تموج الساحه المصريه اليوم بالكثير والكثير مما يصعب حصره حتي أنها أصبحت كحلبه سباق الكل يطلق لنفسه العنان الي أقصي حد ليس لمحاوله الحفاظ علي مكتسباته في الفتره الماضيه ولكن لاكتساب أرض جديده وضم أتباع ومؤيدين جدد لفكره واقصاء بل ووئد الأخر أيا كان لأن التصارع بين التيارات المختلفه يصب في خانه النظام ....
و المشهد الجديد أو المسرح الجديد بدأ في فتره السبعينات حينما تولي السادات حكم مصر حيث وجد نفسه بمفرده في مواجهه من أسماهم مراكز القوي من الاشتراكيين والقوميين والناصريين الذين كان السادات بالنسبه لهم لايصلح علي الاطلاق لرئاسه مصر بل انه تولي منصب نائب الرئيس في غفله من الزمن لم يستطيع أحد خلالها مراجعه الرئيس جمال عبد الناصر في قراره وكان التوقع أنذاك أن يستبدل عبد الناصر السادات في وقت لاحق كما فعل مع غيره في السابق …
ولكن مات عبد الناصر واعتلي السادات سده الحكم فتكتلوا في مواجهته لينقلب عليهم السادات وزج بقياداتهم في السجون ولكن بقيت جذورهم راسخه بين أبناء الشعب فالقوميه والناصريه والاشتراكيه لم تعد مجرد أشخاص ولكن مبادئ وأفكار أمن بها الكثيرون و اعتنقوها... فتفتق ذهن السادات الي أن محاربه هذا الفكر وهذه المبادئ يجب أن يكون بالدين ففتح السجون وأخرج الاخوان المسلمين والجماعات الدينيه منها ورد لهم اعتبارهم وأطلق يدهم للعمل علي كل أرض مصر بلا متابعه أو رصد.....
وهنا كانت البدايه... حيث ارتبط اخوان الداخل باخوان الخارج ممن هربوا من حكم عبد الناصر الي العديد من دول العالم وخاصه الدول الخليجيه وارتبطوا بالتيارات السلفيه والوهابيه وكونوا ثروات طائله من العمل بالتجاره والبنوك فوجد اخوان الداخل الدعم والتمويل الكافي للانتشار والتغلغل بينما سافر الالاف من المصريين للعمل بالسعوديه ابان فتره فوران أسعار النفط ليعودوا بعد عده سنوات أثرياء ولكن محملين مع المال بأفكار السلفيه الوهابيه التي اعتنقوها هناك وبدء توالد الجماعات الاسلاميه التي خرجت من عباءه الاخوان في كل ربوع مصر تحت مسميات جهاديه وتكفيريه عديده واعتنقت فكر الانعزال عن المجتمع الفاسد وفكر الجهاد لتغيير المنكر باليد لتجهز تماما علي أي بقايا للاشتراكيين والقوميين الذين حولتهم في نظر الناس الي مارقين أصحاب بدع وضلالات ليست من الدين في شيئ ليقدموا للناس نفس أطروحاتهم التي كانت تأخذ في السابق الصبغه العلمانيه الي نفس المعاني ولكن تحت مسميات وصبغات دينيه
من أمه عربيه واحده الي أمه اسلاميه واحده ومن زعامه الي خلافه واماره وشريعه الي أخره … لتتلاحم تلك الاطروحه مع العاطفه الدينيه الجياشه لدي المصريين وسوء أحوالهم المعيشيه ...
وبسرعه يشتد عود الجماعات وتقوي شوكتها بمباركه الاخوان المسلمين ودعمهم لتصبح لهم السيطره واليد الطولي في رقعه كبيره من أرض مصر وتحدث المواجهه المتوقعه مع النظام والتي تنتهي باغتيال السادات وتبدأ فتره حكم مبارك بالمهادنه معهم تاره الصدام تاره أخري فطيله ثلاث عقود حكم فيها مبارك مصر حدثت أمور كثيره بدأت باستكمال الخط الدموي الذي بدء في أيام السادات من الاعتداءات علي الاقباط وممتلكاتهم وكنائسهم ثم تفجيرات المناطق السياحيه وقتل السياح ثم اغتيال أصحاب الفكر المضاد من كتاب ومفكرين ثم مهاجمه الدوله نفسها باغتيال القيادات السياسيه والدينيه المواليه للدوله واغتيال ضباط الشرطه وحتي قتل جنود الشرطه وسلب أسلحتهم وحتي محاولات اغتيال مبارك نفسه والذي بعدها أطلق العنان للشرطه لمواجهه هذه الجماعات والتي وصل بها الحال الي تقسيم المصريين أنفسهم الي مؤمن وكافر طبقا لمبدأ الفرقه الناجيه من النار الذي اعتنقته كل جماعه ….
ولكن خلال الثلاث عقود هل ظلت الساحه المصريه خاليه الا من الجماعات والاخوان والفكر الوهابي السلفي ؟
بالرغم من الانتشار الواسع لهم علي الساحه المصريه الا أن هناك الكثير ممن يرفضوا ويتوجسوا من هذا الفكر وخاصه التكفيري منه ليس فقط للمخالف في الدين أو المذهب ولكن أيضا للمخالف في الفكر خاصه مع وجود تجارب مسبقه مثل طالبان والقاعده أوجدت نوع من التوجس الشديد من هذا الفكر خاصه بين المثقفين والعلمانيين أصحاب فكر التعايش وقبول الأخر أيا كان وعدم الوصايا علي العباد باسم رب العباد وبتفويض منه فبرزت علي الساحه توجهات أخري الكثير منها سياسي رافض لنظام الحكم الحالي ثم فكري وديني رافض للفكر السلفي الوهابي فظهرت جماعات أقباط المهجر مدافعه عن أقباط الداخل واصطدمت اعلاميا بالنظام متهمه اياه بالتراخي والتسبب في كل ما حدث للاقباط وتكون تيار قبطي داخلي مدعوم من أقباط المهجر كخط مواجهه
وبرزت الجماعات الصوفيه أيضا علي الساحه بالرغم من وجودها القديم فهي ليست بالجديده علي الساحه ولكن لم تكن بالظاهره ولكن برزت علي الساحه عندما تطلب الامر لتصبح خط مواجهه أيضا ...
وأيضا ظهر علي الساحه التيار الشيعي الموجود أصلا ولكن مطحون بين مطرقه الأمن وسندان التيار الوهابي الذي يكفر فكر الشيعه ويتهمهم بالعماله لايران ليكون ايضا خط مواجهه ...
وظهر علي الساحه أيضا ما نطلق عليه مجازا تيار لأنهم يصنفوا في خانه واحده وهو رجال الفكر والمثقفين والعلمانيين "مع التحفظ علي العلمانيين" أمثال كفايه و الغد و 14 ابريل وكثير من المسميات التي لا ترتبط بالدين ولكن يجمعها الفكر وان اختلف الدين وهذا التيار لاقي تشجيع من الاخوان في بدايته ليتصدر الواجهه في حال الصدام مع النظام ويكون القطاف منهم بعيدا عن كوادر الاخوان ليكون أيضا خط مواجهه ...
أما الأحزاب المرخص لها بالعمل رسميا من الدوله فلم يعد لها وجود علي الاطلاق بعد ثلاثه عقود من التضييق الامني والطوق المفروض علي كوادرها لتخرج تماما من المواجهه ...
وظهر علي الساحه أيضا جماعه أنصار السنه كتيار مستقل فكريا ومناوئ للاخوان مغاير لفكر الجماعات واستقطب الكثير من الشباب المعتدل ليكون تيار فعال في المواجهه ….
ولكن بين كل هذا وذاك انتشر بين العوام بصوره ملحوظه الفكر التكفيري للأخر المغاير لأنه طبقا للمعطيات التي تم حشو أدمغتهم بها أن الناس ينقسمون الي مؤمن وكافر ولا وسطيه علي الاطلاق والكافر ليس بالضروره أن يكون من المغاير في الدين كالنصاري واليهود وأصحاب الديانات الاخري بل يمتد هذا المفهوم الي الاخر الذي يدين بالاسلام ولكن يختلف في الفكر أو المذهب ممن أطلق عليهم أصحاب البدع والمنشقين عن الجماعه والرافضه والرويبضه والشيعه والقرأنيين .. الي أخره من مسميات .....
حتي النساء أصبحت التي لا ترتدي الحجاب أو النقاب كافره بعد أن كانت في السابق سافره فتم تقسيم النساء الي مؤمنه وكافره ولا وسط بينهن والفيصل هو غطاء الرأس بدون النظر الي باقي الملبس ....
والأن كل هذه الأطياف والتيارات تتنافس فيما بينها كل يهاجم الأخر ويفند عقائده وفكره ويحاول اثبات فساد منطقه ولكن كل تلك التيارات التي تموج بها الساحه يجتمعوا معا علي كراهيه النظام بدرجات متفاوته فان كان الكلام يخص النظام فكلهم معا وان كان شيئ أخر يحدث الخلاف وتظهر النزاعات والخلافات وهكذا الحال مستمر في مصر الي أن يأتي الغد وان الغد لناظره قريب فمن استطاع منهم امتطاء ظهور المصريين يستطيع أن يفرض قانونه ورؤيته الخاصه لأنه بالتأكيد هو المؤمن والمخالف له كافر والعياز بالله … والمصريون له طائعون.
مجدي المصري
التعليقات (0)