. من بيدر الحياة
أشجار اللوز
للكاتب
عبد السلام العابد
مدير الثقافة طوباس
صور :عوني ظاهر
شاهد فيروز مع زهرة اللوز
http://www.youtube.com/watch?v=9HbqaqppOqQ
مزهرة أشجار اللوز في هذه الأيام ، ومن حقها أن تلبس حللها البهية ، المزدانة بالأزاهير البيضاء والمشربة بالحمرة . فقد مضى عليهاوقت طويل وهي تعاني من العطش ، والعري واليباس ، وخشونة العيش ، وآن لها أن تثبت جدارتها وأهميتها في الحياة ، وأن تعبر عن سعادتها بالتجدد والتغيير والانبعاث ، وأن تخلب أنظار الناس بجمالها ورقتها ونعومتها ، وأغصانها وفروعها التي بدأت تورق ، وترتدي أثوابها الخضراء . كم تبدو بلادنا جميلة في هذه الأيام ، سواء أكان الطقس شتويا مطيرا أم دافئا مشمسا!! . انظر إلى الجبال والوديان والسهول الممتدة على مدى النظر ترَ عشبا أخضر ، ونباتات ٍ وزهورابريةً ًً مختلفة الأشكال والألوان ، وأشجارا ريانة غسلتها الأمطار ، ومساحات ٍ مغطاة بأشجار اللوز المنورة ، بأزهارها القرنفليةالرائعة التي سرعان ما تتحول إلى حبات لوز هش ، لا أحلى ولا ألذ من مذاقها الحلو الممزوج بحموضة خفيفة !! . وإذا ما رجعنا إلى معجم الوسيط ، فإننا نجد أن معنى اللوز : ( شجر مثمر مشهور من الفصيلة الوردية ، من أنواعه اللوز ألمنفرك ، ومنه اللوز المر والحلو . والأرض الملازة هي كثيرة شجر اللوز . والوجه الملوَّز هو الحسن المليح ) . وقد أحب شاعرنا محمود درويش شجرة اللوز ، وسمى أحد دواوينه ( كزهر اللوز أو أبعد ) ، وحينما أراد وصف زهرة اللوز شكا من صعوبة المهمة ، وهو الشاعر المعروف ببلاغته الفنية ، وشاعريته الفذة : لوصف زهر اللوز ، لا موسوعة الأزهار// تسعفني ، ولا القاموس يسعفني .. سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة // والبلاغةُ تجرح المعنى وتمدح جرحه ، كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها // فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا //وأنا الصدى ؟ ورغم صعوبة الوصف إلا أن شاعرنا يقدم لنا صورة فنية آسرة ، فزهر اللوز : شفيف كضحكة مائيةنبتت //على الأغصان من خفر الندى .. وهو الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقية .. // وهو الضعيفُ كلمح خاطرةٍ تُطل على أصابعنا // ونكتبُها سدى // وهو الكثيفُ كبيتِ شعرٍ لا يُدوَّن ُ بالحروف ويختتم شاعرنا قصيدته بالقول : لا ثلج ولا قطن فما هو في تعاليه على الأشياء والأسماء ؟ لو نجح المؤلفُ في كتابة مقطع ٍ // في وصف زهر اللوز ، لانحسر الضباب عن التلال ، وقال شعبٌ كامل : هذا كلام نشيدنا الوطني !! أجل . إن تفتح أزهار اللوز في بلادنا إيذان بقدوم فصل الربيع ، وفرصة مناسبة للاحتفاء الوطني بقدومه ، والاستمتاع بهذا الجمال الرائع الذي أبدعه رب العالمين ، ودعا خلقه للتأمل فيه ، وأخذ الدروس والعبر ، والتدبر الواعي في ملكوته . فما أجمل أن ننطلق إلى الجبال في هذا الموسم ، ونشاهد أزاهير اللوز المتفتحة !! ، لعلنا نتغير نحو الأفضل ، ونتجدد ، ونواصل بناء ما تهدم ، بروح من الأمل والتفاؤل والمحبة والإخلاص . وإذا كان اليابانيون يحتفلون بموسمتفتح أشجار الكرز ، ويعتبرونه مناسبة وطنية غالية ، فلا بأس أن نحتفي نحن بطريقتنا الخاصة بموسم تفتح أزهار اللوز ، فتتفتق براعم الأمل ،وتزهرفي نفوسنا الظامئة لماء المحبة والتسامح والصفاء والمودة، بعد سنوات من تجرِّع ِمُرِّ الانقسام ، وعلقم الخصام . فهل سينحسر ضباب الخلاف عن تلالنا ، في موسم اللوز والربيع ؟ . وهل ننجح في الوصول إلى العلاج الناجع لأزمتنا، فنقول ــ كما قال شاعرنا محمود ــ : هذا كلام نشيدنا الوطني ؟!!. يحتمل شجر اللوز العطش ، ولا يتطلب جهودا كبيرة في الخدمة ، وإن كان بحاجة إلى نوع من العناية والاهتمام ، وخصوصا حينما تكون الشجرة صغيرة ، أو عندما تتعرض أشجار اللوز لغزو الحشرات ، وهجمات الآفات المتنوعة ، واحتلال الديدان ، ومجموعات السوس التي تنخر الجذوع ، إذ لا بد من الحذر والمتابعة ، ومقاومة هذه الأمراض ، قبل أن يستفحل خطرها ، وتودي بأشجارنا نحو الهلاك !! . كان آباؤنا و أجدادنا حريصين على زراعة الأشجار ، وأذكر أن جبالنا وتلالناكانت مشرقة في مثل هذه الأيام الشتوية بأشجار اللوز المتفتحة ، غير أن المرء يلاحظ انحسار المساحات المزروعة باللوز في هذه الأيام .وكم نحن بحاجة إلى زيادة اهتمامنا بزراعة اللوز من جديد ؛ لما له من عائدات اقتصادية و فوائد كثيرة ، فقد أشار الباحثون في ( الموسوعة الحرة )إلى أن (تناول اللوز يحافظ على سلامة الأمعاء والقولون ، ويمنع ظهور الأمراض السرطانية فيها . ويحتوي على قيمة غذائية عالية ، ويقوي زيتُه الجلد الجاف ويُطريه ، ويهدئ الحكة ويسرِّع في شفاء الأمراض الجلدية والحروق السطحية ، ويُسكِّن آلام الأذن الوسطى ، إضافة إلى استخدامه في المعاجين العطرية والحلويات والسكاكر ، ويمكن أن يُؤكل طازجا أخضر وناضجا . وثمر اللوز يخفِّض نسبة الكوليسترول في الدم ، و هو مسكنٌ ومهدئٌ ومليِّن ، ويساعد على النوم الهادئ .... الخ ) . فهل يدفعنا ما عرفناه من فوائد كبيرة لهذه الثمار ، إلى زيادة المساحات المزروعة بأشجار اللوز في بلادنا ؟ . وهل نغتنم موسم تفتح اللوز ، واخضرار أشجاره ؛ للاحتفاء الوطني به ، وتغيير ما علق في أرواحنا من رواسب وغبار ، فنصبح أكثر روعة ونقاء ومحبة وانسجاما ؟
http://www.youtube.com/watch?v=EtE2MxRPeGU
اضغط على ارابط لتستمع لقصيدة محمود درويش يصف زهر اللوز
ثمرة اللوز قبل نضجها وتكون قشرتها الخارجية خضراء اللون
![]()
أحد حقول اللوز تسقى بالري الحديث
زهرة اللوز
![]()
شجرة اللوز حيث تظهر أزهارها وتتفتح قبل ظهور الأوراق
خلال الحصاد يتم هز شجرة اللوز فتتساقط الثمار المكتمكلة النضوج

اللوز قبل وبعد ازالة قشرته
![]()
اللب الداخلية للوز
-
التعليقات (0)