إنتخاب المجالس النيابية على أساس فردي ليس ديمقراطيا لانه ياتي بنواب يمثلون مناطق ومصالح ولا يمثلون سياسات عامة تخدم الشعب في مجموعه . لهذا عندما يجتمع هؤلاء النواب المنتخبون على أساس فردي تنقسم أصواتهم ولا يتفقون على سياسة واحدة لان لهم مصالح فردية وأقليمية . هذا ما حدث في النظام الملكي الليبي بعد ألغاء الأحزاب فقد أصبح الانتخاب بالنظام الفردي فرأينا نوابا جاءوا ألى المجلس وهمهم الوحيد هوخدمة مصالحهم الخاصة والحصول من الحكومة على اكبر قسط من المزابا المالية وينحصر تفكيرهم على ماذا تقدم الحكومة لمناطقهم إرضاء للناخبين ،اما سياسات الحكومة فلا ينتبه إليها النواب سوى الحزبيين غير الرسميين الذين يدخلون البرلمان على أساس فردي لكن ببرنامج حزبي ويتضح هذا حال أجتماع المجلس فهؤلاء يتكلمون بصوت واحد . في مثل هذه المجالس المنتخبة على اساس فردي يتم التصويت في أختيار هيئة المجلس والحكومة على اساس مناطق أو أساس علاقات بين النواب ومجاملات ويجد النائب نفسه غير ملزم لأختيار شخص معين متفق علية بل يصوت حسب ما تمليه عليه مصالحه الخاصة والأقليمية وعلاقاته مع زملائه . وبهذا يتم إختيار الشخص غير الملائم للمنصب . الأنتخابات الديمقراطية تجري على أساس سياسات وليست على أساس شعبية النواب في مدنهم او قبائلهم أو على فلوسهم . الأنتخاب على أساس فردي هو تفويض نواب على بياض أي أن الأمر متروك لهم حسب مزاجهم وليس على أساس سياسلت معينة يفرضها الحزب على أعضائه واذا خالف سياسة الحزب فقد تأييد دائرته . . المؤتمر الوطني الليبي الذي انتخبناه أخيرا إنتخب معظمه على أساس فردي ولهذا لا أحد يستطيع ان يتنبأ بما في عقول النواب سوى المصالح والأقليمية . لقد أتبت الأنتخابات أن الشعب الليبي غير إقليمي أو قبلي فقد فاز بعض الأعضاء قي غير مناطقهم . لم يعلن المستقلون عن تفضيلهم لهّذا الحزب أو ذاك وما هي السياسات التي يختلفون فيها مع هذا الحزب أو ذاك فهم صندوق مغلق لا نعرف محتواه . لقد لعب الأعضاء المنتخبون على أساس فردي دورا أساسيا في إنتخاب هيئة المجلس والحكومة . فقد تقدم من المنتخبين على اساس الفردي أكثر من مرشح وتقدم حزب العدالة بمرشحهم والتحالف بمرشحهم . كان متوقعا أن يخرج مرشح حزب العدالة في الأقتراع الأول لأن ممثليه أقل من مرشحي حزب التحالف وتقدم المستقلون بأكثر من مرشحح لهذا كان متوقعا أن لا يفوز أحد بأغلبية أعضاء المجلس في الأقتراع الأول . وأقتصر الأقنراع الثاني على مرشحي التحالف والمستقلون وكان طبيعيا ان يصوت انصار مرشح حزب العدالة الذين لم ينجح مرشحهم لمرشح المستقلين نكاية بمرشح التحالف وهكذا فاز مرشح المستقلين . والسيد محمد المقريف لم يكن مرشحا لأحد الحزبين الكبيرين وعدد اعضاء حزبه لا يسمح له بالدخول على أساس برنامج حزبه فدخل على قائمة المنتخبين على اساس فردي وتحصل على عدد كبير منهم في الأقتراع الأول مما مكنه من الفوز في الأقتراع الثاني نظرا لتصويت اعضاء حزب العدالة الذين خرج مرشحهم من السباق له نكاية بمرشح التحالف .والسيد محمد المقريف ليس من الأخوان المسلمين كما يقول البعض وهو لمن يعرفه أبعد أعضاء المجلس عن التيار الأسلامي . وهو على كل حال كان أحسن المرشحين خبرة وتاريخا مليئا بالكفاح ضد الطاغية . . نفس الشئ حصل في إنتخابات رئيس الوزراء فخروج مرشح حزب العدالة في الأقتراع الأول جعل التنافس محصورا بين مرشح المستقلين ومرشح التحالف في الأقتراع الثاني وكان طبيعيا أن ينضم أنصار مرشح حزب العدالة ألى مرشح المستقلين لهزيمة أنصار التحالف وهذا ما كان . هذا السلوك أتبت أن معظم الأعضاء المنتخبين على أساس فردي لم ينضموا الى أحد الحزبين الكبيرين وفضلوا الوقوف ككتلة ثالتة . لكني لا أعتقد أن هذا النهج للمنتخبين على أساس فردي سيتكرر في مناقشة سياسات الحكومة لأن المصالح الخاصة والأقليمية ستحدد مواقفهم وستضطر الحكومة لأرضائهم تحت الطاولة لتمرير أية سياسة أو تشريع لأنهم لا يرتبطون ببرنامج حزبي محدد يفرض عليهم إتباعه . وسيتكرر الوضع الذي كان سائدا في العهد الملكي بعد إلغاء الأحزاب مع إختلاف واحد وهو أن النظام الملكي كانت ترعاه سلطة أخرى هي الملك الذي يحترمه الجميع وهو يحرص على التوازن بين الحكومة والبرلمان وفقا للمصلحة العامة وما يراه صالحا .
كما أن المؤتمر الوطني أتبت أنه لا يعكس رأي المواطن العادي والرأي العام المتمتل في ما ينشر في الأعلام ويقال في الشارع ولكنه يتحرك وفقا لتوازنات بين الكتل البرلمانية كما فعل في إنتخاب أعضاء هيئته ورئيس الحكومة دون إعتبار لرأي المواطن . فالمرشحان الرئيسيان لمنصب رئيس الحكومة كانا موضع إنتقاد شعبي وأعلامي وطالب الكثيرون بمسائلة المجلس التنفيذي الذي يرأسه السيد محمود جبريل والحكومة المؤقتة التي يتولى نيابة رئاستها الأولى السيد مصطفى أبو شاقور. ورغم أن السيد محمود جبريل لم تتح له الفرصة لممارسة مسئولياته الداخلية قبل إستقالته لتفرغه لمساعيه لضمان التأييد الدولي لثورة 17 فبراير، وقد نجح في هذا ألى حد بعيد ووجوده معظم الوقت خارج البلاد جعل المجلس التنفيذي الذي كان يرأسه يعمل بتوجيه رئيس المجلس الأنتقالي في غيابه ، ولهذا قد لا يكون مسئولا عن أعمال المجلس التنفيذي . أما السيد مصطفى أبوشاقور فهو النائب الاول لرئيس الحكومة المؤقتة ومسئول ضمنا عن عملها وإخفاقها وإنتخابه رئيسا للحكومة الجديدة معناه أعطاء الثقة لحكومة السيد عبد الرحيم الكيب والاشادة بمنجزاتها ورفض إتهامها بالأخفاق أو بالتقصيرأومحاسبتها على الفترة التي تولت فيها الحكم ، وأعطاء الضوء الأخضر للسيد أبو شاقور لتعيين بعض زملائه في الحكومة المؤقتة في حكومته الجديدة . وستكون حكومته مجرد تعديل للحكومة المؤقتة وليست حكومة جديدة كما كان الشعب يأمل وهي إستمرار للنهج الذي سلكته الحكومة السابقة لأنه لو كانت للسيد أبو شاقور سياسة معينة لأقترحها وهو نائب رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة .
التعليقات (0)