أغرقت الأسواق منذ خمس سنوات تقريبا بسلع ومنتجات مقلدة مصدرها الصين وهي عبارة عن (copy) لمنتجات عالمية مثل النظارات الشمسية وشنابر النظارات الطبية والساعات العالمية، ويتم بيعها داخل المحلات الشهيرة وكأنها منتجات أصلية وذلك لأنها نسخة طبق الأصل من المتج الأصلي علاوة على أنها "مدموغة" بكلمة بلد الصنع الأصلية "إيطالي أو سويسري"، بالرغم من انها صيني تصل إلى مصر بتكلفة 25 جنيه إلا ان المحال التجارية والتوكيلات الكبرى تشتريها بمبلغ 250 جنيه من المستور ثم تبيعها وكانها أصلية –بثمن الأصلي - بالرغم من علمهم بأنها مقلدة.
رحلة المنتج تتبعتها من بلد منشأ المقلد – الصين – وحتى يد المستهلك في مصر –مشتري الأصلي-، وساعدنا في ذلك عدد من المستوردين للمنتجات الأصلية، لتتضح الرؤية امام الجهات الحكومية لمكافحة الظاهرية المستشرية في الأسواق منذ عام 2005، وحماية السوق من المنتجات المقلدة والمهربة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار سنويا، مما يضيع على خزينة الدولة ملايين الجنيهات من الضرائب والجمارك.
الحكاية بدأت عام 2005 عندما قام عدد من المستوردين – أحتفظ بأسمائهم إلى من يهمه الأمر – بالتوجه إلى إقليم "موينزو" في الصين وأتفقوا مع عدد من المصانع هناك على تقليد نظارات من الماركات العالمية وطباعة بلد المنشأ الأصلي عليها "صنع في سويسرا أو إيطاليا" مقابل دولار واحد للقطعة ، وشحنها إلى دول أخرى على أن تمر على مصر "ترانزيت"مقابل نصف دولار للقطعة، وبالفعل بدأت الحاويات تتوالى على موانئ المنطقة الحرة ببور سعيد و العين السخنة و العبور الجافة "طيران" وتم دفع الرسوم لها "أرضية" في هذه الموانئ كرسم وارد لتصديرها إلى الدولة التي إتفقوا مع شركة بها على إستقبال الحاويات كنهاية لخط السير، ثم يتم بحلول الليل تهريب هذه الحاويات من هذه الموانئ بعد دفع عشرة جنيهات عن كل قطعة "نظارة أو ساعة" لمسئولين بالجمارك لتهريبها خارج الموانئ دون دفع جمارك، ثم يتم شحن الحاويات أو بيعها في السوق الحره حسب خط سير الحاويات.
تخرج الحاويات من الموانئ متجهه إلى "المعلم الكبير" ببولاق الدكرور، وقتها تكون القطعة الواحدة "نظارة أو ساعة" قد وصل ثمنها إلى 25 جنيها، ويقوم المعلم بعد تخزينها في مخازنه ببولاق الدكرور بتقسيمها على عشرة موزعين تابعين له على مستوى الجمهورية، ويشتريها الموزع من المعلم بمبلغ 150 جنيه للقطعة، ليبيعها للمحال التجارية والتوكيلات على مستوى الجمهوية من مطروح إلى أسوان مقابل 250 جنيه للقطعة، وطبعا بفواتير وشهادة بلد المنشأ "مزورين" وأحيانا بدونها، بعدها تقوم المحال والتوكيلات ببيع القطعة مقابل الثمن المتعارف عليه دوليا " 750 جنيه فيما أكثر" لماركات النظارات والساعات العالمية المعروفة – وتحتفظ "الكرامة" بأسماء الماركات -.
الغريب في الأمر أن السلع المقلدة لم تتوقف عند الساعات والنظارات بل تطرقت لتشمل الموبايل والكانس الكهربائية الغالية الثمن يتم تصنيعها في الصين وتغيير بلد المنشأ ويطبع عليها صناعة اليابان، وليس غريبا أن تتوصل "الكرامة" إلى أن المستورد واحد وطريقة خروج هذه البضاعة من الجمارك واحده، وتوزع أصلا بطريقة واحدة.
يقول مصطفى محمود أبو سلام "مستورد إحدى ماركات النظارات العالمية الأصلية".. أعمل في مهنة إستيراد وتوزيع النظارات منذ أكثر من 35 عاما، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي وجيد جدا، إلا أنه منذ خمس سنوات تقريبا ظهرت مافيا إستيراد النظارات المقلدة (copy)، ويتزعمها شخص بعينه معروف ومعلوم لجميع الجهات، وتم ضبطة أكثر من مرة بواسطة مباحث التموين، لكنه كان يتبع طرق ملتوية ليتم حفظ المحضر إداريا، ووصل بمستورد الماركات المقلدة هذه لأن قام عام 2007 بالمشاركة بهذه المنتجات المقلدة والمزيفة في معرض القاهرة الدولي، وتم ضبطة بمعرفة مباحث التموين وتحرر له محضر لكنه إنتهى إلى لا شيئ!.
ويضيف يوسف محمد "مستورد إحدى ماركات النظارات العالمية الأصلية".. هذه المنتجات المقلدة "وقفت حالنا" ودمرت تجارتنا، وجعلت المنتج الأساسي في إيطاليا يهددنا بالتوقف عن إمدادنا بالبضاعة الأصلية بسبب الركود المفاجئ لمنتجاتهم في الأسواق المصرية، ولا نجد وسيلة بالرغم من عدم تقصيرنا في الدعاية أو التسويق أو التوزيع، بل وصل الأمر بالمسوقين والموزعين أنهم لا يأخذون منا منتجات أصلية إلا لكي يحصلوا على فواتير وشهادات بلد المنشأ الأصلية ليتم تزييف الأعداد بها أو تقليدها لكي يوزعوا منتجاتهم المضروبة.
ويشير محمد حنفى داوود "مستورد إحدى ماركات النظارات العالمية الأصلية".. بعد أن إكتشفنا شخصية مستورد ماركات السلع العالمية المقلدة قمنا بجمع كافة التفاصيل عنه حوال حجم ثروته التي تضاعفت مئات المرات دون مبرر منطقي وصور السلع المقلدة في المخازن وطريقة تهريبها وكل شيئ عنها، وقمنا بإبلاغ مباحث الأموال العامة ومباحث التموين وهيئة الرقابة الإدارية والتهرب الجمركي، وبعد أن شنوا حملات على مستورد المزيف وتم ضبط السلع لديه وتحررت محاضر ضبط له، تم حفظها بالكامل..!.
بعد أن تأكدنا أن الأمر مرتبط بفساد في الجهات المعنية قمنا على مدار خمس أعوام بإرسال شكاوى إلى كافة المسئولين بالدولة، من رئاسة الجمهورية وحتى المباحث دون فائدة، فقرر بعضنا تغيير نشاطه والبعض إتجه إلى توزيع المزيف، لكن أصحاب التوكيلات الحقيقية تائهون بين رغبتهم في بيع الماركات العادية السليمة وبين توزيع المزيف وترك الماركات العالمية.
التعليقات (0)