المؤتمر الدولي الأول لجمعيات المجتمع المدني بالرباط حول موضوع "قيم المواطنة وتحالف الحضارات"
الرباط: عبد الفتاح الفاتحي
افتتحت أشغال المؤتمر الدولي قيم المواطنة وتحالف الحضارات المنعقد بالرباط، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويهدف هذا المؤتمر إلى تكريس مبادئ حفظ السلم الاجتماعي والدولي.
وتميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول لجمعيات المجتمع المدني لمدينتي الرباط وسلا بحضور شخصيات وازنة من عالم الفكر والسياسية، استدعيت لتقديم أبحاث ودراسات في محاور الوحدة الوطنية وتحديات الإرهاب والانفصال، الضوابط القيمية والتاريخية للمواطنة العصرية، مقومات الهوية الوطنية للجاليات المغربية في الخارج، الخطاب الإعلامي وخدمة قضايا المواطنة. دور الجامعة في تعزيز قيم الانتماء الوطني...
في تصريح صحفي أكد المنسق العام للمؤتمر الدكتور مصطفى الزباخ أن المؤتمر الذي تنظمه على مدى ثلاثة أيام عشر جمعيات من المجتمع المدني بالرباط وسلا، يجسد رغبة المجتمع المدني للانخراط في تعزيز رسالة قيم المواطنة وتحالف الحضارات بعدما ظل موضوع تحالف الحضارات حكرا على المؤسسات الرسمية للدول والمنظمات الدولية.
وأضاف أن هذا المؤتمر الذي نظم بدعم عدد من المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية كالإيسيسكو ومكتب التربية العربي لدول الخليج وقطاعات وزارية وإعلامية وطنية.
أشارت السيدة لطيفة أخرباش كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى أن تحالف الحضارات " أداة لتدبير الاختلاف عبر إرساء حكامة ثقافية عالمية جديدة، تستثمر عبر خطط وطنية دقيقة تشاركية في ثقافة السلم والوئام والتعايش"، مؤكدة أن لهذا التحالف الفضل في تعبئة جهود المجتمع الدولي من أجل التصدي لتزايد التقاطب الثقافي والتطاحن العرقي والصدام العقائدي.
وذكرت أخرباش أن انخراط المغرب في مجهودات المجتمع الدولي لترسيخ قيم الحوار والتفاعل الثقافي كانت متواصلة. وأضاف أنه على غرار مفهوم المواطنة التي تؤطر المجتمع وتحميه من التنافرات الداخلية، فإن كل تحالف للحضارات يسلم بالاختلاف ويتجاوزه كي يستوعب التعدد الثقافي، ويبني روابط بين الحضارات على أساس قبول الآخر كما هو، قادر على ضمان تفاهم الشعوب وتضامنها وانبثاق المواطنة العالمية وسموها".
وأكد الدكتور بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( إيسيسكو) في كلمته أمام المؤتمرين أنه أمام تصاعد موجات العنف والكراهية والعنصرية في عالم اليوم، تتعاظم أهمية تضافر الجهود من أجل نشر ثقافة المواطنة الرشيدة المنفتحة، وتعزيز الحوار بين الثقافات.
وأضاف، أن قيم المواطنة قيم كونية، وأن تحالف الحضارات قضية إنسانية، أن المؤتمر يكتسي أهميته من حيث كونه ربط بين المواطنة و تحالف الحضارات، مؤكدا أن ما يزيد من أهمية هذا " الربط المنهجي أنه يتزامن مع التطورات الإيجابية المتميزة التي تشهدها المملكة المغربية في هذه المرحلة التي يقود فيها جلالة الملك محمد السادس مسيرة التطوير والتحديث وترسيخ قيم المواطنة ومبادئ الديمقراطية بحكمة وتبصر".
من جهته أشار السيد عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في كلمة ألقاها بالنيابة عنه السيد عبد الله بن علي النمري مدير إدارة الثقافة بالرابطة، إلى أنه استلهاما من العقد النبوي الاجتماعي قدم المسلمون طوال تاريخ الإسلام أنموذجا فريدا في الوفاء لاستحقاقات المواطنة.
ولعل معالم هذه المواطنة ومنطلقاتها ، يقول السيد التركي، تكمن أساسا في وحدة الجنس الإنساني، وشمولية التكريم الإلهي، وفي أن الاختلاف بين البشر واقع، وأن الاختلاف لا يعني المواجهات والشقاق، والأزمات والتوترات المحلية التي تعانيها بعض المجتمهات " تنبع في كثير منها من عوامل خارجية، وتغلب عليها الدوافع السياسية، وليس لاختلاف الدين كبير أثر في نشوء كثير منها".
بحثت دراسات المحاضرين العلاقات الممكنة بين مكونات المواطنة والهوية والعولمة في أفق تحقيق السلم المجتمعي، وتأثير ذلك على السلم العالمي.
وفي هذا السياق، أوضح الأستاذ طارق حجي من مصر، في مداخلته بعنوان "إشكالية المواطنة والهوية متعددة الرقائق"، أن مفهوم المواطنة هو ثمرة الدولة الحديثة، وأن تطوره لا يناقض تطور مفهوم الإنسانية، إلا أن مفهوم المواطنة يختلف عن مفهوم الهوية المعاصر، الذي انتقل، تدريجيا، من الكيان الثقافي الأحادي إلى كيان ثقافي متعدد الهويات والأبعاد، ما سيسمح لها بالتعايش والانسجام مع الواقع في العالم المعاصر، مستشهدا بمجموعة من النماذج.
وأوضح الأستاذ مصطفى القباج، في محاضرته بعنوان "من المواطنة القطرية إلى المواطنة العولمية"، عن التحولات التي عرفها العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين، ومست كل دواليب الحياة، وأفضت إلى قيام نظام ديمقراطي ليبرالي يفرض اشتراطات بسبب العولمة، التي حولت كل شيء إلى سلعة، وتكنولوجيات المعلوميات والاتصال الجديدة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة واحدة، وبالتالي التحول من المواطنة الكلاسيكية إلى المواطنة الكونية والعولمية.
وتطرق الأستاذ إبراهيم بن محمد الميمن من المملكة العربية السعودية، في عرضه حول "الوحدة الوطنية وتحديات الإرهاب والانفصال"، إلى مكونات الوحدة الوطنية الإسلامية، والأصول والقواعد الشرعية التي تعتبر أساس الوحدة، مشددا على ضرورة مشاركة المواطن في تطوير وطنه وحماية جبهته الداخلية من المهددات التي تستهدف الوحدة، ومنها معضلة الإرهاب الذي يعتبر إفسادا في الأرض.
وأشار الأستاذ الحسين المجاهد من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على انخراط المغرب في مقاربة جديدة ومنفتحة وقوامها التعددية الثقافية واللغوية والنهوض بها في إطار استراتيجية تروم بناء المواطنة المتكاملة على أساس تنمية مختلف مكونات الهوية المغربية التي أساسها العنصر البشري قبل كل شيء، مبرزا أن هذا الاهتمام بالبعد التعددي يتناغم والبعد الوحدوي.
التعليقات (0)