الليبرالية مظلومة من أبناءها
تقف اليبرالية الحقيقية المعتدلة على مسافة واحدة بين مختلف الأراء والإتجاهات فهي "الليبرالية " منهج ثقافي وفكري وإقتصادي وسياسي غياته تنمية المجتمعات وتحقيق الوحدة والمساواة والوسطية والمشاركة دون قيد أو شرط ودون تمييز ديني أو عرقي وفق ثوابت المجتمع الذي نشأت فيه فاليبرالية ضد التطرف أياً كان مصدرة ومبرراته وضد الإحتكار الفكري والإقتصادي والهيمنة والإستبداد السياسي .
تختلف الليبرالية العربية عن ليبرالية أروبا , فليبرالية العالم العربي مشوهه ولا تختلف عن بقية المناهج المتطرفة ذات الإتجاه القومي أو الديني والسبب يعود لجمود البحث والتحديث والدخول في صراع على الوجود بين مختلف القوى الفكرية والسياسية مما أستنزف طاقات البحث وعطل مسارات العمل وأدخل التيارات الليبرالية العربية بصراع إستنزاف نتائجة كانت مقابلة التطرف بتطرف أشد صورته ليبرالية بعدما كانت مقتصرة على دينية أو قومية وعلمانية جامدة .
الليبرالية الوسطية كالعلمانية الوسطية والليبرالية المتطرفة كالعلمانية الصلبة وكالإتجاهات والمدارس الدينية المتطرفة المتمثلة في الإسلام السياسي بشقية السني والشيعي وحركات اليمين المتطرف النصرانية واليهودية فالتطرف ليس حكراً على تيار أو إتجاه فكري أو ديني معين بل مرض يٌصيب كل شيء جراء جمود البحث والتحديث وجراء تسلق أدعياء سلم الحياة الفكرية والإجتماعية .
الليبرالية السعودية إمتداد طبيعي لطبقة المتعلمين في الخارج في الستينيات والسبعينيات الميلادية والذين أسهموا بشكل مباشر في الحراك الثقافي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي , فهي ليست مختلفة عن باقي الأطروحات الليبرالية عربياً لكنها متميزة بوجود إتجاهين داخل التيار الليبرالي الأول سياسي إطلاحي والثاني إجتماعي يركز على قضايا المجتمع المختلفة وفي مقدمتها قضايا المرأة وفق منظور تحقيق المصالح المنسجمة مع الأراء الفقهية المتعددة .
للأسف الشديد هناك متسلقون تسلقوا الليبرالية باحثاً عن مصالح فأوجدوا تيار ليبرالي متطرف يناكف المعتدل ويختلق الصراعات الفكرية بين التيارات الوطنية مؤسساً لقاعدة صراع تستنزف الطاقات وتٌميع الملفات , المتسلقون المتطرفون لا يقلون تطرفاً عمن تستر بستار الدين والتدين فكليهما وجهان لعملة واحدة والهدف تدمير المجتمع والمقدرات وبسط السيطرة والنفوذ .
متطرفوا الليبرالية في السعودية خالفوا أهم قواعد عمل الليبرالية وهي ثوابت المجتمع فدخلوا من بوابة التهكم فهاجموا الثوابت الدينية وكأن الليبرالية الحيقيقة لا تحترم الثوابت , متسلقوا الليبرالية مجموعة من الجٌهال والسٌكارى الذين لم يفهوا حقيقة الليبرالية وقيم الحرية والمساواة والعدالة فأوقعوا الليبرالية بصراع مع المجتمع وفتحوا نوافذ لمتطرفين آخرين إنتماءاتهم إسلاموية لضرب الليبرالية كقيمة إنسانية وفكرية وسطية غايتها تنمية المجتمعات سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً فهي مزيج من مختلف الأدلوجيات والأراء والأفكار وتقف على مسافة واحدة بلا تمييع أو تطرف .
متسلقوا الليبرالية الذين شوهوا الليبرالية كتيار فكري معتدل أفرزوا كثيراً من الأفكار بعقول أنصاف المتعلمين فظهرليبرالي منحرف فهم الليبرالية على أنها تخلص من العبادات وولوجاً بدائرة الشهوات وظهر ليبرالي جل إهتمامه الجزء السفلي من المرأة مشتركاً مع متطرف التيارات الإسلاموية في ذلك الهم الغير شريف .
الليبرالية السعودية تقاتل على جبهات متعددة الأولى محاربة متسلقي الليبرالية الذين شوهوا الليبرالية كخيار فكري وإنساني لا يتصادم مع الدين والمجتمع والثانية محاربة من يحاول وأد الليبرالية من متطرفين لا يؤمنون بالتعددية والتعايش والذين أستفادوا من أطروحات متسلقي الليبرالية فوظفوها لتشويه الليبرالية المعتدلة وتلك عادة أعتادت عليها المجتمعات في الصراعات الفكرية والثقافية التي تستنزف المقدرات وتعطل الأحلام .
الحداثة أفرزت الليبرالية بشكل جديد وهي نتاج لطبقة المتعلمين ومن تواصل مع العالم في ظروف عصيبة كانت التيارات القومية والإشتراكية والدينية تجوب شوارع البلاد العربية في فترات تاريخية بالغة الحساسية والأن ومع دخول العالم العربي عصر جديد تناضل الليبرالية من أجل التخلص من المتسلقين الذين شوهوها وحولوها لمادة تلوكها الألسن في المجالس دون وعي أو معرفة وتناضل من أجل التخلص من ثقافة الإستعداء التي أفرزها المتسلقون فاليبرالية تقف مع المظلوم أياً كان ولا تستدعي أحداً ضد مخالفها لكن عربياً ومحلياً أدخل المستلقون الليبرالية في حرب إستدعاء وإستعداء للجميع في عملية مقززة لا مبرر أخلاقي أو إنساني لها , الليبرالية عند المجتمع حركة ضد الدين وضد الثوابت الدينية وضد العدالة والمساواة والحريات والسبب المتسلقين ومن فهم الحرية على أنها تحرر وإنفلات وفرق بين الحرية والتحرر فالأولى إنضباط وإحترام والثانية إنفلات تحت أسماء متعددة وهنا يتضح أن الليبرالية مظلومة من أبناءها ومن المجتمعات على حد سواء !
التعليقات (0)