الأعلان الدستوري الذي قام المجلس الأنتقالي على أساسه لقيادة ثورة 17 فبراير يوضح إن الهدف الاساسي من إنتخاب المؤتمر الوطني العام هوإختيار هيئه تأسيسية لصياغة مشروع دستور للبلاد تسمي الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، على أن تنتهي من تقديم مشروع الدستور للمؤتمر في مدة لا تتجاوز ستين يوما من انعقاد اجتماعها الأول. ويعتمد مشروع الدستور من قبل المؤتمر الوطني العام، ويطرح للاستفتاء عليه بـ "نعم" أو "لا"، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اعتماده من قبل المؤتمر، فإذا وافق الشعب الليبي على الدستور بأغلبية ثلثي المقترعين، تصادق الهيئة التأسيسية على اعتباره دستور البلاد، ويعتمده المؤتمر الوطني العام. إوذا لم يوافق الشعب الليبي على الدستور، تُكلف الهيئة التأسيسية بإعادة صياغته وطرحه مرة أخرى للاستفتاء خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما . وأعتقد أن أية تعديلات للأعلان الدستوري من طرف المجلس الأنتقالي غير مبررة او صحيحة بعد إعلات التحرير بما فيها تعديل المادة 30 وتأليف لجنة إعداد الدستور من ستين عضوا بالتساوي بين برقة وفزان وطرابلس التي تعتبرغير دستورية لأن أي تعدبل للاعلان الدستوري بعد التحرير كان يجب أن بتم بأستفتاء شعبي أو تركه للمؤتمر الوطني العام المنتخب .وعليه على المؤتمر الوطني العام الأن النظر في كل قرارات المجلس الأنتقالي وإلغاء ما يراه مخالفا لمبادئ الديمقراطية والدستورية وحقوق المواطنين بما فيها تعديل المادة 30 من الاعلان الدستوري وتساوي تمتيل الأقاليم الثلاتة الفدرالية في العيئة التأسيسية .. كما يجب إعادة النظر في الاعلان الدستوري نفسه . وقرارات المؤتمر الوطني العام دستورية بصفته مجلسا منتخبا يمثل الشعب الليبي كله .
إنتخابات المؤتمر الوطني التي جرت الأن لم تكن مبنية على عدد السكان كما يقول البعض ، والدوائر الأنتخابية وعدد المقاعد وزعت على جميع مناطق ليبيا دون إعتبار لعدد السكان ، ورأينا مدنا صغيرة في شرق ليبيا وجنوبها ممثلة بعدد يساوي عدد مقاعد المدن الكثيفة السكان في المنطقة الغربية والأكثر من هذا نواب بعض الدوائر الجنوبية فازوا بألف او ألفين صوت بينما إحتاج المرشح ليفوز في بعض الدوائر الغربية لأ كثر من 18 ألف رغم تعدد المرشحين فيها الذي زاد في بعض الدوائرعلى 150 مرشحا . وزيادة نسبة الناخبين في الدوائر الجنوبية والشرقية وخاصة في مدينة بنغازي ودرنة . ويمكن إستعراض عدد المقاعد لكل مدينة وعدد سكانها لنرى أن الاساس الذي قامت عليه لم يكن عدد السكان بل موقعها الجغراقي الأقليمي كما أتبتت الأنتخابات أن الليبيين جميعا ليسوا قبليين أو إقليميين أو متعصبين لمذاهبم الدينية كما حاول الاعلام في ليبيا والخارج ترسيخه في الاذهان ، والدليل إن الفائزين في المدن الكبيرة وخاصة في طرابلس وبنغازي أصولهم ليست من طرابلس او بنغازي بل معظمهم من المناطق والمدن الأخرى ومن الجبل الغربي، ولهذا أستغرب مناداة البعض بالتساوي بين المناطق الغربية والشرقية والحنوبية في التمثيل في المؤتمر الوطني العام ، ولا أعرف لماذا الأصرار على تقسيم ليبيا إلى ثلات مناطق غير متساوية رسم حدودها إحتلال إستعماري بريطاني فرنسي عسكري بهدف توزيعها بين ثلات دول حسب مشروع بيفن سفورزا . وقد إقترحت في مقال سابق على المؤتمر الوطني المنتخب تقسيم ليبيا إلى 11 منطقة يمكن إعتبارها محافظات في أي نظام وحدوي لا مركزي أو 11 ولاية في أي نظام إتحادي وتمثيلها بالتساوي في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، على أن يكون عدد أعضاء الجمعية التأسيسية 66 عضوا بالأختيار من طرف المؤتمر الوطني من رجال القانون والخبراء في المجالات المختلفة بمعدل 6 أعضاء من كل محافظة أو ولاية وهذه المحاقظات أو الولايات المفترحة هي الغربية ، طرابلس ، الخمس ، مصراتة ، الجبل الغربي . سبها ، أوباري ، بنغازي ، الجبل الأخضر، طبرق ، الكفرة . ويمكن إنشاء مجلس للشيوخ تمتل فيه المحاقظات أو الولايات بعدد متساو 6 اعضاء مثلا لكل محافظة أو ولاية . إلى جانب مجلس للنواب الذي ينتخب بحسب عدد السكان ، كما يجب أن يكون لكل محافظة أو ولاية محافظا أو واليا منتخبا ومجلسا تشريعيا منتخبا ولكل مدينة عميدا ومجلسا بلديا منتخبا. وهذا تقسيم منطقي وتمتيل موزع ولا أعتقد أي عاقل بعيد عن التعصب ومشروع الأنفصال يعارض مثل هذا النظام فهو أكثر لا مركزية من تلاثة أقاليم .
لقد أختار الشعب الليبي إتحاد القوى الوطنية بأغلبية مطلقة في إنتخابات الكيانات السياسية والمحتمل أن يحوز على تأييد أغلبية أعضاء المنتخبين الافراد المستقلين أيضا . الأعتقاد الذي كان سائدا هو فوز الأخوان المسلمين كما توقعت كل الأحتمالات المحلية والأجنبية إسوة بنتائج إنتخابات مصر وتونس . ولكن الأنتخابات الليبية إختلفت لأسباب كثيرة . أهم هذه الأسباب هو سلوك بعض أنصار الأخوان المسلمين والصوفيين في مصر وتونس وفي ليبيا بأتهام غيرهم بالكفار مع ان الليبيين كلهم مسلمون ومن حفظة القران ومحافظين على تعاليم دينهم دون حاجة ألى خلط الدين بالسياسة .وإتهام الليبرالي بالكفر سلوك دكتاتوري مما جعل الليبيين غير راضين على الأخوان المسلمين خاصة انهم يرتبطون بجهات خارجية وتنظيمات ألاخوان المسلمين في البلاد العربية . وكان دعم بعض البلاد العربية المعروفة بأنها أداة أمريكية للأخوان المسلمين معنويا وإعلاميا وماديا جعل الليبيين يشككون في ولائهم لليبيا . ويلاحظ المراقب السياسي أنه رغم إختلاف نتائج الأنتاخبات بين ليبيا ومصر إلا أن تشابه إنقسام الناخبين كان كبيرا . ففي مصر لم يستطع ثوار ميدان التحرير لعب دور هام في الانتخابات لعدم وجود تنظبم حزبي أو هيكلي سياسي لهم وتوزعهم بين الأحزاب والمرشحين المستقلين مما عاق نجاحهم ، وفوز فريقين يتمتعان بتنظيم حزبي منتشر في مدن مصر وقراها منذ عقود في إنتخابات الأعادة بين السيد محمد مرسي ممثل الأخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق ممثل الليبراليين وأنصارالفريق الاصلاحي لحكم الرئيس مبارك الذين رغم تولهيم لمسئوليات رئاسة الحكومة والوزارة في نظام مبارك إلا أنهم كانوا غير راضين على تصرفات الرئيس مبارك ودوره في إنتشار الفساد وكانوا يؤيدون جمال مبارك ليحل محل والده وتطهير النظام من العناصر الفاسدة . ولكن جمال مبارك عندما قامت ثورة 27 يناير وقف دفاعا عن والده ضد الثورة فكسب عداوة الثوار وخسارة أنصاره الاصلاحيين في نظام والده الذين إنشقوا عن النظام وإنضموا ألى ثوار التحرير وثورة 27 ينلير، لكنهم بقوا يتمتعون بتأييد اعضاء الحزب الوطني المنحل وانصاره. وقد قارب أحمد شفيق ممثل هؤلاء الأصلاحيين بما فيهم اعضاء المجلس العسكري للقوات المسلحة على الفوز بحصوله على 49% من الناخبين . لكن الفائز كان السيد محمد مرسي ممثل الاخوان المسلمين بحصوله على 51% من أصوات الناخبين ، وقيل إن ذلك ثم بضغط أمريكا على المجلس العسكري بعدم التدخل ضد الأخوان المسلمين كما كان متوقعا أثناء إعادة عد الأصوات . وتأييد الأمركيين لنجاح الأخوان في ثورات الربيع العربي يرجع إلى دخولهم في إتفاقيات سرية مع زعمائهم يأحترام الأتفاقيات مع إسرائيل المحور الهام للسياسة الامريكية في المنطقة وإحترام حقوق الأنسان والأقليات والرعايا الاجانب والسوق الحرة والأستتمارات والشركات الغربية . وفي ليبيا حدث نفس الشئ فرغم أن ثوار 17 فبراير الليبية تمسكوا بسلاحهم إلا أنهم لم يكن لهم تنظيم مستقل موحد . وقد ناديت الثوار في تعليقاتي منذ ظهور أزمة تسليم الثوار لسلاحهم بالدخول في تنظيم واحد بدلا من بقائهم منقسين بين المدن وكتائب مستقلة ولكنهم إستمروا منقسمين مما أدى إلى خروجم من عملية الانتخابات كما حصل لثوار التحرير في مصر وتوزعهم بين الأحزاب والمرشحين المستقلين العديدين . وقد أدى هذا ألى تركهم الميدان لفريقين منظمين هما الأخوان المسلمين والليبراليين وإنضم إليهم المنشقين عن القذافي بما فيهم انصارحركة الأصلاح التي كان ينادي بها سيف الأسلام القذافي والذين تخلوا عنه بعد وقوفه مع والده ضد ثورة 17 فبراير مما عرضه كجمال مبارك لعداوة الثوار وتبرأ منه أنصاره الذين أنشقوا علي نظام معمر القذاقي وإنضموا إلى ثورة 17 فبراير ، ومن هؤلاء الدكتور محمود جبريل زعيم الليبراليين الليبيين والشيخ مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي وغيرهما المتواجدين في المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي والحكومة المؤقتة وفي معظم الوظائف الرئيسية في الدولة . . وقد أختلفت نتيجة الإنتخابات الليبية عن الانتخابات المصرية بفوز الفريق الثاني وفشل الاخوان المسلمين في الحصول على أغلبية الهيئات السياسية بفارق كبير مما تعذر على الأمريكيين تقديم أية مساعدة لهم كما فعلوا مع الأخوان المسلمين في مصروقبولهم في ليبيا بفريق الليبراليين الفائز . والنقطة الأخيرة التي أود إثارتها هو أنه رغم قرار الشعب الليبي بأختيار الليبراليين وإشادة وإجماع العالم ساسة وإعلاما وشعوبا على نزاهة الانتخابات ونجاحها إلا أن بعض الأصوات الليبية والعربية ومنها المتزمتة أخذت تشكك وتتهم الليبراليين الفريق الفائز بأنهم من أنصار القذافي أوصوتوا لشخصية الدكتور محمود جبريل وهذا إهانة لقرار الشعب الليبي فاغلبية الثوار ضد القذافي من الشباب الليبرالي والشعب الليبي ليس بسيطا لينقاد لشخص واحد دون إعتبار للمبادئ وسياسات الكيانات العديدة التي يتكون منها إتحاد القوى الوطنية . ومن الغريب إن بعض المحطات التلفزيونية العربية والأجنبية تشجع هذا التشكيك تحت ستار تكرار النقاش في هذا الموضوع في برامجها بهدف التهويل وأثارة البلبة ووضع العراقيل أمام المؤتمر الوطي العام . ويجب أن تسكت هذه الأصوات وتقبل إختيار الشعب لنوابه وأن لا تسمح للجهات الأجنبية والعربية بالتدخل في شئون الشعب الليبي الذي رسم سياسته بالتركيز على الشخصية الليبية قبل الأهتمام بالسياسات العربية والأفريقية والاسلامية والأيدولجيات المختلفة .
التعليقات (0)