مواضيع اليوم

المؤتمر الوطني لإصلاح النيابة العامة

ممدوح الشيخ

2010-06-27 23:06:08

0

 

ممدوح الشيخ

mmshikh@hotmail.com


طرأت لذهني منذ أن بدأت أزمة المحامين والقضاة أن ثمة حاجة ماسة لمؤتمر وطني لإصلاح النيابة العامة، فاستقلال القضاء أجندة لها من يحمل همها – حتى لو لم كانت النتائج حتى الآن أقل من المامول – والشرطة أصبح آداؤها موضع رقابة حقوقية أكبر وأكثر تأثيرا، أما النيابة العامة فلم يحمل هم تطويرها وإصلاحها أحد.

وفي لقاء مع منتصر الزيات المحامي بمكتبه طرحت الفكرة بحضور الصديق عصام عامر رئيس تحرير جريدة الديار الأسبوعية. وفي نهاية اللقاء انتقلنا لمكتب أحد رجال القضاء السابقين لأشهد محاولة لحل الأزمة بحضور الأستاذ عصام الإسلامبولي المحامي المعروف. فتح منتصر الزيات موضوع المؤتمر فتحمس لها الأستاذ عصام الإسلامبولي جدا وخرجنا من اللقاء متفقين على ترتيببها في أقرب وقت من خلال مركز المستقبل للدراسات الذي شاركت منتصر الزيات تأسيسه قبل سنوات.

وما أتصوره أن ينعقد مؤتمر تشارك فيه وزارة العدل والنقابة العامة للمحامين ونادي القضاة والمجلس القومي لحقوق الإنسان وجمع من الشخصيات العامة ذات الصلة. ومع تصاعد دعوات الإصلاح – وحركات الاحتجاج – من القوى السياسية والفئات المختلفة يبدو ملحا فتح ملف وضع النيابة عموما: استقلالها – حدود دورها بين التوسيع والتقسيم والتقليص. ومناقشة ما إذا كانت هناك مشكلة في الموارد البشرية أو في تضخم المهام.

وهل هناك حاجة إلى التوسع في النيابات المتخصصة؟

والسؤال الأهم هم ما إذا كانت هناك حاجة إلى عودة نظام "قاضي التحقيق".

وقد أصبح ملف العلاقة بين النيابة والشرطة من ناحية وبين النيابة والمحامين من جهة أخرى بالعديد مما تجب مناقشته، وقد رأيت بنفسي في تجربة شخصية كيف يتم إفساد تحقيق رسمي في النيابة العامة وكيف يصدر قرار حفظ في قضية بالمخالفة للقانون ويصبح إلغاؤه بالطريق القانوني أقرب إلى المستحيل بسبب التحصين المبالغ فيه لقرارات النائب العام ونوابه ضد الطعن عليها فضلا عن المشقة الشديدة التي يتطلبها الطعن على هذه القرارات.

ومن ناحية أخرى من الملاحظ أن رجال القضاء ليسوا فوق المساءلة ويعلن من آن لآخر عن معاقبة قاضٍ أو حتى سجنه لمخالفة القانون، والأمر نفسه يحدث لرجال الشرطة – حتى لو كانت العقوبات التي توقعه عليهم أقل مما يحقق العدالة – أما رجال النيابة فلا أذكر أنني قرأت ما يشير إلى محاسبة أحدهم وكأنهم ملائكة، وهذا الواقع الغريب يطرح تساؤلا مشروعا عن "تفتيش النيابات" ودوره ومدى إتاحة المعلومات عن عمله.

والنظر في أمر صلة النيابة العامة بالسلطة التنفيذية من أهم قضايا إصلاح النيابة العامة، فدورها – الذي يرى قانونيون كثيرون أنه أوسع مما ينبغي يتطلب تقييد عملها بنوعين من القيود: من أعلى بوضع ضمانات صارمة لتحصين رجالها من ضغوط السلطة التنفيذية، ومن أسفل بتسهيل إجراءات مخاصمة النائب العام ووكلائه، ومنح أطراف عملية العدالة مساحة أوسع.

وبطبيعة الحال سيطرح المؤتمر قضية العلاقة بين النيابة العامة وشركائها: القضاة والمحامون ورجال الشرطة، ومن المؤكد أن الاستعانة بتجارب الأمم الأخرى لا يقل أهمية عن الاستماع لشكاوى الأطراف المختلفة ومطالبها، مع طرح المشروعات التي أطلقتها منظمات حقوقية لإصلاح النيابة العامة

وقد شهدت السنوات الماضية بمعدل ملحوظ انتقال رجال شرطة إلى صفوف النيابة العامة، وهو ما يقلق كثيرين!! وهمسا عن عملية "توريث" لوظائف النيابة العامة، وعليه فإن الأهمية الكبيرة للنيابة العامة ودورها في نظامنا القانوني يفرض إعادة النظر في معايير اختيار رجال النيابة العامة لمنع السلطة التنفيذية من السيطرة عليها – حتى لو تمت السيطرة بقفاز حريري – ولمنع ظاهرة التوريث من أن تتوسع لتصبح المؤسسة شبكة من العلاقات العائلية.

وإذا كنت أدعو إلى مؤتمر وطني لإصلاح النيابة العامة – وآمل أن ترى الفكرة النور قريبا – فإنني آمل أن تكون مناسبة للدعوة لانعقاد "مؤتمر العدالة الثاني"، وفاء لذكرى رجل اسمه المستشار يحي الرفاعي رحمه الله رحمة واسعة.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !