المازوخية الأدبية و الفنية
يسعى الإنسان بطبعه ، إما إلى القيادة أو الانقياد .. هذا العرف حقيقة ، قد وجد منذ أقدم العصور و منذ أن أول ظهور تشكيلات الجماعة و من بعدها المجتمع . و جدلية القياد و الانقياد ، هي في الواقع و من حيث المبدأ ، تتضمن في أبعادها و حيثياتها ، كل معطياتها المنطقية المقبولة و الطبعية .
فالجانب الطبعي في القضية يأخذ مجراه من كون أن تشكل الجماعة و المجتمع عموماًَ يحتاج حتماً إلى التفاوت الطبقي المهني و الوظيفي و القيادي ، بل و حتى الاجتماعي ( بغض النظر عن مشروعيته ) و التخصص في الإنتاج و الوظائف الحياتية اليومية .
و كي لا نسرح بعيداً في مجاهل التاريخ القديم ، يمكننا القول أن مفهومي القياد و الانقياد بشكلهما الرسمي و المتبلور ، قد بدأا منذ الظهور الاعتباري لنظرية العقد الاجتماعي ، لأنهما أساساً شكلا أهم صفة ميزت هذه النظرية ، و من دونهما لا يمكن للعقد الاجتماعي أن يطبق في أي جماعة ، فهما أساسه و عماده و لاحقاً نشأ نظام الدولة و الحكم على هذا الأساس أيضاً .
من المعروف بعد ذلك أن مفهوم القياد و الانقياد قد اتخذ معظم نواحي الحياة البشرية سواء في نظام الحكم السياسي أم القبلي أم الديني و ما إلى ذلك . كما أنه نحا منحاً آخر في التطرف و الظلم ، حيث كان يفترض به العدل . و انبثق عنه أمور أخرى كالطاعة العمياء و السخرة و قتل الحرية و نظام الرق ، لدرجة أن مفهوم العبودية و طبقة العبيد كانا أمراً اعتيادياً مألوفاً و بشكل طبعي لدى بني البشر . حتى لدى الفلاسفة الإغريق الكبار كأرسطو و أفلاطون و غيرهم . لا بل إن أفلاطون تحدث في جمهوريته الفاضلة عن طبقة العبيد كأمر بديهي طبعي لا علاقة له بالعامل الأخلاقي . ذاك كله يمكن إدراجه ضمن القياد و الانقياد الإجباري القسري .
في العصور و القرون اللاحقة ، برز مفهوم القياد و الانقياد في النواحي الفكرية ، و بخاصة بعد ظهور النهضة الفكرية و العلمية في أوروبا . و تجلى ذلك بما يسمى المدارس الفكرية و الأدبية و الفنية و السياسية و غيرها فأضحى لكل مجال و باب من تلكم الأبواب المذكورة ، مدارس و مشارب متعددة لها مريديها و أتباعها و مؤيديها . ذلك كله يمكن إدراجه ضمن القياد و الانقياد الاختياري الطوعي .
إذن فهنالك على وجه العموم نوعان أو صفتان لمفهومي القياد و الانقياد .. صفة الإكراه و الإجبار و القسر ، و صفة الاختيار و الإرادة الحرة الشخصية .
على أنه و في الوقت الحاضر ، قد برز لنا على ما يبدو نوع جديد من الانقياد و التبعية الفكرية و الأدبية و الفنية . و تجلى ذلك في إعطاء الصفات الخارقة و الخارجة عن نطاق المألوف لشخصيات أدبية أو فنية نالت حظها من الشهرة و نصيبها من الانتشار ، إما لموهبة نادرة فيها و قدرة متميزة ، أو لسبب آخر لا علاقة للموهبة و الإبداع أو الذكاء ، فيه .
من حيث المبدأ ، لا ضير من مدح إنسان موهوب أبدع في مجال فكري أو فني معين كالشعر أو الغناء و نحوهما . و كان له تاريخ في حرفته تلك أفاد من خلاله الناس أو أطربهم أو .. الخ . و لكن لا يجوز رفع ذلك الشخص مهما كانت سويته من الشهرة و الانتشار عالية و مرتفعة ، لا يجوز رفعه إلى مصاف أصحاب المعجزات الخارقة بحال من الأحوال و التحدث عنه من منطلق التابو المحرم . و أنا شخصياً قد أستثني ربما ( أقول ربما ) العلماء أصحاب الاختراعات العلمية التي قدمت الخير و الفائدة لبني البشر كأديسون أو غاليلو أو داروين أو لافوازيه أو كورشيلوف أو فيثاغورث .. و غيرهم ممن خدموا البشرية جمعاء باختراعات و اكتشافات قدمت نقلة نوعية في الحضارة الإنسانية من ناحية ، و خففت آلام البشر و شقاؤهم و عذابهم لناحية أخرى . الكهرباء .. السيارة .. الطائرة .. الهاتف .. التلفاز .. القطار .. العدسات .. المجهر . الـ .. الـ .. .
و ما نراه الآن من ظاهرة درجت في مجتمعاتنا العربية ، هو تجاوز لكل معايير التوصيف و التقييم ، بين المقيم و المقيم ( الياء في إحدى الكلمتين مفتوحة و الأخرى مكسورة ) و معايير الإطراء و المديح بين المادح و الممدوح . لا بل هو شذوذ بكل ما تحمله الكلمات من معنى .
الظاهرة المعنية بسياق مقالنا إياه ، هي أن يخرج لك شخص ما في الشارع أو الصحف أو التلفاز أو المذياع أو الـ ... مقلاع و يتحدث عن شخص مشهور أدبياً أو فنياً ( الدارج الآن هو الطرب و الشعر ) حي أو ميت ، بطريقة يهين فيها نفسه أمام هذا الشخص و يذل كيانه و شخصه أمام ممدوحه الذي يكون في أغلب الأحيان شاعر كبير أو مطرب أو مفكر أو كاتب مشهور .
منذ فترة كنت أطالع إحدى الصحف ، فوقعت على مقال في الصفحة الثقافية و كانت كاتبته متحصلة على شهادة الدكتوراه ( حسب تعريفها ) تتحدث فيه عن الشعر . ثم تحدثت في نهاية المقال عن شاعر ( معاصر ) عربي متوفى و قالت : كنت أريد الحديث عنه و لكن أنا من أنا لأتحدث عنه ؟؟!! أعرف أنني لست على مستوى الحديث عنه و لذلك لن أتحدث عنه .
إنني أتساءل ... ؟؟؟!!! هل هذا الشاعر ( و أنا احترمه جداً ) فوق مستوى البشر ؟؟ يعني هل هو كائن خرافي أسطوري يحمل بين جنباته سمات الآلهة كما سيم به الفراعنة مثلاً ؟؟!! و ما علاقة شهرة هذا الشخص و براعته في الشعر و بين جلد الذات ؟؟!! أفلا تستطيع هذه السيدة أن تتكلم عن هذا الشاعر و تعطيه حقه الطبيعي و مرتبته المرموقة في الشعر إلا إذا جلدت نفسها أمامنا بطريقة مضحكة و أهانت ذاتها و مرتبتها العلمية – عندما تقول أنا من أنا - ؟؟!! و هل تعتقد في قرارة نفسها أن القراء سيقرون لها رأيها بهذا الشخص و يوافقونها عليه على تعدد مشاربهم و أهواؤهم و من منطلق أن لكل ذوقه و شاعره المفضل ؟؟ .
يبرز لك شخص آخر ( كذا الأمر متحصل على درجة علمية عالية ) في مقال آخر يتحدث فيه عن أديب كبير فيقول نفس ما قالته زميلته الآنفة الذكر ( أنا من أنا لتكلم عن فلان ) و لكنه هذه المرة يزج القراء معه و يدخلهم صاغرين رغماً عن أنوفهم في حظيرة مازوخيته حين يضيف قائلاً : و نحن من نحن حتى نتكلم في مقالنا هذا عن المقام العالي الرفيع لفلان . ....؟؟!!!! عجيب غريب .. إذا كان هذا الشخص يحب أن يجلد نفسه لأجل معبوده هذا ، و يعذبها بالسياط و أسياخ الحديد و النار كما يفعل بعض البراهمة الهنود ، فما ذنبنا نحن و ما هي جريرتنا لكي يلفحنا بسوط عذابه و آلامه ؟؟!!!
إذا كان يقبل على نفسه الإهانة الغير مبررة كي يشهر أديبه الفلاني هذا و الذي بنظره لا تتحقق شهرته إلا بأن يهين ذاته و نفسه و درجته العلمية على مذبحه . فالقراء ربما لا يوافقونه الرأي في فعله هذا و نفوسهم عزيزة عليهم .
و آخر يظهر في التلفزة ليتحدث عن أحد المطربين و يقول بالحرف " إنه خارج التقييم و فوق المدح " يعني – استغفر الله العلي العظيم – أصبح ...... .
آخر ... و آخر ... ظاهرة انتشرت بشكل فظيع و أصبحت سمة من سمات المدح في العالم العربي ، نراها بشكل متكرر .. أحياناً قد لا تكون مكانة هذا الشخص و موهبته ، متناسبتين مع الشهرة التي أعطيت له ، و مع ذلك تضفى عليه مسحة من القداسة المحرمة .
و اللافت أنه أحياناً تجلس مع أحدهم و يتكلم عن شخصية فكرية أو أدبية بمفهوم المنطق السابق إياه و تفاجئ بالنهاية بأنه لا يعرف شيئاً عن هذه الشخصية . أذكر مرة أنه جمعتني جلسة مع بعض الأشخاص ، فانبرى أحدهم يتحدث عن أحد الشعراء المشهورين و الذي توفي منذ فترة ، و أخذ يمدحه و يعظم من شأنه و يعتبره أنه ظاهرة فريدة من نوعها و لن تتكرر و صعب أن يأتي مثله و أنه جبل كبير شامخ ، حتى وصل إلى أن قال : أنه أفضل الشعراء في هذا القرن ، و نحن ذرة في بحره . و هنا تدخلت أنا قائلاً له : أنا أحترم شاعرك هذا و هو شاعر كبير و متميز ، و لكنه بنظري ليس أفضل الشعراء ، فهنالك من هو أشعر منه . أصر الرجل على موقفه بأنه أفضل شاعر و لا يستحق أحد أن يصل إلى مرتبته . فقلت له : أنا شخصياً و بنظري و مع احترامي لشاعرك هذا ، إلا أنه لا يقارن البتة مع الشاعر العربي الكبير القرمة محمد مهدي الجواهري و الذي بنظري أنه أفضل شعراء القرن . و لا مجال للمقارنة أبداً ، و نسبة المقارنة بين شاعرك هذا و بين الجواهري هي واحد إلى ألف . ( و ذكرت له أبيات متعددة للجواهري ) و طلبت منه أن يذكر أبيات لهذا الشاعر ( الذي أحترمه و أقدره و هو شاعر مهم بنظري ) فصمت و لم يتكلم ، و بعد أخذ و رد اكتشفت أن هذا الشخص لم يقرأ شيئاً لشاعره الذي ذكره و لا حتى بيت واحد و لا يعرف عنه شيء و كل إعجابه به منقول من الصحف الرسمية و بعض مواقع الإنترنت الشبابية ، فذكرت له أبيات لشاعره المفضل أعجبتني ، لا بل أن له قصيدة يغنيها أحد المطربين اللبنانيين ، أسمعها دائماً و أحبها كثيراً . أنا مثلاً أفضل من شعراء العصر الحديث أحمد شوقي و الجواهري و عمر أبو ريشة و غيرهم . و لكن لا أجلد نفسي لأجلهم و لا أفرضهم على الغير الذي ربما قد لا يراهم مهمين أو يرى غيرهم أفضل منهم ، و كذا الأمر فهنالك مطربون و فنانون أفضلهم و أحترمهم و أصفهم بأنهم كبار أو عظام أو عمالقة مثلاً .. لا ضير في ذلك ، لكن كذا الأمر أيضاً .. لا أجلد نفسي لأجلهم .
في موسكو كنت أرى الروس كيف كانوا يتعاملون مع .. و يتكلمون عن أدبائهم و مفكريهم و شعراؤهم الكبار .. كانوا ينحتون لهم التماثيل في الشوارع و الأماكن العامة ، و يسمون الجامعات و الجادات باسمهم و يقدمون لهم آيات الاحترام و التقدير و الفضل الكبير . و لكن .. و لكن ( حرف استدراك ) لم يكونوا يهينون أنفسهم أمامهم أو يرفعونهم إلى مصاف الآلهة أو المعصومين من الخطأ أو الذين لا يجوز النقاش عنهم أو يتحدثون عنهم بطريقة ( أنا من أنا لأتكلم عن فلان ) . هؤلاء كانوا في النهاية بالنسبة لهم بشر لهم سلبياتهم شأنهم شأن أي كائن بشري . كانوا يتحدثون عن الشاعر الكبير أو الأديب الكبير فلان بأنه كان يعاقر الخمرة بشكل كبير مثلاً و مرة وقع في الشارع مخموراً أو أنه مر بأزمة عصبية كبيرة أو اتهم بكذا .. أو .. أو .. مع أنهم نصبوا له التماثيل و سموا باسمه الشوارع و محطات المترو .
التقيت مرة مع أحد المقيمين في ألمانيا و هو أستاذ جامعي في إحدى الجامعات الألمانية ، فسألته عن كبار الأدباء و المشاهير الألمان و كيف ينظر الألمان إليهم ( تحديداً حول هذه النقطة ) . فأكد لي أنهم يحترمونهم و يجلونهم تماماً كما الروس و لكنهم يقيمونهم كبشر و يذكرون بعض تصرفاتهم الغريبة أو ما شابه ليس من باب النقد بل من باب السيرة الذاتية ، أما عن إنكار الذات لأجلهم فلا يوجد شيء من هذا القبيل و لا أحد يفعل ذلك . كذلك الأمر في فرنسا و سائر البلدان الغربية . و لا يقتصر الأمر على ذلك ، بل أنني أحياناً أشاهد برامج في بعض الفضائيات تتحدث عن مشاهير غربيين كبار بل و حتى علماء كآينشتاين مثلاً أو بيكاسو أو أوسكار وايلد .. و غيرهم . و يتحدث عنهم أشخاص ( غربيون طبعاً ) من بني جنسهم أو مختصين بمجال عملهم ، و من ضمن ما يتحدثون عن تاريخ هؤلاء من المجد و العطاء و الشهرة و الإيجابية ، يتم الحديث أيضاً عن مشاكلهم الخاصة و السلبيات التي كانت تحيق بهم ، أحدهم لديه عصاب نفسي أو قلق أو خوف و آخر لديه حالة كذا . ذلك كله من باب الأمانة العلمية التاريخية الخالية من أي تعقيد و تهويل .
بينما عندنا يتحول الشخص المشهور ( بغض النظر أحياناً عن حقيقة شهرته و أصالتها ) إلى حالة طوطمية لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بها بل يجب تقديم القرابين و الأضاحي البشرية الاعتبارية و قرابين الكرامات الشخصية على مذبح شهرتها . فالشهرة عندنا على ما يبدو هي نوع من التابو ، تماماً كما هو التابو الديني الذي يطال كل ما له صلة بالدين من شخصيات و كتب و مذاهب مهما كان نوعها و شكلها و قيمتها ، أو التابو السياسي الذي يطال الشخصيات السياسية .. هذا التابو على ما يبدو ، هو الشقيق الثالث لهذين الآخرين الذين هما أقوى منه لجهة المنطقية و إثبات الواقع . لأن إضفاء القداسة عندنا و جلد الذات أضحت نتيجة واقعة لا مناص منها ، لتراكم سنوات و قرون طويلة من التبعية المتعددة الأشكال لدرجة أن التفكير بالتخلص منها يؤدي إلى حكاك حاد مزعج . فلا يقبل عندنا مدح فلان لفلان مشهور و لا يثبت إعجابه به ، حياً كان أم في دار البقاء ، إلا أن يركع المادح جاثياً أمام الممدوح ماسكاً رأسه بكلتا يديه ، ثم يقوم بفتله بعنف ( أي يمصع رقبته ) كما كان يفعل الساموراي الذي كان يبغي هلاك نفسه ، أو فرق الكاميكاز الانتحارية أو الياكوزا . ربما ليقال لهذا المادح ( أصيل .. و الله أصيل ) أو ربما ليريك أنه ( أنا هووون .. و أفهم مثلك بالأدب و أستطيع التقييم ) أو ربما لنصفق له بإعجاب قائلين ( و الله ياعمي ... فحل .. و رب الكعبة .. فحل ) .
على أنه و كلمة حق تقال يوجد استثناء وحيد لهذا الشذوذ الموجود عندنا ، و هو أنه يتم الحديث عن سلبيات إحدى الشخصيات المشهورة لكنه ليس عربياً بل أجنبياً ألا و هو الموسيقي العالمي ( بيتهوفن ) فكلما قرأت خبراً عنه في الصحف ، يتم تعريفه على أنه كانت تنتابه نوبات الصرع يعني بالعربي عندنا ( مصروع ) و هو الشخصية الوحيدة التي شكلت عندنا مفارقة استثنائية يعني ( يا حرام ما طلعت إلا براس عمي بتهوفن ) . و اشتهيت مرة واحدة أن أقرأ مقال في تلك الصحف ، يتحدث عن بيتهوفن دون أن يبرز فيه خاصية الصرع و الجنون لديه و كأنها تنفيس المكبوت عندنا تجاه مشاهيرنا هنا ، و ما أكلها إلا هالفقير بيتهوفن .
( أنا من أنا ) تقال لمخترع السيارة التي نركبها كل يوم و لا نحس بالتعب الذي عاناه مخترعها حتى وصلت إلى ما تحت مؤخراتنا .
تقال لمخترع المخدر و الكلوروفورم و أيام الشقاء و المعاناة و التجارب التي قاساها كي نرتاح من آلام العمليات و قطب الجروح .
تقال لعالم الصواريخ السوفييتي الشهير كوريلوف الذي عاش الجوع و البرد و الفقر و الألم و المرض حتى توصل إلى اختراع الصواريخ العابرة للقارات التي تحمل الأقمار الصناعية التي تنقل لنا فضائياتنا الطربية و الغنائية و الطائفية و المذهبية و غيرها .
تقال لمخترع الآلة البخارية و الهاتف و التلغراف .. تقال لعالم الحيوان الأمريكي الذي قضى خمس و ثلاثون عاماً من حياته في مجاهل إفريقيا يعيش مع القرود و الشامبانزي و الأفاعي و الوحوش يدرس طبيعتها و صفاتها ..
تقال لعالم الفلك الذي قضى حياته كلها يدرس النجوم و يراقبها و يكتشف الكواكب ، حتى عميت عيناه و فقد البصر ..
تقال للعالم السوفيتي ( كلاشينكوف ) الذي كان عريفاً بسيطاً بالجيش الروسي و آلمه دخول الألمان إلى أرضه و تهديدهم عاصمة بلده ، فقضى وقت استراحته في خيمته يخطط و يحسب و يجرب إلى توصل إلى صناعة أقوى و أشهر سلاح فردي في العالم و أكثره انتشاراً ألا و هو البندقية الآلية المسماة باسمه ( كلاشينكوف ) أو باسم ( كي 47 ) .. عندنا تسمى ( روسية ) .. اخترعها للدفاع عن أرضه و وطنه و وصلت عندنا لنحارب فيها بعضنا بعضاً .. و الكثر ممن تقال لهم هذه العبارة و لا مجال لذكرهم هنا لكثرة عددهم .
تقال لذاك العالم الإغريقي القديم الذي توصل إلى اكتشاف النظريات الرياضية التي ندرسها الآن في جامعات العالم كلها و بني عليها الكثير من المنجزات العلمية . و الذي قضى حياته وحيداً أمام سراجه حتى ضعف بصره . و عندما احتل الرومان أثينا ، دخلت كتيبة من جنودهم إلى منزله و كان جاثياً على الأرض و أمامه ورقة ، مشغولاً بحل معادلة رياضية مستعصية . خاطبه القائد الروماني ، فلم ينتبه إلى وجوده لأن عقله و جوارحه كانا مسخرين للمعادلة الرياضية التي استعصت عليه .. أعاد القائد الروماني الطلب مرة أخرى . و عندما لم يلتفت إليه العالم ، استل سيفه و أغمده في ظهره مخترقاً قلبه و ضلوعه ، فسقط ذاك العالم على الأرض مضرجاً بدمائه و قال و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة : جهلة ... أميين ... قتلة .
و بهذه العبارة الأخيرة نختتم مقالتنا هذه .
نزار يوسف
التعليقات (0)