مواضيع اليوم

اللجوء إلى أوروبا. فرنسا تحديدا

د.هايل نصر

2009-07-08 21:57:24

0

 في أصل مشكلة اللجوء وفي فروعها و نتائجها بعض الغرب, ومن أكثر الشاكين والمتذمرين منها بعض الغرب, ومن أكثر الواضعين الشروط التعجيزية لمنح صفة لاجئ بعض الغرب, ومن اقل المستقبلين لموجات اللاجئين هو الغرب.
ومع ذلك يكفي أن نشير هنا ولمجرد التذكير إلى ماضي بعض هذا الغرب الاستعماري الطويل, وكونه في أسباب تهجير مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين, ومنهم بشكل خاص الفلسطينيين, بإقامته إسرائيل, ثم الوقوف خلفها في حروبها العدوانية, و احتلال الأراضي العربية, ونزوح موجات جديدة منهم ومن أصحاب الأراضي العربية المحتلة, لاجئون ونازحون لا يريدون اللجوء للغرب ولا يتوسلونه, وإنما يكافحون من اجل العودة إلى وطنهم الأصلي.الحق المعترف لهم به من القانون الدولي والأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان... وهذا لا يدخل في مقالنا الحالي.
ولا نريد هنا إلا الإشارة :
ــ للسعي المتواصل, وبكل الوسائل, لبعض هذا الغرب, لاستغلال الثروات والمصادر الطبيعية لدول العالم الثالث, حتى بعد استقلالها السياسي !!!, وإقامة علاقات غير متكافئة معها. وفرض شروط التبعية عليها ...
ــ لمساندته الدكتاتوريات والأنظمة الشمولية في العالم الثالث, أو على الأقل التستر على تصرفاتها وتغطيتها في انتهاكاتها لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ــ العزيزة عليه !! ــ وإشعالها الحروب الأهلية أو الإقليمية, وتغذيتها التطرف الديني و القومي و العنصري, وممارسة القتل الفردي والجماعي, والتعذيب, والتهجير, والتجويع, ونشر الفساد والإفساد, وكل العوامل التي تقود إلى هجرات للبحث عن لجوء سياسي آمن والنجاة بالنفس والكرامة, أو الاقتصادي لطلب لقمة العيش الشريفة التي أصبح توفرها نادرا في بلدان المصدر, رغم العلم بصعوبة شروط الحصول عليها في المهجر...
ــ لتشجيع, بعض هذا الغرب, لتجارة الأسلحة في صفقات لا تنتهي ـ يجري تجديدها بين حين وحين, إما لتحطمها في الصراعات الداخلية وقمع المواطنين, أو الإقليمية وقتل الآخرين. أو بيدي مشتريها أنفسهم. أو إعادة تسليمها له في حالة إعادة وصفها بأنها غير تقليدية ــ تحت التهديد بقلب كل نظام متعنت ــ وإما لصدئها لعدم الاستعمال, أو لانتهاء فاعليتها أمام الأجيال الجديدة والمتجددة من الأسلحة الحديثة دائما الباحثة عن تجار وأنظمة مستقبلة. أما أين تستعمل, وكيف, والنتائج المترتبة عليها, فليس على درجة عالية من الأهمية. فكل صفقة سلاح داخلة يقابلها نفوس لربها راجعة, وموجات بشرية عن أوطانها نازحة.
ــ إلى علمها علم اليقين بان الحلول التي تقدمها لمنع الهجرة نحوها بكل إشكالها, بما فيها اللجوء السياسي, عن طريق ما تسميه التنمية في المصدر, وخلق مجالات للعمل بتقديم مساعدات اقتصادية عشوائية التنظيم والهدف, لا تصل إلى غايتها المعلنة وإنما لجيوب الحكام الفاسدين المحصنين ضد كل محاسبة أو رقابة. والدليل أن هذه المساعدات لم توقف قوارب الموت القادمة للغرب, ولم تقلل اعددها وأعداد مستقليها وضحاياها.
لقد أصبح القول المأثور لميشال روكار, رئيس الوزراء الفرنسي في عهد ميتران, بان فرنسا لا تستطيع تحمل كل مآسي العالم, حجة يقدمها المعادون او المتذمرون من الأجانب, والمهاجرين, وبشكل خاص اللاجئين, في أرض اللجوء كما يحلو لبعضهم وصفها.
من حق روكار أن يفكر بمصلحة بلده وحماية مواطنيه اثر المتغيرات الدولية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرفها حاليا. فليس المطلوب من فرنسا تحمل كل مآسي العالم, ولكن المطلوب منها أن لا تساهم في خلق هذه المآسي.
بعد هذه الإشارات السريعة لتنشيط الذاكرة فقط, نريد تقديم ما يهم طلاب اللجوء السياسي, الضحايا البشرية غير المسمى عليهم, ببعض النصوص القانونية والإجراءات المطلوبة للحصول على اللجوء في أوروبا وفي فرنسا على وجه التحديد.
فمن ملايين اللاجئين الذين تستقبلهم بعض دول العالم الثالث الفقيرة, والمصدرة في نفس الوقت, للمهاجرين واللاجئين, استقبل الاتحاد الأوروبي عام 2003 على سبيل المثال, وبكثير من الضجيج و رفع شعارات حقوق الإنسان, وبلدان حقوق الإنسان, وكرم الضيافة .., 309000 طالب لجوء ( مُنح عدد ضئيل منهم هذا الحق) توزع ¾ منهم على بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا والسويد.
كانت نسبة الأتراك بينهم هي الأعلى 7,2 % , يتأتي بعدهم الصرب 6,9 ثم العراقيين 6,7 والروس 5.9. . وحسب البلدان المستقبلة, يشكل الأتراك في ألمانيا نسبة 12,5% من مجموع اللاجئين وفي فرنسا 12% . أما في بريطانيا وايطاليا فان غالبية اللاجئين من الصوماليين 12% و 12,7% على التوالي. وفي هولندا تشكل نسبة العراقيين من بين اللاجئين 25,9 %.(مصدر Eurostat. OFPRA ).
في عام 2005 سجل في المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين و عدمي الجنسية الاوفبرا OFPRA 59221 طلب لجوء جعل فرنسا البلد الأول في أوروبا المستقبل لطلاب اللجوء, متقدمة على ألمانيا 42910 طلبا وبريطانيا 30460 طلبا (مصدر اوفبرا 2006 ).
وقد أعطت الأوضاع الجديدة أسماء جديدة للجوء. فالي جانب اللجوء الذي نظمته اتفاقية جنيف 1951 , يوجد اللجوء الإنساني asile humanitaire واللجوء الإقليمي asile territorial , والحماية الاحتياطية أو المؤقتة protection subsidiaire التي أ دخلها القانون الفرنسي لتطبق على أشخاص لا تتوفر بهم شروط اللاجئ. وهم من المعرضين في بلدانهم لتهديدات خطيرة تتطلب منحهم حماية ضمن الشروط التي نصت عليه المادة 2 من قانون 10 ديسمبر 2003 .
ولم تعد وزارة الداخلية الفرنسية, بعد عام 2003 , مختصة بقبول طلبات اللجوء الإقليمي, الذي حل محله نظام الحماية الاحتياطية أو المؤقتة , والبت فيها. فقد تم حصر اختصاص استقبال جميع طلبات اللجوء والحماية, والنظر فيها, في الاوفبرا وحدها.
منذ دخول معاهدة أمستردام لعام 1999 حيز التنفيذ أصبح حق اللجوء اختصاص المجموعة الأوروبية كمجوعة ــ وقد وُضع عام 2004 نظام للجوء يقوم على إجراءات معمول بها في كل دول الاتحاد الأوروبي. فتحددت التوجيهات حول شروط اللجوء, والاعتراف به, وتبادل المعلومات عن طالبيه, والحقوق المترتبة على منحه ــ ففي فرنسا يصنف اللجوء في فئتين:
ــ اللجوء الاتفاقي Asile conventionnel
حسب المادة 2 من قانون 25/7/ 1952 المتعلق بقانون اللجوء يعترف المكتب الفرنسي للاجئين وعدمي الجنسية بحق اللجوء :
ـ لكل شخص تُمارس عليه اللجنة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة انتدابا بمعنى المادتين 6 و 7 من نظامها الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1950.
ـ لكل شخص ينطبق عليه تعريف المادة الأولى آ.2 من اتفاقية جنيف 28/7/1951 , أي كل شخص يخشى, بحق, بأنه سيخضع للاضطهاد بسبب أصله race , أو دينه , أو قوميته, أو انتمائه إلى جماعة اجتماعية معينة, أو بسبب آرائه السياسية .
ـ اللجوء الدستوري Asile conventionnel
لقد دخل حق اللجوء للمرة الأولى الدستور الفرنسي عام 1793 " الشعب الفرنسي يمنح كل أجنبي يُنفى من بلده بسبب قضية الحرية" حق اللجوء. و أدخلت مقدمة دستور عام 1946 , هذا الحق في فقرتها الرابعة , فاعترفت به :
ـ لكل شخص اضطهد بسبب نشاطه من اجل " قضية الحرية". و ينطبق هذا بشكل خاص على المناضلين السياسيين والنقابيين والفنانين والمثقفين, وكل المضطهدين بسبب نشاطهم من اجل بناء نظام ديمقراطي وقيم متعلقة بالحريات والحقوق الأساسية. وهذا الحق محدود جدا منحه.
ــ للأشخاص الذين يمكنهم طلب حماية احتياطية protection subsidiaire . بإثبات أنهم معرضون لعقوبة الإعدام أو للتعذيب أو مهددون شخصيا خلال حروب أهلية أو دولية. ونظام الحماية الاحتياطية أو المؤقتة حل محل ما كان يعرف باللجوء الإقليمي. فللمكتب الفرنسي المذكور منح , بموجب المادة 12 مكرر من أمر 1945 او المادة 712 ـ 1 من قانون دخول وإقامة الأجانب و حق اللجوء: تمنح الحماية الاحتياطية لكل شخص لا تتوفر فيه شروط منح اللجوء .. والذي" يثبت انه معرض في بلده للتهديدات التالية : عقوبة الإعدام, التعذيب, أو لعقوبات ومعاملات غير إنسانية" .وفيما يتعلق بالشخص المدني ثبوت تعرضه " لتهديد خطير ومباشر, وشخصي, ضد حياته, أو شخصه, بسبب العنف المعمم الناتج عن نزاع مسلح داخلي أو دولي".
طلب اللجوء
يمكن تقديم طلب اللجوء لفرنسا من خارج حدودها او على الحدود أو من داخل إقليمها :
ـ من خارج فرنسا يمكن التقدم بطلب اللجوء إلى السفارة او القنصلية الفرنسية, وتحيله هذه بدورها الى وزارة الخارجية الفرنسية, فان تم قبوله تمنح السفارة لمقدم الطلب تأشيرة دخول تحت عنوان طالب لجوء , يمكنه من دخول فرنسا والإقامة بها إلى أن يتم بحث طلبه من قبل المكتب الفرنسي المختص المشار إليه أعلاه, فيمنح طالب اللجوء وضعية لاجئ أو يرفض طلبه.
ــ تقديم الطلب على الحدود الفرنسية ، بلغت نسبة تقديم الطلبات على الحدود عام ,1992 4 % فقط من مجموع الطلبات المقدمة. وفي هذه الحالة على طالب اللجوء إخبار شرطة الحدود برغبته بتقديم طلب لجوء. وعدم امتلاكه وثائق هوية كجواز السفر لا يشكل عائقا في هذا المجال
ــ التقدم بطلب اللجوء من داخل فرنسا, أي بعد دخول المعني للأراضي الفرنسية, ويجب أن يتم ذلك بأسرع ما يمكن للحصول على بطاقة إقامة إلى حين البت في طلبه, ويمكنه أن يتقدم بطلبه متأخرا ولكن هذا قد يعرضه لمخاطر منها العقوبة الجزائية, في حالة توقيفه من قبل الشرطة في عملية مراقبة الأوراق أو اثر وشاية به. فتقديم الطلب بعد هذا التوقيف ينقص من مصداقيته, ويفسر على انه محاولة للإفلات من الترحيل.
وبطبيعة الحال لا تلقى كل الطلبات قبولا. وليس المطلوب فقط أن تتوفر في أصاحبها الشروط المطلوبة للاعتراف لهم بصفة لاجئ, وإنما عليهم إثبات ذلك بالأدلة القاطعة. أي أن يثبتوا أنهم قد اضطهدوا فعلا او بأنهم معرضون للاضطهاد. ويكون الإثبات بشهادة شهود ,كتابيا او شفهيا, بتقديم صحف أو أجزاء من صحف, او منشورات تؤيد أقوالهم . أو تقديم رسائل تهديد موجهة إليهم شخصيا. أو البرهنة على أن إجراءات مادية قد اتخذت ضدهم. وتقديم تقارير طبية تبين أنهم تعرضوا فعلا للتعذيب . على أن تترجم كل هذه الأدلة إلى اللغة الفرنسية.
هل يمكن منع طالب اللجوء من الدخول إلى الأراضي الفرنسية أو ترحيله؟
لا يمكن ذلك إلا إذا كان الطلب غير مؤسس. ويصدر قرار الترحيل عن وزيرا لداخلية بعد استشارة وزير الخارجية.
في حالة رفض الدخول يمكن للمعني أخطار أي شخص يعرفه, أو الاتصال بمحام أو جمعية من جمعيات المجتمع المدني. ونذكر بشكل خاص السماد la Cimade أو منظمة حقوق الإنسان Ligue de droit de l’Homme . ويمكنه تقديم طعن بقرار عدم الدخول أمام المحكمة الإدارية لتجاوز السلطة accès de pouvoir
كما يمكنه تقديم طعن في منطقة الانتظار للسبب نفسه. والطعن بقرار تمديد إقامته في المنطقة المذكورة. ولكن هذا الطعن لا يوقف إجراءات الترحيل non suspensif . أي يمكن الترحيل قبل النظر بقرار الطعن.
هل يمكن عدم قبول إقامة الأجنبي طالب اللجوء في فرنسا خلال فترة دراسة طلبه؟
يمكن ذلك في حالة:
ــ اعتبار وجوده خطر على النظام العام.
ــ إذا كان الطلب قائم على التزوير. انتحال شخصية غير شخصية مقدمه. تقديم أكثر من طلب في أكثر من دولة.
ــ أن يكون القصد من الطلب إعاقة إجراءات الترحيل.
كم من الوقت يمكن للاجئ أن يبقى في فرنسا في حالة قبول طلبه نهائيا؟
ــ يمنح للمعترف له بحق اللجوء بطاقة مقيم صالحة لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد بقوة القانون.
ـ يمنح للمستفيد من الحماية الاحتياطية أو المؤقتة بطاقة إقامة بعنوان " حياة خاصة وعائلية" صالحة لمدة سنة قابلة للتجديد, حتى تتغير الأوضاع في بلده, التي منحت الحماية بسببها.
في حالة رفض طلب اللجوء أو الحماية, على المعني مغادرة فرنسا, إلا إذا تمت تسوية وضعه لأسباب إنسانية.
تمنح زوجة, أو زوج, المستفيد من اللجوء, بطاقة مقيم لنفس المدة المعطاة للاجئ أي 10 سنوات قابلة للتجديد. وكذلك لأبنائه ما دون 18 سنة. بلغ عدد اسر اللاجئين الذين حصلوا على تلك البطاقة 1583 عام 2005.
وتمنح زوجة المستفيد, أو زوج المستفيدة والأبناء دون 18 سنة, بطاقة إقامة بعنوان " حياة خاصة وعائلية" صالحة لسنة واحدة قابلة للتجديد, بنفس الشروط المطبقة على المستفيد نفسه. بلغ عدد الآسر المستفيدة من هذه البطاقة 40 أسرة في العام المذكور أعلاه.
هذه النظرة السريعة لا تغطي بطبيعة الحال موضوع اللجوء الذي تحدثنا عن بعض جوانبه في مقالات سابقة, وإنما مجرد إعطاء فكرة لمن طلب منا بعض التوضيحات. و سنبقى على استعداد للإجابة على الأسئلة الشخصية التي قد تصلنا بهذا الصدد, وبكل تفهم وسرور.
جمعية الحقوقيين من أصول أجنبية.
د. هايل نصر.

 

 






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات