المارد الذي قام ..

ربيع الثورات العربية
تعالوا نبحث عميقا في ذواتنا الكامنات الكامدات ، وقد ران عليها من الزمن دهورا ، أحكمت فيها العتمة أقفالها عليها فباتت حلم قديم يشي بما يشبه الرمز أن ثمة من كان ومن عمر المكان وشغل الزمان وبات اليوم حيران تائه بين الافياء كأعمى أصم أعياه المضي قدما فآثر البقاء صامتا منغلقا حيث يقف .
مضى الناس من حوله بهرجهم ومرجهم ، فلا سمعهم ولا سمعوه ، ولا حفل بهم ولا حفلوا به ، كشلو على قارعة الطريق بلا ثمن ، ينهشه عث السكون والصمت ، وتأكله ماضيات الليالي ومر الأيام والدهور .. في مخيلته ثمة حلم بعيد ، من حين لآخر يتذكر .. تلكزه الذكرى في خاصرته ، فيحس بوجع لا يقوى على البوح به ، ولا يملك لغة التعبير عن مكنونه ، فيحترق احتراقا داخليا يأكل منه ما تبقى .. ويبقى يكد يكافح لحظة الذكرى التي تلح في خلفية أفكاره البعيدة المكتظة بالصور والحكايات والآهات أيضا ..

هو الآن يدرك انه يملك إرثا يمكنه من النهوض ، وروحه التواقة للحركة تتململ في أعماقه القصية ، وكأن العظام تتجمع وتقوى من جديد ، ويلمع في الظلمة برق شديد ، يضيء الجانب القصي البعيد ، يشحذ الهمة ، ويفهم من جديد ، أن ( لا يفل الحديد إلا الحديد ) من رماد المحرقة ، ومن دوارس القبور ، ومن خرابات الروح التي ماتت منذ زمن بعيد .. يتململ مارد قالوا أن ( من الشرق قادم من جديد .. )
بعض المرجفين الخائفين ، ما صدقوا ، ولا آمنوا بأن للمظلوم لحظة ربما فيها يعود ..فسقط عرش كبير .. وتبعه عرش.. وتزلزلت عروش .. وخافت أخرى .. ومن بقي منها يترقب بحذر شديد ..
أذاعت وكالات الأنباء الأخبار وعلقت على تلك ( بربيع الثورات العربية .. )