اللقاء المفتوح مع الكاتب سلمان عبدالأعلى في ملتقى النخبة
كلمة الملتقى
في وقت تقاربت فيه العقول من بعضها بين المؤالف والمخالف.
وفي وقت اكتملت فيه العلوم بين المنقول والمعقول.
وفي وقت تقاربت فيه الفجوة بين رجل الدين الرديكالي وبين المتعلم المتدين المعاصر.
وفي وقت اجتمعت فيه المتناقضات وتصعب فيه فهم البديهيات.
اكتشف المتدين والمثقف والحداثي والطقوسي أن له إخوان في مشارق الأرض وغربها لم تلده أمه له.. بفعل وسائل التواصل الحديثة استحدثت منابر من نوع آخر، واستحدثت مجالس من نوع آخر، واستكشفت مراجع دين من نوع آخر..لم يكن الوضع عما هو عليه في السابق..
لقد وقعت الواقعة، ليس لوقعتها من يرجعها إلى عهد التقوقع والانغلاق والأساطير والأدبيات التراثية المختلفة التي كانت من الواجب الإيمان بها والتسليم لها..
ليس لوقعتها من يزويها عن الواقع ومقتضياته وعن المعرفة وحججها وعن متطلبات العصر والحياة التي تلزم على كل فرد ذا عقل ودين أن يقدم تفسيراً لما يدور من حوله وحلولاً لما تواجهه من اشكالات في فلسفة الحياة.
مواضيع كثيرة نعيشها ويعيشها الكثير: رجل الدين، المثقف، الحداثي، الطقوسي، الجاهل، المتعلم، الحقوق، الواجبات، الفقر، الترف، حرية الفكر، محاكم التفتيش المعاصرة، التراث الديني الصحيح والمتشابه، المرجعية الدينية الاحتكار أو المشاركة مع المقلد في المسؤولية.
كل هذه الأمور وغيرها نأمل أن تطرح للتأمل والمدارسة الباحثة والنقاش الجاد الهادف مع الكاتب البارع والقلم الملهم الأستاذ سلمان عبدالأعلى، قلم من أقلام الأحساء المجهولة، رأي يريده البعض أن يكتم ويريده آخرون أن يتكلم.
فلنرحب بالأستاذ سلمان ضيفاً في ملتقى متجرد من الانحياز ليخطوا خوة للأمام في فهم الواقع بشكل أفضل والوصول إلى مستوى أقرب من القناعة.
حسن الملاء
المشرف على ملتقى النخبة
تحية طيبة لجميع الأحبة في هذا الملتقى الجميل بوجودكم وتفاعلكم.. في البداية أتقدم بالشكر الجزيل للأخ العزيز الأستاذ حسن الملاء على دعوته لي ، وعلى هذه الحفاوة في الاستقبال، وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم، وأن أستحق فعلاً بعضاً مما أكرمتموني به في كلماتكم العاطرة.
سلمان عبدالأعلى
الأسئلة
س1/في قراءة أي نص ديني نحن نبحث عن قصد المؤلف، وهنا يكمن الخطر، لأن المؤلف في هذه الحالة هو شخص مقدس (الله أو النبي أو الإمام)، وهنا عندما يقول قارئ النص أنه بتأويله يستخرج قصد المؤلف، فإنه يطابق بين فهمه للنص والقصد الإلهي. أي أن الفكر الديني يوحد بين فهمه للنصوص وبين النصوص ذاتها، أي أنه يتكلم باسم الله وله من القدسية ما لله، وبالتالي كل معارض له معارض لله.
من هنا كان لابد من تعدد القراءات للنص الديني والاستفادة من المدارس النقدية الحديثة في هذه القراءات. الأستاذ محمد الخباز في قراءته لأحد النصوص الدينية استخدم ما يسمى البنيوية الشكلانية والتي تتعامل مع النص على أنه مادة معزولة ذات وحدة عضوية مستقلة، وأنه منفصل ومعزول عن سياقه. وتقوم الدراسة الشكلانية على مبدأين أساسيين:
1. البحث في آليات النص الأدبي وتقنياته للوصول لخصائصه الجوهرية التي تشكل مادة البناء الأدبي.
2. قتل المؤلف وكل ما يتعلق به من ظروف تاريخية واجتماعية ومعالجة نصه بمعزل عنه وعن حياته وعن أقواله خارج النص المراد دراسته. أي عزل النص عن أي مؤثرات تاريخية واجتماعية أو التأثيرات الشخصية للمؤلف واعتبار النص كائن عضوي مكتفي بذاته له بنيته المستقلة عن غيرها من الأعمال والكتابات الأخرى.. السؤال: هل من الممكن أن نرى قراءة عصرية للنص الديني؟ !
ج1/ بالتأكيد بأنه توجد العديد من النظريات لقراءة النص الديني، خصوصاً فيما يتعلق بمباحث الهرمنوطيقيا ونتائج بعض العلوم الإنسانية الحديثة في فهم النص وكيفية تأثره بالفرضيات والمسبقات الذهنية لمن يريد تفسيره، ومن يراجع بعض نظريات المفكرين والفلاسفة الغربيين كشلايرماخرر ودلتاي وغادامير وريكور وغيرهم أو بعض كتابات المفكرين المسلمين البارزين الذين اهتموا بهذا الجانب كمحمد أركون ونصر حامد أبوزيد وعلي حرب وغيرهم، وكذلك كتابات الدكتور عبدالكريم سروش ومحمد مجتهد الشبستري وغيرهم في إيران، فإنه يلحظ وجود رؤى معاصرة لفهم النص الديني، فالإشكالية ليست في عدم وجود قراءات معاصرة للنص الديني، بل في كون هذه القراءات المقدمة مقبولة أو غير مقبولة، فما ذكرتموه من كلام قبل السؤال حول التعامل المجرد مع النص دون الاهتمام بمراد المؤلف هو نفس مفاد نظرية موت المؤلف لرولان بارت، وهذه النظرية حاول بعض المفكرين الاستفادة منها في قراءة النص الديني، ولكن هذه المحاولة تعرضت للعديد من النقد والرفض، وذلك لأنها غير مناسبة في رأيهم للتعامل مع النصوص الدينية، لأنه ثمة اختلافات جوهرية وأساسية لا يمكن اغفالها بين النصوص الدينية والنصوص الأدبية، ففي النصوص الأدبية من المهم في الدرجة الأولى إبراز الجوانب المتعلقة بجماليات اللغة إن صح التعبير، لا البحث عن المراد الحقيقي للمؤلف فيما كتبه، بعكس النص الديني الذي من المهم على من يريد تفسيره أن يفترض وجود معنى محدد وثابت منه، والمطلوب منه هو محاولة التعرف عليه، فمثلاً النصوص الدينية المتعلقة بالأحكام الشرعية من المهم فيها التعرف على ماذا يريد المشرع –الله أو النبي أو المعصوم عند الشيعة الإمامية- منها، لأن المشرع يهدف إلى توصيل رسالة معينة وتعليمات محددة كالقوانين والأنظمة وليس كالنصوص الأدبية.
عموماً، الإشكاليات التي تتعرض لها محاولات القراءة المعاصرة للنص الديني عويصة جداً، لأنها محل خلاف ونظر بين المفكرين المهتمين بهذا الأمر، ولا يمكنني الإجابة عنها إلا بهذا الشكل التوصيفي الذي ذكرته.
س2/لعل المتتبع للنص الديني الشيعي يرقب كثرة التعارض فيه جعلت البعض يرتد عن المذهب، فهل يعود ذلك حسب رأيك إلى قداسة النص أم إلى قراءة النص؟
ج2/إن مسألة تعارض الروايات من المسائل القديمة التي يعاني منها الموروث الروائي الشيعي، فالشيخ الطوسي عندما كتب كتابه الشهير التهذيب (تهذيب الأحكام) -وهو من الكتب الأربعة المعتبرة لدى الطائفة الشيعية- أشار إلى مسألة التعارض، وذكر أنه تكاد لا توجد رواية إلا وفي إزائها ما يعارضها، وهذا مما سبب الطعن في المذهب وعقائده إلى درجة أدى بالبعض إلى تركه، وهذا الأمر يذكره الشيخ الطوسي في المقدمة التي كتبها للكتاب.
وأما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فأستطيع أن أقول بأن هذا الأمر راجع إلى الأثنين معاً، فلو كان الناظر في الروايات ممن يعتقد باعتبار جميع ما جاء في الكتب الأربعة (الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار) كالاتجاهات الأخبارية، فالمشكلة عنده -بوجهة نظري- متعلقة بقداسة النص، لأنه ينظر لجميع النصوص الروائية الواردة فيها بهالة من القداسة وكأنها بأجمعها صادرة عن المعصومين (ع)، على الرغم من كون بعضها مما يطمئن بعدم صدوره كما يقول السيد الخوئي في معجم رجال الحديث، ففي هذه الحالة الأمر متعلق بالقداسة التي يراها هؤلاء للنص، ولكنه في حالات أخرى تكون الإشكالية متعلقة بقراءة النص لا بقداسته فقط، فمثلاً لو ثبت لمفسر للنص رواية من الروايات، فهذا لا يعني أنه يتفق في فهمه لهذه الرواية مع جميع من يرون ثبوتها، لأنهم قد يختلفون في فهمهم وقراءتهم لها، فعلى سبيل المثال لو ثبتت الرواية الواردة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) وهي : "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم ..." لعدة أشخاص، فهذا لا يعني أنهم يفهمون منها نفس الفهم، ففي حين نجد بعضهم يفهم منها جواز الكذب على أهل البدع والريب مثلاً، نجد البعض الآخر لا يفهم منها هذا الفهم، ويفهم منها فهماً آخر، فالإشكالية الكبرى هنا راجعة للاختلاف في فهم النص وقراءته لا إلى قداسته فقط كما في الحالة الأولى.
س3/ كثيراً ما نسمع من رجال الدين وجوب حماية الدين من الحداثة، فهل ترى تعارضاً في قراءة النص الديني بين رجال الدين والحداثي؟ وهل في الإمكان الجمع بين الدين والحداثة في قراءة النص الديني؟
ج3/ بالنسبة لي لا أرى أي تعارض بين الحداثة والتدين، وهذا لا يعني أن جميع القيم والأفكار التي جاءت بها الحداثة تتوافق مع الفكر الديني تماماً، لا بالطبع فهناك بعض الأفكار التي يقدمها بعض المحسوبين على تيار الحداثة لا يمكن القبول بها من الناحية الدينية، ولكن باعتقادي أن الحداثة ليس نتائج معينة ومحددة كما يفهم البعض، وإنما هي مناهج يتوصل من خلاله إلى بعض النتائج المختلفة، ومن هنا نفهم سبب الاختلاف في بعض النتائج بين بعض المنتسبين للحداثة، فنجد مثلاً كما أن هناك حداثويون ملحدون وغير ملتزمون هناك أيضا حداثويون متدينون وملتزمون، وكما يوجد حداثيون مسلمون يوجد حداثيون غير مسلمون، وهذا يدل على أن الحداثة ليست نتيجة معينة وإنما هي مناهج محايدة وليس بالضرورة أن تفضي إلى نتيجة واحدة دائماً.
ولذلك يخطأ من يظن أو يفترض بأن ثمة عداء أو خصومة بين الالتزام الديني والحداثة، فالحداثة ليست بالضرورة ضد الدين أو التدين، فمن الممكن أن تكون حداثياً أو حداثوياً وأنت محافظ على إيمانك والتزامك الديني، ولكن بالتأكيد بأن إيمانك لن يكون كنمط الإيمان التقليدي، وإنما بنمط آخر أو بكيفية أخرى يبرز فيها عنصر المعاصرة إن صح التعبير، كما أعتقد أيضاً بأنه لا يصح أيضاً أن تحصر الحداثة في جهة جغرافية معينة كأن يُقال بأن الحداثة هي غربية أو هي في إتباع الطريقة الغربية (الأمريكية والأوروبية) فقط، وذلك لأن الحداثة مشروع كوني وبالإمكان أن تكون هناك حداثة مختلفة عن هذه الحداثة، بل هي موجودة فعلاً، وخير مثال عليها الحداثة اليابانية التي تحتفظ بهويتها وبخصائصها التي تميزها على نمط الحداثة الغربية.
ومن هنا أرى أن بعض العناوين التي يتم من خلالها مناقشة بعض النظريات والأفكار الحداثية غير صحيحة، فمثلاً كثيراً ما نجد الربط والمقارنة بين "الحداثة والفكر الإسلامي" كما يقول البعض للإيحاء بأن الحداثة لابد وأن تكون متقاطعة مع الفكر الإسلامي تماماً، وهذا غير صحيح، فمن الممكن أن نوجد حداثة إسلامية أو حداثة بمواصفات إسلامية إن صح التعبير، لأن الحداثة كما يصفها هابرماس مشروع غير منجز أو غير مكتمل -على اختلاف الترجمة- ولذا علينا أن نكون فاعلين في المساهمة في إنجازها أو إكمالها بما يناسبنا. والحقيقة أن هناك محاولات جادة لتأصيل هذا الأمر منها ما قدمه الدكتور طه عبدالرحمن في كتابه القيم (روح الحداثة)، وكذلك ما قدمه الأستاذ زكي الميلاد في كتابه (الإسلام والحداثة).
س4/لعل بعض إسقاطاتك أثارت بعض رجال الدين وإبداء سخطهم مما أثار نوازع أتباعهم من خلال النيل منك ومحاولة الحط من شخصك بحجة أنك شخص مجهول تظهر باسم مستعار، فماذا ترى في هذا؟ وهل تعزوه إلى تخلف بعض رجال الدين أم أن ذلك لا يعدو كونه حراكاً طبيعياً ينتج عادةً في المجتمعات المنغلقة؟
ج4/ في البداية أحب أن أؤكد بأن الكتابة بإسم مستعار لا تقلل من القيمة الفعلية لما يُكتب، فليس كل ما جاء بإسم مستعار لا قيمة له، فالكثير من الفلاسفة والمفكرين كتبوا بأسماء مستعارة كديكارت وكانت وفولتير وغيرهم، وهذا لم يقلل من قيمة الأفكار التي قدموها، بل إن (فولتير) نفسه هو اسم مستعار وليس اسماً حقيقياً، رغم كون الكثيرين قد لا يعرفون ذلك، بل حتى من يعرفون هذه المعلومة فإن الكثير منهم لا يتذكرون أسمه الحقيقي وإن مر بهم.
وأما عن الرسائل التي انتشرت عني فمما يؤسف له حقاً أن يقف خلفها بعض رجال الدين المعروفين، وهؤلاء بمثل هذه التصرفات الصبيانية يظنون أنهم يفضحونني وما يفضحون في الحقيقة إلا أنفسهم، وأتذكر هنا ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عندما عيره أمير الشام ببعض ما فُعل به، حيث قال: "ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت وأن تفضح فافتضحت".
مهما يكن، فإنه تبقى مثل هذه التصرفات نتيجة طبيعية للصراع الدائر بين الرجعيين والتنويريين -إن صح التعبير- وهذه الحالة هي ضريبة لابد وأن يدفعها كل من يقف في وجوههم أو يفكر في مناقشة بعض أطروحاتهم، ومن يراجع كتاب هاشم صالح (معارك التنويريين والأصوليين) يلحظ مقدار التشابه بين المرحلة التي نمر بها حالياً، وبين المرحلة التي مرت بها أوربا قبل عصر الأنوار، وهذا ما يطمئننا بأننا نمر في مرحلة مخاض وسيكون الوضع أفضل مما عليه الآن في القريب العاجل.
س5/ اﻷستاذ سلمان سؤال شخصي: هل يمثل الأستاذ سلمان اﻵن صدى ﻷطروحات الحيدري ؟
ج5/ أعتقد بأن المشروع الإصلاحي للسيد الحيدري هو مشروع ضخم وسوف يسهم في نهضة كبرى للأمة الإسلامية في حال نجاحه، وانطلاقاً من هذا الاعتقاد حرصت ومنذ فترة لتثقيف الناس بهذا المشروع وبأهم معالمه وأهدافه، وذلك من خلال ما قدمته في العديد من المقالات التي كتبتها في هذا الشأن، خصوصاً بعدما رأيت بأن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا المشروع، والتي من أخطرها محاولة تشويهه ونسبة بعض الأمور غير الصحيحة إليه، فما كتبته ليس دفاعاً عن شخص السيد الحيدري بقدر ما هو الحرص على عدم التلاعب بكلماته وحرفها عن مسارها الطبيعي، وهذا لا يعني بأنني أدعي بأن كل ما طرحه السيد الحيدري هو الحق المطلق الذي لا يشوبه خطأ ولا يعتريه باطل، أو أن كل ما طرح الآخرون المخالفون له هو الباطل الذي يفتقر إلى الحق، فهذا أمر لا أدعيه، لا للسيد الحيدري ولا لغيره.
وما أحب التأكيد عليه بأنني قد أختلف مع السيد الحيدري في بعض الجزئيات، ولكن هذا لا يجعلني أشكك في كامل المشروع الذي يدعو له، ولهذا لا أستطيع أن أصف نفسي بكوني صدى لأطروحات السيد الحيدري، وذلك لوجود بعض هذه الاختلافات.
س6/ما دور ما يسمى ما بعد الحداثة في مناوشاتك الفكرية؟
ج6/في البداية أحب أن أؤكد بأنني لست خبيراً أو منظراً للفكر الحداثي، وما جاء في الأجوبة السابقة ما هو إلا استجابةً لبعض الأسئلة ليس إلا، وهو تعبير عن رأي أو تصور وليس نتيجة لبحث أو دراسة وتحقيق.
وأما فيما يتعلق بالسؤال عن ما بعد الحداثة، فيعتقد الكثير من المفكرين ومنهم هاشم صالح على ما أتذكر بأنه من الخطأ أن تناقش نظريات ما بعد الحداثة في مجتمعاتنا، وذلك لأنها إلى الآن لم تدخل في مرحلة الحداثة بالفعل، ومرحلة (ما بعد الحداثة) هي مراجعة لمرحلة الحداثة، وهذه المرحلة لا ينبغي أن نقدمها لمجتمعاتنا إلا بعد الدخول في مرحلة الحداثة.
س7/أستاذ سلمان لقي مقالك: كيف نقرأ علي شريعتي صدى واسع، وسؤالي: ما هي المواضيع الأخرى التي لاقت اعجاب الجمهور وساعدت في لمعان نجم سلمان عبدالأعلى؟
ج7/أبرز المقالات التي لاقت رواجاً على نطاق واسع المقالات المتعلقة بالسيد الحيدري، وذلك لأن هذا الموضوع هو الشغل الشاغل للساحة الشيعية في الآونة الأخيرة، وبالخصوص في منطقتنا، وذلك بسبب وجود العديد من رجال الدين الذين يتبنون موقفاً سلبياً منه، وأهم المواضيع التي كتبتها بهذا الخصوص ما يلي:
مع السيد كمال الحيدري في مشروعه للمرجعية الدينية.
حقيقة ما يُثار حول السيد الحيدري.
محورية القرآن في فكر السيد كمال الحيدري.
الإسلام القرآني بين السيد الحيدري وجورج طرابيشي.
الإسرائيليات في موروثنا الروائي.. نظرة نقدية حول بعض الإشكالات حول السيد الحيدري.
وجهة نظر حول كتاب مواضع للنظر للشيخ جابر جوير.
السيد الخوئي والقرآن (ملاحظات منهجية لما طرحه الشيخ حيدر السندي من نقد للسيد الحيدري).
هوامش نقدية وتدقيقية لما طرحه صاحب تهميش على التهميش.
الشيخ الدهنين وتنقية التراث (عرض ومناقشة).
نظرة حول منهج السيد الحيدري في التعامل مع الروايات.
حوار مع السيد هاشم الهاشمي حول حديثه عن السيد الحيدري.
التحريض على السيد الحيدري (الشيخ علي الدهنين نموذجاً).
سجال المرجعية بين السيد الحيدري والسيد الخباز.
س8/ هل ما يقوم به السيد الحيدري هي حركة شبيهة بما قام به مارتن لوثر (١٥٢٩م) من حركة اصلاح في المسيحية أدت إلى بروز البروتستانتية (المحتجون-المعترضون). هل هي النواة لمشروع إصلاحي تقدمي للمذهب الشيعي؟
ج8/بالتأكيد بأن هناك تشابه بين السيد الحيدري ولوثر ولو في بعض الوجوه، لأن ما يقوم به السيد الحيدري -كما أراه طبعاً- ليس مجرد تقديم لقراءة جديدة، بل هو إعادة رسم لهيكلة الفكر الشيعي، وفي اعتقادي الشخصي لو كتب لهذه الحركة النجاح فسوف تحدث في الفكر الشيعي نقلة نوعية للأفضل.
س9/لديك مقال بعنوان (فقدناك يا فضل الله) كيف استطعت أن تقرأ النقد الذي وجه للسيد فضل الله؟
ج9/إنني من المحترمين جداً لفكر السيد محمد حسين فضل الله –رحمة الله عليه- وأعتقد بأنه واجه الكثير من الظلم، ولا أشك أيضاً في أن الذين هاجموه واتهموه ببعض الاتهامات الباطلة مخطئون في ذلك، سواءً كانوا من العلماء أو من غيرهم، غير أني أعذر البعض منهم لكونه قد انجرف مع التيار وظُلل بسبب الدعايات المظللة دون أن يكون واعياً بحقيقة ذلك، والدليل أن الكثير من الناس -من رجال الدين ومن غيرهم- بعدما كانوا من أشد المهاجمين له نراهم قد تراجعوا عن مواقفهم السابقة وندموا عليها أشد الندم، وأنا أحد هؤلاء.
س10/دعني أيها اﻷستاذ أشكرك بعمق على سعة صدرك وإجاباتك الرائعة على أسئلتي الثلاثة دمت أيها المبدع نبراساً نقتدي به كمفكر فذ تولد من رحم هذه اﻷرض الحبيبة علينا جميعاً، ولي من رحابة عقلك ما يغفر لي السؤال التالي: في خطبة من خطب الجمعة لسماحة السيد محمد رضا بو عدنان إمام وخطيب جامع اﻹمام الحسين عليه السلام أشار إلى شخصك باﻻسم مشيداً بقلمك داعياً إلى قراءة أطروحاتك مما أثار سخط البعض حتى وصل الحال ببعضهم أن يتهم سماحة السيد بأنه هو العقل المدبر لكل ما تكتب، ولجلاء الحقيقة لكل من أصابه غبشاً في عينيه توضيح هذه المسألة، وحبذا أستاذنا القدير توضيح رأيك في سماحة السيد أبي عدنان من حيث تعاطيه مع الحداثة وانفتاحه على أطياف المجتمع خاصة المثقفين منهم ﻻحرمنا الله من قلمك المبدع وفكرك النير ..
ج10/ كاتبنا المبدع... سؤالك هذا على طريقتك المميزة في الكثير من مقالاتك التي نشرتها في بعض الشبكات، حيث يتسم بالإثارة والمباشرة في آن واحد بلا لف ولا دوران، وهذا الأمر هو ما يعجبني في كتاباتك، ودائماً ما كنت أقول للأخوة بأني لو كنت صاحب جريدة لجعلت زاوية فيها مخصصة لكتاباتك، فلك مني أطيب التحية والتقدير وبارك الله فيك وفي قلمك.
أما بالنسبة للسؤال عن السيد محمد رضا السلمان (أبو عدنان) والثناء الذي أورده لأحد مقالاتي في إحدى خطب الجمعة، فلقد كنت أعرف مسبقاً بأنه سيكون لهذا الأمر بعض تداعياته التي آلت إليه، أما عن كون السيد –حفظه الله- هو العقل المدبر لكتاباتي كما وصفت في السؤال، فهذا غير صحيح، لأني وإلى فترة ليست بالبعيدة لم أكن على تواصل أو معرفة شخصية به، فلم أتواصل معه حتى عبر الهاتف الجوال إلا مؤخراً، وكان أول اتصال بيني وبينه بعد ما نشر أحدهم مقالاً بعنوان: (خفاش الليل.. سلمان عبدالأعلى نموذجاً)، والذي حاول فيه صاحبه أن يورد العديد من القرائن على كوني هو السيد أبو عدنان ولكن باسم مستعار، وهذا ما جعلني أشعر بالحرج الشديد، لأني لا أريد أن يتحمل غيري مسؤولية ما أكتبه، فبادرت حينها بالاتصال عليه للاعتذار منه ولتوضيح بعض الالتباسات، والحمد لله كان السيد متفهم جداً، ولم أشعر بأنه كان منزعجاً، بل كنت أكثر منه انزعاجاً واستياءً مما حدث.
أما عن شهادتي في سماحة السيد فهي مجروحة، لأنها شخصية يندر أن نجد لها مثيلاً في المنطقة، فلقد استطاع أن ينفتح على مختلف اطياف المجتمع الأحسائي، من تقليديين وحداثيين، ومن بسطاء ونخب وغير ذلك من التوجهات والاتجاهات والفئات، فمن يذهب للصلاة خلفه في مسجد الإمام الحسين (ع) يلحظ وجود فئات من كافة المرجعيات الدينية، ومن أكثر التيارات الفكرية، وكل ذلك نتيجة طبيعية لانفتاحه على كل هذه التوجهات.
س11/ما هو تقييمك لبرنامج معية الثقلين لآية الله السند؟ وهل استطاع أن يدحض فكرة اسلام القرآن؟
ج11/ من وجهة نظري لم يكن برنامج معية الثقلين موفقاً لا من ناحية الطرح ولا من ناحية الانتشار والتأثير، على الرغم من الترويج الكبير الذي بذله البعض للترويج له ولصاحبه، فلقد حاول البعض أن يوحي بأن ما سيقدمه صاحب معية الثقلين سيكون دحضاً ورداً قوياً على ما طرحه صاحب المطارحات في رمضان الماضي، ولكن بعد متابعتي لكلا البرنامجين أرى بأن صاحب المعية لم يلامس في طرحه ما ذكره صاحب المطارحات إلا في بعض النقاط الهامشية التي ليس لها دور أساسي، بل أجده قد أخفق اخفاقات كبيرة في أن يحرر محل النزاع كما يقولون، ونتيجة لذلك كانت الردود التي قدمها لا تتناسب مع ما طرحه (صاحب المطارحات)، فمثلاً على الرغم من تأكيد صاحب المطارحات بأنه لا يريد بكلامه أن يلغي دور السنة والأحاديث ولا أن يهمشها، ولكنه يريد أن يجعل المحورية للقرآن والمدارية للسنة، نجد صاحب المعية يصف هذا الكلام بأنه محاولة لإلغاء السنة وتهميش دورها وأن كلامه لا يختلف عن مقولة (حسبنا كتاب الله). وهذا مورد واحد فقط، ولو أردت أن أستعرض جميع الإخفاقات في تحرير محل النزاع لصاحب المعية لطال بما المقام كثيراً، ولذا أكتفي بهذا القدر.
س12/هل الساحة بحاجة لشكل ما من المرجعية ؟
ج12/بالتأكيد بأن الساحة لم تعد كالسابق، ولهذا فهي تحتاج لقيادات تختلف عن نمط القيادات التي كانت في السابق، وهذا ما تقتضيه طبيعة المرحلة التي نمر بها، فنحن في هذه المرحلة في مسيس الحاجة لقيادات تمتلك رؤية واضحة نتيجة لوعيها بزمانها كما جاء في الرواية "العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس" والحمد لله أعتقد بأن هناك من القيادات والمرجعيات التي تتسم بهذه السمة، غير أنها تحتاج لأن يلتف الناس حولها ليفعل دورها أكثر.
وهذا بالطبع لا يعني أن جميع قياداتنا تتسم بذلك، بل يؤسفني أن أقول بأن بعض القيادات ليس بمستوى هذه المسؤولية –على الأقل بوجهة نظري- وذلك لأنهم لم يعطوا الزمن الذي يعيشون فيه نصيبه من التفكير والتأمل والتفاعل، لأن جُل اهتماماتهم متوجهة نحو الماضي وبعيدة عن هموم الحاضر، إذ نجدهم لا يفكرون إلا بالماضي، ولا يتحدثون إلا عن الماضي، ولا يحركون ساكناً إلا لأجل شيء حدث في الماضي، حيث نجد حياتهم كلها مشدودة نحو الماضي وشخصياته وأحداثه وأبطاله، لدرجة تجدهم في غفلة عن ما يدور في واقعهم وحاضرهم، ومثل هؤلاء بالتأكيد لا يعول عليهم لبناء مستقبل أفضل لمجتمعاتهم.
س13/ما هي أبرز النقاط التي رددتم فيها على سماحة العلامة الشيخ الدهنين في موضوعكم الشيخ الدهنين وتنقية التراث؟ وهل ترى أن ردود الفعل طبيعية؟
ج13/لعل طبيعة هذا السؤال لا يتسع له صدر الواتساب، وذلك لأن إجابته طويلة جداً وتحتاج إلى عرض لرأي الشيخ الدهنين –حفظه الله- ومن ثم مناقشته والاستدلال على خلاف ما ذهب إليه، ولكن ما لا يدرك جُله لا يترك كُله كما يقال.
أبرز نقطة أراد أن يثبتها الشيخ الدهنين في حديثه هي ما كرره في محاضرته من أن "تراثنا كله نقي وصاف" كما يقول، حيث استدل على ذلك بأن فترة امتداد الحديث عند الشيعة طويلة بعكس أهل السنة، وكذلك بأن الأئمة (ع) والعلماء بذلوا الجهود الكبيرة من أجل تنقية التراث، ومنها تحذير الأئمة (ع) من كعب الأحبار، وهذا ما أراد أن يثبت الشيخ الدهنين من خلاله أن تراثنا صاف ونقي وخال من الأحاديث الموضوعة لا الضعيفة، لأن مشكلة الكثيرين أنهم لا يميزون بين الأحاديث الضعيفة والأحاديث الموضوعة كما يقول، وكذلك استدل الشيخ الدهنين بمقطع صوتي للسيد الخوئي –قدس سره- لإثبات نقاوة التراث وصفاءه.
وبالطبع بأن هذا الكلام ناقشته بالتفصيل في مقالي المُعنون بـ (الشيخ الدهنين وتنقية التراث.. عرض ومناقشة)، ولا يسع المجال هنا لإيراده بالكامل، ولكن أبرز ما ذكرته هو آراء بعض العلماء التي تثبت بأن تراثنا ليس نقياً ولا صافياً، بل وتوجد فيه روايات اسرائيليات وروايات عن كعب الأحبار، حيث استعرضت رأي العلامة الطباطبائي صاحب الميزان، وكذلك الشيخ السبحاني، والشيخ محمد هادي معرفة، والشيخ علي الكوراني، كما عرضت لبعض الروايات التي رويت في بعض مصادرنا وهي مروية عن كعب الأحبار مباشرة، وهذا ما يدحض ما قاله الشيخ الدهنين.
وأما فيما يخص استشهاد الشيخ الدهنين بكلام السيد الخوئي على عدم وجود روايات موضوعة في تراثنا، فأثبت بطلانه بالإعتماد على ما جاء في كلمات السيد الخوئي في الجزء الأول من كتابه معجم رجال الحديث، وسوف أنقل ما ذكرته من رأي السيد الخوئي نظراً لأهميته في الآتي.
نظرة السيد الخوئي للكتب الأربعة (كتاب الكافي نموذجاً)
مر بنا أن الشيخ الدهنين نسب إلى السيد الخوئي أنه يرى أن تراثنا نقي، ولقد بينا فيما سبق بأن هذا الكلام غير صحيح، وسوف ننقل لكم كذلك رأي السيد الخوئي -رحمه الله- في كتاب الكافي كنموذج لنظرته للكتب الأربعة، وهل يراها نقية ولا يوجد بها أحاديث موضوعة كما يقول الشيخ الدهنين أم لا؟!
أستطع أن أؤكد أن السيد الخوئي لا يقول بما يقول به الشيخ الدهنين، بل ويرفض ما استدل به الشيخ الدهنين من كلام الشيخ الكليني في مقدمة كتابه (الكافي) على عدم وجود روايات موضوعة، حيث يقول إن ظاهر كلام الكليني انه "لم يكن يعتقد صدور روايات كتابه عن المعصومين عليهم السلام جزماً، وإلا لم يكن مجال للاستشهاد بالرواية على لزوم الأخذ بالمشهور من الروايتين عند التعارض، فإن هذا لا يجتمع مع الجزم بصدور كليهما؛ فإن الشهرة انما تكون مرجحة لتمييز الصادر عن غيره، ولا مجال للترجيح بها مع الجزم بالصدور" .
وللأسف أن ما ذكره الشيخ الدهنين هو ترديد لعبارات بعض علماء الأخبارية الذين يرون بقطعية صدور ما جاء في الكتب الأربعة وأمثالها، وهذا ما يرفضه السيد الخوئي في قوله: "ذهب جماعة من المحدثين إلى أن روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور. وهذا القول باطل من أصله. إذ كيف يمكن دعوى القطع بصدور رواية رواها واحد عن واحد، ولا سيما أن في رواة الكتب الأربعة من هو معروف بالكذب والوضع" .
وبعدها نجد السيد الخوئي يذكر أهم ما ذكره الأخباريين لإثبات صدور روايات الكتب الأربعة عن المعصومين، إذ يقول: "وأحسن ما قيل في ذلك هو: أن اهتمام أصحاب الأئمة عليهم السلام وأرباب الأصول والكتب بأمر الحديث إلى زمان المحمدين الثلاثة -قدس الله أسرارهم- يدلنا على أن الروايات التي أثبتوها في كتبهم قد صدرت عن المعصومين عليهم السلام، فإن الاهتمام المزبور يوجب -في العادة- العلم بصحة ما أودعوه في كتبهم، وصدوره من المعصومين عليهم السلام" .
وفي مقام رد كلامهم يقول السيد الخوئي: "وأما ما ذكر من شهادة محمد بن يعقوب بصحة جميع روايات كتابه وأنها من الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام ، فيرده:
أولاً: إن السائل إنما سأل محمد بن يعقوب تأليف كتاب مشتمل على الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام، ولم يشترط عليه ان لا يذكر فيه غير الرواية الصحيحة، أو ما صح عن غير الصادقين عليهم السلام.
وثانياً: لو سلمنا أن محمد بن ر شهد بصحة جميع روايات الكافي، فهذه الشهادة غير مسموعة، فإنه إن أراد بذلك ان روايات كتابه في نفسها واجدة لشرائط الحجية، فهو مقطوع البطلان؛ لان فيها مرسلات، وفيها روايات في اسنادها مجاهيل ومن اشتهر بالوضع والكذب كابن البختري وأمثاله. وان أراد بذلك أن تلك الروايات وان لم تكن في نفسها حجة إلا أنه دلت القرائن الخارجية على صحتها ولزوم الاعتماد عليها، فهو أمر ممكن في نفسه، لكنه لا يسعنا تصديقه وترتيب آثار الصحة على تلك الروايات غير الواجدة لشرائط الحجية؛ فإنها كثيرة جداً، ومن البعيد جداً وجود أمارة الصدق في جميع هذه الموارد، مضافاً إلى أن إخبار محمد بن يعقوب بصحة جميع ما في كتابه حينذ لا يكون شهادة، وإنما هو اجتهاد استنبطه مما اعتقد أنه قرينة على الصدق. ومن الممكن أن ما اعتقده قرينة على الصدق لو كان وصل إلينا لم يحصل لنا ظن بالصدق أيضاً، فضلاً عن اليقين.
ثالثاً: أنه يوجد في الكافي روايات شاذة، لو لم ندع القطع بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام فلا شك في الاطمئنان به، ومع ذلك كيف تصح دعوى القطع بصحة جميع روايات الكافي وأنها صدرت من المعصومين عليهم السلام.
ومما يؤكد على ما ذكرناه من أن جميع روايات الكافي ليست بصحيحة: أن الشيخ الصدوق –قدس سره- لم يكن يعتقد صحة جميع ما في الكافي وكذلك شيخه محمد بن الحسن بن الواليد على ما تقدم من أن الصدوق يتبع شيخه في التصحيح والتضعيف.
إلى أن يخلص السيد الخوئي إلى هذه النتيجة: "والمتحصّل أنّه لم تثبت صحّة جميع روايات الكافي، بل لاشكّ في أنّ بعضها ضعيفة، بل إنّ بعضها يطمأن بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام. واللّه أعلم ببواطن الامور" .
وهذه الكلمة واضحة في أنه لا يدعي عدم وجود روايات موضوعة في الكتاب، أو أن "تراثنا كله نقي" كما يقول الشيخ الدهنين وينسبه له، وإلا كيف نفهم عبارته "إن بعضها يطمأن بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام"؟!! ولو أكتفينا بهذه العبارة فقط لكفتنا لإثبات عدم صحة ما ذكره الشيخ الدهنين. (وما ذكرته في السابق هو ما أورده السيد الخوئي في كتابه معجم رجال الحديث ج1 ص82 وما بعدها ولقد نقلته لكم باختصار وببعض التصرف)، وأعتقد بأن ما ذكرته يكفي لأخذ تصور إجمالي، ومن يريد الزيادة، فعليه أن يرجع لأصل المقال: (الشيخ الدهنين وتنقية التراث.. عرض ومناقشة) على الرابط التالي:
http://almoterfyy.net/dd22.pdf
وأما عن ردود الأفعال حول الموضوع، فلا أعتقد بأنها كانت صحيحة، لأن غالبيتها كانت عاطفية وتفتقر للعقلانية والمنطق، وإلا فما المانع من هذه المناقشة التي قدمتها للشيخ الدهنين إذا كانت مبنية نقض عقلاني واستدلالات علمية صحيحة وواضحة، ويمكن لمن يرى خلاف ذلك أن يناقش الموضوع بنفس الأسلوب الذي اتبعناه، وأن لا يلجأ لأساليب الوعيد والتهديد والتشهير والتسقيط وما شابهها.
س14/فكرة الحوزة والمرجعية وتوابعها فكرة متأخرة، ما زالت تمر بمفاهيم عاصمة لها كالأعلمية وولاية الفقيه وغيرها.. هل تقع في خانة السياسي أم الديني وإلى أين تذهب؟
ج14/بالتأكيد أن الكثير من المفاهيم الحوزوية كالأعلمية مثلاً تعاني من الضبابية في تحديد المراد الدقيق منها، فضلاً عن تشخيص المصداق الحقيقي لها في الواقع، وهذا ما قد يجعل البعض يستغل بعضها ويوظفه لصالحه توظيفاً سلبياً، وما أكثر الصراعات التي تقع بين الناس نتيجة لعدم التحديد الدقيق للمفهوم، فضلاً عن صحة تشخيصه على أرض الواقع، وهذا الأمر كما يشمل الأعلمية يشمل ولاية الفقيه أيضاً، فمن الممكن أيضاً أن تعرض ولاية الفقيه من جانب واحد فقط، كأن تبين مسؤوليات وواجبات الأمة على الولي الفقيه، وتتجاهل مسؤوليات وواجبات الولي الفقيه على الأمة، ففي مثل هذه الحالة قد تتحقق الدكتاتورية الدينية والسياسية باسم الله والعقيدة والشرع المقدس!!
ولهذا من الخطأ التعويل فقط على هذه العناوين، إذ لا ينبغي أن ندخل في صراعات حول الأعلمية أو ولاية الفقيه، وليكن محور تركيزنا واهتمامنا حول دور ونجاح أصحاب هذه المشاريع في الواقع العملي وما يمكن أن يقدموه لنهضة مجتمعاتهم.
س15/خروج بعض المراجع في مقاطع يوتيوب كشف عن هشاشة فكرية لدى بعضهم كما كسر الصورة البالونية للمجتهد أو المرجع، كيف تقرأ ذلك؟
ج15/أعتقد بأن هذا الأمر إيجابي جداً لتعرف الأمة من تنتخب، لأني أعتقد بأن المرجعية في واقعها وحقيقتها ليست كما يصورها البعض وكأنها وفي كل تصرفاتها وسلوكياتها محاطة بهالات من القداسة التي تقترب من العصمة في الكثير من الأحيان، فشأنهم في هذا الجانب شأن الكثير من الناس، حيث أنهم متفاوتون في مستوياتهم العلمية والفكرية والثقافية، بل والسلوكية وغيرها، وأعجب كثيراً ممن يشكك في ذلك وهو يعترف بأن الأنبياء يتفاوتون فيما بينهم، (وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) ولا يقبل هذا الأمر بالنسبة للمراجع !!
س15/ المرجعيات التي تمتلك صوتاً ناقداً للداخل الاثني عشري يطالها السب والشتم ومحاولة التهميس، ماذا يعني ذلك؟
ج15/هذه النتيجة هي نتيجة طبيعية لأي صوت يصرخ في وجوه بعض المألوفات الاجتماعية التي يصورها الكثيرون على أنها من أصل الدين، والأصوات التي اتجهت لهذا الاتجاه حوربت وموس في حقها مختلف أساليب التشويه والتسقيط، ولو حذفنا جميع الشخصيات التي فعل بها ذلك من تاريخ التشيع، لما كان للتشيع تاريخ علمي يستحق الاحترام والتقدير، لأن هذه الشخصيات دائماً ما تكون هي الشخصيات الواعية والفاعلة والتي تترك آثاراً وبصمات واضحة حتى بعد رحيلها عن هذه الحياة.
س16/حاشيات المراجع ووكلائهم يشكلون أحياناً انطباعاً خاصاً عن طبيعة المرجع، كيف تعمل هذه الدائرة؟
ج16/بالتأكيد أن هذا يعطي مؤشراً واضحاً عن طبيعة سير نظام المرجعية، وأنا هنا لا أتكلم عن شخص المرجع وكفاءاته ومؤهلاته الذاتية، بل عن النظام المرجعي (وأعيدها ثانية النظام المرجعي لكي لا يساء الفهم) فللأسف الشديد أن بعض الوكلاء يسيئون للمرجعية من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فالكثير منهم يستغل تمثيله لمقام المرجعية لتمرير مشاريعه الشخصية أو لفرض قناعاته على أتباع ذلك المرجع، ولدي تجربة شخصية مع أحد الوكلاء الكبار الكبار في الأحساء، وكيف أنه استغل مقام المرجعية ليوجه الناس كما يريد هو لا كما تريد المرجعية التي ينتسب إليها (ولأهداف غير مشروعه)، وإن كان يبرر ما يقوم به بعناوين شرعية براقة وجذابة كالقول بأنه يقوم بتكاليفه الشرعية !!
ولهذا فلاشك أن هناك مواطن خلل أو على الأقل مواطن ضعف في عمل بعض الأنظمة المرجعية من الناحية الإدارية (بغض النظر عن النواحي العلمية طبعاً)، والسؤال كما أرى يفترض أن يكون كيف يفترض أن تعمل هذه الدائرة بدلاً من كيف تعمل؟ والإجابة على ذلك بالتأكيد هو في اتباع الطرق والأساليب العلمية في علم الإدارة، لأنه العلم المتكفل بمثل هذه الأمور.
ففي علم الإدارة مثلاً هناك عدة وظائف رئيسية لكل عملية إدارية وهي: التخطيط، التنظيم، التوجيه أو القيادة، الرقابة، ولكن للأسف أننا لو تفحصنا عن واقع هذه العمليات الإدارية في الكثير من الأنظمة المرجعية لوجدناها تعاني من علات كثيرة في كل وظيفة من الوظائف السابقة.
س17/مازالت الحوزة تعمل ضمن الآليات المنهجية التقليدية، هل ذلك بسب العجز، أم الخوف من نتائج استخدام المناهج المنطقية الحديثة؟
ج17/في اعتقادي أن الحوزة العلمية ونظام المؤسسات الدينية بحاجة للعمل على ثلاثة مستويات: أولاً: التنظيم الإداري، ولقد ألمحنا لهذا الجانب في جواب السؤال السابق، وقلنا بأنه من الضروري الاستفادة من الطرق والأساليب العلمية في علم الإدارة، وذلك لأنه العلم المتكفل بوضع الآليات الفاعلة لأي عمل إداري ناجح وفعال.
وأما المستوى الثاني وهو ما يناسب الجواب عن هذا السؤال، فينبغي الاستفادة من نظريات ومناهج العلوم الأخرى في الدراسة الحوزوية، وبالخصوص مناهج العلوم الإنسانية الحديثة، ولو كان ذلك من خلال الاستفادة منها لتأصيل بعض القواعد في علم الأصول، لأن علم الأصول هو منطق الفقه -كما يقول الشهيد الصدر في المعالم الجديدة للأصول- وهذا وإن كان موجوداً ولكنه يبقى في أطر محدودة جداً، فعلى سبيل المثال نجد أن السيد السيستاني –حفظه الله- استفاد من بعض الحقول المعرفية كعلم الفلسفة وعلم القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع في علم الأصول كما يذكر السيد منير الخباز في تقراراته له في الرافد في علم الأصول.
وكذلك نجد هذا الأمر بارزاً وبوضوح في الدروس الأخيرة للسيد كمال الحيدري في علم الأصول في بحوث تعارض الأدلة، وبالتأكيد بأنه يوجد ذلك عند غيرهما أيضاً، ولكن كما أشرنا سابقاً يبقى هذا الأمر في حدود معينة، وذلك لأن الاطلاع على هذه العلوم والاستفادة منها مرهون بالجهد الشخصي لطالب العلم في الحوزة، لأن هذه العلوم -على حد علمي- ليست من العلوم الأساسية التي يهتم بدراستها ومطالعتها في أجواء الحوزات العلمية عادةً.
ولذلك ينبغي أن تبذل الجهود لإدخال هذه العلوم إلى أجواء الدراسة الحوزوية، لأن العالم إذا كان مطلعاً عليها وملماً بها وبمناهجها فإنه بالتأكيد سوف يستفيد منها، لأن المشكلة الأساسية لعدم الاستفادة من هذه العلوم كثيراً ما تكون بسبب عدم الاطلاع الكافي عليها أو عدم الإلمام بآلياتها ومناهجها.
طبعاً لا يفوتني الإشارة أيضاً إلى أن العائق قد يكون أن بعضهم يرفض ما آلت إليه هذه العلوم في الغرب، لأنه يدعو إلى أسلمة هذه العلوم، ويطالب بـ علوم إنسانية إسلامية، وذلك لأنه يعتقد أن للإسلام رؤية خاصة مميزة له في هذه المجالات، وهي –كما يراها- تختلف في بعض منها عن النتائج التي عليها هذه العلوم عند الغرب، ولكن تبقى هذه الفكرة غير متحققة، وإن كانت هناك بعض المحاولات إلا أنها لم تستطع أن تحقق ما يمكن اعتباره فتحاً علمياً في هذه الجانب.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه أيضاً ينبغي الاستفادة من نتائج العلوم الحديثة في إعداد المناهج الحوزوية، فالكثير من هذه المناهج كتب بطريقة تقليدية غير مناسبة للمناهج العلمية المعاصرة، ففي هذا العصر أصبح هناك علم يتناول هذا الجانب باسم علم المناهج، ولابد أن يتم كتابة الكتب الدراسة الحوزوية بالإعتماد على أصول هذا العلم، وللأسف الشديد أنه إلى الآن لم تعد الكثير من الكتب والمناهج التي تدرس في الحوزة وفقاً لآلياته ومناهجه، فالكثير من الكتب التي تدرس في الحوزة العلمية ككتاب شرائع الإسلام واللمعة الدمشقية والمكاسب وغيرها لم تكتب في أساسها كمناهج للدراسة، بل كتبت لبيان رؤية العلماء الذين كتبوها في هذه المسائل، هذا فضلاً عن كونها كتب قديمة بحاجة للتجديد، ويمكن الاطلاع على كتاب (أزمة العقل الشيعي) لمختار الأسدي لمعرفة بعض ما تعانيه هذه الكتب من إشكاليات بحاجة للمعالجة.
وهنا لا يفوتني أن أشيد بتجارب بعض العلماء كالشيخ المظفر والشهيد الصدر والشيخ الفضلي وغيرهم ممن اعتنوا بإعداد مناهج دراسية للحوزات العلمية، فتجربة الشيخ المظفر في كتابيه المنطق وأصول الفقه، وتجربة الشهيد الصدر في الحلقات للأصول كلها كتب كتبت كمناهج دراسية وليس لبيان الرؤية الخاصة لهم في هذا العلم، كما أحب أن أشيد كذلك بتجربة شيخنا الدكتور عبدالهادي الفضلي –رحمه الله- الذي اهتم بهذا الجانب اهتماماً بالغاً، وكمثال بسيط على جهوده هذه ما كتبه في كتابه (مذكرة المنطق) وهو غير كتابه الشهير (خلاصة المنطق)، حيث أنه كتب (مذكرة المنطق) كمنهج دراسي للجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بلندن، وبوبه بأسلوب عصري حديث، وحذف بعض المباحث غير الضرورية التي تبحث عادةً في علم المنطق، وأضاف بعض المباحث التي من المهم معرفتها بحسب العلم الحديث كبحثه لمناهج البحث العلمي ضمن الكتاب المقرر للدراسة في الجامعة.
س18/تأثر المذهب الشيعي بكل فرقه في كل مراحله بالدولة التي كان عدم مشروعية تكوينها من مسلمات الاثني عشرية، هل أساء الخروج عن هذه المسلمات للمذهب؟
ج18/ للأسف لم يتضح لي المراد من السؤال.
س19/المجاميع الحديثية الاثني عشرية جاءت متأخرة جداً عن المجاميع الحديثية الأخرى متأثرة بها وحاملة لكثر من أخطائها ومشاكلها، كيف يمكن تجاوز هذه الأزمة؟
ج19/إن مشكلة هذه الكتب الحديثية بوجهة نظري ليست هي ما فيها من أخطاء ومشاكل فحسب، بل في رفض الاعتراف بها أو التقليل من حجمها مما يؤدي إلى عدم الاهتمام بمعالجتها ورفض أي محاولة تبذل في هذا السبيل، فنحن نجد أن كل من اقترب من مساحتها وأراد أن يعالج بعض إشكالياتها خارج النواحي الفقهية لم يسلم من التهجم وحملات التسقيط، فمن يراجع ما حدث مع الشيخ البهبودي والشيخ آصف محسني والشيخ الراضي والسيد الحيدري وغيرهم يدرك هذه الحقيقة بوضوح، وهي أن أي شخص يُطالب أو يمارس أي دور لتنقية التراث في غير الجوانب الفقهية، فإنه سيتعرض لما أشرنا إليه.
والمشكلة أن الكثير من ردود الأفعال على هؤلاء لم تكن في رفض النتائج التي توصلوا إليها أو بعضها، بل في مهاجمة أصل الفكرة (تنقية التراث)، وهذا أعلنه صاحب برنامج معية الثقلين رداً على المطالبة بتنقية التراث، حيث ذكر أن المشكلة ليست في التراث، وإنما في عقول المطالبين بتنقيته !!
والغريب أننا نجد بعض الرافضين لتنقية التراث يكررون نفس عبارات المحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية والحر العاملي في خاتمة الوسائل لإثبات أن تراثنا نقي وصاف وليس بحاجة لأية جهود لتنقيته، رغم إدعائهم بكونهم أصوليون!!
ومن هنا فإن أبرز وأهم مشكلة تواجهنا في هذا الجانب، هي عدم الاعتراف بأن تراثنا بحاجة لتنقية وغربلة، ولذا فإن علينا إذا ما أردنا أن نعالج هذه الإشكاليات أولاً وقبل كل شيء أن نعترف بوجودها ونحدد مواطنها بدقة، وهذه هي أولى خطوات المنهج العلمي في حل المشكلات، فإذا كانت الخطوة الأولى مفقودة، فإنه بالتأكيد لن نستطيع إكمال الخطوات اللاحقة لها.
س20/هناك جهل واسع في الوسط الاثني عشري بالفرق الشيعية، وحالة وهم متأصلة أن هذه الفرق ضالة، ما نتيجة التفكير بهذه الطريقة؟
ج20/في البداية لابد من التأكيد على أن الحق واحد لا يتعدد، ولكن هذا لا يعني أنه مشخص بكامله في جهة معينة أو زاوية محددة، فالمشكلة أننا في بحثنا أو اختلافنا نتصور أن الحق هو واضح وجلي وهو ما نقوله أو نعتقده طبعاً، وعلى هذا الأساس نتعامل مع من يختلف معنا على أنه رافض للحق ومعاند له، وكيف لا يكون كذلك ونحن نراه مصر على اتباع الباطل؟!! والمسألة في الأعم الأغلب ليس على هذه الشاكلة، لأن من يخالفنا أيضاً يرى نفس الشيء ولكننا نغفل عن ذلك، وهنا أتذكر كلمات للدكتور علي الوردي الذي يصف الاختلافات التي تدور بين الناس بأنها نفس ما يدور مع المجنون وأفراد مجتمعه، (فهم يضحكون على عقله وهو يضحك على عقولهم)، فلكل قناعاته التي يعتقد بأنها هي الصواب.
لذا ينبغي أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، كما ينبغي أن نعلم أيضاً بأنه لا يوجد من يملك الحقيقة المطلقة إلا من عصمهم الله سبحانه وتعالى، وإن أي إنسان لا يملك هذه العصمة حتى وإن أدعى ذلك أو تصرف على أساس من ذلك فهو واهم.
لذلك فإن علينا أن لا نربك واقعنا الاجتماعي نتيجة لهذه التوهمات التي قد لا يكون هناك أي أساس لها، كما علينا أن نحسن الظن بالآخرين الذين يختلفون معنا في الآراء والتوجهات ونحفظ لهم الحق في ذلك.
س21/هناك فتاوى تحذر بل تجرم وتحرم ما يسمى بكتب الضلال، هل ذلك حرمنا من التعالق مع الكتب الفكرية في الشرق الإيراني أو الغرب العربي فضلاً عن الفكر الاجنبي في النواحي الأخرى؟
ج21/بالتأكيد بأن هذه إشكالية كبيرة جداً، لأنها تحد من التواصل الفكري والانفتاح على نتاجات الآخر حتى وإن كان من المسلمين فكيف بغيرهم؟! فمثلاً كتب الشيعة بالنسبة لأهل السنة هي كتب ضلال فمن الطبيعي أن يمنعوها التزاماً منهم بالفتاوى الفقهية التي عندهم، وكذلك قد يكون العكس عند البعض، هذا فضلاً عن الفكر الآتي لنا من خارج الدائرة الإسلامية أو الفكر المحسوب على الفكر الإسلامي، كما أن هناك اختلافات أيضاً حتى بين بعض التيارات داخل المذهب الواحد، فكل تيار قد يرى أن كتب الآخر هي من كتب الضلال التي يحرم تداولها أو قراءتها أو حتى الاحتفاظ بها كما لدى بعض الفقهاء.
وهذه الإشكالية تكمن في تشخيص المراد الدقيق من كتب الضلال، لأن بعض الكتب عند فئة تعتبر كتب ضلال، ولكنها عند آخرين ليست كذلك، وكمثال على ذلك نجد أن بعض العلماء يرى أن كتب الفلسفة كتب ضلال وتحرم قراءتها وتعلمها، في حين نجد قسماً آخر وهم من العلماء أيضاً يعتقد أن كتب الفلسفة كتب مفيدة والاطلاع عليها يحقق ضرورات معرفية مهمة جداً وهكذا.
ولو تجاهلنا كل هذه الإشكاليات وغيرها، وقلنا بأن على كل مقلد أن يتبع قول مرجعه، فهذا لا يحل المسألة أيضاً، لأن مرجع التقليد لو حرم هذه الكتب، فحكمه غير ملزم لمقلديه فضلاً عن غيرهم، لأن المقلد ينبغي له الرجوع لمرجعه في الأحكام لا في الموضوعات (غير المستنبطة)، وبالخصوص لمن يرجع لمرجع لا يرى ثبوت الولاية العامة للفقيه، فلو صدرت فتوى من مرجع لأتباعه بتحريم كتب الضلال، فلاشك أن تحريم مثل هذه الكتب ملزم شرعاً للمقلد، وأنه لا يجوز له شرعاً أن يقرأ كتب الضلال، ولكن لو قام المرجع بتشخص كتب بعينها وعدها من ضمن كتب الضلال التي يحرم تداولها أو الاطلاع عليها، فهذا الأمر غير ملزم بالضرورة لمقلديه فضلاً عن مقلدي غيره، وذلك لأنه متعلق بالموضوعات لا بالأحكام، إلا إذا اعتقد المقلد أن هذه الكتب يصدق عليها عنوان كتب الضلال بالفعل.
س22/ما رأيك في صراع التيارات الدينية في الأحساء، وهل هو خاضع للمصالح الشخصية؟
ج23/ ستكون الإجابة عن هذا السؤال من خلال النقاط التالية:
ينبغي التأكيد بأن الصراعات الفكرية ليست سلبية دائماً، حيث لها الأثر الكبير في الإسهام في تقدم المجتمعات، لأن المجتمعات كما تحتاج التقليديون تحتاج الإصلاحيون، فهما الرجلان الذي يمشي بهما المجتمع كما في تشبيه الدكتور علي الوردي في بعض كتبه، فعلينا أن نعرف أن لهذا الأمر إيجابيات كما له من تداعيات سلبية.
الأحساء كغيرها من المناطق ليست بمنأى عن ذلك، فهي تعيش صراع التيارات الدينية منذ القدم، وإن كانت في السابق ليست على الشاكلة التي هي عليها في الوقت الحاضر لا في الدرجة ولا بالنوع، فالصراعات الحالية أكثر وأكبر وأوضح مما هي عليه في السابق، وأعتقد بأن هذا أمر واضح للمهتمين بهذا الشأن.
بالتأكيد بأن بعض هذه الصراعات هي نتيجة لاختلاف الرؤى بين الأطراف المتصارعة، ولكن ليس هذا هو الغالب، ففي اعتقادي الشخصي بأن أغلب هذه الصراعات هي نتيجة لاختلاف المصالح والأهواء الشخصية أكثر من كونها راجعة للاختلاف في القناعات والرؤى الفكرية أو الدينية، فبعض رجال الدين مثلاً لجأ لتشكيل بعض التنظيمات الواتسابية –إن صح التعبير- لتصفية خصومه ومناوئوه بتسقيطهم، وذلك من خلال ترويج الأكاذيب وتضخيم بعض كلماتهم وحرفها عن مواضعها الطبيعية، وكتابة بعض الكتب التسقيطية بأسماء مستعارة لا حقيقة لها، وكل هذه الأمور تشير إلى أن المصالح الشخصية وليست الشرعية هي من تقف وراء ذلك، وإلا لماذا تلقى مثل هذه التصرفات رعاية ومباركة ودعم من بعض الشخصيات الدينية البارزة وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة.
س23/ما سر ذعر الأحسائيين خاصة والخليجيين عامة من طرح السيد الحيدري، هل يقع ذلك في دائرة الصراع أم ؟
ج23/لعل جواب هذا السؤال هو امتداد طبيعي لما قبله، فهو جزء من الصراع بين التيارات الدينية المختلفة.. أما عن الذعر من اطروحات السيد الحيدري في الأحساء خاصة وفي الخليج عامة كما في السؤال، فلا نستطيع أن نعمم بهذه الكيفية، لأن هناك فئات كان تعاطيها من اطروحات السيد الحيدري إيجابياً أو لنقل أنه على الأقل ليس سلبياً، كما أنه حتى أولئك الذين كانت لديهم مواقف سلبية فهم أيضاً ليسوا على وتيرة واحدة، فبعضهم انطلقوا من منطلقات فكرية ورفضوا اطروحات السيد الحيدري لوجود قناعات عندهم تخالفها، وهؤلاء من حقهم الدفاع عن قناعاتهم، ولكن المشكلة هي في الفئة التي تفاعلت مع اطروحات السيد الحيدري تفاعلاً سلبياً بصورة غير منطقية، وهذه الفئة كثيراً ما تكون مواقفها وتصرفاتها بهذه الكيفية، إذ ليس الأمر مختصاً بموقفهم مع السيد الحيدري فقط، فمن يراجع تاريخهم ومواقفهم من العديد من الأفكار المطروحة أو من الشخصيات الدينية أو الفكرية الأخرى يلحظ بأنهم دائماً ما تكون مواقفهم هي نفسها أو شبيهة منها، لأن هذه الشخصيات تعيش وتعتاش على الأزمات والصراعات والفتن، بل ولعلي لا أكون مبالغاً لو قلت بأن هؤلاء إذا لم يجدوا فتنة أو أزمة يشغلون بها أنفسهم، فإنهم سيقومون بخلق وابتكار أزمات جديدة، وذلك لأنهم لا يحسنون إلا ذلك، وفي الحقيقة إني أعذرهم لأنهم لو تركوا الخوض في هذه الصراعات لم يجدوا ما يشغلوا به انفسهم، لأنهم سينتهون اجتماعياً، لأنهم لا يحسنون صنع أمر آخر، ومع ذلك نجدهم كثيراً ما يصورون أنفسهم -في كل أزمة أو فتنة- أنهم هم المنقذون والمتصدون لأصحاب الشبهات والباطل، على الرغم من أنهم لا يجيدون الرد العلمي ولا يحسنون إلا تهييج العواطف ضد من يريدون تسقيطه والتشهير به، ومثل هؤلاء بالتأكيد يدافعون عن مصالحهم الشخصية، وإن أظهروا ما يقومون به بأنه دفاع عن الدين والعقيدة أو أهل البيت (ع) والمرجعية الدينية!!
س24/الذاكرة الشيعية الاثنا عشرية، ذاكرة تكونت بطريقة خاصة وكان للتاريخي والسياسي أثراً فيها، هل تجد أنها بحاجة لنفض وغربلة؟
ج24/بالتأكيد بأنها بحاجة للغربلة لتصفية ما علق بها عبر التاريخ، لأن الأحداث والذاكرة تؤثر في فكرها ومسيرتها، وينبغي مراجعة هذه المسيرة ودراستها وتمحيصها، وبالخصوص تراث العلماء وأقوالهم، ومن هنا تأتي ضرورة القراءة النقدية لشخصياتنا وأفكارنا ونظرياتنا، بدلاً من القراءة التبجيلية السائدة التي لا تجيد إلا التغني بالأمجاد السابقة ولا تلتفت إلى السلبيات.
س25/المفاهيم العاصمة أو الضامنة لأحقية مذهب او فرقة على حساب الأخرى، كيف تقرؤها، وماذا عن انحسار مفاهيم وتكون أخرى حسب المتغيرات؟
ج25/ ما عبرت عنه بالمفاهيم العاصمة أو الضامنة لأحقية مذهب أو فرقة على فرقة أخرى موجود عند كل الأديان والمذاهب، بل وعند كل التيارات الفكرية، فعلى سبيل المثال نجد أن التعددية الدينية التي جاء بها جون هيك كانت في أساسها عبارة عن تساؤل مطروح عنده وهو: كيف أن المستضعفين والأبرياء من غير المسيحيين سيعذبون أخروياً وسيدخلون النار؟!
ولهذا بحث هذه المسألة ونظر للتعددية الدينية التي يعتقد بها، وهذا التساؤل كما هو واضح موجود عند كل الأديان والمذاهب وليس فقط في الديانة المسيحية، طبعاً لا أريد هنا التأكيد بأن التعددية الدينية التي جاء بها جون هيك صحيحة أو غير صحيحة فهذا بحث آخر، وإنما أريد أن ألفت النظر إلى هذه الحقيقة التي قد يجهلها الكثيرون، وهي أن كل الأديان والمذاهب يوجد لديها بعض المفاهيم التي تميزها وتثبت أحقيتها على غيرها من الأديان والمذاهب الأخرى، بل إننا نجد ذلك حتى عند المذاهب أو التيارات الفكرية الوضعية، فماركس مثلاً يرى الحتمية التاريخية للاشتراكية، وأن المجتمعات البشرية سائرة نحو الاشتراكية، وكذلك نجد أيضاً فرانسيس فوكوهاما يرى بأن نهاية التاريخ في الشكل الليبرالي، وهكذا كل المذاهب والتيارات الفكرية، حيث تدعي ذلك وتتكون لديها بعض المفاهيم التي تثبت من خلالها تميزها على من يخالفها.
ولهذا من الضروري دراسة هذه النصوص وقراءتها قراءة نقدية قبل التسليم بها وإن كانت نصوصاً دينية، فلابد من دراستها ومحاكمتها، والتأكد منها ومن فهمها، قبل التسليم بها والعمل على أساسها.
س26/أستاذ سلمان كل الشكر والامتنان لك على سعه صدرك لأسئلة الأعضاء ووجودك بيننا يضفي للملتقى طعم آخر...اسمح لي أن أطرح عليك بعض التساؤلات برأيك البالونات التي فجرت مؤخراً داخل الوسط الشيعي، وخصوصاً عوام الشيعة من غير الطبقة الحوزوية، وفي هذا الوقت بالذات، والحراك الغير مسبوق من قبل شخصيات ثقافية لها من الوزن الشي الثقيل ضد أفكار أو شخصيات أو معتقدات أو أفكار أو حتى ممارسات طرحت قديماً أو حديثاً سببها الاحساس بالتقصير والاهمال والإقصاء، وعدم ممارسة الدور المطلوب من قبل بعض المرجعيات سواءً كانت ايضاحات أو أفكار أو حتى معتقدات??
وفي رأيكم هل عملية الاقصاء الذي تمارسه بعض الشخصيات الدينية في حق بعض المثقفين أمر صحي لاعتقادهم بأنه لا يجب الخوض في ملعب لا يحسن المثقف اللعب به?
ج26/هذا السؤال في غاية الأهمية، وكثيراً ما يتردد على ألسن بعض رجال الدين المنغلقين ومن لف لفهم وهو: لماذا التدخل في غير الاختصاص؟ ونتيجة لذلك نجد ممارسة العديد من أساليب الإقصاء –من اتهام وتشكيك وتسقيط وسوء ظن وغيرها- مع من يتهمونه بأنه دخل في دائرة غير اختصاصه، وهناك عدة نقاط ينبغي أن تتضح لكل من يفكر بهذه الطريقة، وسوف نستعرضها من خلال النقاط التالية:
أولاً: ليس كل رجال الدين هم من أهل الاختصاص، لأننا نجد بعضهم في غاية الجهل والتخلف في بعض نواحي المعرفة الدينية، ومع ذلك ربما نجدهم أكثر حماساً من غيرهم في مهاجمة بعض أصحاب الأطروحات الذين ربما يكونون أكثر منهم علماً وإطلاعاً في هذه النواحي، وذلك بصفتهم غير مختصين كما يدعون، ولذلك فالاختصاص ليس شعاراً أو عنواناً أو شكلاً، بل هو إلمام وتمكن في ممارسة النواحي التي يدعى فيها الاختصاص في الواقع.
ثانياً: ليست كل المسائل والقضايا الدينية هي قضايا تخصصية، فالكثير من القضايا الدينية هي قضايا عامة لا تحتاج لمتخصص لإبداء الرأي فيها، فالكثير منا يبدي رأيه في بعض القضايا التي قد لا يكون متخصصاً فيها، لأنها لا تحتاج للاختصاص، فمثلاً هل من المنطقي أن نقول لمن يتكلم اللغة العربية لا يحق لك الكلام بها إلا بعد التخصص فيها، أو نقول لمن يعطي تقييماً عن بعض الأوضاع الاجتماعية التي تخصه بأن لا يحق لك الكلام فيها لأنك غير متخصص في علم الاجتماع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى علم الاقتصاد والسياسة وغيرها.. ولذا لا أظن أن هذا الأمر مقبول ومنطقي على إطلاقه.
ثالثاً: صحيح قد يكون الشخص المناقش ليس صاحب تخصص في العلوم والمعارف الدينية، ولكنه ربما يكون على اطلاع ويمتلك ثقافة جيدة فيها، أو قد يكون معتمداً فيما يطرحه على آراء بعض المختصين في هذه المجالات ويستشهد بها، وإذا كان كذلك فما هو الإشكال؟!! لأنه في هذه الحالة لم يعطي رأياً في تخصص ليس من اختصاصه، بل اعتمد على آراء بعض المتخصصين.
رابعاً: لو سلمنا بأنه لا ينبغي أن يناقش غير المختص في أية قضية أو مسألة من دينية، فلماذا نجد المختصين يطرحون بعض هذه القضايا أمام غير المتخصصين، فالبعض من المختصين (من رجال الدين) مثلاً يستعرض بعض الأفكار التي هي موضع خلاف بين المختصين أنفسهم أمام عامة الناس، فنجدهم يدعمون رأياً ويرفضون رأياً آخر، ويحاولون إقناع الناس بما يروه في هذه المسائل الخلافية، وهذا الأمر قد يتسبب في استفزاز عقول هؤلاء الناس مما قد يؤدي إلى قيامهم بالبحث الذي قد يوصلهم إلى تبني رأياً مخالف لما طرح عليهم، فهل هناك مشكلة في ذلك؟! لأن طرح المواضيع على عامة الناس –كما أفهمه- هو دعوة لهم لمناقشة هذه المواضيع والبحث عنها، ولذا فلا يصح بعدها مهاجمتهم بحجة أنكم غير متخصصين بها.
خامساً: إن المهم في هذه القضايا ليس التخصص فيها، بل قيمة الأفكار المقدمة، فالتخصص ليس عاصماً من الوقوع في الخطأ، ومن الممكن أن يخطأ صاحب التخصص، ويصيب غير المتخصص، إذ ليس بالضرورة أن يأتي التدخل في اختصاصات الغير بآراء غير صحيحة، كما أنه ليس بالضرورة أيضاً أن يأتي صاحب التخصص بآراء صحيحة، بل إن الكثيرين من أصحاب التخصصات وقعوا في أخطاء داخل نطاق تخصصاتهم، (طبعاً هذا الكلام لا ينفي بأنهم عادةً ما يكونوا الأقرب للصحة)، ولكن لا يمكننا الجزم بذلك دائماً، ولمن يرفض هذا الكلام ويصر على قوله بضرورة الأخذ من أهل الاختصاص على وجه العموم نقول: هل تقبلون بآراء الدكتور علي الوردي والدكتور علي شريعتي الاجتماعية؟ !! فالرجلان هما من المتخصصون في علم الاجتماع، فلماذا تستنكرون على بعض أفكارهم؟ !! أم أن العلوم الدينية ورجال الدين مستثنون من ذلك؟!
سادساً: نحن نشهد في عصرنا الحاضر تداخل العلوم والتخصصات مع بعضها البعض، لدرجة يمكن فيها أن يقدم شخصاً إسهامات هامة وكبيرة في غير تخصصه الأصلي، بحيث يتم الاستفادة منه في تخصص آخر يختلف عن تخصصه، فعلى سبيل المثال، نجد إسهامات الكثير من المهندسين والاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع وغيرهم في العلوم الإدارية، بل إن فريدريك تايلور الذي يعد من المؤسسين لعلم الإدارة، والذي يُقدم على أنه أول من طرح ما يعرف باسم (الإدارة العلمية) هو متخصص في الهندسة، وكذلك الأمر بالنسبة للمهندس الفرنسي هنري فايول. ولذلك فمن الصعب فصل العلوم والتخصصات عن بعضها البعض كلياً، ففي علم كعلم الاجتماع مثلاً نجد ما يسمى بعلم الاجتماع الديني، فمن غير المنطقي أن يتم رفضه كلياً بحجة عدم مشروعية التدخل في القضايا الدينية، وذلك لأنه أصبح أحد فروع تخصص علم الاجتماع، ولا يكون من يتدخل في القضايا الدينية وهو متخصص في علم الاجتماع الديني قد تدخل في غير تخصص.
سابعاً: إذا كان كلام هؤلاء صحيحاً في كون التدخل في التخصصات الأخرى مذموماً على إطلاقه، فلماذا نلاحظ بعض رجال الدين عادةً هم من أكثر الناس تدخلاً في العلوم الأخرى مع كونهم من أكثر الناس رفضاً لتدخل الناس في العلوم الدينية، فعلى سبيل المثال: نجد الكثير من رجال الدين يناقشون نظريات فرويد النفسية (اطلقوا العنان للغرائز)، ويواجهونها بالنقد والهجوم رغم كونهم غير متخصصين في علم النفس، والرجل -أي فرويد- يعد من كبار علماء علم النفس، ويعتبر المؤسس لما يسمى في علم النفس بمدرسة التحليل النفسي، وكذلك الأمر بالنسبة لداروين وماركس وغيرهم. طبعاً كلامي ليس للتأكيد على رفض التدخل في غير الاختصاص بهذه الكيفية، وإنما لدحض هذه الفكرة وردها، وإلا فالمهم هو مضمون وقيمة الأفكار المقدمة وليس مجرد التخصص فقط. ومن هنا وجدنا كيف كانت لأفكار الشهيد الصدر صداها الواسع وبالخصوص في كتابيه فلسفتنا واقتصادنا مع أنه عالم من علماء الدين وليس رجلاً محسوباً على خبراء الاقتصاد مثلاً، ولكن هذا الأمر لم يقلل من قيمة أفكاره بشيء، ولذا رأينا أن الكثير من المتخصصين في علم الاقتصاد لم يرفضها واعتنى بها بالدراسة والتحليل.
ثامناً: غالبية النقد الذي يوجه لرجال الدين ليس من صميم التخصص في الدين، وإنما أكثره يُعني بنقدهم على تقصيرهم عن أداء واجباتهم ومسؤولياتهم الدينية، (على سلوكياتهم وتصرفاتهم وطريقة تفكيرهم)، فهل هذا أيضاً يعد تدخلاً مذموماً في التخصص؟! فلو انتقد أحدهم طبياً من الأطباء على تقصيره عن أداء مسؤولياته وواجباته الطبية في خدمة المرضى، فهل يعد هذا تدخلاً في النظريات والأبحاث الطبية؟ بالطبع لا، فكذلك من ينقد بعض تصرفات رجال الدين، فإنه لا يعني بأنه أشكل على قاعدة في علم الأصول مثلاً، لأن هناك فرق كبير بين كلا الأمرين، وينبغي أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار، هذا مع العلم بأنني أتحفظ على كون بعض رجال الدين من المختصون في جميع العلوم الدينية أو في بعضها !!
تاسعاً: إن هذا العنوان كثيراً ما يستخدم كسلاح لتكميم الأفواه، لأننا نجد أن من يتكلم في هذه الأمور وهو مرضي عنه لا يعترض عليه حتى وإن كان من غير المتخصصين، وفي المقابل نجد أن من يتكلم وهو غير مرضي عنه لا يقبل منه حتى وإن كان من المتخصصين.
س27/هل يصل المجتمع الشيعي إلى مفهوم (شركاء في المرجعية الدينية) أي الشراكة بين المرجع والمقلد في اتخاذ القرارات المصيرية وتشخيص المسائل الحساسة، المستحدثة أو المحدثة من مسائل مندثرة وهي بالمحل من الخطوة بحيث تضع الطائفة أشخاصاً ومبادئ في مواقف حرجة وعسرة بل وقاتلة في بعض الأحيان، بغض النظر عن قناعة وقبول المنتسبين للمذهب الشيعي بهذه الاجتهادات المفروضة عليهم من بعض مراجعهم؟
ج27/بالنسبة للفكرة التي ذكرتها في السؤال فهي فكرة رائدة وينبغي العمل على تنفيذها، ولعل البعض يدعي وجود هذا الأمر في واقع الحال، فبعض المرجعيات الدينية كما يُقال تشارك بعض المتخصصين من المجالات الأخرى كالسياسية والاقتصادية والقانونية في بعض القرارات المصيرية كما تفضلتم، ولكن يبدو أن هناك نوعاً من المبالغة في هذا الأمر بإعطائه أكبر من حجمه، فهي وإن كانت حاصلة بالفعل إلا أنها تبقى خاضعة للمبادرات الفردية للمرجع نفسه، أي أنه ليس كنظام عام وملزم لجميع المرجعيات الدينية، بل هو مبادرة فردية يمدح صاحبها إذا عمل بها ولا يذم في حال تركها.
ومن الملاحظ أننا لا نزال نعمل بالرؤية الفردية، فهي ما زالت المسيطرة على عقولنا وطريقة تفكيرنا، فنحن لم نستطع أن نحقق مفهوم الشراكة بين المراجع أنفسهم (كنظام عام وليس كمبادرات فردية ربما تكون وربما لا)، فكيف نستطيع أن نحققها مع من هو خارج عن دائرتهم، وهذا الأمر ليس في القرارات المصيرية بل حتى في الفتاوى، حيث تصنع الفتوى برؤية فردية ولا يهمها في الكثير من الأحيان إلا الجانب الفردي للإنسان لا الجانب الاجتماعي كما يقول الشهيد الصدر، طبعاً لا أعني بالشراكة هنا نظرية شورى الفقهاء التي يتبناها السيد الشيرازي فذاك أمر آخر.
س28/ألم يزل منطق (إذا تلكم الشرع كل واحد ياكل تبن) سارياً ومطبقاً لدينا ومن أشخاص مثقفين وأكاديميين؟
ج28/ هذا المنطق بعيد كل البعد عن الشرع، ولا أعتقد بأن هناك من يمتلك الوعي ويتحدث بهذه الطريقة أبداً، سواءً كان من رجال الدين أو المثقفين أو غيرهم، لأن من لديه الوعي الكافي والحجة الدامغة لا يلجأ إلى مثل هذه الأساليب الرخيصة لفرض قناعاته على الناس بالقوة. نعم، هذا الأسلوب هو أسلوب العاجزين الذين يحاولون فرض هيمنتهم بالقوة تحت شعار الدين وتنفيذ أوامره وتوجيهاته، وذلك حتى لا يتركوا للآخرين أي فرصة للاعتراض عليهم.
ومما يؤسف له أن هذا حاصل لدى بعض الشخصيات الدينية، وهذا الكلام عن تجارب شخصية وليس من نسج الخيال، فمثلاً أحد الوكلاء البارزين في الأحساء وفي أكثر من واقعة كثيراً ما يحاول أن يفرض قناعاته على الآخرين بالقوة تحت ذريعة الإلزام الشرعي –إن صح التعبير- فكثيراً ما يتدخل بين الناس، ويلزم طرف بأمر على حساب طرف آخر بقوله: "بصفتي وكيل المرجع الفلاني ألزمك فعل كذا وترك كذا" والغريب أن صاحبنا هذا يهاجم نظرية الولاية العامة للفقيه، ويرى عدم ثبوتها للمراجع، ولكنه يمارسها فعلياً في تصرفاته باسم المراجع بصفته وكيلاً عنهم.. فيا سبحان الله!!
س29/أليس هناك شريحة مفقودة في المجتمع؟ أليست هناك عقول وطاقات مجمدة لم يأخذ باعتبارها عند اتخاذ القرارات المصيرية وإصدار الفتاوى المثيرة للجدل؟
ج29/ نعم، هناك شريحة مفقودة في المجتمع، نعم هناك عقول وطاقات مجمدة، نعم هناك من لم يأخذ باعتبارها عند اتخاذ القرارات المصيرية وإصدار الفتاوى المثيرة للجدل، نعم كل هذه الأمور موجودة وواضحة للعيان ولا يمكن إنكارها، وكما ألمحنا في جواب لسؤال سابق أن هناك احتكار واضح لاتخاذ القرارات في أوساط رجال الدين أنفسهم، إذ نلاحظ تهميشهم لبعضهم البعض، فإذا كان هذا هو واقع الحال، فماذا نتوقع أن يكون تصرفاتهم مع من هو خارج عن دائرتهم؟ !!
س30/في ضل تواجد ساحة تنافسية فارقة وملحوظة في الساحة العلمية من حيث الحراك والتفاعل مع القضايا الراهنة ومتطلباتها، هل ندرك وجود مرجعيات كنبة في مقابل مرجعيات تعيش الواقع وتصنعه في الحقيقة؟
ج30/ بغض النظر عن التسميات والتصنيفات التي من الممكن أن نطلقها على المرجعيات الدينية، إلا أننا ندرك وجود مرجعيات متفاوتة ومختلفة مع بعضها البعض من ناحية الوعي والحركة والقيادة، فهناك من المرجعيات التي تكون مبادرة في صنع القرارات، وهذا هو المطلوب، وهناك من هي بعيدة كل البعد عن الاتصاف بهذه الصفة، فنحن لسنا محتاجين فقط لاتخاذ القرارات، بل نحتاج لمن يجيد صنعها قبل اتخاذها.
وهناك فرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، فهما ليسا مصطلحين مترادفين كما يظن البعض، ففي العلوم الإدارية تستعمل مفردة صناعة القرار في حال الإشارة إلى الإجراءات والأنشطة المرتبطة بتشخيص المشكلة أو الموقف وجمع البيانات المتعلقة بها وتطوير البدائل وتقييمها والتوصية بأفضلها. أما اتخاذ القرار فهي العملية التي يقوم بها الشخص لتقييم البدائل واختيار أفضلها ومن ثم تنفيذه وتقييمه.
ولهذا نستطيع القول أن الكثير من قياداتنا تخفق في اتخاذ القرارات الصحيحة نتيجة لاخفاقها وتخبطها في صنع القرارات في مرحلة سابقة ومتقدمة عليها، أي أنهم ربما لم يشخصوا المشاكل أو المواقف جيداً أو لم يتمكنوا من جمع البيانات والمعلومات الصحيحة المحيطة بها والمؤثرة عليها أو أنهم لم يستطيعوا أن يبتكروا البدائل ويقيموها جيداً بنحو صحيح، ومن الطبيعي أن تؤدي مثل هذه الأخطاء لاتخاذ قرارات غير صائبة، لأن هناك مقدمات لابد من مراعاتها قبل اتخاذ القرارات، وهذا هو ما يقودنا لضرورة التمييز بين اتخاذ القرار وصنع القرار.
فعملية صنع القرار إذاً هي حجر الأساس التي لابد من الاعتماد عليه لاتخاذ القرارات المناسبة والناجحة، لأن عدم صنع القرارات بشكل صحيح يقود للتعثر في عملية اتخاذ القرارات ولا يجعلها موفقة، وهذا هو ما تعانيه الكثير من قياداتنا الدينية.
س31/إلى متى لا نجد رأياً واضحاً للمرجع إلا بعد فوات الأوان والوقوع في المحذور؟
ج31/بالتأكيد بأننا لا نستطيع أن نعمم ذلك على جميع المرجعيات الدينية، فمن الظلم أن نصف كل المرجعيات الدينية بهذه الصفة، لأن كل المرجعيات التي عدت مرجعيات استثنائية في تاريخ التشيع كانت لها كلمتها ومواقفها وتدخلاتها المهمة في الوقت المناسب، ولكن تبقى هذه المرجعيات كما قلنا مرجعيات استثنائية وليست أصلاً، وذلك لأن صناعة المرجع –إن صح التعبير- لا تهتم عادةً بإعداده لهذا الأمر.
ولذلك نحن بحاجة لصناعة مراجع بمواصفات جديدة تؤهلهم للتصدي لقيادة الأمة بكفاءة وفعالية، إذ لا يصح أن تقتصر جهودنا فقط في التوسل والطلب من المراجع الحاليين الذين لا يتصفون بهذه الصفة لكي يتصفوا بها، بل علينا الإعداد لصناعة مراجع بمواصفات أخرى تلائم هذا العصر وتستطيع أن تكون بمستوى هذه المسؤولية، وبالتأكيد بأن هذا يحتاج لتغيير في المصانع التي تقوم بصناعتهم، (أعني الحوزات العلمية) إذ لابد أن تكون ضمن أولوياتها صناعة مرجعيات تتوفر فيها مثل هذه الأمور.
س32/في ضل التعقيد والحرص الشديد في تقليد المرجع الديني (أعلم الأعلام) ماذا لو ازداد الجدل بين أهل الخبرة بعد وفاة المراجع المحصورين –أطال الله في عمرهم- ماذا لو ازداد الجدال والتسقيط في هذا المرجع وذاك بسبب اختلاف الظروف التي كانت موجودة في السابق، هل سيعي المتدين الآلية التي من خلالها يتم اختيار زعيمه الديني وهل سيعرف من الذي سيشعل دخانه الأبيض والأسود؟
ج32/ أعتقد بأن الآليات التي يتم من خلالها اختيار المرجع يكتنفها الكثير من الغموض والضبابية، وبالخصوص في الجانب العملي والتطبيقي، وهي بحاجة لمعايير أكثر وضوحاً، لأن المكلف كثيراً ما يقلد المرجع بناءً على ثقته برجل الدين الذي يخالطه أو نتيجة للمجتمع الذي هو فيه أو أي أمر آخر خاضع لعوامل غير موضوعية، وهذه الكيفية تبقى بدائية جداً، لأنها غير مبنية على وعي بمعايير علمية دقيقة، بل حتى الكثير ممن يدعون أنهم يعتمدون على الآليات الموجودة في الرسائل العملية للفقهاء فإنك لو دققت جيداً في طريقتهم في الاختيار لم تجد لديهم سوى هذه الدعوى.
س33/هل سنشهد عصراً جديداً يستقيل فيه المرجع عن الإدارة العليا في حال تقادم عليه العمر وضعفت حواسه عن وعي مستجدات المرحلة ليفسح المجال للطلائع الاجتهادية والطاقات الحوزوية الفتية؟
ج33/ لاشك أن هذا مطلب عقلاني، فالقائد الذي يرى نفسه لا يستطيع أن يقدم أكثر عليه أن يعزل نفسه بنفسه ولا ينتظر مطالبة الآخرين له بالاستقالة، وليس بالضرورة أن يكون ذلك نتيجة لضعفه الصحي بل لأي سبب كان.
وأتذكر هنا أنه عندما قدم بابا الفاتيكان استقالته فتح باب التساؤل على مصراعيه، إذ لماذا لا نجد مثل هذه الثقافة موجودة عندنا ولو على مستوى وكلاء المراجع وأئمة الجماعة فضلاً عن المراجع أنفسهم؟!! وهذا ما لم نجد له جواباً مقنعاً حتى الآن.
لذا ينبغي على قياداتنا أن تكون على مستوى من الوعي بضرورة هذا الأمر، وعليها أن تساهم في تفعيله بصورة أكبر، لأن ذلك من الضروريات الملحة، وأحب أن أشير إلى نظرية إدارية في علم الإدارة يمكن الاستفادة منها في هذا الأمر، وهي أن القائد له دورة حياة، وهذه الدورة تمر بثلاثة مراحل وهي: (مرحلة الدخول والتجريب، مرحلة التعزيز، ثم مرحلة التراجع والتدهور). وثبت أيضاً أن هذه الدورة للقائد أخذت في التقاصر زمنياً، ولذا فإن معرفة التوقيت المناسب للاعتزال أصبح جزء لا يتجزأ من مهارات ومهام القائد المعاصر، وهذا الأمر هو ما نفتقد تطبيقه على أرض الواقع بشكل عام، سواءً في القيادات الدينية أو في غيرهم، غير أنه بارز بصورة أكبر لدى القيادات الدينية، فلم نسمع أن أحداً منهم تخلى عن منصبه لعدم كفاءته له أو لفشله في إدارته، فمثلاً لم نسمع أن أحداً تخلى عن وكالته الشرعية لقبض الأموال والحقوق الشرعية لأنه غير أهل لذلك، مع أن الكثير يشكك في مدى نزاهة أو كفاءة بعض الوكلاء لإدارة هذه الأموال. وهذا مثال واحد فقط وعلى هذا فقس.
س34/رأيك أستاذنا في وجود مجمع فقهي يضم نخبة من العلماء.. خصوصاً الحداثويين منهم إن جاز التعبير، ويضم عدة لجان داعمة تضم نخبة من ذوي التخصصات المطلوبة بمختلف جوانبها يتدارسون هموم الامة.. والفتن التي تحيط بها ليعطوا آرائهم وتصوراتهم بعد البحث والتدقيق، ويقوموا بدراسات مكتوبة ومنشورة ويصدروا بيانات.. وليس بالضرورة فتاوى أو حتى أن يلزم بعضهم بعضاً بخصوص فتوى بعينها، بل يكفي أن يكون بياناً يوضح فيه كل عالم وفقيه رأيه.. ويكون للمكلف الخيار فيما يناسبه ونخرج من عباءة الأعلمية وتقليد شخص واحد فقط؟
ج34/ هذه فكرة رائعة، وهي تذكرني بفكرة مدرسة فينا الوضعية التي كانت رائدة في الغرب وتضم مجموعة من العلماء في عدة تخصصات علمية وفلسفية، وكذلك بمدرسة فرانكفورت والتي كانت تضم علماء بارزين في ميدان علم الاجتماع، فهذه الفكرة تشابهها ولو في وجه من الوجوه، ولتنفيذ ذلك نحن بحاجة لمبادرات تاريخية كبرى يتبناها علماء ومفكرين كبار يضعون على عاتقهم التعاون لتنفيذ هذا العمل الجماعي، وللأسف الشديد أننا في الوقت الراهن لا نزال نعيش الفردية، ولا نجيد العمل في فرق (جماعة عمل) كما في التنظيمات الإدارية المتقدمة.
س35/ في ظل نمو ذكرة البلوراليسم أو التعددية بما تحويه من حرية فكرية وقبول للآخر بما هو، ألا ترى أن النقاش في طرق ومناحي تفكير الجماعات والمذاهب غير مجد؟ خاصة إذا آمنا بفكرة الطرق المستقيمة بدلاً من الطريق المستقيم؟
ج35/ ورد في هذا السؤال عدة مفردات كالبلوراليسم أو التعددية والطرق المستقيمة كما هو المشهور عن الدكتور عبدالكريم سروش وكأنها أصبحت من المسلمات، وهذا بظني غير صحيح، فالتعددية الدينية تشير إلى عدة معاني وليست إلى معنى واحد، وليس كل هذه المعاني التي تشير إليها يحظى بالقبول، وهذا لا يعني بأننا نرفض التعددية بكل معانيها، لا وكلا، فنحن نقبل التعددية الاجتماعية -إن صح التعبير- ونرفض التعددية إذا كان المراد منها أن الحق متعدد، لأن الحق واحد ولا توجد كثرة في عالم الحقيقة -كما يُقال- نعم، توجد صعوبة في الوصول إليها بشكل مطلق في الكثير من الأحيان.
أما عن كون التفكير في ذلك غير مجدي، فلا أعتقد بأن ذلك صحيحاً أيضا، إلا إذا كان المقصود من القبول بالتعددية هو أن الحقيقة في واقعها متكثرة ولا يمكن حصرها أو لا يمكن الوصول إليها نهائياً، أما إذا كنا لا نعتقد ذلك ونعتقد أنه بالإمكان الوصول إليها، فلا مشكلة من السعي في هذا الطريق مع الالتزام بالقبول بالتعددية الاجتماعية -إن صح التعبير- فمثلاً علينا القبول بالتعددية في اختلاف اجتهادات الفقهاء في بعض المسائل، ولكننا لا نعني بالتعددية هنا أنهم بأجمعهم رغم اختلافاتهم على الحق، بل نعني بها التعددية بمعنى المعذرية، أي أن نراهم (أو يرون بعضهم) معذورين في اجتهاداتهم رغم اختلافاتهم.
س36/ ألا ترى أن السيد الحيدري ساهم بنفسه في تكبيل مشروعه بجنوحه المتكرر إلى مواضيع جانبية كتطرقه بصورة اعتبرت غير لائقة لشخصيات معينة وهجومه الحاد على المرجعيات الدينية، تسويقه الشخصي لمرجعيته بطريقة اعتبرت منفردة، زجه بمواضيع عرفانية غير متفق على قبولها كنظرية الإنسان الكامل... الخ؟
ج36/ في اعتقادي الشخصي أن السيد الحيدري –حفظه الله- لم يساهم في تكبيل مشروعه كما جاء في السؤال، لأن مشروع السيد الحيدري ليس مشروع مرجعية دينية تقليدية فحسب، بل هو أكبر من ذلك بكثير، فهو مشروع إصلاحي يشمل الكثير من الأمور ذات الارتباط بالجانب المعرفي في منظومة المعارف الدينية، ويتلمس هذا كل من يتابع دروسه وأبحاثه، ولا أعتقد بأن مشروع السيد الحيدري مكبل وإن حاول الكثير تكبيله بالفعل.
أما فيما يتعلق بأنه تطرق لشخصيات معينة وهاجم مرجعيات دينية محددة، فعلى حد علمي لم أرى أي شيء صدر منه بشكل رسمي وفيه هجوم على شخصيات بالاسم، وأما إذا كان المراد من السؤال الطريقة التي يتبعها في النقد، فبغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها، فهي طريقة متعارف عليها في الحوزات العلمية، وإذا كانت خاطئة فيجب أن يكون نقدنا عاماً لهذا الأسلوب المتبع في الحوزات، ولا نخصص نقدنا بالسيد الحيدري فقط، فمن يطلع مثلاً على كتب العلماء العلمية، فإنه سيجد أن هذه الطريقة متبعة.. وكثيراً ما كان بعض رجال الدين في السابق عندما كنا ننقدهم على هذا الأمر يردون علينا بأن هذا الأسلوب متبع في الحوزات العلمية، بل ويعتبرون ذلك ميزة من مميزات الحوزات العلمية الشيعية !!
وأما فيما يخص حديث السيد الحيدري حول نظريات غير متفق عليها كنظرية الإنسان الكامل، فهذا أمر طبيعي، لأنه كان بصدد الحديث عن ما يتبناه هو لا عن ما هو متفق عليه بين جميع العلماء، ولا مشكلة في ذلك، فكل العلماء يتحدثون بما يتبنونه ويؤمنون به.
س37/ماذا أنتج الحوار بين رجالات الفقه والبحث الإسلامي وما تناولوه من أحداث وتعليقات على المجتمع الأحسائي؟!
ج37/ لاشك أن الحوار له أهمية كبرى في زيادة الوعي العام لدى المجتمعات، فهو حتى وإن ظهر في شكل صراعات فكرية بين الأطراف المختلفة، إلا أنه يحقق فوائد كبرى، وإن كانت غير بارزة في بعض الأحيان، إذ من خلاله يتولد الوعي الاجتماعي الذي يسهم في تقدم المجتمع وأفراده للأفضل.
ولهذا لا يصح أن ينظر إلى هذه الصرعات بسلبية فقط، إذ من المهم كذلك النظر إلى الجانب الإيجابي، ويكفي أنها تعد فرصة تتيح للإنسان مراجعة حساباته ومواقفه وأفكاره، وهذا ما يزيد من رصيده المعرفي، لأنه سيقوم بتغيير أفكاره إذا ثبت له خطؤها أو ترسيخها أكثر إذا ثبت له صوابها، وهذه تضيف للإنسان خبرة إضافية في التعاطي مع الأفكار المختلفة، ولولاها لاستسلم للجمود والخمول والكسل، لأنه سيقوم باتخاذ المواقف المسبقة المبنية على الرؤية الأحادية.
س38/هل هناك نتاج ملموس للطرح والرد الناقد أظهر خلاصة يتم البناء عليها في تصحيح ما يقال عنه بالوضع العقدي التقليدي التعسفي؟!
ج38/ هذا السؤال هو امتداد للسؤال السابق، فنفس الإجابة السابقة تنفع للإجابة عليه، وبالإضافة لها نستطيع أن نقول بأن الحوارات أو الصراعات الفكرية بين الأطراف المختلفة بالإضافة إلى ما تسهم به من إثراء الحركة الفكرية فإنها تجعل الفرد لا يتسرع في اتخاذ المواقف أو طرح الآراء، لأنه سوف يترقب ردود الأفعال التي سوف تأتي عليه، وهذه تمثل بالإضافة إلى الجانب المعرفي قوة ردع لمن يتساهل في هذا الجانب.
ولا يصح أن نقول بأنه لا يوجد نتائج إيجابية إلى الآن، لأنه ليس بالضرورة نستطيع ملاحظتها ما دمنا نعيش في أجوائها، ولكي تتضح هذه النتائج نحتاج للمزيد من الوقت.
س39/كيف نوفق بين الطرح الحداثي والخط المتشدد الذي لا يؤمن بالتقية؟!
ج39/حبذا لو كان السؤال حول التوفيق بين التشدد وعدم التشدد، وليس بين الحداثي والمتشدد كما في السؤال، لأن هناك أيضاً من يدعي الحداثوية وهو من المتشددين الذين لا يقبلون بالرأي الآخر هذا أولاً. والأمر الآخر إذا أردنا التوفيق بين طرفين مختلفين، فلابد لنا من تهيئة الأرضية الخصبة التي يمكن غرس مثل هذه الأمور فيها، لأنه ما لم يتوفر ذلك لا يمكننا القيام به لعدم توفر القابلية لذلك، فمن لا تتوفر لديه هذه القابلية لا يمكننا التوفيق بينه وبين الآخر المختلف عنه. وبالتأكيد أن هناك في مجتمعاتنا من لا يمكن التوفيق بينه وبين من يخالفه، نظرا لعدم وجود القابلية لديه.
س40/ ما دور المثقف في الرد على المذاهب الأخرى؟!
ج40/ هذا السؤال مهم جداً، ونحن في مسيس الحاجة لأن تعرف كل فئة دورها ومسؤولياتها، وفي اعتقادي بأن المثقف لابد أن يلعب أدوراً كبيرة في كل ما يتعلق بصناعة الوعي الاجتماعي، فلابد أن يكون جل همه هو توعية مجتمعه ومعالجة المشاكل الفكرية والثقافية التي تعصف به، وذلك ليتمكن الفرد في المجتمع أن يتبنى الآراء الصحيحة أو يتخذ المواقف السليمة المبنية على المعرفة والوعي، ومن المفيد الاطلاع على كتاب مسؤولية المثقف للدكتور علي شريعتي.
س41/من واقع تجربتك الخاصة هل ترى أن الفجوة بين الحوزويين والأكاديميين في تضائل أم تزايد؟
ج41/لا يمكنني أن أعطي حكماً عاماً في هذه المسألة، لأن الفجوة التي بين الحوزويين والأكاديميين راجعة إلى الطبيعة الذاتية للطرفين، فالحوزويين التقليديين المنغلقين –ولا أقول أن كل التقليديين منغلقين وإنما الكثير منهم- ستكون الفجوة بينهم وبين الآخرين سواءً من الحوزويين المنفتحين أو الأكاديميين أو غيرهم موجودة، بل إنها في ازدياد مستمر مع الزمن، وذلك لأنهم لا يعترفون بالآخر ولا يريدون أن يعترفوا به، فكل من يخالفهم ولو كان في بعض الجزئيات يعتبرونه عدواً لهم.
أما لو قارنا بين الحوزويين المنفتحين والإصلاحيين، فهم على العكس من ذلك، إذ ربما يكونون أكثر انفتاحاً وقبولاً للرأي الآخر حتى من الأكاديميين أو النخب المثقفة، وهذه ليست مجاملة على حساب الواقع، بل هو أمر واقعي ومبني على تجارب شخصية، وبالتأكيد أن أمثال هؤلاء ستكون الفجوة بينهم وبين الآخرين سواءً كانوا من الأكاديميين أو من غيرهم في تضاءل إلا إذا كان الآخرين ممن ليست لديهم القابلية لذلك.
س42/ما هي أسباب ضعف التيار الواعي لحساب التيار الرجعي؟
ج42/ لا أعتقد أن التيار الواعي ضعيف، بل أعتقد بأنه هو الأكثر قوة، إلا إذا كان المقصود من الضعف والقوة هنا القوة والضعف الاجتماعي فذاك أمر آخر، لأنه بالفعل نجد أن صيحات الرجعيين هي الأعلى والأكثر تأثيراً في المجتمع في الكثير من الأحيان، والسبب باعتقادي هو أن هؤلاء هم الأكثر احتكاكاً بالمجتمع، وذلك لأنهم يخاطبون المجتمع بلغة عاطفية، وهذه اللغة هي الأقرب لنفوس عامة الناس، على العكس من كثير من الواعين الذين تكون خطاباتهم جافة وتتسم بالعقلانية التي لا يحبها عموم الناس عادةً، هذه من جهة.
ومن جهة أخرى نجد أن الرجعيين يحاولون التضييق على غيرهم، إذ يحاولون بكل جهدهم أن لا يتركوا مجالاً للتيار الواعي ليمارس دوره، ونتيجة لذلك نجد الكثير ممن ينتمي لتيار الوعي يبتعد، لأنه لا يريد أن يدخل معهم في مشاكل وصراعات.
س43/من هي أفضل النماذج الاحسائية التي تراها تستحق أن تكون قدوات وأهلاً لتحمل المسؤولية سواءً من علماء الدين أو غيرهم؟
ج43/هناك العديد من النماذج الأحسائية التي نفخر بها وبإنجازاتها، ولو أردت أن أستعرض كل هؤلاء ربما لم يتسع الوقت، ولكن سأركز على ثلاثة أسماء أعتقد بأنهم من أفضل النماذج الأحسائية التي تستحق أن تسلط عليهم الأضواء، وذلك لأن عملهم مبني على الرؤية الجماعية (المؤسساتية) التي نحن في أمس الحاجة إليها في الوقت الحاضر، علماً بأنه لا توجد بيني وبينهم أية علاقة شخصية أو مصالح خاصة، وإنما عرفت عن الأنشطة والجهود التي يقومون بها عن بعد، وخطروا ببالي حين قراءتي لهذا السؤال مباشرة، ولذلك أحببت أن أذكرهم -وهذا لا يعني عدم وجود غيرهم- وهم:
الأول: الشيخ توفيق البوعلي، وذلك لحسن إدارته لأموال الحقوق الشرعية وتأسيسه لمشاريع ضخمة لافتة للنظر، ورعايته للجمعية الخيرية المهتمة بالفقراء والمحتاجين.
الثاني: المهندس الأستاذ عبدالله الشايب، وذلك لجهوده الكبيرة ورعايته الأبوية للكثير من المبدعين الأحسائيين، واهتمامه بتراث وتاريخ الأحساء بشكل عام، وتأسيسه ورعايته لمركز النخلة للصناعات الحرفية بشكل خاص.
الثالث: الشيخ عبدالله الياسين، وأذكره هنا للإنجازات الكبيرة التي حققها من خلال تأسيسه ورعايته لدار الرحمن لتعليم القرآن الكريم، فنجاحه واستمراره في هذا المشروع خلال عدة سنوات سابقة يستحق العناية والاهتمام.
علماً بأنني أذكر هؤلاء نظراً لعملهم الإداري المنظم، وإلا فهناك الكثير الكثير من الشخصيات التي أراها نماذج ناجحة، ولكن لم أذكرهم في جواب هذا السؤال.
س44/لماذا يصر البعض على إلباسك شخصية جناب العلامة السيد محمد رضا السلمان (بوعدنان) رغم أنه يعرفك جل المعرفة، وضل يسوق لهذا الوهم الليلي، والخفاش المستعار؟ وما هي المصلحة في ذلك..؟!
ج44/تقدم الجواب عن ما يشبه هذا السؤال في الجزء الأول من هذا اللقاء، وكما ذكر السائل بأن من يتهمني بمثل هذه الاتهامات يعرفني أتم المعرفة، ولكن أراد أن يوحي للناس بأنني هو السيد أبو عدنان لأهداف أقل ما يمكن أن يُقال عنها أنها غير نزيهة.
س45/في بعض بحوثك واستنتاجك، وتقريرك.. نجدك تحيل النتائج والحكم للآخر، دون إلزامه بقناعتك، وحكمك.. فهل أنت على دراية كافية حول ما يطرح في المجتمع وعلى المنابر كذلك، بمعنى هل أنت تعتمد على المقاطع الصوتية وأحاديث المحيط ونحوها، أم أن لك جلسات، وحضور للأماسي الفكرية ونحوها، وهل ألتقيت ببعض أرباب الفكر والمعرفة في الأحساء وخارجها...، ومن هم؟
ج45/كان هدفي في الكثير من كتاباتي أن أوضح لعموم القراء الفكرة التي أريدها دون أن أحاول إلزامهم بها، فالمقالات التي كتبتها مثلاً حول السيد الحيدري لم أكتبها إلا لتوضيح مراده كما أراده هو لا كما أُريد له من قبل البعض، ولم أحاول أن أصوب رأيه في الكثير من الموارد، بل اكتفيت بالشرح والتوضيح فقط، فغالبية ما كنت أقوم به في هذه المقالات هو بيان وشرح وجهة نظره التي يراها دون محاولة تحسين أو تشويه لرأيه، حيث كنت أترك الأمر للقارئ ليحدد الموقف الذي يريده لنفسه.
أما عن مسألة الدراية بما يطرح في المجتمع، فبالتأكيد أنني على اطلاع بما يجري من حراك في المجتمع، وهذا ما يلحظه المتابع لكتاباتي، حيث دائماً ما كنت أقول رأيي في الكثير من الإشكالات المطروحة في الساحة.
س46/تناقلت بعض المجموعات الواتسابية نسبك وانتسابك لبعض رجالات الدين من ناحية التدريس، والعائلة.. فما صحة ذلك؟ وما موقفهم منك؟ ومن هم؟
ج46/ لا أدري إن كنت فهمت هذا السؤال على النحو الصحيح أم لا.. إذا كان المراد من هذا السؤال بأن هناك صلة قرابة بيني وبين أحد رجال الدين، فهذا صحيح، أما عن السؤال: ما هو موقفهم منك؟ فأكون صريحاً في الإجابة معكم بأنني أختلف معهم جذرياً في الفكر وفي التوجه، وأما من هم؟ فسأذكر الاسم استجابةً واحتراماً للسائل، وإن كنت لا أفضل ذلك، وهو الخال الشيخ سعيد الجدي الذي احترمه ولكنني لا أنسجم معه فكرياً، ولا أخجل من التصريح بهذا الأمر، لأن هذا أمر طبيعي.
س47/وصلتنا بعض الإصدارات الفكرية لآية الله السيد/كمال الحيدري (سلمه الله) واسمك يتصدر بعض نتاج السيد، من هنا متى نرى إصداراتك المطبوعة؟
ج47/ جاري الإعداد والتنسيق لذلك، والمسألة تحتاج فقط لبعض الوقت.
س48/ ما صحة المناوشات التي حصلت لك مع بعض رجالات الدين في الأحساء خلاف العلامة الشيخ/ علي الدهنين (سلمه الله)، وكيف تعاملت معهم حول ذلك؟
ج48/من الطبيعي أن تحصل الخلافات بين الناس في وجهات النظر، ولكن المهم أن لا يتحول الأمر لشخصنة هذه الخلافات، وأحب أن أؤكد بأن علاقتي برجال الدين كعلاقتي بالفئات الأخرى في المجتمع، فهناك من أتفق معه وهناك من أختلف معه، إذ ليس لدي أي عداء شخصي مع رجال الدين على وجه العموم، بل وأحب أن أؤكد كذلك على أنه تربطني ببعضهم علاقات صداقة وأعتز بها وبهم.
وأما عن كيفية التعامل مع من أختلف معهم، فأستطيع أن أقول بأني حريص كل الحرص على أن لا يتحول الخلاف الفكري مع من أختلف معه إلى خلاف شخصي، ولكن للأسف الشديد هناك من لا يميز بينهما، ولا يتقبل من يختلف معه في الرأي.
س49/هل أنت تخشى التصريح باسمك في الأوساط الثقافية والاجتماعية ونحوها؟
ج49/ لا طبعاً، وإن كنت لا أفضل ذلك، لكوني لا أبحث عن الشهرة والبروز الإعلامي.
س50/ما هي حقيقة سلمان سالم عبدالأعلى الأصلي؟ وما حقيقة الكتب المستعارة؟ ومن يقف لدعمها وترويجها من الناحية المالية والمعنوية ضدك؟
ج50/سلمان سالم عبدالأعلى شخصية وهمية استخدمها البعض لكتابة بعض المقالات ضدي وضد السيد محمد رضا السلمان (أبوعدنان)، كما تم تأليف كتاب بإعداد هذه الشخصية الوهمية يستهدفني بعنوان (فكر ومنهج يتربص بنا سلمان عبدالأعلى نموذجاً)، وما أحب التأكيد عليه بأن من يقف خلف هذه الأمور جماعة معرفة عندي بأسمائهم وشخصياتهم، ولا يخفى علي كذلك من يدعمهم ويرعاهم.
وهذه الجماعة وللأسف الشديد لم يسلم منها أحد من الذين يختلفون معهم في الرأي أو التوجه، فقبل سنوات كتبوا بعض الكتيبات بأسماء مستعارة ضد الأخوة المحترمين من أتباع الميرزا الأحقاقي، حيث كتبوا كتاب بعنوان (بداية ظهور الفرقة العبدالرسولية) وكتاب (كشف الحقيقة) وذيلوه باسم مستعار وهو خادم الشريعة، كما كتبوا بعدها بعض الكتب ضد السيد محمد علي العلي منها كتاب (حجارة من سجيل على من أنكر علم الأئمة بساعة الرحيل)، وغيرها من الكتب الأخرى التي كتبوها لاستهداف شخصيات أخرى.
لذا فإن هذا هو ديدن هذه الجماعة مع كل من يختلف معهم في الرأي، وليس الأمر منحصراً بي فقط، وهي كما قلت معروفة لدي بأسمائهم، ولكني لا أحب التصريح بأسمائهم في الوقت الحاضر، كما أتمنى أن لا أضطر لتعريتهم والتصريح بأسمائهم في المستقبل.
س51/هل كتاباتك تقتصر على الجانب الفكري والتجديدي، أم لك جوانب أخرى لم تتضح لنا بعد؟
ج51/ يمكن الرجوع لمقالاتي المنتشرة لمعرفة جواب هذا السؤال.
س52/برأيك ماذا ينقص مجتمعنا الأحسائي للتغير للأفضل من جميع النواحي؟
ج52/ هذا السؤال مهم جداً، ولكن سأختصر الإجابة عليه لكي لا أطيل على الأحبة.. أعتقد بأننا بحاجة إلى الوعي والعمل على أساس من هذا الوعي لاحداث التغير نحو الأفضل.
س53/ هل وجهت لك دعوات للحوار المباشر من قبل منتديات ثقافية، أو قنوات فضائية؟
ج53/ نعم، وآخرها دعوة إلى لبنان قبل سنة تقريباً، ولكنني رفضت المشاركة لما ذكرته سابقاً من عدم حب الشهرة والبروز الإعلامي.
س54/من هم رجالات المنبر الحسيني والفكري.. الذين يرقون لك من ناحية الفكر والمعرفة، والتجديد.. في منطقتنا على وجه التحديد..؟
ج54/ يعجبني كثيراً الشيخ فوزي السيف، والشيخ حسن الصفار كما أحرص للاستماع للشيخ عبدالجليل البن سعد وإن كنت أختلف معه في بعض الآراء والتوجهات.
س55/ما صحة انتحال اسمك لمراسلة صحيفة الديار اللندنية لمنعك من النشر وغيرها، وأيضاً ما صحة الضرر الذي طال مواقع المطيرفي لنشرك فيه على وجه التحديد، وهل هذه الشبكة التي تنشر لك فقط؟
ج55/عانيت كثيراً من انتحال الاسم، فأكثر من مرة كتبت بعض المقالات باسمي ضد السيد محمد رضا السلمان (أبوعدنان)، وكذلك ضد السيد علي النحوي، ولكن ولله الحمد كان الكثير من القراء على ثقة بأن هذه المقالات ليست لي حتى من قبل أن أنفيها.
أما عن ما يخص موقع المطيرفي، فلا أستطيع الإجابة بالنيابة عنه، ويمكن الرجوع للقائمين عليه وتوجيه السؤال لهم.
س56/هل ما أثار حفيظة سلمان عبدالأعلى تجاه نقد رجال الدين إعجابه بالسيد الكشميري، وكتبه اللاذعة في الأوساط الحوزوية الشيعية؟!
ج56/ بالطبع لا، لأن كتاباتي النقدية لبعض أفكار وسلوكيات رجال الدين بدأت قبل اطلاعي على كتب السيد الكشميري.
س57/ أستاذنا الكريم.. كيف تقرؤون طرح الشيخ علي الجزيزي في الحالة المذهبية؟
ج57/ لا أستطيع أن أعطي تقييماً خاصاً عن نشاطات الشيخ الجزيري في مجال الردود العقائدية على المذاهب الأخرى، لأنني غير مطلع عليها.
الخاتمة:
وفي الختام: أكرر الشكر والتقدير لكم أيها الأحبة في ملتقى النخبة، وأخص بالشكر الجزيل الأستاذ حسن الملاء الذي قدم لي هذه الدعوة، وأتمنى أن أكون قد وفقت لتقديم ما فيه الخير والفائدة.
سلمان عبدالأعلى
كل الشكر والتقدير للكاتب والباحث الإسلامي سلمان عبدالأعلى على تلبيته لدعوة مجموعتنا.
حسن الملاء
المشرف على ملتقى النخبة
التعليقات (0)