فردية اساءت له ولتاريخه ونضاله .واعتقد ان هذه الحملات سوف تؤثر على البعض ممن كبر في السن واعياه المرض , ولكنها لن تؤثر على المناضلين الذين عركت الاحداث عودهم , ولديهم ايمان عقيدي صمد في الماضي وسيصمد الان وفي المستقبل .
|
التعليقات (0)