لا يوجد فهم صحيح للعلاقة بين دول العالم المتقدم و دول العالم النامي سوى انهما في تنافر تام نظرا لعدم دقة معايير التقسيم فمرة يقال صراع الشمال الجنوب للتعببير عن هذا التنافر و مرة تُستعمل لازمة الغرب مع الشرق و في أحيان كثيرة تُستعمل مصطلحات الدول المتقدمة مع الدول النامية او الدول السائرة في طريق التقدم للتعبير عن المنزلة الوسط بين هذه و تلك .
فالمدخل إلى الاقتراحات التي أراها ضرورية بالنسبة للعالم الثالث قصد اللحاق بركب الدول المتقدمة يتم عبر التنمية المستدامة .
و إجمالا أقول أن الفرق بين الدول النامية و الدول المتقدمة ليس في صراع الحضارات و تمسّك كل حضارة بقيّمها لكن في غياب التنمية بشتى أشكالها عن دول العالم النامي و حضور جميع أشكال البؤس و الفقر و المجاعات و الاوبئة و الحروب و عرقلة السعي الحثيث نحو التقدم و الازدهار .
فالتنمية هي سياسة عملية يشترك فيها جميع المواطنين على اختلاف طبقاتهم من أجل إقامة هيئات جماعية للتامين ضد أي شكل من أشكال البؤس و الحرمان و قيام النقابات العمالية بدورها في مواقع العمل لمباشرة تنفيذ هذه الضمانات و التأمينات و الضغط على الدولة كي تتدخل و تقوم بواجبها نحو تامين العمال من خلال شبكات الضمان الاجتماعي .
لكل أمة من الامم كيفما كانت مرتبتها مواردها الطبيعية لكن بتفاوت في الاهمية و هذا لا ينفي إهمال تام لتلك الموارد .
فلا بد من ترشيد استخدام الموارد المتاحة (الماء و الارض و الطاقة ) .
الموارد المائية :
توفير موارد مائية إضافية من مصادر جديدة ( كإعادة استخدام مياه الصرف بعد معالجتها في الزراعة و استخدام المياه المالحة في المناطق الساحلية ...) .
التوسع في تحلية مياه البحر و المياه الجوفية الشديدة الملوحة ( باستخدام الطاقة الشمسية أوطاقة الرياح ... ) .
الموارد الزراعية :
متابعة أعراض التصحر و صياغة برامج فعالة لمكافحته .
تطوير مؤسسات الارشاد الزراعي و الصناعي عبر تجهيزها و تكوين أطرها .
دراسة العائد الاقتصادي و الاجتماعي لاستغلال الاراضي لتفادي محدودة دور الارض و تدهور نوعيتها .
الموارد الطاقية :
توليد الطاقة و توزيعها ( الوقود ،الكهرباء ،الغاز الطبيعي ... ) .
ترشيد استهلاك الطاقة و ملائمتها للحاجيات ( تفادي أسباب التلوث باستعمال الطاقة إن توفر البديل ) .
تحسين خدمة النقل الجماعي للأفراد و السلع و تنويع شبكاته عبر المعمور .
التوسع الحضري :
التجاوب الايجابي مع ثورة المدن العملاقة بكونها أقطاب اقتصادية و تنموية مهمة .
وقف الامتداد الحضري على الاراضي الزراعية ووقف تحويل الاراضي الاخصبة إلى تجمعات صناعية .
حل مشكلة القمامة حلا جذريا لتفادي ما امكن تلويث المجاري المائية و الهواء .
تحسين خدمات الصرف الصحي لكل التجمعات الحضرية .
متابعة الاثار المحتملة لتغيرات المناخ و ظاهرة الاحتباس الحراري .
عبر التنمية المستدامة يمكن لدول العالم النامي أن تخرج من بوتقة بؤسها لأنها ( التنمية ) عملية يتناغم فيها استغلال الموارد و توجهات الاستثمار و مناحي التنمية التكنولوجية و تغيير المؤسسات و تعزّز كلا من إمكانات الحاضر و المستقبل للوفاء باحتياجات الانسان و تطلعاته .
و هكذا يجب أن لا نغفل بعض المبادئ الاساسية في لحاقنا بركب الدول المتقدمة و منها :
- الحد من قيم الاستهلاك التي تتجاوز حدود الممكن اقتصاديا و بيئيا .
-الحد من التبذير السفيه أو الجائر في استخدام الموارد الناضبة .
-عدم تجاوز قدرة الموارد المتجددة على تجديد نفسها .
-عدم تجاوز قدرة البيئة المحيطة على هضم ما نُلقيه فيها من مخلّفات .
لم يعد الغرب يكتفي بالدفاع عن مصالحه الحيوية في العالم و ضمان السلم و الاستقرار للنظام العالمي الجديد بل تعدّى ذلك إلى ظهور مذهب جديد مدعوم بقوة السلاح و بخطاب غير مسبوق في سبيل البحث عن أسواق لتصريف سلعه الاستهلاكية . الشيء الذي أدى إلى ظهور العديد من بِر التوتر عبر العالم بغطاءات سياسية .
التعليقات (0)