مواضيع اليوم

اللبن يروب لکن الدکتاتور لا يتوب

نزار جاف

2011-03-01 22:48:57

0

أحبك بقدر حبي للملح! هکذا أجابت البنت الصغرى للملك لير"کما کتب وليم شکسبير في رائعته الملك لير"، وهو يسألها عن مقدار حبها له، وقطعا لم تکن الاجابة الواقعية و المنطقية هذه مفهومة لهذا الملك الذي کان مغرقا و مخنوقا بمفردات المدح و التأليه غير العادية و البعيدة عن کل منطق، إذ أن أبنته الکبرى و الوسطى قد وصفتا أبيهما الملك لير بنعوت خيالية ليست لها أية علاقة بالحقيقة و الواقع، ومن هنا فقد کان أمرا طبيعيا أن يرفض الملك الوصف الطبيعي و الحقيقي و الواقعي لأبنته الصغرى و يمتثل للاوصاف غير المنطقية لأبنتيه الاخريتين واللتين کانتا تصفان حبهما لأبيهما بأوصاف بعيدة جدا عن الواقع.
الدکتاتور، أي کان عرقه او دينه او فکره، فهو مغرم بالاوصاف الکاذبة و الخيالية و غير المنطقية، کلهم، من نيرون و مرورا بموسوليني و هتلر و باتيستا و الجنرال فرانکو و بينوشيه‌ و صدام و بن علي و مبارك و القذافي"ومن لف لفهم"، يعشقون الاوصاف الفنطازية و الخرافية، هم يرغبون أن يکونوا کالعنقاء و الغيلان و سوبرمان، لکنهم لايردون أن يکونوا أناسا عاديين إنبثقوا من بين عامة الناس، انما يريدوا أن يکونوا مثل ذلك الملك الذي مشى عاريا بين الناس و هو يتصور انه يلبس ملابسا غير عادية! أو کذلك الرئيس الذي ظن نفسه"القائد الضرورة" او ذلك المستبد الذي تصور أنه"فوق المناصب"، کلهم، کل المستبدين، بإختلاف مشاربهم و توجهاتهم، يحبذون أن يظهروا أمام شعوبهم و العالم أجمع بصورة غير عادية، کشخصيات خارقة للعادة، نماذج غير طبيعية، بإمکانهم أن يصنعوا و يبدعوا بما لم يتسنى لمن سبقهم.
قال الشاعر الکبير ابو العلاء المعري:
واني وان کنت الاخير زمانه لآت بما لم تستطعه الوائل
فخاطبه احدهم بقوله: لقد أتى الاولون بثمان و عشرين حرفا فهل لك أن تأتينا بالحرف التاسع و العشرين! فبهت المعري ولم يدر بما يجيب سائله، لکن، لو تسنى للکثيرين من المتلهفين للسؤال من زعمائهم المستبدين، فإن إجابتهم لم و لن تکون إلا بالامر بإنهاء حياتهم، ذلك هو منطق الطغاة و المستبدين والذي يتجلى اليوم و بأنصع أشکاله و صوره في الطاغية المتعجرف معمر القذافي الذي يرفض الاذعان لموقف الشعب الليبي و يصر على السباحة ضد التيار، وقطعا فإن هذا هو منطق کل المستبدين فيما لو تسنى لهم أقل فسحة تساعدهم على المناورة و المراوغة لخداع و تضليل شعوبهم، ومخطئ من يظن أن بن علي و مبارك هما أفضل من القذافي، إذ ان ثلاثتهم ينحدرون من نفس"المستنقع"الآسن وکما يقول المثل العراقي المشهور: اللبن يروب و"الکحبة"ماتتوب، لکن وأقسم بالله أن "الکحبة" أي العاهرة بإمکانها التوبة و هناك نماذج کثيرة في التأريخ کرابعة العدوية مثلا جسدت هذا المعنى و المنحى، لکنني اقسم بکل ماهو مقدس بأن الدکتاتور هو الوحيد الذي لا ولم ولن يتوب أبدا ومن هنا أجد من الانصاف و الواقعية أن يتم تغيير نص هذا المثل العراقي الدارج الى: اللبن يروب و الدکتاتور مايتوب، فذلك هو أقرب للعقل و المنطق، أعتقد أن ذلك أفضل!!!
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات