بقلم: حسن توفيق
في الحياة خير وشر، وحين نصف انسانا بأنه طيب فليس معني هذا انه ملاك، وحين نقول عن إنسان آخر إنه شرير فليس معني هذا أنه شيطان. وفي كل زمان ومكان نجد اناسا متشنجين متعصبين، كما نجد آخرين يتسمون بالمرونة والتسامح ومحبة سواهم حتي وان كانوا يختلفون عنهم في الرأي او المعتقد، لكن من يقلب صفحات التاريخ لا بد ان يدرك ان اصوات المتشنجين والمتعصبين لا تعلو ولا ترتفع الا في ازمنة الفوضي والتخلف والانحطاط.
الفوضي الآن في كل مكان، حتي في مجال اللغة التي يفترض اننا نتفاهم بها مع سوانا، ومن البديهي ان اللغة - شأنها شأن كل كائن حي- قد تزدهر في فترات، وقد تعتل ويصيبها الوهن في فترات أخري، ولهذا يبادر المخلصون دائما الي الاهتمام بما تتعرض له لغتنا العربية من مخاطر وتحديات سعيا منهم للخروج من حالة الانحدار الي حالة الازدهار، وهذا ما يفعله الكاتب المفكر الجاد الدكتور حمد عبدالعزيز الكواري حتي من قبل ان يصبح وزيرا للثقافة والفنون والتراث في قطر، لدرجة انه دق ناقوس الخطر اكثر من مرة، وهو يدعو لتكثيف الجهود التي تتكفل بدرء الاخطار عن لغتنا التي هي - أولا وأخيرا- مرآة ناطقة لهويتنا باعتبارنا عربا ومسلمين.
ولأن الفوضي في كل مكان، ولأن شر البلية ما يضحك فاني ضحكت حين تلقيت رسالة إيميل من الجمعية الوطنية القبطية التي لا تتخذ من القاهرة مقرا لها، وانما تعمل في واشنطن واما الرسالة التي تلقيتها فهي بعنوان اللغة القبطية لغة كل المصريين واللغة العربية لغة الغزاة العرب وأبادر فأقول ان كاتب هذه الرسالة جاهل بأبسط قواعد اللغة العربية التي كتبت بها رسالة، فهو يريد - مثلا- ان تكون اللغة القبطية لغة (كل المصريون) واما الرسالة ذاتها فان الاخطاء اللغوية فيها واضحة وفادحة بل فاضحة، ولا يمكن حتي للأطفال الصغار في مراحل الدراسة الابتدائية والاعدادية ان يقعوا في مثلها!.
الرسالة التي تلقيتها رسالة سامة، وكل سطورها تحمل في ثناياها أكداسا من الاحقاد، لدرجة انها مزينة بشعار سخيف هذا نصه لا تقل إنك عربي.. قل إنك مصري .. والأخ الجاهل الذي رفع هذا الشعار لا يعرف - من فرط جهله- أن اللغة الهيروغليفية قد انقرضت، اما اللغة القبطية فمكانها داخل الكنائس المصرية لا أكثر، لأن مصر عربية، حتي لو قال بغير ذلك أمثال هذا الأخ الجاهل الذي تنفث سطور رسالته سما، تماما مثلما ينضح عقله بالأحقاد!
magnoon alarab@yahoo.com
التعليقات (0)