مرحب بها , وتثير الارتياح هي تلك الانباء التي تأتي من الانبار حاملة ملامح تبلور ايجابي لتوجه المتظاهرين نحو تشكيل الوفد الذي سيكلف بالحوار مع الحكومة حول مطالب المتظاهرين, ولبحث السبل الكفيلة بتحقيقها وتخليق الآليات الدستورية والقانونية التي تستهدف نزع فتيل الازمة السياسية المتصاعدة على طول وعرض المشهد السياسي في العراق,وخصوصا تلك الاشارات الى حرص القائمين على الساحات على اختيار شخصيات أكاديمية ودينية وعشائرية، فضلا عن شبان من ساحة الاعتصام لتشكيل الوفد وابعاد الجهات التي تطالب باللجوء إلى العنف ورفع السلاح في وجه الحكومة،مما عده العديد من المراقبين"مخاضا واضحا يستهدف تنقية أجواء الساحات من الخطابات المتشنجة وجعجعة السلاح، وتغليب لغة الحوار والتفاوض".
ولكن, ودون التخلي عن التفاؤل والامل بنجاح هذه المساعي الطيبة, نجد ان هناك الكثير مما قد يثير القلق في الاحاديث المتواترة حول وجود انقسام بين المتظاهرين بشأن مقترح الحوار مع الحكومة، وخاصة مع ورود تسريبات عن وسائل إعلام محلية،ان هناك بعضا-بل العديد من- الجماعات المؤزمة للاحداث رفعوا سرادقهم من ساحة الاعتصام في الانبار وانسحبوا نحو ساحات اخرى معلنين رفضهم للحوار,كما لا يمكن التغاضي عن نفي الناطق الرسمي باسم ساحة الأحرار في محافظة نينوى غانم العابد، تخويل أي جهة عشائرية او من دعوية او برلمانية للتفاوض عن المتظاهرين, وهذا مما قد يثير الكثير من التساؤلات حول حجم التمثيل الذي تتمتع به اللجنة التفاوضية وقاعدتها الجماهيرية وحجم المشاركة الشعبية الفعلية فيها,خصوصا ان رموزها يدعون الاتكاء على تفويض مكون كامل وامتداداته الخارجية من كويتا الى المغرب, وينادي بعض عناوينها بعقد اجتماعي جديد قد يحتاج الى تفويض شعبي واضح يتوازى ولو قليلا مع الخطاب الذي تتبناه.
كما ان تورية اسماء شكلت جزءا مهما من الازمة وابعادها عن الوفد التفاوضي مع الحكومة بشأن مطالب المتظاهرين كالنائب عن القائمة العراقية أحمد العلواني وزعيم كتلة العراقية في مجلس النواب سلمان الجميلي ووزير المالية المستقيل رافع العيساوي, ورغم الثقل الواضح للجناح الاسلامي للقائمة العراقية في التظاهرات التي لم تكن الا رد فعل حزبي وقبلي منظم على اعتقال حمايات السيد العيساوي, ، قد يشي بتكتيكية الحوار كخيار مرحلي املته الظروف السياسية وانه قد يكون نوعا من الحصاد السياسي اكثر من كونه توجها مبدئيا نحو ايجاد الارضية الملائمة لحل المتناقضات ما بين الحكومة والمتظاهرين..وانه لن يكون الا فقرة من السلسلة السمجة من الوفود التي كانت تجبه دائما بالتشكيك والطعن بالمشروعية والاهم التحلل والتبرؤ من الالتزامات التي ستسفر عنها المفاوضات بحجة عدم التخويل.
ان تطورات المشهد السياسى الراهن تحتم بذل الجهود للخروج من دائرة الأزمة وانهاء حالة الاستقطاب السياسي، وما تفرضه من تحديات على صعيد إعادة بناء الدولة وترسيخ مؤسساتها، وان أى نقاش وطنى بين الحكومة والمعارضة حول المصالح العليا للوطن ينبغى أن تكون له الأولوية الآن، ولكن يجب ان تتوفر لهذا الحوار أجندة وطنية محددة بموضوعات متفق عليها وتفصيلات ملموسة ومحددة لا تخضع للتأويلات،وان تكون جميع الاطراف مخولة بطريقة واضحة للبحث في الامور الخلافية والتعهد بالالتزامات المتقابلة التي تترتب على جميع الاطراف.
نأمل مع الشيخ سعيد اللافي المتحدث باسم متظاهري الأنبار بأن تكون هذه الخطوة فاتحة خير لإنهاء الأزمة، ونشاطر رئيس الحكومة نوري المالكي، ترحيبه بتشكيل المتظاهرين لجنة للحوار مع الحكومة ونقل مطالبهم، ولكننا يجب ان نتيقن بان اللجنة الموعودة تتمتع بالحجم التمثيلي الذي تدعيه, وانها قادرة على الوفاء بالالتزامات التي ستترتب عليها اثناء المحادثات, والا فان محدودية التخويل وضبابيته واقتصاره على ساحات الرمادي يوجب ان يكون التفاوض مع الحكومة المحلية في الانبار او عن طريق المجلس الذي ستفرزه انتخابات مجالس المحافظات القادمة, او ان يتم التوصيف الصحيح للجنة –ومطالبها-ارتباطا مع الجهة التي خولتها النطق باسمها, والا فان مثل هذا الحوار لن يكون الا تكريسا لبعض العناوين والفعاليات على حساب المصالح العليا للشعب العراقي الصابر بجميع مكوناته.
التعليقات (0)