المؤتمر من أجل الجمهورية أو الصرخة العالية
في وجه الاستبداد...
• البشير عبيد
عقد حزب المؤتمر مؤتمره من أجل الجمهورية مؤتمره الوطني الأول أيام 24،25 و26 جوان/يونيو الفائت في مدينة القيروان لمناقشة التقرير المالي و الأدبي و القانون الداخلي للحزب و لتحديد مواقفه من مجمل القضايا السياسية التي لا تزال معلقة مثل المحور الاقتصادي و قضايا التحالف مع بقية الأحزاب السياسية خلال انتخابات المجلس التأسيسي المقررة ليوم 23 أكتوبر القادم. افتتح المؤتمر الوطني الأول لهذا الحزب الفاعل في الساحة السياسية التونسية، مؤسسه و رئيسه الحالي الدكتور منصف المرزوقي المناضل الحقوقي و المفكر السياسي الذي عرف بصلابة مواقفه و تشهيره اللاذع بفظائع و ديكتاتورية نظام بن على.الكلمة الافتتاحية تمحورت حول المشهد السياسي التونسي الراهن و بعث الأمل في كل فرد من أفراد الشعب الخارجي من منظومة الاستبداد..هذا الخروج من النفق لن يتحقق إلا بالنضال المستميت و بلا هوادة ضد بقايا النظام البائد و بناء مؤسسات تقوم على مبادئ السيادة للشعب و الكرامة للمواطن و الشرعية للدولة. في هذا الإطار، لا بد من كتابة عقد اجتماعي من أجل بناء اللحمة الوطنية و كتابة الدستور بشكل جماعي من كل الأطياف و الحساسيات الفكرية و السياسية لا أن تحتكرها فئة معينة من أخصائي القانون الدستوري..وهكذا نبدأ في عملية تحقيق الاستقلال الثاني و نشطب فكرة الاستقلال الوهمي اعتمادا على مبدأ ترسيخ الهوية العربية الإسلامية بعيدا عن الشوفينية و التعصب و إعادة الإعتبار للغة العربية كمقوم أساسي من مقومات الشخصية التونسية.الدكتور المرزوقي في تشخيصه للمشهد السياسي التونسي و ما تتطلبه من بدائل و برامج و مشاريع للخروج من عنق الزجاجة أكد أن هناك عدة شروط للوصول إلى بر الأمان.
- مشروع حزب المؤتمر: الدولة الديمقراطية المدنية التي تبتعد عن موبقات الدولة الدينية التي تفرض الحجاب و تكره الشعب على ممارسة معتقدات معينة و لا للدولة المدنية التي تعادي الهوية و الدين. نحن مع دولة مدنية بأتم معنى الكلمة.
- العقد الاجتماعي: اقتصاد في خدمة الجميع و دولة قادرة تحمي الحقوق و تنمي كل الجهات و تقاوم الاقتصاد الذي يشتغل على قذارة المال المشكوك في مصادره.
- الشرط الأخلاقي: الجانب ألقيمي، العروبة و الإسلام مع الدفاع عن القيم الديمقراطية و حقوق الإنسان الكونية.
في اختتام كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور المرزوقي أن هناك فرصة تاريخية فلا نهدرها و لنا الشرف في تأسيس مرحلة تاريخية حساسة تقطع نهائيا مع العهود الماضية ( إتحاد الجمهوريات العربية.. بانتصار ليبيا على الطاغية سندشن مرحلة اندماج بين الشعوب العربية في تونس و ليبيا و مصر.. لنتسلح بالصبر و الأمل ولنثق في الشعب.. علينا بالذهاب إلى الأمام، و لنحقق الأحلام الكبرى بالصبر و العمل الدءوب. نعيش، نعيش و يحيا الوطن. بعد هذه الكلمة الحماسية التي ألقاها مؤسس الحزب الدكتور المنصف المرزوقي، تداول على الكلمة ضيوف الحزب من ممثلي قادة أحزاب أخرى، لعل أبرزها حركة النهضة ممثلة في أمينها العام الأستاذ حمادي الجبالى ألذي أثني على المسيرة النضالية للدكتور المرزوقي طيلة نصف قرن، مذكرا بشعارات عرف بها الرجل حين كان يفضح نظام بن على في عواصم العالم ( حكم بن على لا يصلح و لا يصلح ). و لعل من أطرف ما قاله الجبالي في مداخلته : لو خيرت أن أكون عضوا في حزب آخر غير النهضة لا كان المؤتمر من أجل الجمهورية، نظرا لمكانته في الساحة السياسية و تشخيصه الدقيق و الموضوعي للمشهد السياسي و إعداده لبدائل مقنعة بعيدا عن أمراض الإيديولوجيا.. أما الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، فقد عرج عليها بالكلمة التالية : " هناك محاولات هذه الأيام للالتفاف على الثورة من هيئات و لجان.. إن هذا الشعب ليس قاصرا و لا مكان هنا للوصاية عليه. نفس الكلام الذي كان يسوقه بن على، يقوله الآن البعض من الطبقة السياسية.. لا وصاية على الشعب الذي هو مصدر الشرعية. إثر مداخلة ممثل حركة النهضة، تداول على الكلمة ممثلو بعض الأحزاب كالتكتل الديمقراطي من اجل العمل و الحريات ( زكية الضيفاوي) و التحالف الوطني للسلم و النماء ( عز الدين القصيبي )، و حركة الشعب الوحدوية و التقدمية. كما حظر ممثل عن المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي ألقى كلمة ضافية في ما يخص تداعيات الثورة الليبية الباسلة. كمال العيدي ممثل منظمة صوت حر الحقوقية، قدم مداخلة جيدة عن أوضاع حقوق الإنسان في عهد الديكتاتور المرزوقي باعتباره رئيسا سابقا للرابطة في سنوات الجمر من فضح و تشهير لتجاوزات أزلام النظام البائد. هذه بعض فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الأول لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي انعقد 24،25 و26 جوان/يونيو بمدينة القيروان التاريخية. ما يلحظه المرء حين يري وجوه المؤتمرين و الضيوف، القيادات و القواعد الآتية من كل الجهات هو الإصرار على مواصلة المشوار من أجل القضاء نهائيا و إلى الأبد على منظومة الاستبداد و الدخول فورا في عملة البناء الديمقراطي الذي يستلزم مجهودات جبارة و كفاءات و إرادات و عزائم لا تلين..
التعليقات (0)