كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن إقتراب مصر من الوقوع فى مستنقع الفتنة الطائفية وذلك نتيجة بعض الأحداث التى حدثت مؤخرا وكانت بين مسلمين وأقباط وعلى الرغم من الإختلاف الكبير بين تفاصيل كل حادث لو نظرنا له نظرة فاحصة كل على حده وبدون الحكم العام على أحداث مختلفة لا تمت إلى بعضها بصلة اللهم إلا أنها بين مسلمين وأقباط نخلص إلى أن هذه الأحداث كان من الممكن أن تقع بين المسلمين أنفسهم أو بين الأقباط أنفسهم حيث أن الدافع وراء هذه الحوادث هى دوافع إنسانية بحتة من خلال الصراع المحموم بين طبقات الشعب المطحون والغارق حتى أذنيه فى المشاكل الإقتصادية لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة التى تهدد وتنذر بثورة وشيكة ضد الظلم والقهر وجميع صور الفساد.
وللتأكيد على مانقول نتطرق لثلاثة حوادث حدثت مؤخرا واحدة فى صعيد مصر وبالتحديد فى المنيا وهى الأحداث المعروفة بأحداث دير أبوفانا والثانية فى القاهرة وبالتحديد أيضا فى الزيتون وهى حادثة السطو المسلح على أحد محلات الذهب التى يمتلكها أحد الأقباط والثالثة والأخيرة هى الأحداث التى جرت فى محافظة القليوبية بين أطراف مسلمين فى صراع حول أرض زراعية.
وبالعودة للحادث الأول وهو دير أبوفانا نجد أن الصراع بين الدير و بعض الأهالى من المسلمين حول من له الحق فى فرض سيطرته ووضع يده على الأرض المجاورة للدير والتى تخلو من أى طائفية حيث أنه صراع على أرض زراعية يدعى كل طرف بأحقيته فى الملكية لهذه الأرض ولنفرض مثلا أن الأهالى المجاورين لهذا الدير كانوا من الأقباط ويدعون ملكيتهم لهذه الأرض لأنها تمثل لهم قضية حياة وذلك كما قلنا سابقا بأن هذه الحوادث نتيجة الفقر المدقع الذى يعيش فيه جميع المصريين على جميع طوائفهم .
ولكن وقبل أن نترك هذا الحادث نتسائل ماهو دور الدولة التى تترك الأرض مشاع بين أفراد الشعب ولا تبسط سيطرتها على هذه الأراضى وتخصصها أو تبيعها لأى شخص طبقا لقوانين معروفة ومحددة يحترمها الجميع أما أن يغيب دور الدولة لدرجة تجعل من أى صراع فرصة للمتربصين بهذا البلد.
ونحن هنا لسنا بصدد الحكم على أحقية أى من الأطراف المتنازعة حول هذه الأرض لأن هذا الأمر هو مسؤلية القضاء الذى يحكم بناء على مستندات الملكية ولكننا بصدد نفى أى صفة طائفية على هذا الحادث ولكن كما سبق وأشرنا بأنه هدف المتربصين الذين يروجون لمثل هذا الأحداث للتأثير على الرأى العام وهم بذلك لا يعلمون خطورة اللعب بعواطف الشعب المسلم والقبطى على حد سواء.
نأتى للحادث الثانى وهو حادث السطو على أحد محلات الذهب بحى الزيتون بالقاهرة وهو حادث يبرهن على ماسبق وأن ذكرناه فى الحادث الأول وهو تأكيدا على مانقوله دائما
إحذروا ثورة الجياع
فمن المنطقى والبديهى أن أى مجرم يفكر فى السرقة والسطو يلجأ مباشرة بدون وعى إما لأحد البنوك أو محلات الذهب ونظرا لأن تأمين البنوك يكون على أعلى درجة من الحصانة والمنعة ولا يستطيع السطو عليها إلا بواسطة عصابات المافيا العالمية وبالتالى يكون الحل السهل والبسيط هو محلات الذهب التى تكاد تكون الحراسة عليها شبه منعدمة فتكون فرصة سهلة لأى جائع غاب عنه ضميره باللجوء لهذا الحل وهو السطو للحصول على أكبر غنيمة ممكنة وكما يقول المثل الشعبى"إن سرقت إسرق جمل" مع التحفظ الشديد على هذا المثل لأن السرقة هى سرقة .
ونظرا لأن الأقباط يملكون مايزيد عن 60% من سوق تجارة الذهب فى مصر فإنه من الطبيعى وحسب نظرية الإحتمالات بأن يكون المجنى عليه قبطيا.
وبالتالى تنتفى أيضا هذه الصفة الطائفية على هذا الحادث أيضا.
ثم نبرهن على كل ماسبق بالحادث الثالث والأخير الذى حدث فى إحدى قرى مدينة بنها بمحافظة القليوبية بين عائلتين فى صراع حول ملكية أرض زراعية أيضا ولكن الشيء المختلف هنا هو أن الصراع كان بين مسلمين ومسلمين وبالتالى فإن ثورة الجياع لا تعرف دينا أو لونا أو عرقا فالجوع كافر كما يقول العامة من الشعب المسكين الذى خارت قواه من الأنيميا فى حين إنتفخت كروش المسؤلين وحدث تزاوج بين الفساد والسلطة بحيث أصبح من الصعب التمييز بين هاتين الكلمتين فكل من فى السلطة من الفاسدين الذين يعيشون فى قصور عالية لا يشعرون بأنين المواطن المسكين الذى تواجه المشكلات من كل جانب.
وأخيرا نقول لجميع الجماعات والمؤسسات المشبوهة سواءا فى الداخل أو فى الخارج واللذين يؤججون نار هذه الفتنة من أمثال مايكل منير ونجيب جبرائيل ويتوهمون بأن الغرب سيهتم بمثل هذه الأحداث الملفقة التى هى بعيدة كل البعد عن أى طائفية أحب أن أذكرهم بما يحدث فى العراق ولبنان وليعلم الجميع بأن مثل هذه النعرات الطائفية ستزيد من حالة الإحتقان فى الشارع المصرى وبالتالى فإن شرارة الفتنة الطائفية لو إندلعت ستأخذ بالأخضر واليابس و أن هذه الفتنة ستأخذ أول من تأخذ فى طريقها هو المواطن المسكين ودعاة هذه الفتنة يتنعمون فى أوربا وأمريكا.
ونقول لكل عاقل هل هذه الحكومة تضطهد الأقباط وترمى بهم فى السجون كما يحدث لمن ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين ؟
وهل هذه الحكومة تحظر على الأقباط دخول الكليات العسكرية وشغل الوظائف كما يحدث مع من له قريب من الدرجة الرابعة ينتمى للجماعات الإسلامية؟
والكثير والكثير من مظاهر الإضطهاد للمسلمين وليس للأقباط فهل ظهرت على السطح مثل هذه النعرات الطائفية من المسلمين؟
وأخيرا إنعقد منذ حوالى 10 أشهر مؤتمر فى أوربا لمناقشة إنتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وكالعادة تبارى المسيحيون فى الإدعاء بالإضطهاد وأسلمة الفتيات المسيحيات قسرا وغيرها من التهم الملفقة وكان البيان الختامى للمؤتمر صدمة لكل المسيحين حينما تجاهل تماما أى إدعاء بالإضطهاد للأقباط وتركز على سوء معاملة الحكومة للسجناء وعلى تضييق الخناق على حرية الفكر والرأى وعلى قانون الطوارىء.
فعلام يدل ذلك؟
سؤال نعلم جميعا إجابته وهو أن كل هذه التهم هى فقط من نسج خيال مريض يستمتع بالعيش فى دور المضطهد والمستهدف حتى يتهرب من مسؤلياته نحو تعايش سلمى .
"فالفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها"
التعليقات (0)