مواضيع اليوم

المادة الثانية من الدستور .. ممنوع الاقتراب ..

محمد شحاتة

2011-03-01 11:34:11

0

في فترات الالتهاب .. وخاصة تلك الفترات التي اشتدت فيها الأزمة بين الكنيسة والنظام - والتي بلغت ذروتها في قضية تحول وفاء قسطنطين زوجة كاهن كنيسة أبو المطامير بمحافظة البحيرة .. وكاميليا شحاتة زوجة كاهن كنيسة العذراء بمحافظة المنيا بصعيد مصر إلى الإسلام ..

 فقد تدافعت أصوات من أقباط المهجر وكذا من بعض المنظمات -أو التنظيمات- أو الجماعات العلمانية والمسيحية والحقوقية المدنية متساندة على استدعاء أو -استعداء - قوى غربية وأجنبية على النظام المصري في سبيل العمل جدياً على حذف أو تغيير المادة الثانية من الدستور المصري ..
وبسقوط النظام المصري في 25 يناير والذي من الطبيعي أن يستتبعه حتماً - أو حتفاً -(سقوط) الدستور المصري وبزوغ الحاجة نحو تغيير أوإنشاء دستور جديد يتوافق ويتواءم مع آمال وطموحات و تطلعات الشعب المصري بكافة أطيافه ونوازعه ومعتقداته ..
ولأن الوضع الحالي بظرفه الاستثنائي ووجود مصر تحت الحكم العسكري لحين ترتيب انتقال وتسليم آمن ومدني للسلطة..

فقد نزع المجلس العسكري (موفقاً) نحو (تعديل) لا (تغيير) للدستور المصري..

 الأمر الذي يعني بقاء الدستورالحالي  قائماً في كافة مواده عدا التي يتناولها التعديل سواء بالحذف أو التغيير وهي المواد التي تتعلق غالباً بتحديد طريقة وشروط الانتخابات الرئاسية والتشريعية ..
وهنا يبقى الجدل بشأن المادة الثانية من الدستور المصري مكتوماً وخافتاً ..

وهذا شيء يُحمد للجيش والسلطة العسكرية باعتبار أن مصر في حاجة ماسة لوأد الخلافات والاختلافات في مهدها..  وعدم سلوك ثمة طريق من شأنه نشوب صراعات ونزاعات وخلافات في وقت مصر فيه أحوج ما تكون للتضامن والتساند والتعاون من جميع أبنائها باختلاف مشاربهم وأهواءهم ..
وبالعودة وبالنظر إلى المادة الثانية من الدستور المصري ونصها ..
((الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.)) والعلمانيون والغلاة من أقباط المهجر وغيرهم تصاعدت وتيرة مطالبتهم بحذف هذه المادة من الدستور المصري بناء على حجج منها أن مصر ليست كلها مسلمة بل فيها مسيحيون ومن ثم فلا يصح القول بإسلامية مصر رسمياً ..
وينسحب الأمر على الشريعة ..وكذا اللغة العربية إلى حد المطالبة باتخاذ اللهجة المصرية العامية لغة رسمية بديلة وعوضاً عن اللغة العربية .. وذلك بخلاف أصوات طالبت بإحياء اللغة الفرعونية باعتبارها اللغة الأصل أو الأصيلة لمصر في تنويه لرفض انتماء مصر العروبي أو العربي .. وكل ذلك تحت ادعاءات أن المادة الثانية من الدستور المصري قد تم وضعها أو تفعيلها في دستور 1971 وفي عهد الرئيس الراحل (الأسبق) محمد أنور السادات وفي ظل المد (الأصولي) الإسلامي وفي عز وهج وتصاعد وانتشار وتأثير الجماعات الدينية في مصر ..
والوقع أن هذا الفهم مغلوط تماماً ..

إذ أن هوية مصر ولغتها قد تحددت على مدى عمرها " الدستوري " بداية من دستور 1923 باعتباره أبو الدساتير المصرية الكاملة حيث نصت المادة (149) منه على أن ( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية.)..

وقد تأكد ذلك في دستور 1956 بنص المادة (3) منه على أن : ( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية.) ..

ثم دستور 1971الحالي والأخير في مادته الثانية التي نصها : (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.)..
ويلاحظ أن إضافة عبارة ( مبادئ) الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع .. ومبادئ الشريعة هنا هي انعكاس طبيعي لهوية مصر الإسلامية باعتبار أن الإسلام هو دين الغالبية الغالبة من شعب مصر ..

وأن المخاوف من التمييز العقائدي أو ديني في ظل تلك المادة تتلاشى تماماً بصريح نص المادة( 40 ) :( المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة) ..وهذه المادة وحدها كافية تماماً للقضاء على أي إثارة لنعرات التمييز أو الاضطهاد والطائفية وغيرها ..

ليست المشكلة في المادة الثانية من الدستور .. بل المشكلة تكمن في تغيير التركيبة السلوكية.. و كذا في تغيير المفاهيم واضطرابها لدى الناس على مدى نصف قرن كامل أو يزيد ..
ويؤكد صحة هذا الاتجاه أن مضمون المادة الثانية من الدستور المصري الحالي تناقلتها جميع دساتير مصر الكاملة عن دستور 1923 والذي وضعته لجنة تأسيسية من ثلاثين من أرفع النخب في مصر (وقتها) مثل: علي ماهر باشا ، وعبد الحميد بدوي، وعبد العزيز فهمي باشا ، و المحامي البارع إبراهيم الهلباوي، وفيها من ذوي المردود الديني الشيخ محمد بخيت المطيعي المفتي الأسبق، والسيد عبد الحميد البكري شيخ الطرق ونقيب الأشراف، والشيخ محمد خيرت راضي، كما ضمت من المسيحيين يوسف سابا باشا، وقليني فهمي باشا، وإلياس عوض بك، وتوفيق دوس بك، كما كان عضوا بها الأنبا يؤانس نائب البطريرك وقتها، وهو من تولي البطريركية عقب وفاة الأنبا كيرلس الخامس في سنة ‏1927‏، واستمر بطريركا بضع عشرة سنة حتى وفاته، كما كان فيها يوسف أصلان قطاوي باشا من اليهود‏.‏. وتذكر مضابط أعمال اللجنة أن لجنة وضع المبادئ اقترح عليها الشيخ محمد بخيت في ‏19‏ مايو سنة ‏1922‏ أن ينص الدستور على أن دين الدولة الرسمي الإسلام، فطرح الرئيس حسين رشدي باشا الاقتراح للتصويت فتقرر بالإجماع قبوله‏..‏ ولما تلا النص في اللجنة العامة في ‏14‏ أغسطس ‏1922‏ قررت الهيئة الموافقة عليه بالإجماع، وتلا نص المادة بجلسة ‏3‏ أكتوبر ‏1922‏، فوافقت الهيئة عليه بالإجماع، ومعنى ذلك أنه بمجرد اقتراح هذا النص ووفق عليه بالإجماع بغير تحفظ ولا مناقشة، وبغير أن يظهر أنه أثار حرجًا أو قلقًا أو عنتًا، وذلك في جو فكري يفوح في فكره عبير الليبرالية ..

 من هنا نقول :

 أن فكرة تغيير أو المطالبة بحذف المادة الثانية من الدستور لن يقابل بأي نوع من أنواع القبول أو الترحيب أو الموافقة من غالبية الشعب المصري خاصة في ظل ظروف المد الديني "القوي" الذي تعيشه مصر ودول كثيرة تعيش حالة مواجهة غربية للإسلام كخصم عالمي بعد انحسار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي ..
كما أن التدخل- من أي كان- بتغيير أو حذف المادة الثانية من الدستور لا بد وأن يخضع للاستفتاء الشعبي (أخذ رأي الشعب) وهو الأمر المقضي عليه بالرفض الحتمي بحكم الأغلبية المصرية المسلمة الكاسحة طبقاً لقواعد الديمقراطية والتي تقضي - ليس باحترام رأي الأغلبية - فقط بل والانصياع له أيضاً ...

ملحوظة : مصدر البيانات الملونة باللون الأزرق http://www.facebook.com/notes/maan-mn-ajl-almhafzt-ly-almadt




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !