بسم الله الرحمن الرحيم
تشكّلت لجنة الإصلاح من قبل الهيئة السياسية للتحالف الوطني العراقي منذ ما يقرب من عشرة أيام، وعكفت على عقد سلسلة اجتماعات متوالية في هذه الفترة القصيرة. أربعة اجتماعات عُقِدت، وناقشت أوراق العمل المطروحة من قبل الأطراف كافة من دون أن تستثني ورقة من الأوراق، أو تستثني الاستماع إلى أيّ طرف بحسب الأوراق التي دُوِّنت، ووصلت إليها سابقاً، وعقدت العزم على أن تواصل لقاءاتها مع الأطراف كافة مستفيدة ًمن التجارب السابقة.
لجنة الإصلاح كانت تجتمع - الحمد لله - بكامل أعضائها من خلال هذه اللقاءات إلا يوم أمس كان أحد الإخوان قد تأخر؛ بسبب سفره، وتعطـّل في الطريق.
لجنة الإصلاح تؤكد أنها تصرّ على أن تتحرّك في الفضاء الوطنيّ العراقيّ، ولا تختزل مهمتها بأيّ قائمة، أو كتلة، أو أن تكون واجهة لأيّ طرف إنما تصرّ على أن تتعامل بالأفق الوطنيّ، وتحمل هذه الأمانة من قبل كل الأطراف، وبمساعدة الجميع، وستجعل الباب مفتوحاً أمام الحوارات بين هذه الأطراف، وتعتقد أنها ما إن تبادر إلا وستـُثري ورقتها العملية من النقاشات مع الأطراف الوطنية العراقية كافة، ولا نستثني أحداً.. النقاش والحوار هو صمام الأمان الذي يُثري هذه الورقة، ويضفي عليها طابعاً تنفيذياً؛ لذا خلصت لجنة الإصلاح يوم أمس بكتابة البيان الذي سأتلوه عليكم بعد قليل، وقد عبّر جميع الأطراف عن التزامهم بهذه الورقة، والانطلاق منها، والانفتاح من خلال الحوار الذي تزمع لجنة الإصلاح فتحه مع الأطراف الأخرى؛ حتى تنضج الورقة النهائية..
إجابات رئيس لجنة الإصلاح في التحالف الوطنيّ العراقيّ الدكتور إبراهيم الجعفري عن أسئلة الصحفيين بعد إعلانه بيان اللجنة:
- دولة الرئيس.. هل ستصبح هذه الورقة بديلاً عن ورقة أربيل، والشركاء يبحثون عن ضمانات، هل ستحمل لجنة الإصلاح بعض الضمانات للشركاء؟
الجعفري: هذه الورقة ليست بديلة عن الأوراق إنما تقوم بعملية الاستفادة واستخلاص الأوراق الأخرى، لكن كأصل هو الورقة التي طرحها الأخ رئيس الجمهورية، وكذلك التحالف الوطني، واجتماع أربيل، ثم اجتماع النجف، وجاءت فيما بعد أوراق أخرى وملاحظات.
هي ليست ورقة بديلة إنما ورقة تعنى بعملية التأشير على المشتركات بين كل الأوراق وهي المسلمات الدستورية والديمقراطية في البلاد، وفي الوقت نفسه تعِد بأن تنفتح، ولا تختنق بأي ورقة، أو تنغلق على الأوراق الأخرى.. هذا هو جوهر البيان الذي خرجنا به يوم أمس.
- في وقت مضى طرح السيد مقتدى الصدر ورقة فيها ثماني نقاط.. كيف تعامل التحالف الوطنيّ مع النقاط التي طرحها السيد مقتدى الصدر؟
الجعفري: أشرت في السؤال السابق إلى أننا سننفتح على كل الأوراق من دون استثناء.. لا يوجد رفض مسبق لأيّ ورقة من الأوراق، ولا فرض من أيّ ورقة على مسيرة التحالفات الأخرى.
أعتقد أن العملية التي نحن بصددها هي عملية وطنية ترقى إلى حجم العراق كله، فمن غير الصحيح أن نغفل أيّ ورقة، ومن غير الصحيح أن تـُفرَض أيّ ورقة دون بقية الأوراق الأخرى.
الحوار سيتسع للأطراف كافة خصوصاً أنهم مساهمون في العملية السياسية، ولهم حجومهم في البرلمان، والحكومة، وفي تاريخ العراق والتضحيات، وغيرها، فلكل هذه الدواعي سننفتح على الجميع، ونحن في التحالف الوطني نعتقد اعتقاداً جازماً بأن مبادرته لا تستثني أحداً من المخاطبة، والمقاربة معه؛ لأن العراق بحاجة إلى كل أبنائه وبناته من القوى السياسية كافة.
- كيف تجدون تجاوب الكتل السياسية أو الأطراف الأخرى المشاركة في العملية السياسية، وقناعتهم بورقة الإصلاح أو لجنة الإصلاح خصوصاً أن هناك كتلاً تطالب بتنفيذ المقرّرات التي نتجت عن الاجتماعات السابقة؟
الجعفري: منذ وقت مبكّر، ونحن كنا نرشّح بعض هذه التوجّهات التي وردت في الورقة لبعض الأطراف، وكانت تلقى استجابات إيجابية جيدة، وأغلب الكتل تعلم أن التحالف الوطنيّ يُصرّ على الحوار كبديل.
اختلافنا مع الإخوة في أربيل إنما في الرؤية فقط، ولم يتعدَّ أن نتهم أحداً بأنه خرج عن الدستور والبرلمان. ما طـُرِح في أربيل من سحب الثقة أو الاستجواب لم نكن نتفق معه، لكن لا ينبغي أن نسمح لأنفسنا بأن نتهم أحداً، إنما هي وفق الدستور
- بالوقت نفسه - سمعنا صوتاً آخر، وهو عملية حلّ البرلمان، أو الإسراع بالانتخابات، وهذ نحن لم نتفق عليها، لكنه وجهة نظر محترمة، فهناك فرق بين أن نتقبّل وجهة النظر، ونحترمها، وبين أن نرفضها، ونشجبها.
نحن لا نرفض وجهات النظر إنما نرفض شيئاً واحداً وهو حين يلوح في الأفق مبادرة لتدخـُّل أجنبيّ، أو استخدام الدبابة والسلاح لفرض وضع أو نظام سياسيّ.. سنقاوم ذلك، ونرفضه وماعداه فكل الخيارات الدستورية مفتوحة.
التحالف الوطني عندما توقـّف عند هذه الصور المطروحة على المسرح ليس عَيّاً، ولا مشلولاً عن أن يقدّم البديل..
السؤال: ما هو البديل؟
نحن نعتقد، ومنذ وقت مبكر، وقد قلنا، وعملنا: إن النقاش والحوار المفتوح هو الحلّ، وبدأناه منذ زمن طويل حتى قبل مبادرة الأخ رئيس الجمهورية، وطـُرحت ورقة التحالف الوطنيّ على بعض الأطراف، وأيّدوها، وبقينا نتواصل مع بقية الأطراف، وكنا نقول بكل صراحة: الحوار الوطنيّ هو الرحم الذي ينجب الوليد الذي نتطلع إليه جميعاً، ونأخذ بمسار العملية السياسية من الأزمات الموجودة إلى المبادرة والإعمار والبناء والتنمية.
- كيف تنظرون إلى دعوة بعض الأطراف الراغبة في الدخول بلجنة الإصلاح من خارج التحالف الوطنيّ؟
الجعفري: لغة الإصلاح هي آلية اتـُفِق عليها في داخل التحالف الوطني، لكنها ليست بمعزل عن بقية الأطراف والكتل والتحالفات الأخرى، حين نشرع في اللقاءات قريباً مع التحالفات الأخرى سنعثر على الكثير من وجهات النظر التي تستدعي بلورة وإعادة نظر، وكما يقولون: الحقيقة بنت الجدل.. فعندما نتحاور، ستتبلور الكثير من النقاط، وسنأخذها، وننفتح عليها.
لم تقتصر لجنة الإصلاح على نفسها إنما ستضم أعضاءً آخرين؛ حرصاً منها على أن تخاطب الأطراف المعنية بمن يتفهّم من هذا الطرف وذلك الطرف، ومن يكن قريباً إلى عقله وإلى قلبه؛ لأننا نريد بشكل جديّ أن نصل إلى نتائج من دون أن نجعل القضية قضية تغالب، لسنا مع معارك الغلبة؛ لأننا نعتقد أن معركة الغالب والمغلوب يكون الطرفان فيها خاسرين، ولا رابح فيها.
نعتقد، ومتمسكون بذلك بأننا ينبغي أن نحرص على التحرّك على المشتركات الوطنية، وسنجد - إن شاء الله تعالى - تلقـّيات ممتازة من الأطراف كافة، وكلما اتسعنا بالعمل سنتسع إلى مشاركة الآخرين كذلك.
- من خلال هذه النقاط الثلاث وضعتم، أو هيّأتم الخطوط العريضة لتنفيذ الإصلاح السياسيّ.. هل تعتقدون أنه بوجود هذه النقاط الثلاث انتفت الحاجة إلى عقد الملتقى الوطنيّ أم أنتم تعتقدون أن الملتقى الوطنيّ هو المكان الملائم لمناقشة هذه الإصلاحات عبر الحوار السياسيّ مع الكتل الأخرى.
الجعفري: منذ البداية انطلقنا، وركزنا على ضرورة عقد الملتقى الوطني أو الاجتماع الوطني. منهم من سمّاه الاجتماع الوطني غير أنه أعقبت تلك المحاولة سلسلة لقاءات هنا وهناك؛ مما حدا بالتحالف الوطني إلى أنه يفرز بشكل جديّ هذه اللجنة..
لدينا مجموعة أهداف إن تمكنا من تحقيقها - إن شاء الله - فنحن ماضون حتى تحقيقها جميعاً، وعندما تستدعي الحاجة لعقد اجتماع، فنحن نعتقد أن الملتقى الوطني والاجتماع الوطني الذي يضم كل الفرقاء السياسيين هو الممارسة الحضارية والإنسانية والدستورية التي تسند العملية السياسية، فلا يوجد لدينا أي غضاضة، ولا أي امتناع، ولا أي تحسّس من أن نعقد الملتقى الوطني بأوسع مشاركة ممكنة.
- هل هناك سقف محدّد لعمل لجنة الإصلاح خصوصاً أننا عرفنا أن الوقت المتبقي المحدّد لانتهاء الدورة الحالية قليل؟
الجعفري: مبدأ السقف الزمني مطروح في لجنة الإصلاح، لئلا تكون النهايات سائبة، وقد طـُرحت عدة وجهات نظر، قد تكون شهراً أو أكثر أو أقلّ..
انتهينا إلى شيء من خلال حوارنا مع الكتل الأخرى بأن نحدّد الزمن بالمشاركة مع إخواننا، والذين يشاركوننا في العمل السياسيّ.
- ما هي الآليات التي اعتمدتموها في التحالف الوطني لمناقشة النقاط الخلافية مع الكتل الأخرى؟
الجعفري: باعتبار أن التحالف الوطنيّ يحمل المبادرة من جانب، ومن جانب آخر لا يريد أن يحتكر، ويريد أن يضفي على أدائه أداءً وطنياً عراقياً من دون شك سينفتح على بقية الأطراف بتشكيل اللجان التي تباشر في عملية الحل، وتحاور الأطراف الأخرى سواء كان طرف الإخوة في التحالف الكردستاني، أو الإخوة في العراقية.. من دون شك سيوسّع المشاركة داخل الكتل، وعندما يتسع أكثر فأكثر ستتشكل آليات مشتركة حتى مع بقية القوى الأخرى؛ لأننا نحمل أهدافاً كبيرة ينوء بها أي طرف مهما بلغ من القابليات.
إنما الصواب أن نستعين - بالله تبارك وتعالى - وإخواننا من الكتل كافة؛ ليشاركوا في هذه العملية، وأنا أعتقد اليوم أن كل المحاولات التي طـُرحت اتسعت لكل الأطراف.
سنتسع لكل الأطراف، ولا نستغني عنها، والشخصيات التي تساهم في اللجان ستجد أبواب اللجان مفتوحة، ومطالب منهم أن يساهموا في إثراء عمل اللجان.
- ما أبرز المشاكل التي طـُرحت ضمن محاضر اجتماعات لجنة الإصلاح؟
الجعفري: المشاكل كثيرة، وليس سراً على أحد.. قسّم الإخوة الأعضاء في لجنة الإصلاح المشاكل من عدة زوايا، من زاوية الأهمية، وأخرى من زاوية مدى إمكانية تنفيذها وتجاوزها سواء كان مشاكل مُلحة أو طموحات معطـّلة؛ فقسمت على أنها آنية الأمد، وبعيدة الأمد.
لنكن واضحين وصريحين، من أبرز أمثلتها مسألة الحقائب الوزارية الأمنية، لا تحتاج إلى مزيد من الوقت، عندما يتفق الفرقاء فيما بينهم من خلال الحوارات على الاهتداء إلى صيغة لحسم ملف وزارة الدفاع ووزارة الداخلية فهذا الأمر طبيعيّ، ربما يحتاج بعضها إلى بعض الوقت كالمجلس الاتحاديّ، وما شاكل ذلك، لكنه ضروري وضروري حسمه، ومن الآنيات النظام الداخليّ للحكومة والنظام الداخليّ للبرلمان.
البعض يرى ضرورة إجراء بعض التعديلات في الدستور. هذا أمر ليس آني الأمد إنما بعيد الأمد، ليس من السهل إجراء هذه الأمور من دون تهيئة أجواء ومناخات سياسية من شأنها أن توفر فرصة لتحقيق أي شيء، أو تعديل أي شيء، وهذا ليس فقط عندنا بل في كل العالم، وقد تقدمت مقترحات لتعديل دستور من دون أن نتجه – لا سمح الله - بالتعديل باتجاهات خاصة إنما الصالح العام.. هذا ما لا يمكن تحقيقه على المدى الآني أو المدى المتوسط.
الحقائب مليئة بالأولويات، ظاهرة الفساد المتفشّي في بعض مؤسسات الدولة، وقضية التوازن الدستوريّ أو الاجتماعيّ، إلى الاختلافات بين الكتل، وكل يدّعي، ويدافع عن وجهة نظره.. هل التوازن توازن دستوريّ أم توازن لا دستوريّ.. هذه الأمور كلها طـُرحت، وتوجد طموحات معطـّلة.
أرجو أن لا يُفهَم منها أن لجنة الإصلاح ردة فعل آنية على الأمور الموجودة.. هذا لا ننكره، توجد ردة فعل انطلاقاً من مواجهة أزمة لابد من تحديد آليات لحلها.
أما المبادرة، أو الفعل الذي ننشده منذ زمن بعيد فهو مواكبة عملية بناء الدولة العراقية من البنية التحتية في المجتمع صعوداً إلى البنى الفوقية في دوائر الدولة كافة (مستوى الخدمات، ومستوى الكهرباء، والبطالة يجب أن نقلصها إن لم نلغِها، مسألة ظاهرة التصحّر، والأزمات مع دول المنطقة) كل هذه الطموحات معطلة.
نعتقد أن التحالف الوطني من خلال آليته آلية الإصلاح سينتقل من الاستهلاك في الأمور والأزمات المحلية إلى الانفتاح لتحقيق أهداف كبيرة تخصّ كل العراقيين؛ عندئذ سيشعر الفرقاء السياسيون العراقيون أنهم بأمسّ الحاجة لاستيعاب بعضهم البعض الآخر..
نحن لا نستغني عن أحد؛ لأن المهمة كبيرة، والحمل ثقيل، ووعي ثقل السؤولية يستدعي بالضرورة أن لا نستغني عن أحد.
التعليقات (0)