بريطانيا: اللوبي اليهودي يدافع للإبقاء علي التمييز العنصري!
بالرغم مما نسمع كل يوم عن نشاط اللوبي اليهودي في أمريكا وسعيه للتحكم في القرار السياسي فإن مجرد حكم قضائي صدر في بريطانيا لمنع المدارس اليهودية من مخالفة القانون , وممارسة التمييز العنصري دفع اللوبي اليهودي لكي ينتفض مظهرا قوته ومحاولا فرض تأثيره ليس فقط علي السياسة بل أيضا علي القانون البريطاني. وقد حشدت قوي اللوبي اليهودي في بريطانيا كل قواها في حملة ضغط مكثفة ضد حكم قضائي بإلزام المدارس اليهودية في بريطانيا وعددها خمسون مدرسة بإلغاء إجراءاتها التي تطبق التمييز العنصري في مدارسها. وبالرغم من الطلب الذي تقدمت به القوي اليهودية إلي المحكمة العليا لإلغاء الحكم الأول من محكمة في شمال لندن وتأييد المحكمة العليا للحكم إلا أن اللوبي اليهودي البريطاني مازال يحاول الوصول إلي وسيلة لإلغاء هذا الحكم.
بدأت القضية تنال اهتمام وسائل الإعلام والرأي العام البريطاني عندما حكمت المحكمة البريطانية بإلغاء قرار رفض مدرسة الحرية اليهودية في بريطانيا قبول طالب بها عمره13 سنة علي أساس أنه من وجهة نظرها ليس يهوديا وهو ما يعد تمييرا عنصريا تتعارض معها القواعد والقوانين البريطانية. والإجراءات التي تطبقها هذه المدارس والتي وضع قواعدها الحاخام اليهودي الأكبر في بريطانيا اعتبرت أن هذا الطالب ليس يهوديا بالرغم من أن والده ولد يهوديا وأمه تحولت من أحد المذاهب المسيحية إلي اليهودية طبقا لإجراءات دينية في معبد يهودي لكنهم يعتبرون أن أي شخص لا يعد يهوديا إذا لم تكن أمه قد ولدت يهودية. وقد ألزم حكم المحكمة هذه المدارس بإعادة صياغة قواعد قبول الطلاب في هذه المدارس.
وقد سارعت الجماعات والمنظمات اليهودية في بريطانيا بتنظيم حملة من أجل تغيير القوانين التي تمنع التمييز العنصري في بريطانيا, والتي طبقت المحكمة حكمها بموجب هذه القوانين بحيث لا تطبق علي المدارس اليهودية. وقال المتحدث باسم مجموعة النواب اليهود في مجلس العموم البريطاني إنه أصيب بخيبة أمل شديدة لهذا الحكم والذي صدر بأغلبية محدودة.
وقد ذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن الطائفة اليهودية في بريطانيا تنوي القيام بحملة ضغط في البرلمان لتغير قوانين المساواة, بحيث يكون هناك استثناء للمدارس اليهودية. ويعتبر هذا التصريح من القوي اليهودية مستفزا لكثير من القانونيين البريطانيين الذين اعتبروا أن اليهود يريدون أن يكونوا وحدهم استثناء من الخضوع للقوانين البريطانية الراسخة والعريقة والتي تعتبر من التقاليد الثابتة للمجتمع البريطاني.
وتعد محاولة اليهود استثنائهم جزءا من السلوك اليهودي في بريطانيا وفي غيرها من دول الغرب والذي يتعمد وصف كل من ينتقد إسرائيل وسياساتها معاديا للسامية مع أن انتقاد سياسات أي دولة بل وسياسة الحكومة البريطانية نفسها أمر مشروع ومقبول من الشعب البريطاني بل إنه جزء من التقاليد الديمقراطية لكن اليهود يريدون أيضا أن يكونوا استثناء من هذا بين البريطانيين أنفسهم.
ومن جانب آخر قرر إيد بولز نائب وزير التعليم المختص بالمدارس تشديد إجراءات القبول بحيث لا تسمح بأي تمييز ضد التلاميذ وأضاف أن جميع المدارس الدينية يجب أن تلتزم بإجراءات القبول التي يقررها القانون البريطاني التي تمنع أي تمييز.
إن هذا الحكم الذي نال تغطية واسعة من وسائل الإعلام البريطاني قد كشف أمام الرأي العام البريطاني جانبا آخر من جوانب إدعاء القوي الصهيونية بالتزامها بالتسامح والمساواة والديمقراطية في حين ما يطبق في مدارسهم هو ضد كل مباديء المساواة والعدالة والديمقراطية. وإذا كانت هذه القضية تتعلق بالنظام المطبق داخل المدارس اليهودية إلا أنه أظهر أيضا أن ما يطبق فيها هو جزء من تقاليد أوسع مدي من كونها قضية تعليمية إلي كونها ممارسات تقليدية يهودية يعتبر أصحابها أنهم يستحقون أن يكون وضعهم استثناء بالمقارنة بغيرهم أيا كانوا وهذا هو ما كشفت عنه تصريحات النواب اليهود الذين أعلنوا أنهم سوف يحاولون تغيير القانون الذي ينظم الممارسات العنصرية بحيث لا ينطبق علي المدارس اليهودية.
المصدر: الأهرام المصرية
التعليقات (0)