الله واشكالية الوجود
ان فكرة الخالق جلاّ وعلا، كانت مشغلة الفكر البشري، منذ الازل سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
وكلّ ما حدث من أوجه الاختلاف في هذا الصدد، فهو منحصر في الصورة التي تصوّر بها هذا الانسان او ذاك، الله كيف يكون ... والا ما الذي فعله شيخ الفلاسفة أفلاطون، اذا لم يكن قد أخذ بقيم بناءه الفكري على شكل هرمي، أعني انه أخذ يصعد بالافكار الدنيا الى طبقة أعلى، فأعلى حتى بلغ ذروة الهرم، واذا بهذه الذروة هي الله كما تصوره وهي "فكرة الخير الخالص".
فلو وضعنا هذا التصور الافلاطوني، في لغة قريبة من اللغة التي نستخدمها نحن اليوم ان هو الاّ تصوير يوضح معنى الآية الكريمة "وما خلقت الجنّ والانس الاّ ليعبدون " أي كلّ من في السماء والارض وما في السماء والارض انما ينحو نحو غاية عليا، هي الله سبحانه وتعالى "بلغتنا نحن " وهي الخير الاسمى بلغة افلاطون.
ثم ماذا فعل ارسطو من بعد افلاطون، اذا لم يكن قد كرّس اهم ما في فلسفته لكي يصور فكرته الاساسية التي تجعل هذا العالم مسيرة تظلّ ترتقي الى ما هو أعلى، بحيث يكون طرف الابتداء هو مادة غير ذات خصائص تميزها، ويكون الطرف النهائي لشوط تلك المسيرة صورة غير مختلطة بمادة، أعلى كمالا، لاتشوبه نواقص المادة .
تلك الصورة بمثابة الغاية المثلى، التي تجذب اليها العالم بكل من فيه ومافيه، وهي الله سبحانه وتعالى .
فاذا تركنا العصر اليوناني القديم، ونظرنا الى خمسة عشر قرناً تمتد من القرن الاول للميلاد، الى القرن الخامس عشر، فلا نكاد نقع على مفكر واحد، او على فكرة واحدة من الافكار الكبرى خلال تلك الفترة الطويلة الا ونجد ان الموضوع الاساسي المطروح للنظر، انما هو حقيقة الخالق جلّ وعلا...
كما طرح الموضوع على فلاسفة عصر النهضة وحتى الفلاسفة المعاصرون الذين تغلب عليهم جميعا النزعة الطبيعية التي ملخصها انّه ليس وراء هذه الطبيعة شيىء، فلا يفوتهم ان يتصوروا الله على هذه الخلفية نفسها بصورة ملاءمة لمذهبهم كأن يقولوا مثلا : انه هو بمثابة القوانيين الخافية عن البصر، والتي تنبث في الكون فتنظمه، او أن يقولوا بمثابة الدفعة الباطنية التي تدفع الحياة الى التطور.
ولكن فليقولوا في الامر ما يقولون، لأن النتيجة في النهاية هي اختلاف في التصور، لا اختلاف في اساس الاعتقاد بوجود الله .
فاذا استثنينا قلة بالغة في الصغر، من اهل الفكر وجدنا ان الكثرة الكاثرة التي تشبه الاجماع لم يتردد منها أحد في اثبات هذا الوجود، أعني وجود الله والاختلاف كما قلت هو اختلاف في التصور وليس فى الاعتقاد ....
نص د.زكي نجيب محمود – بتصرّف - الله وحياة الانسان في فكره وسلوكه
التعليقات (1)
1 - تعليق
الدكتور وليد السعيد - 2013-11-21 01:43:23
عندما تجد السمك داخل البحر وقد صمم لكي يعيش داخل البحر ان خرج منه مات وعندما تنظر الى السقف الذي يحتويك السماء وعندما تنظر الى الأرض تحتك وعندما تنظر الى نفسك ويدك وانفك وترا عيونك موجوده في افضل مكان وانسب جهه لها وهي في جبينك ولم توضع في قفاك ستعرف ان وجودك بالارض لم يأتي صدفه بل هناك خالق لك وللأرض ولجميع ماتراه عينك سواء امنت بذالك او لم تؤمن هناك موعـد لنا بعد الممات لأنعـرف هل سيرضى عنا الخالق او يغضب علينا هل سيسعدنا ام يشقينا . هناك حيث الطامه الكبرى والخسران الأكبر او الربح والفوز العظيم لدينا موعدعند الخالق. فأشتري رق رقبتك بالدنيا بما يرضى الخالق لأن رقك الأخره ازلي ابدي لاينتهي . هناك خالق لنا كل الاطباء والعلماء والفلاسفه االذي اوغلوا بمعرفة الكون اعترفوا بأن هناك خالق وان الانبياء صادقين اتوا منذرين ومبشرين . لا اجبر احد على الايمان بما انا مؤمن بـه . الزم ماعلي ان اعيش سعيدا بالدنيا بأيمان بالخالق وان ازحزح عن النار