اللجوء السياسي إلى ألمانيا
ثمة من زار أمريكا أو بريطانيا أو أوروبا ، وبعد زيارته عاد إلى موطنه ، فيرجع وقلبه يتحسر على وطنه ،وشعبه ، فنرى الكثير من الناس يقول الشعب العربي شعب متخلف ، يا عمي أوروبا غير ... وكان صديق قديم لم اعد أراه يقول : حدثت له صدمة حضارية ..
نعم ثمة صدمة ، كضربة الكهرباء تحدث للشباب العربي ، حينما يخرج من محيطه المحافظ التقليدي والذي تربى عليه، فنرى منهم من ينسلخ عن ذاته ، ويذهب بعيدا في دروب التغريب ، لكنه للأسف الشديد لا يأخذ في الكثير من الأوقات الجانب الايجابي للحضارة الغربية التي تتصف بالكثير الكثير جدا من الجوانب الايجابية ، كالتقدم العلمي والتكنولوجي ، واحترام المواعيد ، والحرية الشخصية ، وحقوق الإنسان ، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني ، واحترام القانون ، والكثير من القيم الإنسانية التي لا يمكن لعاقل منصف أن ينكرها كالصدق والأمانة وقيم العدالة والمساواة .. ولو أن القوم قد غالوا في الكثير من الصفات كالحرية الشخصية ، والمغالاة في تطبيق قيم العدالة بمكيالين أو ربما أكثر ، فمن نراه يشفق على كلب أو حوت أو قطة ، لا يرحم إنسان .. حتى وان وصف الإنسان بالعدو .. فقيم الإنسانية يجب أن تعلوا .
والكثير من أبناء العرب الذي تغربوا ، مكثوا في ذل الإقامة تحت مسميات اللجوء السياسي ، ليقدموا أدلة كاذبة وملفقة على سوء معاملتهم في بلدانهم ، من جوانب سياسية واجتماعية ودينية وعنصرية .. ألخ وهذا ليس تعميم ولكنه يحدث في الكثير جدا من الحالات والتي أنا شخصيا على اطلاع عليها ، وبسبب القيود والشروط الصارمة التي وضعت من قبل تلك الدول على ممن يطلبون حق اللجوء السياسي ، يطول أمد الإقامة في تلك البيئة التي اقرب ما تكون الى السجن المفتوح .. حيث يبقى اللاجئ ينتظر أمل أن يحصل على الأوراق أو الجنسية أو الإقامة
ويتخذ لذلك سبل وطرق عدة ، لعل أقربها الزواج من مواطنات تلك البلاد ، فينجب من الأولاد والبنات ما ينجب ، ثم بعد حصوله على الإقامة يتخلى عن كل ما صنع ، ويعود ليبني حياته من جديد ، والكارثة كبيرة على الأبناء الذين سيكونون بلا هوية .. ونحن على اطلاع على الكثير جدا من الحالات والقصص الغريبة في هذا الخصوص ، إبان حمى الهجرة والسفر إلى ألمانيا مثلا ولا حصرا .
.. وقد يمضي عمرا طويلا جدا يموت من يموت من أقاربه ولا يغامر بالمغادرة أو الزيارة خوفا على أمل الحصول على الإقامة .. وبعد مرحلة يصل فيها الى نقطة اليأس يغادر الى ارض الوطن محملا بذكريات معسكر اللجوء السياسي . ليصف لإقرانه الحياة في ألمانيا أو غيرها .... ويترك لهم ان يتخيلوا الفرق ..
نعم نجد الكثير من أبناء العروبة وقد ذهبوا بعيدا جدا في التغريب ، ونراهم بدل أن يكونوا سفراء محبة وسلام وقدوة حسنة لبلدانهم وشعوبهم .. نراهم .. عالة على مجتمعات الغرب .. كان يذهبون إلى صناديق المعونات الاجتماعية .. أو يطلبون حق اللجوء السياسي وهم واقسم على ذلك .. الكثير منهم لا يفقه في السياسة أكثر مما تفقه جدتي بالفيزياء النووية .. ولكنهم يتخذون من تلك ذريعة للإقامة والعيش ولو كان بلا كرامة إنسانية ( قيمة الإنسان بما يعمل ) وفي الدين العمل عبادة .. والدين المعاملة ..
يعود من يعود منهم وقد ضرب أمثلة كثيرة بسوء السلوك وسوء السمعة ، وسوء الاستفادة من القوانين في تلك الدول التي وضعت تلك القوانين لتسهل على الناس حياتهم لا لان تستغل وتنتهك . يعودون وهم يتركون وراءهم الأبناء والبنات ، بعد أن تزوجوا من نساء تلك البلاد، فيعود بعد زمن الى أهله وزوجته العربية ، وهو لا يستطيع أن يخبر أحدا من الناس بواقعه ، فيضيع الأولاد بين دور الرعاية والمصحات والإصلاحيات أو أن تكون أمهم أو ربما أمهاتهم لا يعلمن عنهم شيء .. فأصبحوا مشردين ... وربما بلا اسم أو هوية ..تثبت نسبه ؟؟؟!!
وبالتالي سنجد من تعامل مع العرب الذين تغربوا سنجدهم وقد اخذوا فكرة غاية في السوء ، ومن ثم سيبنون عليها الكثير من أسس وقواعد التعامل القادم مع العرب كجملة واحدة ، وسيندرج التعامل الفردي ، من فردي الى مؤسسات دولية ، وعلاقات بينية ، ربما ستكون مبنية على انطباعات المسوؤل الغربي عن العرب من خلال تلك الصورة التي قدمها العربي عن نفسه وعن العرب .
ثم إن الكثير بل الكثير جدا ممن تغربوا ، لم يساهموا بالنهضة الغربية أو بناء الدولة أو مساعدتها على إرساء تلك القيم التي حاربت من اجلها وقدمت التضحيات الجسام في سبيلها وعلى مدا رجها .. فنجد الكثير منهم وقد نزلوا الى أدنى مراتب السلم الاجتماعي والوظيفي والمهني في تلك المجتمعات ، فلم يسهموا في بناء أو حضارة أو تقدم ، فضلا عن عدم تقديمهم مثالا ايجابيا للعروبة والإسلام . وبالتالي ربما نجد للغرب ما يبرر موقفهم أو مجموعة مواقفهم ، فعربنا لم يرعوا حقا ولم يطبقوا قانونا إلا إذا الزموا به إلزاما ، ويتهربون من التزاماتهم المترتبة عليهم كأفراد في تلك المجتمعات ، وباتوا كعالة عليها .
التعليقات (0)